توافد آلاف المشجعين الجزائريين، أول أمس الأربعاء، ومغاربة عدة، في أجواء طبعتها «أخوة»، لمتابعة أول مباراة للجزائر بالمغرب منذ قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. فغير بعيد عن مقر سفارة الجزائر المغلق منذ أن قطعت الأخيرة علاقاتها مع الرباط صيف 2021، تجمع مشجعون من مختلف الأعمار حول مداخل ملعب مولاي الحسن قبل مواجهة الجزائر للسودان في الدور الأول لكأس أمم إفريقيا في المغرب، مرددين الشعار الجزائري الشهير «وان، تو، تري، فيفا لالجيري». وكان جلهم يحمل الأعلام الجزائرية، دون أن تغيب الأعلام المغربية، تجسيدا لعبارة «خاوة خاوة»، التي رددها عدة مشجعين من البلدين تحدثوا لوكالة فرانس برس. بينهم التاجر رفيق بومعراف (40 عاما) من وهران التي لا تبعد كثيرا عن الحدود مع المغرب، لكنه اضطر إلى السفر جوا إلى تونس قبل أن يواصل نحو الدارالبيضاء، بسبب إغلاق الجزائر مجالها الجوي أمام الطيران المغربي منذ 2021، بينما الحدود البرية مغلقة منذ 1994. ويقول «لو كانت الحدود البرية مفتوحة لكان أمرا رائعا.. لكنها ستفتح إن شاء لله». وتابع «استقبلنا استقبالا رائعا في المغرب»، مؤكدا أن هناك الكثير من مواطنيه جاؤوا من الجزائر لتشجيع منتخب بلادهم، أحد المرشحين للفوز باللقب والذي افتتح مشواره بفوز على السودان 3 – 0. بدوره جاء أيمن البالغ من العمر 27 عاما) والذي فضل عدم ذكر اسمه العائلي، من باتنة شرق الجزائر عبر تونس. ويقول مغطيا كتفيه بعلم بلاده «نحن في بلدنا الثانية.. استقبلنا استقبالا رائعا كما توقعنا، لأن الكرم لا يغيب عن إخواننا المغاربة». وهذه المرة الأولى التي يظهر فيها زخم جماهيري في مناسبة رياضية بين الجارين، منذ القطيعة الدبلوماسية، بينما مرت مواجهات مشابهة في أجواء مشحونة. ففي العام 2024 قاطع نادي اتحاد العاصمة الجزائري مباراتي نصف نهائي كأس الاتحاد الإفريقي احتجاجا على قمصان منافسه نهضة بركان، تضمنت خريطة المغرب مدمجة مع الصحراء المغربية، المتنازع عليها. وهو النزاع الرئيسي بين الطرفين منذ عقود. فيما غاب المغرب عن كأس إفريقيا للمحليين بالجزائر العام 2023، احتجاجا على رفض الأخيرة سفره عبر طائرة مغربية. بينما تشهد مواقع التواصل الاجتماعي، منذ القطيعة الدبلوماسية، تبادلا للشتائم بين حسابات تتحدث باسم كلا البلدين. لكن بومعراف ينبه قائلا «أتابع ما يقع من عراك على مواقع التواصل الاجتماعي.. لكنني أستند على الواقع، والواقع أننا إخوة».ويؤكد أيمن «الواقع مختلف تماما، المواطن الجزائري البسيط يحب الشعب المغربي». وسعى رشيد بوعريش (47 عاما) إلى التعبير عن هذا «الحب» بارتداء قميص المنتخب المغربي وحمل العلم الجزائري، وهو مغربي يقيم في فرنسا متزوج من جزائرية. ويقول «أنا مغربي ولدت في فرنسا ونشأت مع جزائريين.. تحيا الجزائر». كان برفقة طفليه، كما العديد من المشجعين الذين جاؤوا من بلدان أوروبية مع عائلاتهم. وفضل الزوج المغربي أمين (34 عاما) والجزائرية صابرينا (35 عاما) ارتداء قميصي بلديهما «فكلانا يريد أن تفوز بلاده باللقب»، كما تعلق صابرينا مبتسمة. وقد قدما من باريس. ومن مفارقات القطيعة الدبلوماسية أن رحلتهما كانت أقصر وأيسر من رحلات القادمين من الجزائر، عبر بلد ثالث. وأظهر بعضهم فرحة عارمة لتمكنه من تشجيع الجزائر في المغرب، مثل زارا إيزا (47 عاما) التي جاءت من فرنسا. ورقصت بحماس حاملة علم الجزائر تعبيرا عن فرحتها قائلة: «جئت الى المغرب بقلب مفتوح رغم أن السفر كلفنا نحو 2500 يورو.. استقبلنا بحفاوة وآمل أن يتصالح البلدان» قريبا.