نحو طيّ نهائي لملف الصحراء المغربية.. 6 نونبر: هل يحمل البشرى؟    المغرب يحقق المعادلة الصعبة: تكلفة إنتاج السيارات الأقل عالميًا ب106 دولارات فقط للعامل الواحد    صفقة القرن الدفاعية: الولايات المتحدة والسعودية توقعان أكبر اتفاقية تسليح في التاريخ بقيمة 142 مليار دولار    فرنسا تعلن أنها "ستطرد" دبلوماسيين جزائريين ردا على طرد عدد من موظفيها    توقعات أحوال الطقس لليوم الأربعاء    المغرب في تصنيف التنمية البشرية لعام 2023: نقطة جيدة وانتظارات قوية    خوسيه موخيكا.. وفاة أفقر رئيس فى العالم عن عمر 89 عاما    الأغلبية تمرر مشروع قانون المسطرة الجنائية داخل لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب    كسوة الكعبة المشرفة ترفع 3 أمتار    الأمم المتحدة تدعو مجلس الأمن إلى التحرك "لمنع وقوع إبادة" في غزة    حادث سير مروّع بطنجة يخلف قتيلاً وثلاثة مصابين أحدهم في حالة حرجة (صور)    تمرير مشروع قانون المسطرة الجنائية    عندما تتحول القرارات السياسية من حسابات باردة إلى مشاعر مُلتهبة    السكوري: الحكومة تتطلع إلى مواصلة تحسين مؤشرات التشغيل لخفض البطالة إلى مستويات معقولة خلال السنة الجارية    بنعلي: الطاقة المركبة من مصادر متجددة تسجل ارتفاعا فاق 5 في المائة بين 2021 و2025    أجواء ربيعية غير مستقرة بالمغرب.. زخات رعدية وبَرَد وانخفاض في درجات الحرارة بعدد من المناطق    صحيفة فرنسية: المغرب يحصد ثمار إرادة سياسية قوية لدعم بيئة الشركات الناشئة    الداخلة تستقبل السفير الهنغاري: آفاق جديدة للتعاون والاستثمار بين المغرب وهنغاريا    ترامب: السعودية ستنضم إلى الاتفاقيات الإبراهيمية "في الوقت المناسب"    مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع قانون يتعلق بجبايات الجماعات الترابية    حريق مهول قرب مصنع للعجلات المطاطية بمنطقة "طنجة تيك" واستنفار واسع للسلطات    تفكيك شبكة دولية لتهريب المخدرات وغسل الأموال بين المغرب وإسبانيا.. توقيف 15 شخصاً ومصادرة ممتلكات بالملايين    بميناء الناظور.. جهاز السكانير يفضح محاولة تهريب 13.980 قرصاً من أخطر المؤثرات العقلية    فضيحة اختطاف معارض في فرنسا تهز النظام الجزائري: خمسة موقوفين وتحقيقات تصل إلى تبون    مَأْزِقُ الإِسْلاَمِ السِّيَاسِي    نادية فتاح: حجم الدعم المخصص للمواد الأساسية تجاوز 100 مليار درهم خلال الفترة ما بين 2022 و2025    بورصة البيضاء تنهي التداول بالأخضر    الشعب المغربي يحتفل بالذكرى ال69 لتأسيس القوات المسلحة الملكية    الركراكي: حكيمي قائد حقيقي ومرشح للكرة الذهبية    المجلس الوزاري: حول الأسماء والأشياء!    محمد وهبي يؤكد أن شبان المغرب قادرون على تحقيق أشياء عظيمة    نشرة إنذارية: زخات رعدية قوية مصحوبة محليا بتساقط للبرد بعدد من مناطق المملكة    الاستقلال يدعو لفتيت إلى تسريع مراجعة القوانين الانتخابية استعدادًا للاستحقاقات المقبلة    حكم جديد.. 3 ملايين ونصف تعويضاً لسيدة عضها كلب    أزمة دواء اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه في المغرب.. يفاقم معاناة الأسر في صمت    الصين تعزز شراكتها مع أمريكا اللاتينية بخمس مبادرات تنموية وإنسانية جديدة    صافرة رومانية تضبط نهائي دوري أبطال أوروبا    دراسة من هارفارد: شرب الماء الكافي يعزز التركيز الذهني ويقلل التعب والإرهاق    في برنامج "مدارات" : لقاء مع الباحث الأستاذ أحمد متفكر ، وحديث حول سيرة محمد ابن الموقت المراكشي    أسعار ‬الأسماك ‬في ‬ارتفاع ‬متواصل ‬وسمك ‬الفقراء ‬بات ‬نادرا ‬في ‬الأسواق    اللجنة الوطنية الأولمبية المغربية.. انتخاب سفيان البقالي رئيسا للجنة الرياضيين    انطلاق أشغال الدورة التكوينية للحصول على رخصة التدريب المستوى الثاني لكرة القدم الشاطئية    مراكش ومدن مغربية أخرى تحتفي بموسيقى موزارت لتوحيد المواهب المتوسطية    غزة تحاصر كان.. 380 فنانًا يتهمون إسرائيل بالإبادة    الرباط تحتضن أول مهرجان لفن الراب "212'FlowFest"    تقرير دولي يكشف: المغرب أرخص دولة في تصنيع السيارات.. والسعر سيُفاجئك    المغرب الفاسي يثق في منتوج النادي    لتضيء نضالات الأمس دروب الغد    مشكلة الوعي الزائف وشروط امكان الوعي الحقيقي    المجنونة المتحرِّشة بالنساء الحوامل    الأغذية فائقة المعالجة تهدد بأعراض "باركنسون" المبكرة    برشلونة على أعتاب لقب "الليغا" وريال مدريد يودّع أنشيلوتي    حكيمي يعزز استثماراته الرياضية بشراء نادي إسباني    ماذا نعرف عن أسباب وأعراض متلازمة مخرج الصدر؟    عامل إقليم الدريوش يترأس حفل توديع حجاج وحاجات الإقليم الميامين    إرشادات طبية تقدمها الممرضة عربية بن الصغير في حفل توديع حجاج الناظور    كلمة وزير الصحة في حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مقايضة الوطن
نشر في المساء يوم 19 - 12 - 2010

ليس من شك أن الإسلام كان حريصا على الوطن مثل حرصه على الإنسان والحياة، فالوطن إن كان هو المنزل الذي يمثل موطن الإنسان ومحله، ومكان نشأته وتربيته ، فإنه كذلك عنوان هويته
وشخصيته، وكنه استقراره ووجوده، والآية الكريمة واضحة في اقتران الوطن بالحياة، قال تعالى «ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل منهم ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيراً لهم وأشد تثبيتا «لذا كان لزاما على كل مسلم أن يكون شغوفا بقلبه ووجدانه وعطائه لخدمة وطنه ودينه ، ولن نقف على المجادلة السياسية بين مفهوم الوطن ومفهوم الأمة، بل يكفينا هنا أن نعرّف الوطن بما نقيم فيه ونعمّره ، فالسياسة الإعمارية التي انتهجها النبي صلى الله عليه وسلم والقائمة على العمران (بناء المدينة) والوجدان (التأليف بين الأوس والخزرج) خير دليل على مفهوم الوطن علما أنه هو الذي طرده قومه من بلده مكة والتي قال في حقها: (والله إنك لأحب بلاد الله إلى الله، وأحب بلاد الله إليّ، ولولا أن أهلك أخرجوني ما خرجت) وبالوقوف على هذا الحديث فإن النبي صلى الله عليه وسلم فصل بين طبيعة الممارسة البشرية في حقه وبين موطنه، وهذا المفهوم هو الذي غاب عن ذاكرة الأمة الإسلامية في عصرنا الراهن، إذ بدأنا نسمع لغة دنيئة في مقايضة الوطن، وقوام هذه اللغة مخالفة لسنته صلى الله عليه وسلم في الحديث الآنف الذكر، إذ صار الوطن مفهوم ما يمنح من مناصب ومراكز وجاه ومال (مما يفيد نتيجة حب الوطن)، وكل فساد بشري يسيء إلى الوطن يعطي انعكاسا ضمنيا عندهم على سبّ الوطن (مما يفيد كره الوطن )، لا، ليس الوطن هو ما يحمّل الممارسات البشرية الفاسدة ، وليس الوطن هو ما نعلق عليه فشلنا وبخلنا ، يكفي أن يكون الوطن عنوان الاستقرار وراية الهوية ، وحتى إن سلمنا على مضض بلغة المقايضة، فإن هذه اللغة قائمة على معادلة مفادها (العطاء بالمثل) أي أن الوطن إذا كان ضامنا لسلامتك الإنسانية أن أعطاك عنوانا لذاتك ، فامنحه بناءك وهمتك وصبرك ، وإن كان الأمر من أوله لصالحك ولصالح ذريتك من بعدك ، وهذا المفهوم هو ضد المواطنة الحقة التي يجب أن يتحلى بها كل إنسان على حدة، لأن المواطنة وإن كانت تفيد في معناها الحديث أنها حالة ينعم فيها الإنسان بمجموعة من الحقوق والامتيازات والواجبات تجعله جديرا بالصفة ، فإن من الإضافات المهمة التي ينبغي أن تلي هذا المعنى هو ارتباط القلب والعقل بالوطن لكي يكتمل البناء . والمسلم الحق واجب عليه باسم الفريضة الشرعية، حب وطنه وخدمة أرضه واحترام أبنائه، إذ لا مناص أن يعمل كل مسلم لخير بلده وأن يتفانى في خدمته ، وأن يقدم أكثر ما يستطيع من الخير للوطن الذي يعيش فيه ، وأن يقوم في ذلك الأقرب فالأقرب رحما وجوارا ، ومن هنا كان المسلم أعمق الناس وطنية وأعظمهم نفعا لموطنه لأن ذلك مفروض عليه من رب العالمين. كما أن من الواجب عليه أن يحب الإنسانية بصفتها مفهوما عاما، والوطن بصفته مفهوما خاصا ، وأن يبذل غاية الجهد في خدمة وطنه، مع توريث هذا الحب لأبنائه، مع مناوئة كل من يناوئه حتى وإن كان من أبنائه.
إن مقايضة الوطن لغة يرفضها العقل والشرع، كما أنها لغة بذيئة المعنى ركيكة التركيب، لأنها لغة تفتح الأبواب أمام الطامعين به والخونة له لتحقيق أهدافهم وإفساح المجال لتدخلات خارجية بحجة حماية الأقليات وما يترتب على ذلك من تهديد الوحدة الداخلية ومسيرة البناء المسترشدة من أولي الأمر، كما أنه ينبغي رفض كل أوجه العصبية والطائفية والمذهبية والعرقية والحزبية والذاتية لأن كل ذاك يوحي بالانشقاق والاندثار ويوحي بغياب الحضن الأرضي للمواطن ، قال تعالى «ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم».
وقال النبي صلى الله عليه وسلم « تكون هنات وهنات فمن أراد أن يفرق هذه الأمة وهي جمع فاضربوه بالسيف كائنا من كان «والسيف إشارة إلى ردّة فعل في مبناها الجسمي قد تحيل كذلك على ردّة فعل في معناها العقلي، بإعداد عدة العلم والمعرفة لبناء وحدة الوطن.
وعلى كل مواطن مسلم متحزب أن يحظى بثقة من أعطاه أمانة تمثيله ، وأن يرفع التلاعبات المتباينة الموجودة في وطنه حتى لا تتحول إلى تناقضات يصعب لمّها، لأن مصلحة الوطن قبل مصلحة الحزب أو مصلحته الشخصية، قال تعالى «واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا» وقوله تعالى «وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان».
يجب المحافظة على الوطن وعلى ثوابته التي تستمد منها الدولة نظامها ويستمد منها المجتمع هويته ، ومن سعى إلى ما هو ضد الوطن، فإنه آثم شرعا، مجرم طبعا، منتن خلقا، وللوطن دائما رب يحميه، لأنه عند من تعلق قلبه به:

عبدالله أبوعوض


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.