متدخلون يبرزون من نيويورك دينامية الدعم الدولي لمغربية الصحراء ولمخطط الحكم الذاتي            تواصل ارتفاع أسعار الأسماك والخضر والفواكه يزيد من إنهاك القدرة الشرائية للمغاربة    غارات إسرائيلية جديدة على غزة في ظل اتفاق وقف إطلاق النار        برلمانية تطالب وزير الصحة بالتفاعل مع الاحتياجات الصحية بدرعة تافيلالت    تفاصيل فرار متهم أثناء إعادة تمثيل جريمة قتل بطنجة    أشبال الأطلس يطيحون بكوريا ويتأهلون بجدارة إلى ربع نهائي المونديال    كأس العالم لأقل من 20 سنة.. المنتخب المغربي يكتب التاريخ ويتأهل إلى الربع النهائي على حساب كوريا الجنوبية    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم            أزمة في مركز تحاقن الدم بتطوان بسبب تراجع مخزون الأكياس الحيوية    انتشال جثة مهاجر جديدة من مياه سبتة    الفلبين: زلزال بقوة 7,4 درجات قبالة جنوب البلاد وتحذير من تسونامي    من طنجة إلى "الأطلسي الإفريقي" .. نحو ميثاق للوعي البحري المشترك            ياسر زابيري يقود "أشبال الأطلس" إلى ربع نهائي المونديال بفوز مثير على كوريا الجنوبية    المنتخب الوطني المغربي يتجاوز كوريا نحو ربع نهائي "مونديال الشبان"    القصر الصغير.. البحر يلفظ كميات ضخمة من "الشيرا" واستنفار أمني لتتبع خيوط شبكة دولية    مونديال الشباب: المنتخب المغربي يكمل عقد المتأهلين إلى الربع بانتصاره على كوريا الجنوبية    رغم الدعوات الحكومية للحوار .. الاحتجاجات الشبابية تستمر في الرباط    الأميرة للا حسناء تحضر مؤتمرا بأبوظبي    "الأحمر" يختم تداولات بورصة البيضاء    الملك يُلقي غدًا الجمعة خطابًا ساميًا أمام أعضاء مجلسي النواب والمستشارين    أمن العرائش ينجح في توقيف شخص مبحوث عنه وطنيا    "الترجمة في سياق الاستشراق" .. قراءة جديدة في علاقة المعرفة بالهيمنة    مغاربة يندهشون من "ضجة تركية"    حزب التقدم والاشتراكية: الكيان الصهيوني مُطالَبٌ بأن يَحترم فورًا اتفاق وقف العدوان على غزة دون تلكُّؤ أو مناورة    أطعمة شائعة لا يجب تناولها على معدة خاوية            اسرائيل تحتجز ابن الحسيمة ياسين أكوح المشارك في أسطول الحرية                الحسيمة.. انطلاقة فعاليات المهرجان النسائي للإبداع والتمكين (فيديو)        فدوى طوقان : القصيدة الفلسطينية المقاوِمة    فوز المجري لازلو كراسناهوركاي بجائزة نوبل للآداب    طوفان الذاكرة    قصة قصيرة : الكتَابُ الذي رفضَتْه تسع وثلاثون دار نشر    المؤتمر الوطني الثاني عشر للاتحاد الاشتراكي: من البناء التنظيمي إلى الانبعاث السياسي    دراسة: الجسيمات البلاستيكية الدقيقة تغير أعداد البكتيريا المعوية النافعة    أولى مراحل اتفاق غزة.. التنفيذ في 5 أيام وترامب يزور مصر وإسرائيل    سنة 2025 شهدت ثالث أكثر شهر شتنبر حرا على الإطلاق    لأول مرة في العالم .. زراعة كبد خنزير في جسم إنسان    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    ترامب يعلن التوصل لاتفاق ينهي حرب غزة ويصفه بأنه "حدث تاريخي"    الأوقاف تعلن موضوع خطبة الجمعة    رواد مسجد أنس ابن مالك يستقبلون الامام الجديد، غير متناسين الامام السابق عبد الله المجريسي    أردني من أصل فلسطيني وياباني وبريطاني يفوزون بنوبل الكيمياء    دراسة: النساء أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب بسبب عوامل وراثية    عنوان وموضوع خطبة الجمعة القادمة    الجالية المسلمة بمليلية تكرم الإمام عبد السلام أردوم تقديرا لمسيرته الدعوية    وزارة الأوقاف تخصص خطبة الجمعة المقبلة: عدم القيام بالمسؤوليات على وجهها الصحيح يٌلقي بالنفس والغير في التهلكة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شجاعة وزير: في التجديد الديني والتدين ونسف الأصوليات!..

تفرض قوة الدرس الذي تقدم به وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق أمام ملك البلاد العودة إليه مجددا من زاوية تقدير الشجاعة الكامنة فيه، وهي شجاعة فكرية، وسياسية وثقافية لا يمكن أن تخطئها المتابعة.
ليس المراد هنا، وما ينبغي أن يكون كذلك، هو إعادة تفكيك ما تقدم به صاحب «والد وما ولد»، بل الوقوف على انحيازه الواضح إلى العقلانية والتفكير الأخلاقي الديني، وتثمين التزكية الصوفية في تحصين ممارسة التدين وتجاوز المعيقات الحالية، في زمن تميل فيه النزعة التجزيئية، كما دعاة الأصولية، إلى خطاب أملس يراعي الحساسيات ويتعلق بالوعظ ويتعلل بالإرشاد، لكي يسوغ لنفسه إعادة إنتاج الوجوه والأفكار التي لم تثبت جدارتها الحضارية طيلة قرن من الزمن الصعب والمركب الذي نعيشه.
والعنصر الثاني في تبرير العودة إلى الدرس إياه، يكمن في اختيار إمارة المؤمنين مظلة للتفكير في التجارب الإسلامية في الإحياء، على ضوء عنوان الدرس «تجديد الدين في ظل إمارة المؤمنين»، بناء على الحديث الشريف : «إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها». و»مَنْ «، هنا ليست لشخصية أو لفرد مهما علا شأنه، بل نزعم أن المنطق المضمر هو دفاعه عن الخروج من فردية الإحياء، وشخْصنَته أي كفكرة يحملها الواحد من الأمة، إلى التفكير بتجديد جماعي ومؤسساتي تسير به الأمة نحو تدارك تخلفها وتناقضاتها وانفصامها الأخلاقي بين كمال الدين ونقصان التدين.
وبعبارة أخرى: الأفراد نعم، ولكن محدوديتهم تدفع باتجاه الحل الجماعي المؤسساتي كما تمثَّله المغرب. ولن يكون المشرق مرة أخرى، سبيل الأمة في الخروج من مفارقاتها!
والعنصر الثالث يتمثل في تنبيهه إلى كون تغييب الغرب وعدم فهمه، كان أحد أسباب الترهل والتراجع، وليس السبب، كما تقول الديباجة المعتادة في الخطاب الأصولي، هو الانحياز إليه! بل هنا دعوة صريحة إلى تعميق النظر في العجز الإسلامي والعمل على فهم هذا الغرب وتحديد الموقف من منتوجه الناجح للاعتماد عليه! وهذا العنصر يتعلق بالوضوح في العلاقة مع المشترك الأخلاقي الإنساني، وعدم الاكتفاء الذاتي كما كتبنا سابقا..
ولن يكون حضور مفكر مثل ميشيل فوكو مستساغا عند رواد الجُملة الأصولية المتشددة، لسيرته ثم لنزعته التفكيكية العميقة، كما أن دعوة الوزير إلى تطعيم التراث الأخلاقي للمسلمين بالاجتهادات الغربية من خلال تبني «اقتراح مؤلف كتاب «الدولة المستحيلة»، وهو اقتراح يقتضي أن يستمد المسلمون من تراثهم الأخلاقي ليصلحوا أحوالهم، وبذلك يتأهل علماؤهم للتعاون مع دعاة الأخلاقية في الغرب من أمثال تشارلز لارمور، مؤلف «استقلالية الأخلاق»، وألسداير ماكنطاير مؤلف : «دراسة في نظرية الأخلاق».. ولا شك بأن الإحالة على الأخلاقية الغربية، كبوابة للتنشيط الجديد للأخلاق الإسلامية وكذا بوابة للتعاون الدولي في زمن مرعب، من الأشياء التي قد تصدم المدافعين عن «إصلاحية محافظة» لا تتجاوز تكرار نفس الخطاب.
العنصر الرابع هو إعادة النظر في شرعية الكثير من الشعارات التي تم تقديسها، وعدم التسليم بها فقط لأنها تمجد المشترك الروحي للأمة، من قبيل الإسلام هو الحل وصلاح الأمة به كما في بدايتها، حيث شدد التوفيق على أن دعاة التجديد لهم أثر محدود ولم يجيبوا عن السؤال المركزي «لماذا لم يخلق المسلمون من التدين حياة طيبة» ، أي بمعايير السلامة الروحية والسمو المجتمعي العام.
العنصر الخامس هو : الفهم الصوفي لتزكية النفس التي «اهتم بها التيار الموسوم بالتصوف»..
ولعل الحضور الصوفي يكون غير مستحب لدى جزء من الأصولية المغربية أو عموم الأصوليات، التي تتهمه بعضها بالكفر بدعوى الشرك بالله وليس تزكية النفس والمسؤولية بها. وقد «أخطأ» الوزير بتثمينها في المسلسل الروحي لتقريب الدين من التدين ..
فالمتن الإصلاحي في الدرس يتجاوز المتواضَع عليه بين نقاد الإصلاح في البلاد الإسلامية. ولعل من أقوى المقومات في هذا الباب، النقد الجريء والحاسم، إن لم نقل الديكارتي من حيث انسجامه التحليلي، لقرن من الزمن الإصلاحي الإسلامي، حيث أفادنا الوزير مشكورا أن المأثور النبوي بأن «الله يعبث على رأس كل مائة عام من يجدد للأمة دينها»، لم يجد تجسيده في القرن الحالي منذ مبادرة أحمد خان في الهند في القرن التاسع عشر.
وفي سجل آخر، هناك في السي احمد، كما دأب المثقفون والمعارف أن ينادونه، ما يغضب الكثير من تيارات الأصولية الدينية السياسية، ومنها تركيزه على التشويش الذي تكون قاعدته سياسية، ويدفع الثمن المجتمع برمته. حيث شدد على «التشويش على ثوابت المغرب باختراقات يلتبس فيها السياسي الإيديولوجي بالديني العقدي والمذهبي »؛ والانتهاء إلى خلاصة مركزية مفادها «اكتساب المناعة الجماعية ضد التشويش الداخلي والخارجي باسم الدين، وضد أنواع الفتنة»… ولعل السياق يخلق المعنى في هذا الباب !
لا خير في الكثير من «النجوى» التي سارت إلى نحو اختزال الأطروحة القوية المتكاملة، من زاوية تجديد الدين في جملة أو جملتين تم بترها من سياقها وتم تقديمها كانزياح أو زندقة وزارية في حضرة أمير المؤمنين..
وتدور حرب يراد لها أن تكون ضروسا وهي تهم جملة منزوع سياقها حول الفوائد البنكية والربا، وما بينهما من اتصال أو انفصال..
فقد ورد في درس التوفيق في باب تعداد ما تحقق مع إمارة المؤمنين، حوالي عشرين معلما من معالم طريقها القويم أن «القضية الثالثة عشرة فتهم التعامل مع الأبناك، ذلك أن بعض المتكلمين في الدين قد أحرجوا ضمير المسلمين بالقول إن الربا هو الفائدة على القرض بأي قدر كانت»، وهي الجملة التي أطلقت شرارة النار في الهشيم الإلكتروني وأخرجت الكثير من الوجوه التي غابت منذ مدة طويلة إلى واجهة الهجوم على الرجل وكأنه أعلن الردة.
وهناك من ذهب إلى حد محاولة الإقناع بأنه يقول في حضرة الملك ما لا يقتنع به الملك بل لعله يسير ضده!!
والحال أن المتمعن في العبارات يجد بأن الحديث يدور عن «بعض المتحدثين في الدين» الذين عملوا على «إحراج ضمير المسلمين» بالقول إن «الربا هو الفائدة في القرض بأي قدر كانت».
وهي عناصر تبين بأن الرجل يتحدث في موضوع واسع بدون تقييد نفسه بالفتوى!
الأمر الأول يتعلق بمتحدثين في أمور الدين وليسوا علماء أو مؤسسات..
والثاني يتعلق بالإحراج الذي يشعر به كل مؤمن ومسلم مما يجعل ملايين المسلمين والمغاربة جزء بسيط منهم، رهينة هذا الفهم وشعورهم بالذنب، في وقت قد يسقط شرط التشديد عند من وضعوه أنفسهم عندما يكونون في المسؤولية الحكومية، ولا قرار يلغي ذلك أو يدعو إلى ذلك..
وتحضرني في هذا الباب، قصة الشيخ القرضاوي، حيث أن صاحب كتاب «الفوائد والربا» ظل يدعو إلى إسقاط الاقتراض لكنه وقف صامتا عندما اقترضت مصر الإخوان قرابة 500 مليون دولار في تدبير الاقتصاد المصري بعد الثورة!
والواضح أن إحراج ضمير الأمة لا يبدو رهانا يستحق اهتمام المهاجمين!
ونحن ندعو الله، من قبل ومن بعد ألا يجعلنا من «0لۡأَخۡسَرِينَ أَعۡمَٰلًا…0لَّذِينَ ضَلَّ سَعۡيُهُمۡ فِي 0لۡحَيَوٰةِ 0لدُّنۡيَا وَهُمۡ يَحۡسَبُونَ أَنَّهُمۡ يُحۡسِنُونَ صُنۡعًا».. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.