في زمن تتصاعد فيه أصوات الشباب المغربي في الشارع وفي الفضاء الرقمي، لم يعد مقبولا أن يتم التعامل معها بمنطق التجاهل أو الخوف، لأن هذه الأصوات ليست تهديدا كما يحاول البعض تصويرها، بل هي نداء صادق من أجل العدالة الاجتماعية والكرامة والمساواة. شباب هذا الوطن، خصوصا فئة جيل GenZ، لم يعودوا صامتين، بل يصرخون بحناجرهم ليطالبوا بحقوق مشروعة وواقعية تفرض نفسها على كل مسؤول يتغافل عنها. في حين يؤكد محمد المهدي بنسعيد، وزير الشباب والثقافة والتواصل وعضو القيادة الجماعية لحزب الأصالة والمعاصرة، أن الحزب يرفض تجاهل أو تخويف الشباب من مطالبهم، فإن ذلك اعتراف صريح بأن هذه الفئة لم تعد تقبل بالوعود الفارغة والخطابات المكررة، بل تريد مشاريع ملموسة ومبادرات حقيقية تخدم الوطن وتغير واقعها المرير. لكن ما يثير السخرية أن المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي، الذي يعد مؤسسة دستورية نص عليها دستور المملكة لسنة 2011 وكرس وجودها القانون رقم 88.15، مازال إلى حدود اليوم معطلا ولم يفعل بعد، رغم أنه كان يفترض أن يشكل المنصة الرسمية الأولى لاحتضان أصوات الشباب وتوجيه طاقتهم نحو خدمة الوطن. وفي السياق ذاته فإن المسؤولية الحقيقية ليست في إطلاق الخطابات الرنانة من فوق المنابر، وإنما في تفعيل المؤسسات الدستورية التي وجدت خصيصا من أجل الشباب. وأي محاولة للتقليل من قيمة هذه الأصوات أو التعامل معها كحالة عابرة، لن تزيد إلا في اتساع الفجوة بين الشارع والسلطة. شباب المغرب اليوم أوصلوا الرسالة بوضوح: إما أن يتم الإصغاء لهم وتحويل مطالبهم إلى واقع ملموس عبر مؤسسات فاعلة، أو أن صوتهم سيبقى يزلزل كل من يصر على دفن رأسه في الرمال.