برقية تعزية ومواساة من جلالة الملك إلى خادم الحرمين الشريفين    إبراز فرص الاستثمار بالمغرب خلال مائدة مستديرة بالولايات المتحدة        كبير إيطاليا يدخل بقوة على خط التعاقد مع زياش    "العرندس" يتوج نفسه وينال جائزة الأفضل في رمضان    مديرية الضرائب تطلق إمكانية طلب الرأي المسبق للراغبين في تفويت ممتلكات عقارية أو عينية    زيلينسكي يستعجل استلام أسلحة غربية    جيش إسرائيل يهاجم شرق مدينة رفح    صفقة طراز دقيق من الدرون الأمريكية للجيش المغربي تبلغ مراحلها الأخيرة    خلال 3 أشهر.. تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج بلغت 27,44 مليار درهم    هتك عرض تلميذات من طرف مدير ثانوية فمولاي يعقوب.. المشتبه فيه للجدارمية: الكاميرا اللي عندي فالمكتب كتخدم غير فوقت الامتحانات وصافي والبورطابل ديالي ضاع مني    توقعات طقس الثلاثاء..حرارة مرتفعة بهذه المناطق    تخصيص غلاف مالي بقيمة تفوق مليارين و61 مليون درهم لتمويل 4174 مشروعا بالشمال خلال سنوات    بأزيد من 760 مليونا.. إطلاق طلب عروض لتشوير المدينة العتيقة لطنجة    شركة الخطوط الجوية الإيرلندية تطلق خطا جويا بين طنجة وورزازات    الدورة الثانية عشر لعملية تأطير الحجاج بإقليم الناظور    الأمم المتحدة: قرار إخلاء رفح للي صدراتو إسرائيل "ماشي إنساني"    نحو 40 في المائة من مجموع قتلى حوادث السير هم مستعملي الدراجات النارية    الملك يعزي العاهل السعودي في وفاة الأمير بدر بن عبد المحسن    قبل مواجهته نادي بركان.. ضربة موجعة للزمالك المصري بسبب 10 لاعبين    "البوليساريو" تهاجم الإمارات بسبب الصحراء    الدكيك يحتفل بتصنيف "فوتسال الفيفا"    القضاء يسجن ضابط شرطة 5 سنوات    مناورات عسكرية موريتانية.. هل هي رسالة للجيش المالي ولفاغنر؟    بعد دخوله قائمة هدافي الفريق.. هكذا احتفل اشبيلية بالنصيري    مرصد يثمن مأسسة الحكومة للحوار الاجتماعي    الأمثال العامية بتطوان... (591)    عاجل.. القضاء يعزل رئيس الرجاء محمد بودريقة من رئاسة مقاطعة مرس السلطان    ارتفاع الاستثمار الأجنبي المباشر في المغرب ب56,2% عند متم مارس 2024    وفاة المقدّم التلفزيوني الفرنسي الشهير برنار بيفو    بسبب تصرفات مشينة وعنيفة.. تأجيل محاكمة محمد زيان في قضية اختلاس أموال الحزب الليبرالي    لاعبين الزمالك كاعيين قبل الفينال ضد بركان ومدربهم كيحاول يكالميهم    تطويق أمني بالعاصمة يحول "مسيرة الصمود" لأطباء الغد إلى "وقفة الحشود"    إسرائيل تغلق مكتب الجزيرة وألمانيا تنتقد القرار    بلقصيري: أجواء افتتاح مهرجان سينما المرأة والطفل في دورته الأولى    حصيلة منجزات وكالة بيت مال القدس فاقت 13,8 مليون دولار خلال الخمس سنوات الأخيرة    الضمان الاجتماعي الإسباني يتحاوز عتبة 21 مليون منتسب    وثائقي فريد من وزارة الثقافة والتواصل يبرز 6 ألوان فنية شعبية على ضفاف وادي درعة    اللي كيمشي لطريفة وعزيز عليه الطون والسربيسة والسينما: ها مهرجان وها الافلام المغربية المعروضة فيه    إضراب جديد يشل محاكم المملكة    بسبب الهلال.. لجنة الانضباط تعاقب فريق الاتحاد السعودي وحمد الله    تسجيل بقوة 2.5 درجات على سلم ريشتر بإقليم تاونات    لأول مرة.. تاعرابت يحكي قصة خلافه مع البرازيلي "كاكا"    وفاة مدرب الأرجنتين السابق لويس مينوتي بطل مونديال 1978    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    مهرجان الجونة السينمائي يفتح باب التسجيل للدورة السابعة من "منصة الجونة السينمائية"    بعشرات الصواريخ.. حزب الله يستهدف قاعدة إسرائيلية في الجولان    أسعار النفط العالمية تعود إلى الارتفاع    دراسة: السجائر الإلكترونية قد تسبب ضررا في نمو الدماغ    المشاهد الجنسية في أفلام هوليوود تراجعات بنسبة 40% وها علاش    باحثة: الضحك يقدر يكون وسيلة واعرة لعلاج الناس    رأي حداثي في تيار الحداثة    دراسة حديثة تحذر المراهقين من تأثير السجائر الإلكترونية على أدمغتهم    السفه العقدي بين البواعث النفسية والمؤثرات الشيطانية    جواد مبروكي: الحمل والدور الحاسم للأب    منظمة تدعو لفتح تحقيق في مصرع عامل بمعمل تصبير السمك بآسفي    الأمثال العامية بتطوان... (589)        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في العلاقة بين قوى اليسار وجماهيرها التقليدية
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 06 - 04 - 2020

تعتبر العلاقة بين أحزاب اليسار وجماهير الشعب من أبرز الهموم التي تتمحور حولها نقاشات مختلف قوى اليسار الديمقراطي في بلادنا، إسوة بغيرها من بلدان العالم، وتشكل هذه المسألة إحدى المعضلات التي يتم التنصيص عليها عادة لمحاولة فهمها أو معالجتها في سياق كل تقييم لتجربة تنظيمات اليسار، خاصة عندما تواجه استحقاقات انتخابية محلية أو جهوية أو وطنية، تشير نتائجها إلى تراجع على هذا المستوى أو ذاك، مقارنة بالنتائج السابقة عليها أو بما هو مؤمل الحصول عليه على صعيد الأصوات كما على صعيد المقاعد التمثيلية.
ولعل هذا البعد الإشكالي في علاقة الأحزاب اليسارية بأوسع فئات الشعب قد اتخذ منحى نوعيًا جديدًا منذ انخراط قوى اليسار الوطني الديمقراطي في مختلف التجارب الانتخابية التي عرفتها البلاد، خصوصا منذ انطلاق ما كان يسمى المسلسل الديمقراطي، الذي ترافق مع معركة استرجاع الأقاليم المغربية الجنوبية منتصف سبعينيات القرن الماضي. وقد تضاعف الإحساس بهذه المعضلة خصوصًا بعد انخراط الاتحاد الاشتراكي، بمعية أحزاب الكتلة الديمقراطية، في العمل الحكومي ضمن ائتلاف واسع للقوى السياسية، بما فيها تلك التي كانت تسمى في أدبيات اليسار بالإدارية، برئاسة الأستاذ عبد الرحمن اليوسفي، الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي آنذاك، لما أصبح يسمى في تاريخ الوقائع السياسية المغربية حكومة «التناوب التوافقي» التي رافقت نهاية عهد الملك الراحل الحسن الثاني وواكبت السنوات الأولى للعهد الجديد، عهد الملك محمد السادس.
ولأن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية كان الحزب الأكثر جماهيرية، ضمن أحزاب اليسار المغربي، دون منازع، فإن الجدل حول فقدانه لجماهيريته وضعف تأثيره في الأوساط الشعبية التي كانت ترى فيه الأمل والأفق الرحب لصياغة البديل البرنامجي الديمقراطي، كان قويًا داخل الحزب وخارجه في آن واحد، وخاصة خلال السنوات التي أعقبت تلك التجربة، وهناك من اعتبر، في هذا السياق، أنه كان من الخطأ الانخراط في تجربة التناوب ويعزو ذلك إلى المضاعفات السلبية على جماهيرية الحزب، بل هناك من اعتبر هذا الحدث منعطفا تاريخيا خطيرا تم نعته بالانحراف عن خط القوات الشعبية، بينما ذهب البعض إلى حد اعتباره «خيانة» لطموحات الجماهير ولمبادئ الاتحاد التاريخية معًا ومقرراته وبرامجه.
فعلى أي أساس بني هذا التقويم السلبي لتجربة سياسية رائدة في تاريخ المغرب الحديث؟ هل أساس محصلتها الانتخابية التي كانت إيجابية، بكل المقاييس، كما دلت على ذلك الانتخابات التشريعية عام 2002 حيث تبوأ الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية؟ أم هناك اعتبارات أخرى لا علاقة لها، في الواقع، بطبيعة الموقع الذي مارس منه الاتحاد وغيره من القوى الوطنية الديمقراطية العمل السياسي في تلك الفترة؟ يبدو لي هنا أن المواقف المسبقة كان لها أكبر الأثر في بلورة مثل ذلك التقويم السلبي، خاصة أن أصحابه لم يكونوا في الواقع يرغبون في أن يروا الاتحاد أو غيره من الأحزاب اليسارية الديمقراطية، في مواقع التأثير والفعل في الحياة العامة، لا سيما من مواقع المؤسسات التشريعية والتنفيذية، وما فتئوا يقولون إن الاتحاد حزب إصلاحي تجاوزته الجماهير منذ عشرات السنين، بل ومن بينهم من اعتبره، إلى جانب الأحزاب اليسارية الديمقراطية الأخرى، أشرس أعداء الشعب المغربي الذين ينبغي محاربتهم دون هوادة !
فمن أين أتتهم هذه الغيرة المفاجئة على الاتحاد وجماهيريته؟
هذا لا يعني تزكية كل ممارسات الاتحاد، كيفما كانت، وذلك لسبب أراه وجيها وهو كونه حزبًا سياسيًا حيا انخرط في الممارسة السياسية منذ تأسيسه ولم يختر مواقع الانتظارية والفرجة وبالتالي، فإن قوانين الممارسة تسري عليه مثل غيره من القوى المنخرطة في الفعل، صوابا وخطأ، في التقدير، وربما أيضا في اتخاذ هذا القرار أو ذاك.
ويبدو أنه يمكن القول بصدد مسألة التناوب التوافقي بالذات، إن المشكلة ربما تكمن في تدبير وإدارة ما بعد انتخابات 2002 والالتباس الذي رافق إعلان الموقف المبدئي حول «الخروج عن المنهجية الديمقراطية» عندما لم يتم اختيار الوزير الأول من الحزب الذي حل في المرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية، وطبيعة تصريفه من خلال الانخراط في العمل الحكومي تحت قيادة إدريس جطو الذي كان وزير داخلية في حكومة اليوسفي.
فمما لا شك فيه أن أوساطًا لا يستهان بها من الشعب المغربي لم تدرك تمامًا مغزى عدم الربط بين الموقف المعلن، الذي كان يوحي بالعودة إلى صفوف المعارضة، وبين تصريفه، بشكل منطقي، باختيار الممارسة من هذا الموقع، وكان انعكاس هذا الانطباع القوي لدى الكثيرين اعتقادهم أن مبرر البقاء في الحكومة هو الفائدة التي يجنيها قياديو الحزب منها أكثر منه ما تم به تفسير البقاء في الائتلاف، أي الاستمرار في السهر عن قرب على تنفيذ أوراش الإصلاح التي افتتحت إبان حكومة اليوسفي. وقد غذى هذا الالتباس ما برز من صراعات بعض المسؤولين داخل أطر الحزب ومحاولة هؤلاء تحميل المسؤولية لأولئك في ما كان عناوين أزمة تلوح بالأفق داخل الاتحاد، والتي تتالت فصولها بعد ذلك، انسحابات وانشقاقات وصراعات داخلية لم ينته بعد مفعولها السلبي على الحزب، رغم كل الجهود التي بذلت في السنوات الأخيرة لتحجيم تأثيراتها السلبية وتجاوزها.
إن هذا يعني أن مسألة المشاركة في الحكومة، بل وقيادة حكومة التناوب من قبل الاتحاد الاشتراكي، ليست في حد ذاتها عاملًا من عوامل تراجع شعبية الاتحاد والقوى اليسارية التي انخرطت في تلك التجربة، وما تلاها من تجارب، وإنما يعود إلى أسباب كثيرة أخرى جلها ليس حكرًا على تجربة المغرب، وإنما هي من بين الظواهر ذات الطابع العالمي، وخاصة بعد سقوط جدار برلين وانهيار الاتحاد السوفياتي السابق، وما يمثله من قيم بالنسبة لمجمل القوى اليسارية في العالم بما فيها تلك التي لم تكن في يوم ما قد انخرطت في فلك موسكو.
إضافة إلى هذا البعد يمكن القول إن الفرضية التي تقوم على أن الانخراط في العمل الحكومي يؤدي إلى فقدان الجماهيرية ليست دقيقة في أحسن أحوالها إن لم تكن مغالطة تمامًا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.