تشهد مواقع التواصل الاجتماعي في المغرب، من فيسبوك إلى تيك توك وواتساب، موجة متصاعدة من الدعوات إلى تنظيم وقفات احتجاجية أمام المستشفيات والمستوصفات في مختلف المدن والقرى، تنديداً بتردي الخدمات الصحية العمومية، في ما يمكن وصفه ب"ثورة المستشفيات". وتأتي هذه الدعوات بعد أسبوع من احتجاجات غير مسبوقة شهدها محيط المستشفى الجهوي بأكادير، حيث خرج مئات المواطنين من مختلف الأعمار والفئات الاجتماعية، مطالبين ب"الحق في العلاج بكرامة"، ورافعين شعارات غاضبة ضد تردي الخدمات ونقص الأطر الطبية. وقد دفعت هذه المظاهرات وزير الصحة، خالد التهراوي، إلى الانتقال بشكل عاجل إلى المدينة، حيث أعلن إعفاء عدد من كبار المسؤولين المحليين في القطاع.
غير أن ما جرى في أكادير سرعان ما تحول إلى شرارة امتدت إلى مناطق أخرى، حيث بادر سكان مدن وبلدات متعددة إلى الدعوة عبر المنصات الرقمية إلى تنظيم احتجاجات مماثلة. وقد سارعت السلطات إلى إصدار قرارات منع مسبقة في محاولة لاحتواء الوضع، كما هو الحال في مدينتي تزنيت وطاطا، حيث نصت قرارات العاملين المحليين على حظر أي تجمعات "غير مرخصة" أمام المؤسسات الصحية. وتحت ضغط الرأي العام، اختار وزير الصحة القيام بجولات ميدانية إلى مستشفيات جهوية لمعاينة الأوضاع بنفسه، في خطوة اعتبرت محاولة استباقية لمنع تمدد "نار الغضب". وتشير مصادر رسمية إلى أن وجهته المقبلة ستكون المركز الاستشفائي الجامعي بفاس، حيث لا يُستبعد أن تواجه زيارته باحتجاجات شعبية جديدة. ويأتي هذا الحراك في سياق أزمة بنيوية يعرفها القطاع الصحي المغربي منذ سنوات، إذ يعاني من نقص حاد في الأطر الطبية والتمريضية. فبحسب أرقام وزارة الصحة، لا يتجاوز معدل الأطباء 1.7 طبيب لكل ألف نسمة، وهو أقل بكثير من المعيار الذي توصي به منظمة الصحة العالمية والمحدد في 4.45 مهني صحي (أطباء وممرضون) لكل ألف نسمة. كما يشتكي المواطنون من طول فترات الانتظار وضعف التجهيزات في المستشفيات العمومية، ومن غلاء أسعار العلاج وارتفاع تكلفة العلاج حتى داخل المستشفيات العمومية، رغم أن موازنة 2025 خصصت ما يقارب 28 مليار درهم للقطاع الصحي، أي بزيادة طفيفة مقارنة بالسنوات السابقة. وتشير تقارير إلى أن تردي الوضع الصحي يرتبط أيضاً بتنامي خصخصة القطاع وسيطرة مجموعات استثمارية كبرى على الخدمات الطبية، ما جعل الفئات الفقيرة والوسطى الأكثر تضرراً، ما يدفع إلى الخشية من أن تتحول "ثورة المستشفيات" إلى حركة احتجاج اجتماعي أوسع يصعب على السلطات احتواؤها، في وقت تتزايد فيه المطالب بتحقيق عدالة صحية وضمان الحق في العلاج لجميع المواطنين.