نشهد مدينة طنجة نهاية هذا الأسبوع مشهداً غير مألوف: جميع فنادقها مكتظة بالكامل، رغم غياب أي تظاهرات رياضية أو فنية أو سياحية كبرى. هذا الواقع يطرح تساؤلات جدية حول قدرة البنية التحتية الفندقية في المدينة على الاستجابة لحاجيات الزوار، خاصة مع اقتراب احتضان المغرب لبطولات رياضية عالمية مثل كأس إفريقيا للأمم وكأس العالم 2030. طنجة، المدينة التي لطالما شكلت نقطة التقاء بين إفريقيا وأوروبا، تشهد نمواً سياحياً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، بفضل مشاريع البنية التحتية الكبرى والموقع الجغرافي الاستراتيجي. ومع ذلك، فإن امتلاء الفنادق عن آخرها في فترة خالية من الفعاليات الكبرى يسلط الضوء على تحدٍ حقيقي: هل ستتمكن المدينة من استيعاب التدفقات السياحية الهائلة المتوقع أن ترافق هذه التظاهرات الرياضية؟ تُظهر الإحصائيات أن طنجة تتوفر حالياً على عدد لا بأس به من الفنادق المصنفة، إضافة إلى مشاريع فندقية جديدة قيد الإنجاز. إلا أن الطلب المتزايد، خاصة في فترات الذروة، يفوق أحياناً العرض المتاح، مما يدفع الزوار إلى البحث عن بدائل مثل الشقق المفروشة أو الإيواء غير النظامي، مع ما يحمله ذلك من مخاطر تتعلق بالجودة والسلامة. ويحذر خبراء القطاع السياحي من أن الاكتظاظ الحالي، رغم غياب ضغط الأحداث الكبرى، مؤشر على محدودية الطاقة الاستيعابية للمدينة. هذا يعني أن تنظيم فعاليات ضخمة ككأس إفريقيا أو كأس العالم، سيتطلب تعبئة جهود استثنائية ليس فقط على مستوى بناء فنادق جديدة، بل أيضاً في تحسين منظومة الإيواء البديل وضمان جودتها وفق المعايير الدولية. من جهة أخرى، يرى بعض الفاعلين أن هذا التحدي يمثل فرصة ذهبية للاستثمار في القطاع الفندقي، وتعزيز قدرات المدينة السياحية بشكل مستدام، بما يضمن استفادتها على المدى الطويل من البنية التحتية التي ستُنجز استعداداً للبطولات القادمة. إن طنجة اليوم ليست مجرد "مدينة عادية"، بل هي بوابة المغرب نحو العالم، وعاصمة اقتصادية وسياحية صاعدة، والاستعداد الجيد لتلبية حاجيات الزوار في التظاهرات الدولية المقبلة ليس رفاهية، بل ضرورة تفرضها المكانة المتقدمة التي باتت المدينة تحتلها على خارطة السياحة العالمية. في ظل هذه المعطيات، يبقى السؤال مفتوحاً: هل ستنجح طنجة في تحويل هذا التحدي إلى فرصة، أم أن ضغوط الإيواء ستلقي بظلالها على صورة المدينة خلال أهم المحطات الرياضية في تاريخها؟