سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
بعد 7 سنوات من الخطاب الملكي… آجال الأداء في بعض المؤسسات العمومية تتجاوز 300 يوم !! .. «صورياد» ووكالة المياه والغابات و ONEE .. أكثر المؤسسات العمومية تماطلا في الأداء
بعد سبع سنوات على الخطاب الملكي ل20 غشت 2018، الذي شدد على ضرورة تسديد المؤسسات العمومية لمستحقات المقاولات في آجال معقولة، تكشف المعطيات الرسمية الأخيرة استمرار ظاهرة تأخر الأداء على نحو يضر بالمقاولات الصغرى والمتوسطة والصغيرة جدا، ويقوض قدرتها على الاستثمار والاستمرار. فحسب بيانات صادرة عن مرصد آجال الأداء برسم غشت 2025، حلت شركة الدراسات والإنجازات السمعية البصرية «صورياد» في صدارة المؤسسات الأكثر تأخيرا، بمتوسط أجل أداء بلغ 301 يوم، متبوعة بالوكالة الوطنية للمياه والغابات التي سجلت 240 يوما، ثم المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب ب167 يوما، يليه المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري ب135 يوما، ومجموعة المعهد العالي للتجارة وإدارة المقاولات ب128 يوما. كما جاءت المراكز الجهوية للاستثمار وبعض الجامعات والمراكز الاستشفائية ضمن المراتب العشر الأولى، بآجال تراوحت بين 127 و91 يوما. وفي المقابل، أظهرت بيانات نفس الفترة أن عددا من المؤسسات العمومية التزمت بأقصى درجات الانضباط في تسديد مستحقات شركائها. فقد تصدرت الوكالة الحضرية للرباط وسلا والوكالة الحضرية لتطوان والمركز الجهوي للاستثمار لبني ملال خنيفرة القائمة بأجل أداء لا يتجاوز يوما واحدا، تليها الوكالة الحضرية للحسيمة والوكالة الحضرية للقنيطرة والوكالة الحضرية للخميسات والمسرح الوطني محمد الخامس بأجل يبلغ يومين، ثم معهد الأمير سيدي محمد للتقنيين المتخصصين في التدبير والتسويق الفلاحي والمركز الجهوي للاستثمار للعيون الساقية الحمراء بأجل 3 أيام، وأخيرا المركز الجهوي للاستثمار لفاس مكناس بأجل 4 أيام. غير أن هذا الانضباط الظاهر لا يلغي حقيقة أن العديد من المؤسسات العمومية باتت تلجأ إلى أساليب وممارسات متنوعة للتحايل على القانون والإفلات من غرامات التأخر في الأداء، إذ غالبا ما تبادر، مع اقتراب حلول آجال الاستحقاق، إلى الاتصال بالمقاولات المعنية وطلب تغيير تواريخ دفاتر الطلبيات، وهو أسلوب ابتزازي تضطر المقاولات، خاصة الصغرى منها، إلى قبوله خوفا من إقصائها أو حرمانها لاحقا من طلبات العروض. غير أن الصورة لا تكتمل دون الإشارة إلى ست مؤسسات لم تقدم أي تصريح بخصوص آجال أدائها إلى غاية 30 يونيو 2025، من أبرزها الوكالة الوطنية لتقييم وضمان جودة التعليم العالي والبحث العلمي، ووكالة الإنعاش والتنمية الاقتصادية والاجتماعية في أقاليم الجنوب، والمركز الاستشفائي الجامعي لجهة طنجةتطوانالحسيمة، ووكالة المغرب العربي للأنباء، وجامعتا محمد الأول بوجدة ومحمد الخامس بالرباط، وهي مؤسسات تتراوح آخر آجال مصرح بها بين 15 و92 يوما. تأتي هذه المعطيات في سياق دخول المرحلة الثالثة والأخيرة من القانون رقم 69.21 حيز التنفيذ اعتبارا من فاتح يناير 2025، لتشمل ولأول مرة المقاولات الصغيرة جدا (TPE) التي كانت مستثناة سابقا. وينص القانون على فرض غرامات مالية على كل مقاولة أو مؤسسة لا تلتزم بالآجال المحددة، حيث تحتسب نسب الغرامات على أساس السعر المرجعي الجديد لبنك المغرب، وتوزع بنسبة 2.50 في المائة عن الشهر الأول، و0.85 في المائة عن كل شهر أو جزء من شهر إضافي. ووفق المديرية العامة للضرائب، يهم الإجراء الذي دخل حيز التنفيذ منذ بداية العام الجاري، الأشخاص الذاتيين والمعنويين الذين يتجاوز رقم معاملاتهم 10 ملايين درهم ويصل إلى 50 مليون درهم، مع إلزامية التصريح حتى في حالة عدم وجود فواتير غير مدفوعة، وشمول العقوبات للفواتير الصادرة ابتداء من فاتح يناير 2025 ولو كان مبلغها أقل أو يساوي 10,000 درهم. كما حدد القانون أجل 60 يوما كحد أقصى للأداء، يمكن تمديده إلى 120 يوما باتفاق الطرفين، فيما تستفيد بعض القطاعات من سقف استثنائي يصل إلى 180 يوما بموجب مرسوم خاص وموافقة مجلس المنافسة. ورغم وضوح التوجيهات الملكية والقوانين الزجرية، ما زالت فئة واسعة من المقاولات العمومية تماطل في تسديد مستحقات المقاولات الخاصة، مما يفاقم اختناق السيولة ويؤدي إلى تعثر مشاريع أو حتى إفلاس شركات، خاصة في فئة المقاولات الصغرى التي تمثل النسيج الاقتصادي الأكثر هشاشة. وتبقى معالجة هذه الظاهرة رهينة بتفعيل صارم للقانون، وتكريس ثقافة احترام الالتزامات التعاقدية كأحد أسس الثقة في مناخ الأعمال الوطني.