أثار قرار منع تدخين الشيشا في عدد من المقاهي والفضاءات السياحية بمدينة مراكش موجة استياء واسعة في أوساط السياح الأجانب، الذين يعتبرونها جزءًا من ثقافة الترفيه في الوجهات السياحية العالمية. فالمدينة الحمراء، التي تصنف ضمن أكثر المدن استقطابًا للسياح على الصعيدين الإفريقي والعالمي، وجدت نفسها وسط نقاش محتدم بين مقتضيات القانون ومتطلبات السوق السياحية. صحيفة "المغرب 24" الإلكترونية التقت مجموعة من السياح الأجانب الذين عبّروا عن امتعاضهم من هذا الإجراء، مؤكدين أن تدخين الشيشا بالنسبة لهم ليس مجرد عادة، بل جزء من تجربة السفر. بعضهم ذهب أبعد من ذلك، معلنًا أنه سيعيد النظر في زيارة مراكش مستقبلاً، مفضلاً وجهات أخرى مثل دبي، إسطنبول، ماربيا، باريس أو لندن، حيث يسمح بتدخين الشيشا في أماكن مخصصة وبطرق منظمة. اليوم، لم يعد تدخين الشيشا مجرد نزوة شبابية أو عادة مقتصرة على بعض الفئات، بل تحول إلى ما يشبه "الموضة العالمية" التي تجتاح المقاهي والمنتجعات في كبريات المدن السياحية عبر العالم، وفي المغرب نفسه، تنتج شركات مرخّصة مادة "المعسل" بشكل قانوني، وتُباع في مكاتب التبغ المعتمدة، ما يطرح مفارقة لافتة، كيف يُسمح ببيعها بشكل قانوني بينما يُجرَّم استهلاكها في عدد من الفضاءات؟ الجدل حول منع الشيشا في عاصمة السياحة مراكش لا يأتي في توقيت عادي، بل قبل أشهر قليلة من احتضان المغرب لكبريات التظاهرات الرياضية، من قبيل كأس أمم إفريقيا كأس العالم 2030. وهو ما يدفع إلى طرح سؤال جوهري، هل هكذا سيتم استقبال الضيوف والسياح؟ خاصة أن تجربة الوجهات المنافسة تؤكد أن الحل ليس في المنع المطلق، بل في التقنين ووضع ضوابط صارمة تحافظ على الصحة العامة وتمنع التجاوزات دون الإضرار بجاذبية القطاع السياحي. أمام الواقع الحالي، يبرز خيار واحد كحل وسطي، وهو تقنين تدخين الشيشا. أي وضع إطار قانوني واضح يحدد الأماكن المسموح بها، مع إلزامية الشروط الصحية والأمنية، وتغليظ العقوبات على المخالفين. هذا التوجه، إذا اعتمد، سيجنب المغرب ومراكش نزيف السياح ويُجنب السلطات مواجهة صورة "مدينة بلا روح" في عيون زوارها. الشيشا، سواء أحببنا أم كرهنا، أصبحت اليوم "شرًا لا بد منه"، وواقعًا تفرضه السوق السياحية العالمية. والمنع التام قد يبدو حلاً سهلاً، لكنه في السياحة يساوي خسائر فادحة. مراكش، عاصمة السياحة المغربية، أمام اختبار حقيقي بين الالتزام بالقوانين وبين المحافظة على تنافسيتها في سوق عالمي لا يرحم.