حكومة أخنوش تضع المقاولات الصغيرة في قلب خارطة طريق إنعاش التشغيل ببلادنا    الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة تعرض تجربة الذكاء الاصطناعي في منصة "SNRTnews" بمعرض كتاب الطفل والشباب    منيب تتقدم بمقترح قانون للعفو العام    الصين تدعم التعاون الأمني مع المغرب    خط جوي جديد بين البيضاء والسمارة    بورصة البيضاء تبدأ التداولات بانخفاض    بموارد ‬تقدر ‬ب712,‬6 ‬مليار ‬درهم ‬ونفقات ‬تبلغ ‬761,‬3 ‬مليار ‬درهم    المغرب ‬رائد ‬في ‬قضايا ‬التغيرات ‬المناخية ‬حسب ‬تقرير ‬أممي ‬    الحكومة تعتزم إطلاق بوابة إلكترونية لتقوية التجارة الخارجية    الجزائر ‬تجرب ‬جميع ‬أوراقها ‬في ‬مواجهة ‬الانتكاسات ‬الدبلوماسية ‬    ملايين اللاجئين يواجهون شتاء قارسا بعد تراجع المساعدات الدولية    تفجير انتحاري يوقع 12 قتيلا بإسلام أباد    رونالدو يكشف أن مونديال 2026 سيكون الأخير له "حتما"    رصاص الأمن يشل حركة مروج مخدرات    انقلاب "بيكوب" يرسل 17 عاملا فلاحيا لمستعجلات تارودانت    التامك يغيب لأول مرة عن مناقشة ميزانية السجون في مجلس النواب.. ما علاقة ذلك ب"إهانته" قبل عام؟    محامي: قاصر يعاني من إعاقة ذهنية وجسدية معتقل على خلفية احتجاجات "جيل زد" بوجدة    مهرجان الدوحة السينمائي 2025 يكشف عن قائمة المسابقة الدولية للأفلام الطويلة    الكاتب ديفيد سالوي يفوز بجائزة بوكر البريطانية عن روايته "فلش"    الشاعرة والكاتبة الروائية ثريا ماجدولين، تتحدث في برنامج "مدارات " بالإذاعة الوطنية.    المشي اليومي يساعد على مقاومة الزهايمر (دراسة)    احجيرة: نتائج برنامج التجارة الخارجية لا تُعجب.. 40% من طلبات الدعم من الدار البيضاء.. أين المجتهدون؟    ألمانيا تضع النظام الجزائري أمام اختبار صعب: الإفراج عن بوعلام صنصال مقابل استمرار علاج تبون    مجلس الشيوخ الأميركي يصوّت على إنهاء الإغلاق الحكومي    الحسيمة: مرضى مستشفى أجدير ينتظرون منذ أيام تقارير السكانير... والجهات المسؤولة في صمت!    تحيين الحكم الذاتي إنتقال من التفاوض إلى مشروع سيادي مغربي نمودجي مكتمل الأركان    المنتخب المغربي يخوض أول حصة تدريبية بالمعمورة تأهبا لمواجهتي الموزمبيق وأوغندا    350 يورو مقابل التقاط صورة ومقعد على مائدة والدة النجم يامال    وزير الداخلية يبدأ مرحلة ربط المسؤولية بالمحاسبة؟    أتالانتا الإيطالي ينفصل عن مدربه يوريتش بعد سلسلة النتائج السلبية    إيران تعدم رجلًا علنا أدين بقتل طبيب    مع تعثّر انتقال خطة ترامب للمرحلة التالية.. تقسيم قطاع غزة بات مرجحاً بحكم الأمر الواقع    كيوسك الثلاثاء | المغرب يعزز سيادته المائية بإطلاق صناعة وطنية لتحلية المياه    أجواء غائمة مع ارتفاع طفيف لدرجات الحرارة في توقعات طقس الثلاثاء    خمسة آلاف خطوة في اليوم تقلل تغيرات المخ بسبب الزهايمر    الفاعل المدني خالد مصلوحي ينال شهادة الدكتوراه في موضوع "السلطة التنظيمية لرئيس الحكومة في ضوء دستور 2011"    فضيحة في وزارة الصحة: تراخيص لمراكز الأشعة تُمنح في ظل شكاوى نصب واحتيال    تغير المناخ أدى لنزوح ملايين الأشخاص حول العالم وفقا لتقرير أممي    انخفاض طلبات الإذن بزواج القاصر خلال سنة 2024 وفقا لتقرير المجلس الأعلى للسلطة القضائية    "أسود الأطلس" يتمرنون في المعمورة    أخنوش: الحكومة تواصل تنزيل المشروع الاستراتيجي ميناء الداخلة الأطلسي حيث بلغت نسبة تقدم الأشغال به 42 في المائة    إطلاق سراح الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي وإخضاعه للمراقبة القضائية    رسميا.. منتخب المغرب للناشئين يبلغ دور ال32 من كأس العالم    انطلاق عملية بيع تذاكر مباراة المنتخب الوطني أمام أوغندا بملعب طنجة الكبير    "الإسلام وما بعد الحداثة.. تفكيك القطيعة واستئناف البناء" إصدار جديد للمفكر محمد بشاري    "الكاف" يكشف عن الكرة الرسمية لبطولة كأس أمم إفريقيا بالمغرب    لجنة الإشراف على عمليات انتخاب أعضاء المجلس الإداري للمكتب المغربي لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة تحدد تاريخ ومراكز التصويت    ليلى علوي تخطف الأنظار بالقفطان المغربي في المهرجان الدولي للمؤلف بالرباط    82 فيلما من 31 دولة في الدورة ال22 لمهرجان مراكش الدولي للفيلم    ساعة من ماركة باتيك فيليب تباع لقاء 17,6 مليون دولار    دراسة تُفنّد الربط بين "الباراسيتامول" أثناء الحمل والتوحد واضطرابات الانتباه    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    الدار البيضاء: لقاء تواصلي لفائدة أطفال الهيموفيليا وأولياء أمورهم    وفاة "رائد أبحاث الحمض النووي" عن 97 عاما    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العثماني في عين العاصفة !
نشر في الجسور يوم 18 - 04 - 2017

كان الله في عون رئيس المجلس الوطني لحزب "العدالة والتنمية" الدكتور سعد الدين العثماني، خلال هذه الأيام العصيبة من عمره. فالمتتبع لمجريات الأحداث السياسية ببلادنا يدرك جيدا مقدار معاناته، بسبب ما يتعرض إليه من انتقادات قاسية وقصف كثيف بنيران صديقة، منذ أن تم تعيينه رئيسا للحكومة خلفا لرفيق دربه عبد الإله بنكيران المعفى من مهمته، بعدما قضى حوالي نصف سنة من المشاورات، دون أن يتمكن من إقناع أمناء بعض الأحزاب بتشكيل أغلبية حكومية وفق شروطه.
فالعثماني كما يبدو واضحا لم يكن يحلم ولا مهيئا قط لتولي رئاسة حكومة بلد من حجم المغرب، ولعل هذا ما يفسر دهشته التي عبر عنها في أول تصريح إعلامي له بعد التعيين الملكي. وأكيد أن من يتحمل القسط الأوفر من دوخته وارتباكه، هم من غرروا به يوم زينوا له المزاوجة بين العمل الدعوي والسياسة، ثم قذفوا به في عرض بحرها المتلاطم الأمواج والمليء بالحيتان والقروش المفترسة.
إذ بمجرد إعلانه عن أغلبيته المشكلة من الائتلاف السابق وإضافة الاتحادين الدستوري الاشتراكي، حتى انبرت له أقلام منددة باختياراته، ونزلت على رأسه المطارق، وكانت الأشد إيلاما هي تلك التي تكفلت بها الكتائب الإلكترونية وقواعد الحزب وبعض قياداته، لما تحمله من نعوت موجعة متهمة إياه بالانبطاح والخيانة، جاعلة منه بن عرفة، وهي الصفة التي سبق لمصطفى الرميد وزير العدل السابق أن رفض بشدة حملها إذا ما عرضت عليه. ورأى كثيرون أن تراجعه عن شروط سلفه، ضرب لمصداقية الحزب وإهانة للناخبين المصوتين لفائدته. مطالبينه بتوضيح دواعي إشراك حزب "الاتحاد الاشتراكي" ضمن تركيبته السداسية، إن كان الأمر يتعلق باختيار شخصي أملته دقة الظروف لتجاوز "البلوكاج"، وتفاديا لكلفته الباهظة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا… أم رضوخا لإرادة "التحكم" أو جهات أخرى تريد تصفية حساباتها مع بنكيران…
وكما لا يسلم أي تشكيل حكومي من ملاحظات وانتقادات، فإنه ما إن تم تنصيب الحكومة العثمانية، حتى تحركت الأقلام مرة أخرى منها الجادة، التي تناولت الموضوع بالدرس والتحليل وفي حياد تام، ومنها غير ذلك… فضلا عن اشتعال مواقع التواصل الاجتماعي بالسخرية، إذ لم تترك شاذة أو فادة إلا وسلطت عليها الضوء، كما فعلت ب"الماء" الذي أسند تدبيره لست وزارات…
قد يتفهم المرء درجة الاستياء لدى المواطنين، جراء ما بات يسم المشهد السياسي من عبث، وغياب معارضة قوية تقوم بدورها الدستوري ووفق مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، في مساءلة الحكومة المنتهية ولايتها عن حصيلتها ومدى التزامها ببرنامجها الحكومي، وعما تحقق من الملفات المرتبطة مثلا بالتعليم والصحة والقضاء والشغل والإدارة ومحاربة الفساد… وألا يقف الأمر عند حدود الفضائح والإخفاقات السابقة، بل أن يمتد إلى ما جرى من هدر للزمن السياسي، وتفويت فرص اقتصادية وتنموية على بلادنا خلال نصف عام من "البلوكاج"، وما ترتب عنه من عطالة المؤسسات وتأخير المصادقة على مشروع القانون المالي برسم عام 2017، وانعكاسات ذلك على المقاولات والتسيير والاستثمار…
وأن يتغاضى عن جدوى الانتخابات، والأسباب التي حالت دون تقليص عدد الحقائب الوزارية البالغ 39 حقيبة، رغم دمج عدة وزارات ك: وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، ووزارة الثقافة والاتصال، ووزارة السياحة والصناعة التقليدية، ووزارة التعمير وإعداد التراب الوطني والسكنى وسياسة المدينة. وحذف الوزارة المنتدبة المكلفة بالبيئة ونظيرتها المكلفة بالميزانية. وانعدام تناسب عدد المقاعد البرلمانية بالحقائب الوزارية، واحتفاظ الحكومة ب19 وزيرا من سابقتها، لدرجة بدت معها أقرب ما تكون إلى تعديل حكومي موسع منه إلى حكومة جديدة…
بيد أن ما لا يمكن استيعابه أن يتعرض العثماني للقصف من لدن قواعد الحزب وبعض قيادييه، والمطالبة بعقد جلسة استثنائية فورية ل"برلمان الحزب"، قصد توضيح ما يعتبرونها نقطا مبهمة، كتغيير مناصب وزراء في الحكومة السابقة بأخرى… ورغم أن الرجل سارع إلى عقد سلسلة من اللقاءات المارطونية لتهدئة الأوضاع، فقد تطورت الأحداث في اتجاه تنظيم وقفة احتجاجية أمام المقر المركزي، لولا تدخل الأمين العام بنكيران، الذي ربما أراد أن يظهر ل"المتشفين" أنه مازال على قيد الحياة السياسية رغم استقالته من مجلس النواب، وأن كلمته ستظل هي العليا في الحزب…
فخيارات العثماني ليست في الواقع سوى رجع صدى للأمانة العامة، مهما حاولوا حجب الحقيقة عن الناس، حيث لم يعد ممكنا انطلاء حيلهم وازدواجية خطابهم على أحد بعد تجربتهم الفاشلة. فبنكيران والعثماني وجهان لعملة واحدة، وليس بينهما اختلافات مذهبية ولا تناقضات ايديولوجية. وبعيدا عن الغاضبين الذين قدموا استقالاتهم أو جمدوا عضويتهم، ف"الحرب" الدائرة رحاها مجرد مسرحية هزيلة، يراد منها الحفاظ على الكتلة الناخبة، عبر مواصلة أساليب التضليل والمظلومية ونظرية المؤامرة، وسعي المحبطين إلى انتزاع وعود بالاستوزار في المرحلة القادمة، أو استفادة المقربين من حصة الدواوين الوزارية.
فعن أي شرعية انتخابية يتحدثون، في وقت يتشبثون فيه بحزب لم يحصل سوى على 12 مقعدا، وتمتيعه بثلاث حقائب وزارية مهمة في الصحة والسكن والماء، بينما الحزب الحاصل على 20 مقعدا والذي أقاموا ضده الدنيا وأقعدوها، لم تمنح له إلا ثلاثة مناصب لا ترقى إلى مستوى وزارات؟ ألا يعتبر مثل هذا السلوك قمة في الانتقام؟ ثم كيف يريدون لحكومة يقودونها أن تكون قوية وتكمل ولايتها بسلام، في ظل هجمتهم الشرسة على أحد مكوناتها؟
اسماعيل الحلوتي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.