11 قتيلا في هجوم مسلح داخل فندق بجنوب إفريقيا    الأردن يهزم الكويت ويبلغ ربع نهائي كأس العرب    الفرقة الوطنية تحقق في فيديو يتضمن تهديداً للزفزافي    يوسف العمراني .. القرار 2797 يكرس محورية ووجاهة مخطط الحكم الذاتي كحل نهائي    المغرب ضمن ثلاث دول تتصدر طاقة الرياح في إفريقيا    منطقة مهمَّشة تتحول لقطب استثماري.. بمليارات الدراهم زيدان يكشف إعادة رسم مستقبل درعة تافيلالت    فتاح تؤكد البعد الاستراتيجي للشراكة الاقتصادية المغربية-الإسبانية    بايتاس يهاجم صنّاع الفرجة السياسية ويستعرض حصيلة الحكومة    ديكتاتور بلا مونتاج .. تسجيل غير صالح للبث    هيئات الصحافة والنشر تهاجم الوزير بنسعيد وتصف تصريحاته بالفضيحة    محللون ومدربون اسكتلنديون يقولون: "المغرب هو المنتخب الوحيد.. الذي لم تكن اسكتلندا ترغب في مواجهته إطلاقا"    في وقفات احتجاجية جهوية.. الممرضون يحتجون للمطالبة بتنفيذ اتفاق يوليوز 2024 وتحسين أوضاعهم المهنية    4 قتلى و8 جرحى في حادث مروع بعد اصطدام شاحنة ببنايتين وسط الفنيدق    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    طنجة.. توقيف شخص هدد رجال السلطة بسلاح أبيض وعُثر بحوزته على "قذيفة وهمية" وغاز مسيل للدموع (صور)    قدمت من طنجة.. ضبط أكثر من طنين من الحشيش على متن شاحنات بميناء الجزيرة الخضراء        العمراني: مجلس جهة الشمال عقد دورة استثنائية صادق فيها على مشاريع واتفاقيات ذات بعد استراتيجي    توقيع ثلاث اتفاقيات لتطوير البنيات التحتية اللوجستية والتجارية بجهة الداخلة–وادي الذهب    القصر الكبير : الإعلامي "إبراهيم بنطالب" يُوَجِّهُ رسالة مستعجلة الى السيد باشا المدينة بتدخل بشأن وضعية دار الثقافة    بيبي ميل: المدرب الجديد لاتحاد طنجة لكرة القدم "مقتنع بمشروع اتحاد طنجة"    جمعيات حماية المستهلك تثمن تحرك مجلس المنافسة ضد التلاعب بالأعلاف    لقجع يستقبل دياغنا نداي بالمعمورة        مصر تدعو إلى نشر قوة دولية بغزة    ستون صورة ومغرب واحد نابض بالعاطفة.. افتتاح استثنائي يكرّس المغرب في ذاكرة الصورة    ريتشارد يحتفي بإطلاق نيالا ويستعد لتمثيل سوريا في الدوحة    لجنة تحكيم ثلاثية دولية لاختيار أفضل عرض سيرك لسنة 2025 بالدورة 7 للمهرجان الدولي لفنون السيرك بخريبكة    الجزائر تستعمل لغة غير لائقة في مراسلاتها الدولية وتكشف تدهور خطابها السياسي    وزير الصحة يجدد في طوكيو التزام المغرب بالتغطية الصحية الشاملة    أخنوش من الرشيدية: من يروج أننا لا ننصت للناس لا يبحث إلا عن السلطة    أخنوش: ضخ استثمارات غير مسبوقة في درعة تافيلالت ل7 قطاعات حيوية وخلق آلاف مناصب الشغل    الركراكي: حكيمي يبذل جهداً كبيراً للحاق بالمباراة الأولى في "كان 2025"    أخنوش بميدلت لتأكيد سياسة القرب: مستمرون في الإنصات للمواطن وتنزيل الإنجازات الملموسة    أنشيلوتي: مواجهة المغرب هي الأصعب في مجموعتنا في كأس العالم 2026    كأس العالم 2026.. الجزائر تترقب الثأر أمام النمسا    لماذا يُعتبر المغرب خصماً قوياً لمنتخب اسكتلندا؟    مشعل: نرفض الوصاية على فلسطين    ملاحقات في إيران إثر مشاركة نساء بلا حجاب في ماراثون    سطات .. انطلاق فعاليات الدورة 18 للملتقى الوطني للفنون التشكيلية نوافذ    المهرجان الدولي للفيلم بمراكش.. تكريم حار للمخرج المكسيكي غييرمو ديل تورو    تزنيت : دار إيليغ تستعد لاحتضان ندوة علمية حول موضوع " إسمكان إيليغ بين الامتداد الإفريقي وتشكل الهوية المحلية "    العنف النفسي في المقدمة.. 29 ألف حالة مسجلة ضد النساء بالمغرب    مرصد مغربي يندد بتمييز زبائن محليين لصالح سياح أجانب ويدعو لتحقيق عاجل    سوس ماسة تطلق برنامجاً ب10 ملايين درهم لدعم الإيواء القروي بمنح تصل إلى 400 ألف درهم لكل منشأة    تحذير من "أجهزة للسكري" بالمغرب    الكلاب الضالة تهدد المواطنين .. أكثر من 100 ألف إصابة و33 وفاة بالسعار        قبل انطلاق كان 2025 .. الصحة تعتمد آلية وطنية لتعزيز التغطية الصحية    الاجتماع رفيع المستوى المغرب–إسبانيا.. تجسيد جديد لمتانة الشراكة الثنائية (منتدى)    "أمريكا أولا"… ترامب يعلن استراتيجية تركز على تعزيز الهيمنة في أمريكا اللاتينية وتحول عن التركيز عن آسيا    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    مونديال 2026.. أنظار العالم تتجه نحو واشنطن لمتابعة عملية سحب القرعة    دراسة: الرياضة تخفف أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه    تحديد فترة التسجيل الإلكتروني لموسم حج 1448ه    الأوقاف تكشف عن آجال التسجيل الإلكتروني لموسم الحج 1448ه    موسم حج 1448ه.. تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    موسم حج 1448ه... تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد الفاسي.. رسام في وزارات المعارف والتهذيب والفنون الجميلة
غابت وزارة الثقافة عن الحكومات ولم تحضر إلا في عام 1968
نشر في المساء يوم 16 - 11 - 2010

بوحي منه، أو بمبادرة من محيط الملك الراحل محمد الخامس، سيطلق على أول وزارة أسندت إلى عالم التراث والباحث في كنوز فن الملحون
وعاشق الأدب الأندلسي محمد الفاسي، اسم وزارة العلوم والمعارف والفنون الجميلة. وتكمن أهمية هذا الاختيار في كونه جمع بين نظام التعليم وعالم الف+ن والإبداع وهواجس الحفاظ على التراث.
لم يكن اختيار محمد الفاسي، الذي كان من بين الموقعين على عريضة المطالبة بالاستقلال في الحادي عشر من يناير 1944 عفويا، فالرجل الذي سجل ضمن قائمة أول من حاز على شهادة الباكالوريا ضمن طلاب جيله، كان نموذج المثقف العارف بأسرار الإبداع والملم بالتراث، إضافة إلى انفتاحه على الثقافة الأجنبية، خصوصا الفرنسية، مما أهله لأن يكون أستاذ كرسي بامتياز، وأحد أعضاء مجلس اليونسكو البارزين، في وقت كان لا ينتزع فيه الاعتراف بالأهلية الفكرية والإبداعية إلا لمن أبانوا عن كفاءات عالية، فقد كان بحق موسوعة معرفة لا تحد ضفافها.
في الحكومة الأولى لرئيس الوزراء مبارك البكاي، كان هناك خليفة للرئيس وأربعة وزراء دولة، في سياق توازنات سياسية دقيقة، تراعي متطلبات بناء الاستقلال، التي اكتنفها لاحقا المزيد من الصراعات والصعوبات. غير أن إطلاق الأسماء على الوزارات سيكون متأثرا بمفاهيم ومصطلحات تقليدية، ومن ذلك أن وزارة الشؤون الإسلامية كانت تنعت بوزارة الأحباس، وأسندت إلى العلامة محمد المختار السوسي. والظاهر أن أبحاثه العميقة لم يكن يضاهيها سوى الجهود التي بذلها العالم محمد الفاسي في التنقيب عن التراث وحفظ فن الملحون، لذلك فإن وزارته ستكون مزيجا بين قطاعات التعليم وفنون الإبداع، قبل أن يتم التفريق بين اختصاصاتها.
ضمت حكومة البكاي الأولى حقيبتين في كتابة الدولة، إحداهما سيشغلها عبد الله إبراهيم بصفته ملحقا برئاسة الوزراء في قطاع الإعلام، والثانية ستسند إلى أحمد بن سودة كاتب الدولة في الشبيبة والرياضة، لكن مسارهما سيختلف، إذ سيصبح عبد الله إبراهيم رئيس حكومة وينشغل أحمد بن سودة بعالم الإذاعة، إلى أن يستقر به المطاف مستشارا في الديوان الملكي.
في الحكومة الثانية لمبارك البكاي، التي تشكلت في أواخر أكتوبر 1956، سيعين محمد الفاسي وزيرا للتهذيب الوطني، في ضوء استمرار تأثير مفاهيم شرقية من قبيل المعارف والتهذيب. فقد عرف عن الرجل أنه كان وراء جلب كفاءات مصرية للتدريس في المعاهد المغربية، ولم تكن الكتب المدرسية تخلو من توقيعه، إلى جانب باحثين في شؤون التربية والتعليم ومناهج التدريس.
ومع أنه كان حريصا على التمسك بالهوية المغربية في التقاليد والتراث وصيانة الموروث الحضاري، إلى درجة أن جلبابه لم يفارقه حتى حين كان يقيم في باريس ويحاور الشخصيات الأوربية في عالم الفكر والثقافة، فإن التأثير المشرقي في قطاع التعليم كان واضحا في المراحل الأولى لاستقلال البلاد، خصوصا من طرف المدرسين المصريين ثم العراقيين والسوريين.
الأرجح أن الوزير محمد الفاسي كان يسعى إلى الجمع بين محاسن الانفتاح والحفاظ على الهوية، لولا أن تورط المصريين، تحديدا، في دعم الجزائر في حربها العدوانية ضد المغرب في خريف 1963، سيضع حدا لنفوذ المشارقة في المدرسة المغربية، التي كانت المواد العلمية، خصوصا الرياضيات والفيزياء والكيمياء والطبيعيات، تدرس فيها باللغة العربية.
كان قد تعاقب على وزارة التهذيب التي تحولت إلى وزارة التربية الوطنية وزراء آخرون، في مقدمتهم الحاج عمر بن عبد الجليل، الذي سيقترن اسمه لاحقا بالبنك الشعبي، والحاج عبد الكريم بنجلون، ووزير الدولة محمد رشيد ملين من الأحرار المستقلين، الذي ألف كتابا شهيرا عن الملك محمد الخامس، خص جزءا منه للحديث عن عملاء الاستعمار الفرنسي في البلاد، ثم يوسف بلعباس، الذي ارتبط اسمه بأزمة القطاع في ستينيات القرن الماضي، إلا أنه في عام 1968 سيعود محمد الفاسي إلى منصبه في قطاع التعليم، وهذه المرة بصفته وزير دولة مكلفا بالشؤون الثقافية والتعليم الأصيل، وهو الفرع الذي أحدث في ظل تقسيم نظام التعليم إلى ما هو عصري وما هو أصيل، بعد أن وزع القطاع إلى وزارات عدة تعنى بالتعليم الابتدائي، وأخرى بالتعليم الجامعي، وثالثة بالتعليم الثانوي والتقني أسندت على التوالي إلى كل من محمد حدو الشيكر وعبد اللطيف الفيلالي وقاسم الزهيري.
لكن مفهوم التعليم الأصيل سيرتبط بتزايد دعوات للحفاظ على المعاهد التقليدية، خصوصا جامعة القرويين، أقدم جامعة في العالم. وستطرح في الوقت ذاته فكرة إقامة المزيد من الكتاتيب القرآنية المختصة في تعليم الأطفال حفظ القرآن، وإيلاء عناية لخريجي مدارس الشريعة، التي كان الراحل علال الفاسي من أبرز روادها في تلقين علوم الفقه وأصول الدين.
سيكون لمحمد الفاسي الدور الأهم في تأسيس جامعة محمد الخامس، التي كان يتردد عليها باحثا ومدرسا، دون أن يحجب عن ذلك صورة الانفتاح على علوم العصر. وعلى الرغم من أن ميوله السياسية كانت تلتقي عند التشبع بأفكار حزب الاستقلال، فإنه ندر حياته وتجربته للفكر والإبداع، أكثر مما اهتم بالتعاطي مع السياسة.
المثير للتساؤل أنه إلى حدود صيف 1968 غابت الثقافة كقطاع حيوي في تشكيلات الحكومات المتعاقبة، كانت بعض مهامها موزعة بين الإعلام والفنون الجميلة، وأخرى بين ثنايا التربية والتهذيب، وجزء آخر في إطار الصناعة التقليدية. كانت الموسيقى والتمثيل حكرا على الإذاعة والتلفزيون، وكان المسرح يدار بإشراف الشبيبة والرياضة، خصوصا عبر تجربة فرقة «المعمورة» الرائدة واجتهادات مسرح الهواة، بينما كان فن التشكيل وصيانة المآثر التاريخية والمتاحف ضمن اختصاصات الفنون الجميلة.
منذ عام 1968، سيتم الإعلان عن الثقافة كقطاع حكومي مثل باقي المرافق، غير أن إسنادها إلى الوزير محمد الفاسي ارتبط بترقيته وزير دولة، وكلف في غضون ذلك بالشؤون الثقافية والتعليم الأصيل، ثم انتقلت المهمة إلى وزير آخر اسمه الدكتور الحبيب الفهري، الذي جمع بين الثقافة والتعليم الأصلي والثانوي والعالي، قبل أن يعاد إلى ربط الثقافة بالأوقاف والشؤون الإسلامية، على عهد الشيخ محمد المكي الناصري في حكومة نوفمبر 1972، برئاسة أحمد عصمان، وسيغيب القطاع بعد ذلك في ظل إسناد وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية إلى الداي ولد سيدي بابا، ثم يظهر من جديد في أكتوبر1977، عندما أسندت إلى وزير الدولة الحاج محمد ابا حنيني. ومن وقتها تعاقب على الثقافة وزراء مثل سعيد بلبشير ومحمد بن عيسى وعبد الله أزماني وعلال سيناصر وآخرين.
ليس دائما كان الاختيار يقع على رجالات محسوبين على الثقافة لإدارة هذا القطاع، فقد سبق لوزير سابق في الأشغال العمومية، هو أحمد العسكي، أن شغل منصب وزير الثقافة والتعليم العالي والثانوي وتكوين الأطر، كما عين عبد الله أزماني القادم من غرفة التجارة والصناعة وزيرا للثقافة، إلا أن الفقهاء وحدهم تركوا بصماتهم على القطاع في فترة معينة، أمثال محمد الفاسي ومحمد ابا حنيني والمكي الناصري. وبالقدر الذي شكل تعيين محمد بنعيسى استثناء عن تلك القاعدة، أعاد علال سيناصر للوزارة طابع النفوذ الأكاديمي، قبل أن يرقى إلى درجة مستشار.
لكن محمد الفاسي سيظل في توقيت توليه المسؤولية، وفي ضوء تشعب اهتماماته الفكرية والأدبية والفنية، يظل أول من وضع الأسس الأولى للبناء الثقافي على الصعيد الحكومي، وإن كان، وهو الذي مثل في كثير من المسرحيات، إبان شبابه، لم يفلح في إقرار القانون المنظم للفرقة الوطنية لمسرح محمد الخامس، فقد احتاج الأمر إلى سنوات لم تخل من تنازع الاختصاصات بين الشبيبة والرياضة والثقافة والتعليم لبلورة تصور إداري في هذا المجال، وإن عرف عن العلامة الفاسي أنه كان يحضر العروض المسرحية ويتابع المعارض ويطرب لفن الملحون ويغويه الزجل الشعبي، ولو أن بعض وزراء السياحة فرضوا رؤية أخرى حول الفنون الجميلة، حين ربطوا بين الفنون الشعبية وإنعاش سياحة الفرجة.
روى أعضاء في اتحاد كتاب المغرب أن مقره في زنقة سوسة في الرباط كان يضم لوحات بريشة محمد الفاسي، ومن بينها لوحات قدمها إلى الاتحاد كهدايا ذيلت بتوقيع يعرض إلى تاريخ إنجازها، ومن ذلك إحدى اللوحات التي كتب أنها رسمت على متن الطائرة التي أقلت الوزير الفاسي من سان باولو إلى باريس. غير أن بعض الحكايات في هذا الباب تذهب إلى أن الوزير الراحل غضب يوما، وقد كان يتصفح الدفتر الذهبي لمعرض تشكيلي أقامه في باب الرواح، ووجد أنه يضم بضع كلمات «نابية» حول رسوماته وضع عليها توقيع أحد رجالات المسرح.
بعد التدقيق في القضية، تبين أن رجل مسرح آخر ربما كان وراء كتابة تلك الكلمات بغرض التسلية واستعداء الوزير على رفيقه في الخشبة، إلا أن ذلك لم يثن الفاسي عن مواصلة إبداعاته في فن الرسم، كما كان شغوفا بجمع الأمثلة الشعبية ورباعيات التراث الشعبي والانكباب على استنباط جوهر الإبداع في فن الملحون، الذي دونه على امتداد عقود وأعوام، شارحا ومفسرا ومنظرا لهذا الصنف من التعبير الشفوي الرائع.
ستتناسل حكايات أخرى في إطار «سياسة الغنائم»، التي تم من خلالها إهدار معالم كثيرة لرموز الثقافة المغربية، إذ تعرضت مآثر وكنوز للتبديد، غير أن الوزير محمد الفاسي سيتنبه إلى حماية المخطوطات والوثائق، عبر إقرار جوائز لتشجيع البحث عنها والحفاظ عليها وصيانتها من الضياع.
أسرة الفاسي بدورها لن تكون بعيدة عن ظاهرة التوريث في المناصب الحكومية، غير أن المهندس سعيد الفاسي المنتمي إلى الاتحاد الدستوري لن يحط الرحال في بهو وزارة الثقافة في شارع غاندي إلى جوار مسرح محمد الخامس في الرباط، وإنما ستسند إليه مهمة وزارة الإسكان في حكومة ما بعد فشل مفاوضات التناوب لعام 1994. ففي فبراير 1995 جرى تعيين الدكتور عبد اللطيف الفيلالي وزيرا أول ووزيرا للخارجية. وتشكلت حكومته من أحزاب الوفاق، أي الاتحاد الدستوري والحركة الشعبية والحزب الوطني الديمقراطي، إضافة إلى عدد من الشخصيات المستقلة.
انتقلت وزارة الثقافة إلى عبد الله أزماني، والعدل إلى الدكتور عبد الرحمان أمالو، والسياحة إلى محمد العلوي المحمدي، فيما عين الطيب الفاسي الفهري كاتب دولة في الشؤون الخارجية. وبرزت أسماء مثل محمد حاما ومحمد العلمي وعبد السلام بروال وأمين الدمناتي وإدريس خليل والأمين بنعمر وعبد العزيز المسيوي ولحسن غابوس وغيرهم . ولم يكن سعيد الفاسي في مثل جسارة الوالد، فقد تغيرت أشياء كثيرة في المغرب. غابت وجوه وجاءت أخرى، لكن فن الملحون زاد إشعاعا.
وفي مسرح محمد الخامس بالذات، جاء شبان من الحي المحمدي ومراكش، كانوا يحملون بطاقات هوية اسمها «ناس الغيوان» و«جيل جيلالة» أعادوا لفن الملحون وهجه وتجلياته .كما فعل من قبلهم الطيب الصديقي الشيء الكثير لهذا الفن الأصيل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.