أكد محمد الغالي أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري، أن أهمية إصلاح النصوص ترتبط بثقافة الأحزاب السياسية وطريقة تدبيرها على مستوى الأعراف والتقاليد، وأضاف الغالي رئيس شعبة القانون العام بكلية الحقوق بجامعة القاضي عياض بمراكش في لقاء مع "الصحراء المغربية" أن مشكل التمثيلية على مستوى النوع كرسته الأحزاب السياسية من خلال المنطق الذكوري الذي يتحكم في هياكلها التسييرية. وأشار الغالي الى أن اعتماد الدوائر الجهوية بدل الدائرة الوطنية في تفعيل عامل الكوطا لفائدة النساء خطوة جد متقدمة في سبيل إقرار تمثيلية عادلة تتجاوز منطق التحكم للمركز وتعزز توجهات الجهوية المتقدمة، كما تشكل فرصة لاقرار مزيد من الشفافية على مستوى كيفية اعتماد المترشحات، وفيما يلي نص الحوار :
1 - صادق المجلس الوزاري على أربعة مشاريع قوانين تنظيمية مؤطرة للانتخابات المقبلة، فما هي قراءتكم لهذه المشاريع؟ وهل من شان هذه المشاريع استحضار الآليات الكفيلة بتخليق العمليات الانتخابية وضمان إنخراط المواطنين بكثافة في إنجاح هذه الاستحقاقات؟ تأتي مشاريع هاته القوانين التنظيمية التي تؤطر كلها مسلسل انتاج النخب السياسية، في سياق تفعيل مقتضيات دستور 2011 المتعلقة بتحقيق حكامة مختلف المؤسسات الدستورية التمثيلية (البرلمان والجماعات الترابية) بهدف تحقيق الجودة على مستوى الأداء المؤسساتي، و في ما يعزز انتاج النخب السياسية الكفأة والملتزمة والقادرة على أن تكون في مستوى التحديات المطروحة.
2 - هل تستجيب هذه المشاريع لانتظارات الشعب المغربي في الرقي بمستوى أداء الأحزاب التي أصبحت غير قادرة على استمالة فئة عريضة من الشباب؟ مسألة الإصلاح مهمة إن كانت شاملة وتتعلق بمتغيرات من مستويات متعددة، لذلك ارى بأن الإصلاح في مستواه القانوني يبقى شرطا مهما لكنه غير كاف على اعتبار أن الترسانة القانونية المتوفرة حتى الآن لم تستنفذ بعد صلاحية مضمونها حتى يمكن إرجاع سبب الأزمة إليها. وعليه أقول بأن أهمية إصلاح النصوص ترتبط أشد الارتباط بثقافة الأحزاب السياسية وطريقة تدبيرها على مستوى الأعراف والتقاليد ومختلف التراكمات الايجابية التي ترتكمها. فمشكل التمثيلية على مستوى النوع كرسته الأحزاب السياسية من خلال المنطق الذكوري الذي يتحكم في هياكلها التسييرية، كما أن عامل التمويل عكس عجزا كبيرا لدى الأحزاب السياسية وارتهانا لها بيد من له القدرة على تعبئة المال في إدارة الحملات الانتخابية، وهو ما كرس عجزا بينا على مستوى استقلالية الأحزاب السياسية في منح التزكيات إلى من يترشح باسمها في الانتخابات العامة، حيث سحل تواري معايير الكفاءة والشفافية والنزاهة أمام معيار القدرة على التمويل الذاتي للحملات الانتخابية.. 3 - تعتبر التمثيلية النسائية حجر الزاوية لإرساء قواعد ديمقراطية تشاركية تساهم في تعزيز التنمية التي تعرفها المملكة، من هذا المنطلق حرص المجلس الوزاري على إقرار آلية لضمان التمثيلية النسوية في مجالس العمالات، كيف تفسرون هذا الأمر وهل يمكن اعتبارها خطوة لتعزيز البعد الجهوي؟ تعتبر خطوة اعتماد الدوائر الجهوية بدل الدائرة الوطنية في تفعيل عامل الكوطا لفائدة النساء خطوة جد متقدمة في سبيل إقرار تمثيلية عادلة تتجاوز منطق التحكم للمركز وتعزز من ناحية توجهات الجهوية المتقدمة وخاصة عامل إنتاج النخب القادرة على تمثيل الساكنة تمثيلية صحيحة على مستوى مؤسسة البرلمان. كما أن اعتماد اللوائح الجهوية بدل اللائحة الوطنية بشكل فرصة لإقرار مزيد من الشفافية على مستوى كيفية اعتماد المترشحات، وكذلك إعطاء الفرصة للتنافس الشريف والنزيه الذي ينطلق من القاعدة على أياس تثمين النخب الجهوية. كما أن هذا التوجه فيه تجاوب صريح مع الخطب الملكية التي كانت تؤكد على ضرورة اعتماد قواعد الشفافية في اختيار النخب الجهوية النسائية بذل تغليب منطق الولاءات المركزية والزبونية..
4- تضمنت المشاريع ايضا، الرفع من مبلغ الدعم العمومي الممنوح للأحزاب لتحفيزها على تجديد أساليب عملها للرفع من مستوى الأداء الحزبي، هل في نظركم هذا الإجراء قادر على ضخ نفس جديد والرفع من جودة التشريعات والرقي بالسياسات العمومية؟ يعتبر هذا التعديل أساسيا من اجل مساعدة الأحزاب السياسية على تحقيق مناعة ستساعدها في التحرر من ضغط المصروفات الانتخابية المرتفعة. ولكن هذا كله مرتبط بدرجة الشفافية والنزاهة داخل الأحزاب نفسها فيما يتعلق بتدبيرها المالي الداخلي وكذلك بقواعد وشروط الديمقراطية الداخلية. لنصل تقريبا إلى نفس الخلاصات التي تعتبر بأن الإصلاح القانوني مرتبط بالإصلاح السياسي من الداخل والخارج.
5 - كيف تفسرون تخصيص جزء من هذا الدعم العمومي للكفاءات التي توظفها الأحزاب في مجالات التفكير والتحليل والابتكار؟ هذا إجراء يساعد على تمكين الأحزاب السياسية من الاستثمار في المعرفة التي تساعدها على إنتاج نخب حزبية مؤهلة معرفيا لإدارة وتدبير الشأن العام. حيث لوحظ بأن الأحزاب السياسية أمام تحديات كبرى في أداء واجباتها الدستورية من خلال مقتضيات الفصل السابع من الدستور المتمثلة في التأطير والتكوين وإنتاج النخب الكفأة والقادرة على تحمل مسؤولياتها التقنية والسياسية. فاغلب تقارير مختلف المؤسسات الدستورية الوطنية وحتى تقارير مجموعة من المنظمات الدولية وقفت عند هذا العائق البنيوي في تركيبة الأحزاب والمتمثل في الضعف البين على مستوى الكفاءات وإعادة تأهيلها حسب متطلبات كل استحقاق دستوري، خصوصا وأن تركيبة مجموعة من المؤسسات الدستورية خصص جزء مهم منها لتمثيلية الأحزاب السياسية..