في الوقت الذي شدّد فيه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، في خطاب عيد العرش الأخير، على أن التنمية الاقتصادية لا تساوي شيئًا إن لم تنعكس على تحسين عيش المواطنين، وعلى ضرورة تحقيق العدالة المجالية والاهتمام بالمناطق القروية التي تعاني من الفقر والهشاشة، اختار بعض المسؤولين في منطقة بني كرفط وبوهاني إقليمالعرائش أن يسلكوا طريقًا معاكسًا تمامًا! فبدل أن يبادروا إلى تحسين الخدمات الأساسية وتوفير الماء الشروب للساكنة، لجأوا إلى قطع الماء عن المواطنين الذين يواجهون العطش في عزّ موجة حرارة غير مسبوقة، حيث تعرف المنطقة ارتفاعًا مهولًا في درجات الحرارة، لتتحول حياة الساكنة إلى جحيم حقيقي. كيف يُعقل أن يُقطع الماء في وقت تتحدث فيه أعلى سلطة في البلاد عن الإنصاف المجالي وضمان العيش الكريم؟ كيف يجرؤ هؤلاء المسؤولون على تجاهل أبسط الحقوق الإنسانية في ظرفية مناخية قاتلة؟ إنها فضيحة بكل المقاييس، تكشف أن بعض المنتخبين والمسؤولين لا يترجمون الخطابات الملكية إلا بما يخدم مصالحهم الضيقة، غير آبهين بصرخات المواطنين ولا بحرارة الصيف الملتهبة التي تضاعف معاناة الناس. ما يحدث اليوم في بني كرفط وبوهاني ليس مجرد تقصير إداري عابر، بل هو استخفاف صريح بأرواح الناس وتحدٍ سافر لتوجيهات ملكية واضحة. إنها ليست أزمة ماء، بل أزمة ضمير، ولن ينتهي هذا العبث إلا عندما تتحرك الدولة بيد من حديد لمحاسبة كل من ساهم في هذه الجريمة الإنسانية."