"أسطول الصمود" يعلن تعرض إحدى سفنه لهجوم يشتبه أنه نفذ بمسيرة إسرائيلية    1500 ممثل ومخرج سينمائي يقاطعون مؤسسات إسرائيلية دعما لغزة        "أرما" تتجاوب مع الساكنة وتزيل النفايات قرب مقبرة كورزيانة بطنجة        أجواء روحانية عبر إفريقيا..مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة تحيي المولد النبوي    عملية للمقاومة تؤدي إلى مقتل أربعة عناصر من جيش الإحتلال بغزة ونتنياهو يهدّد سكانها: "لقد تم تحذيركم.. غادروا الآن"    وزارة النقل تنفي منع لوحات الترقيم الدولية وتوضح أن تحرير المخالفات هو بسبب عدم المطابقة القانونية    إسبانيا تستدعي سفيرتها لدى إسرائيل وتصف اتهامات تل أبيب لها ب "معاداة السامية" ب "الترهيب"    إيغامان: أشكر المغاربة على الدعم    ضابط شرطة بمكناس يسقط في قبضة العدالة بتهمة الابتزاز والرشوة                "الوردة" يتكتم على مذكرة الانتخابات    انتشار السمنة بين المغاربة يطلق دعوات إلى إرساء "خطة وطنية متكاملة"    إضراب وطني لمدة يومين بسبب مشروع القانون 59.24 التعليم العالي .. استمرار التعثر    وجود 76 حافلة للنقل المدرسي بقرى طنجة أصيلة غير كافٍ بحسب الحميدي    ملاحظات "UMT" على مجلس الصحافة    الأحزاب المغربية تطالب بالتصويت بالبطاقة الوطنية بدل بطاقة الناخب    الائتلاف المدني من أجل الجبل: أكثر من 7 ملايين نسمة يعيشون على هامش العدالة المجالية (فيديو)    زخات رعدية منتظرة يوم غد الثلاثاء بالجهة الشرقية        بفوز سابع على زامبيا.. المغرب يواصل مساره المثالي في تصفيات مونديال 2026    عجز السيولة البنكية يتراجع بنسبة 7,48 في المائة من 28 غشت إلى 3 شتنبر    المنتخب الوطني ينتصر على نظيره الزامبي    الآن: سقوط الحكومة الفرنسية    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الانخفاض        نسرين الراضي تخطف جائزة أفضل ممثلة إفريقية    ترامب في مرآة كتاب جديد.. الصحفي سمير شوقي يكشف تناقضات الولاية الثانية للرئيس الأمريكي    بسبب محاكمته.. تأسيس لجنة للتضامن مع الغلوسي    الاتحاد الأوروبي يحذر من مخاطر إرسال أساطيل المساعدات الإنسانية إلى غزة    جلالة الملك يهنئ رئيسة جمهورية مقدونيا الشمالية بمناسبة عيد استقلال بلادها    مقتل شاب من مليلية في هجوم مسلح نفذه فلسطينيان بالقدس    مصرع شخصين في حريق بدوار مولاي عزوز الملك بمراكش    المستشفيات تحتضن المحكوم عليهم بالعقوبات البديلة لخدمة المجتمع    «لا بار في شيكاغو» لمحمود الرحبي خرائط سردية تعيد أحياء تائهة إلى مدنها    الوطنية الاحترافية للقسم الأول برسم الموسم الرياضي 2025-2024: النادي الرياضي المكناسي يشحذ أسلحته بطموحات قارية    "كناش الحشمة".. أسطورة الرحل فوق خشبة المسرح الكبير بنمسيك    ربيع القاطي يطرق باب العالمية مجددًا عبر سلسلة "Atomic"    اللغة والهوية في المغرب: خمسون عاماً بين الأيديولوجيا والواقع    الكلمة أقوى من الدبابة ولا مفر من الحوار؟..    قرية لمهيريز... صيادون منسيون في قلب الصحراء يطالبون بالكرامة والإنصاف    زخات رعدية وهبات رياح مرتقبة اليوم الاثنين بعدد من المناطق    فضيحة الخطأ المطبعي.. شركة تعدين تخفض مردودية ذهب كلميم من 300 إلى 30 غراما فقط    الموقف الأمريكي يعزز المبادرة المغربية كخيار وحيد لتسوية نزاع الصحراء    ألكاراز يتوج بلقب أمريكا المفتوحة للتنس للمرة الثانية        ميناء الحسيمة : انخفاض بنسبة 9 في كمية مفرغات الصيد البحري مع متم يوليوز الماضي            أمير المؤمنين يصدر أمره إلى المجلس العلمي الأعلى بإصدار فتوى شاملة توضح للناس أحكام الشرع في موضوع الزكاة    دراسة: عصير الشمندر يُخفّض ضغط الدم لدى كبار السن    دراسة : السلوك الاجتماعي للمصابين بطيف التوحد يتأثر بالبيئة    الملك محمد السادس يأمر بإصدار فتوى توضح أحكام الشرع في الزكاة    المجلس العلمي الأعلى يعلن إعداد فتوى شاملة حول الزكاة بتعليمات من الملك محمد السادس    مبادرة ملكية لتبسيط فقه الزكاة وإطلاق بوابة رقمية للإجابة على تساؤلات المواطنين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في العمل مع السلطان

ما يطبع السلطان المتحرر مبدئيا في أفعاله هو حرية جسده، وما يطبع الرعية المنصاعة مبدئيا لأوامره هو موت جسدها. وما بين الحياة والموت، يعيش الوزير وضعية خاصة تطبعها ازدواجية الجسد، المحاصر بين هوامش الانسياب وضرورات الانضباط. لا تحتمل طبيعة هذه المرتبة الزلات والغفلة ولا النسيان والإهمال، ويدرك الوزير جيدا نوعية المكان الذي يشغله، والجسد «المزدوج» الذي يحمله معه، نتيجة وضعية وسط بين رأس الهرم وقاعدته. فهو يمارس سلطته على القاعدة كما تمارس القمّة سلطتها عليه. و هي وضعية من شأنها أن تخلق لدى الوزير إحساسين مختلفين، بل و متناقضين: إحساس بالهيمنة و التملّك التفوق و الوصاية على من دونه من الرعايا، و إحساس بالخوف و الحذر و الحيطة و الدونية ممّن فوقه. أمام الملك تصبح حركاته محسوبة و إفرازات جسده مضبوطة، و أمام الرعية يصول و يجول مستعيدا حريته المكبوتة. من أرنب وديع أمام السلطان يتحوّل إلى أسد مغوار أمام الرعية.
يقول الماوردي ملخصا هذه الوضعية : «وأنت أيها الوزير أمدك الله بتوفيقه، في منصب مختلف الأطراف، تدبّر غيرك من الرعايا وتدبر بغيرك من الملوك، فأنت سائس ومسوس، تقوم بسياسة رعيتك وتنقاد لطاعة سلطانك. فتجمع بين سطوة مطاع وانقياد مطيع، فشطر فكرك جاذب لمن تسوسه، وشطره مجذوب لمن تطيعه وهو أثقل الأقسام الثلاثة محملا وأصعبها مركبا لأن الناس ما بين سائس ومسوس، وجامع بينهما ولك هذه الرتبة الجامعة». هكذا يتمّ تشبيه السلطان بالطيب والرعية بالعليل والوزير بالسفير بين الطيب والعليل،
وإذا كان ابن الخطيب، وهو الذي اختبر الوزارة في أحلك أيامها، يتوسع في الحديث عن علاقة الوزير بنظرائه أعضاء الحاشية وما يلفها من كيد وسعي، فإن الماوردي يتوسع في ذكر علاقة الوزير بملكه واضعا له مجموعة من الأخلاقيات تقيه من كلّ مكروه سلطاني محتمل، و هي أخلاقيات تتمحور كلّها حول مبدأ «الحذر» من السلطان، «فهو وتّاب بقدرته، متحكّم بسطوته، يميل به الهوى فيقطع بالظن، و يؤاخذ بالارتياب، فالثقة به عجز و الاسترسال معه خطر، و قد قيل: ثلاثة لا أمان لهم، السلطان و البحر و الزمان». و لحذر الوزير من الملك وجهان، أوّلها «أن لا يعول على الثقة في إذلال و استرسال...» و بالتالي يكون عليه أن « يقبض نفسه» إن قدّمه و «يتواضع له» إن عظّمه، و «يحتشم» إن آنسه و «يلن» إن خاشنه و «يصبر على تجنيه» إن غالظه...و الوجه الثاني من حذر الوزير مع ملكه يتمثّل في «مسايرته» له حيث يصبح امتدادا ليده، وأداة لتحقيق ما يروم إليه، « فيساعده على مطالبه، و يوافقه على محابه و مشاربه، و لا يصدّه عن غرض...». و بمثل هذا السلوك، يكون الوزير قد وضع مسافة «وقائية» من شأنها أن تحميه من كلّ غضب سلطاني لا يعلم توقيته إلاّ السلطان نفسه.
لو كانت «العامة على علم بمحنة الوزير السلطاني لانشرحت أساريرها وحمدت الله على جسدها الواضح الطيع. ذلك أن «جسد الوزير» أو «صاحب السلطان» عامة جسد مزدوج، يعاني ثنائية مدوخة، فهو لا ينمو حرا طليقا مثل جسد السلطان، و لا هو ينمحي كلية مثل أجساد أيها الناس.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.