ارتفع الإقبال في الأسابيع الأخيرة على العيادات الطبية الخاصة بالرضع والأطفال، وأكد عدد من الأطباء المختصين في طب الأطفال في تصريحاتهم ل «الاتحاد الاشتراكي» على تسجيلهم لارتفاع ملحوظ في حالات الإصابة بالأزمات التنفسية، خاصة في صفوف المصابين بالأمراض التنفسية والربو، التي يزيد من حدّتها ومضاعفاتها التعرض لعدوى الأنفلونزا الموسمية. وشدّد عدد من أطباء الأطفال في تصريحات للجريدة على أن الفترة الحالية من السنة تعرف تسجيل عدد مهم من حالات الإصابة بالأنفلونزا، مؤكدين على أنه بكل أسف يتعامل البعض معها باستهانة، والحال أنها تتسبب كل سنة في تسجيل وفيات بالملايين عبر العالم، في صفوف الفئات الهشّة صحيا، ويتعلق الأمر بالحوامل والرضع والأطفال والمسنين والمصابين بأمراض مزمنة. وأبرز عدد من المختصين أنه يمكن تقليص دائرة عدوى الإصابة بالأنفلونزا الموسمية في صفوف الأشخاص، باعتماد التدابير الوقائية، المتمثلة في وضع الكمامات وتهوية الفضاءات وغسل وتعقيم الأيادي، إلى جانب خطوة أساسية تتمثل في التلقيح ضد الأنفلونزا باللقاح الذي يتم تصنيعه كل سنة، بناء على الخصائص الوبائية المسجلة والتي تختلف في كل موسم. ونبّه عدد من الأطباء في تصريحاتهم للجريدة إلى أن كلفة الأنفلونزا الموسمية تعد ثقيلة، سواء على المستوى الصحي أو الاقتصادي أو الاجتماعي، والتي يمكن أن تتقلّص بشكل كبير من خلال خطوة التلقيح، التي تساهم في إنقاذ الأرواح والحد من خطورة التداعيات وتحسين جودة الحياة. وأكد الأطباء المختصين في طب الأطفال الذين استقت الجريدة آرائهم عبر الهاتف، في كل من الدارالبيضاء والرباط، على أن التلقيح يعتبر آلية حمائية، ليس فقط على مستوى الأنفلونزا والمكتسبات الصحية التي تم تسجيلها على مدار كل السنوات الفارطة بفضل البرنامج الوطني للتلقيح، بل حتى على مستوى مواجهة مرض خطير يعصف بالنساء والأمهات في مراحل عمرية مختلفة، ويتعلق الأمر بسرطان عنق الرحم، الذي بات لقاحه متوفرا ضمن هذا برنامج التمنيع، انطلاقا من شهر أكتوبر من سنة 2022، الموجّه للطفلات في سن 11 سنة، من اجل حمايتهم من تبعات هذا السرطان الفتّاك. وارتباطا بهذا الموضوع، كان عدد من الخبراء قد أكدوا خلال فعاليات اليوم الخريفي الذي نظمته الجمعية المغربية للعلوم الطبية أواخر شهر نونبر الفارط في الدارالبيضاء، على أنه وتماشيا مع توصيات منظمة الصحة العالمية، فإن جرعة واحدة ممنوحة للطفلات اللواتي تبلغ أعمارهن 11 سنة من اللقاح المضاد لسرطان عنق الرحم تعتبر كافية لمنحهن مناعة متقدمة ضد المرض، عوض اعتماد جرعتين اثنتين مع فارق زمني بين الأولى والثانية محدد في ستة أشهر. ووقف المتحدثون خلال هذا اللقاء عند أهمية البرنامج الوطني للتمنيع واللقاحات التي يتضمنها، مشددين في المقابل على أنه يجب ترشيد النفقات في هذا الإطار، وذلك بتعويض مصاريف اللقاحات المدرجة كاملة لكي يمكن للآباء والأمهات الاختيار ما بين التوجه صوب القطاع العام أو الخاص، وهو ما سيمكّن من تقليص حجم النفقات المخصصة من طرف وزارة الصحة والحماية الاجتماعية لاقتناء اللقاحات المذكورة، وبالتالي التفكير في إدراج لقاحات جديدة لها أهميتها هي الأخرى، تعزيزا للوقاية ضد الأمراض وخدمة للصحة العامة.