عندما يهاجم بنكيران الشعب.. هل زلّ لسانه أم كشف ما في داخله؟    وزراء خارجية "البريكس" وشركاؤهم يجتمعون في ريو دي جانيرو    كأس إفريقيا لأقل من 20 سنة.. المنتخب المغربي يدشن مشاركته بفوز صعب على كينيا    تنفيذ قانون المالية لسنة 2025.. فائض خزينة بقيمة 5,9 مليار درهم عند متم مارس    في عيد الشغل.. أمين عام حزب سياسي يتهم نقابات بالبيع والشراء مع الحكومة    صادرات الفوسفاط بقيمة 20,3 مليار درهم عند متم مارس 2025    "كان" الشباب: المنتخب المغربي ينتصر على كينيا ويشارك الصدارة مع نيجيريا قبل المباراة المرتقبة بينهما    أمطار طوفانية تغمر زاكورة.. وسيول كادت تودي بأرواح لولا تدخل المواطنين    الشرطة الإسبانية تعتقل زوجين بسبب احتجاز أطفالهما في المنزل ومنعهم من الدراسة    كلية الناظور تحتضن ندوة وطنية حول موضوع الصحة النفسية لدى الشباب    القهوة تساعد كبار السن في الحفاظ على قوة عضلاتهم (دراسة)    فرنسا.. ضبط 9 أطنان من الحشيش بعد سطو مسلح على شاحنة مغربية قرب ليون (فيديو)    فوائد القهوة لكبار السن.. دراسة تكشف علاقتها بصحة العضلات والوقاية من السقوط    نشرة إنذارية: زخات رعدية وهبات رياح قوية مرتقبة بعدد من أقاليم المملكة    كرة القدم.. برشلونة يعلن غياب مدافعه كوندي بسبب الإصابة    الكاتب الأول إدريس لشكر في تظاهرة فاتح ماي بالدارالبيضاء : البلاد «سخفانة» سياسيا ولا بد لها من ملتمس رقابة لإنعاشها    لماذا أصبحت BYD حديث كل المغاربة؟    توقيف لص من ذوي السوابق لانتشاله القبعات بشوارع طنجة    عمر هلال يبرز بمانيلا المبادرات الملكية الاستراتيجية لفائدة البلدان النامية    حضور قوي للقضية الفلسطينية في احتجاجات فاتح ماي والنقابات تجدد التنديد بالإبادة والمطالبة بإسقاط التطبيع    اتحاد إنجلترا يبعد "التحول الجنسي" عن كرة القدم النسائية    رحيل أكبر معمرة في العالم.. الراهبة البرازيلية إينا كانابارو لوكاس توفيت عن 116 عاما    باحثة إسرائيلية تكتب: لايجب أن نلوم الألمان على صمتهم على الهلوكوست.. نحن أيضا نقف متفرجين على الإبادة في غزة    "تكريم لامرأة شجاعة".. ماحي بينبين يروي المسار الاستثنائي لوالدته في روايته الأخيرة    المركزيات النقابية تحتفي بعيد الشغل    موخاريق: الحكومة مسؤولة عن غلاء الأسعار .. ونرفض "قانون الإضراب"    المغرب يجذب استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 9.16 مليار درهم في ثلاثة أشهر    تقرير: المغرب بين ثلاثي الصدارة الإفريقية في مكافحة التهريب.. ورتبته 53 عالميا    الحكومة تطلق خطة وطنية لمحاربة تلف الخضر والفواكه بعد الجني    تراجع طفيف تشهده أسعار المحروقات بالمغرب    أمل تيزنيت يرد على اتهامات الرشاد البرنوصي: "بلاغات مشبوهة وسيناريوهات خيالية"    المملكة المتحدة.. الإشادة بالتزام المغرب لفائدة الاستقرار والتنمية في منطقة الساحل خلال نقاش بتشاتام هاوس    معرض باريس.. تدشين جناح المغرب، ضيف شرف دورة 2025    عادل سايح: روح الفريق هل التي حسمت النتيجة في النهاية    العثور على جثة مهاجر جزائري قضى غرقاً أثناء محاولته العبور إلى سبتة    تسارع نمو القروض البنكية ب3,9 في المائة في مارس وفق نشرة الإحصائيات النقدية لبنك المغرب    الإسباني لوبيتيغي يدرب منتخب قطر    السكوري بمناسبة فاتح ماي: الحكومة ملتزمة بصرف الشطر الثاني من الزيادة في الأجور    أغاثا كريستي تعود للحياة بفضل تقنيات الذكاء الاصطناعي    دول ترسل طائرات إطفاء إلى إسرائيل    الإعلان في "ميتا" يحقق نتائج أرباح ربعية فوق التوقعات    فيدرالية اليسار الديمقراطي تدعو الحكومة إلى تحسين الأجور بما يتناسب والارتفاع المضطرد للأسعار    توقعات أحوال الطقس ليوم الخميس    أكاديمية المملكة تشيد بريادة الملك محمد السادس في الدفاع عن القدس    الدار البيضاء ترحب بشعراء 4 قارات    محمد وهبي: كأس أمم إفريقيا لأقل من 20 سنة (مصر – 2025).. "أشبال الأطلس" يطموحون للذهاب بعيدا في هذا العرس الكروي    طنجة .. كرنفال مدرسي يضفي على الشوارع جمالية بديعة وألوانا بهيجة    فيلم "البوز".. عمل فني ينتقد الشهرة الزائفة على "السوشل ميديا"    مهرجان هوا بياو السينمائي يحتفي بروائع الشاشة الصينية ويكرّم ألمع النجوم    مؤسسة شعيب الصديقي الدكالي تمنح جائزة عبد الرحمن الصديقي الدكالي للقدس    حقن العين بجزيئات الذهب النانوية قد ينقذ الملايين من فقدان البصر    اختبار بسيط للعين يكشف احتمالات الإصابة بانفصام الشخصية    دراسة: المضادات الحيوية تزيد مخاطر الحساسية والربو لدى الأطفال    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صواريخ إيران وإغلاق هرمز
نشر في المساء يوم 09 - 08 - 2008

توقع الكثير من المراقبين العرب أن يكون الرئيس السوري بشار الأسد قد حمل إلى المسؤولين الإيرانيين أثناء زيارته لطهران مطلع هذا الأسبوع عرضا أوروبيا لحل أزمة البرنامج النووي المتفاقمة ووصول المفاوضات حولها إلى طريق مسدود. وربما لم يخطر في بال هؤلاء، أن الرئيس الأسد الحليف الأول لطهران في المنطقة العربية، قام بزيارته هذه من أجل تنسيق المواقف في حال نشوب حرب جديدة في المنطقة تشنها إسرائيل بضوء أخضر أمريكي، لتدمير المفاعلات وأجهزة التخصيب الإيرانية. مؤشرات «الحرب الثالثة» في الخليج بضفتيه، تتبلور بشكل متسارع، وتزداد سخونة، يوما بعد يوم، فمفاوضات الفرصة الأخيرة التي انعقدت في جنيف قبل أسبوعين بمشاركة وفد إيراني برئاسة سعيد جليلي، وآخر أوروبي بقيادة خافيير سولانا المنسق الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، وبحضور وليم بارنز وكيل وزارة الخارجية الأمريكية للمرة الأولى، هذه المفاوضات لم تحقق أي تقدم، وأجلت إيران تقديم ردها على رزمة الحوافز المغرية التي قدمها الغربيون لها مقابل وقفها عمليات التخصيب.
القيادة الإيرانية لم تخضع للتهديدات الغربية وتقدم ردها على الحوافز هذه في غضون أسبوعين، وهي مهلة انتهت، وقام أكثر من مسؤول أوروبي بالاتصال بقيادتها مستجديا هذا الرد، من بينهم سولانا نفسه، الذي ظفر بوعد بتقديم رد إيراني مكتوب اليوم، من المتوقع ألا يختلف كثيرا عن الردود السابقة أي المماطلة وكسب المزيد من الوقت.
السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هذه الأيام هو ليس ما إذا كانت هناك حرب ضد إيران أم لا، وإنما متى ستتوجه القاذفات الإسرائيلية أولا، والأمريكية لاحقا، لقصف المواقع النووية الإيرانية المستهدفة، ونوعية السلاح المستخدم وهل هو تقليدي أم نووي.
جون بولتون مندوب أمريكا السابق في الأمم المتحدة، وأحد أبرز صقور المحافظين الجدد، توقع هذه الحرب في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، أي بعد انتهاء الانتخابات الأمريكية الرئاسية حتى لا تؤثر على مجرياتها لصالح هذا المرشح أو ذاك، ولكن هناك من يقول إن أوارها قد يشتعل قبل ذلك.
المسؤولون الإسرائيليون الذين يستعجلون هذه الضربة، مثلما استعجلوا الحرب على العراق، في حال حجيج متواصل إلى واشنطن هذه الأيام للتحضير للحرب، وإقناع المتشككين داخل الإدارة بضرورتها. ففي الأسابيع الأربعة الأخيرة زار واشنطن كل من إيهود باراك وزير الدفاع، وغابي أشكنازي رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، وأخيرا شاؤول موفاز الجنرال السابق ووزير المواصلات الحالي، ورئيس لجنة التنسيق الإسرائيلية مع أمريكا بشأن الملف النووي الإيراني.
الجنرال موفاز أحد ابرز المرشحين لخلافة إيهود أولمرت في رئاسة حزب (كاديما) ورئاسة الوزارة بالتالي، كرر قبل يومين في واشنطن تهديداته بضربة إسرائيلية لإيران، وقال بالحرف الواحد «نحن الآن في سباق مع الزمن.. والزمن هو الكاسب الأكبر»، وأضاف: «لا بد من التحرك بسرعة لأن إسرائيل لا يمكن أن تقبل بإيران قوة نووية».
الصحف الإسرائيلية رأت في حضور مسؤول أمريكي لمفاوضات جنيف الأخيرة بين الأوروبيين والإيرانيين بأنه أراد أن يقول لحلفائه الغربيين إن واشنطن استنفدت كل احتمالات الحلول السلمية لهذا الملف الشائك، ولا لوم عليها إذا ما لجأت إلى الخيار العسكري كعلاج أخير.
ولم يكن من قبيل الصدفة أن تستدعي السيدة كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية وزراء خارجية دول الاعتدال إلى اجتماع في أبوظبي التي توقفت فيها في طريقها إلى آسيا، بعد يومين من اجتماع جنيف، لتضعهم في صورة الموقف، وحرصت أن يكون معها في الاجتماع نفسه المستر بارنز الذي حضر الاجتماع الأوروبي-الإيراني، ومسؤول أمريكي كبير لم يتم الكشف عن اسمه.
المسؤولون الإيرانيون بدؤوا يشعرون بسخونة الأجواء، وارتفاع أصوات قرع طبول الحرب إسرائيليا وأمريكيا، ولجؤوا إلى مواجهة التحدي بالإعلان عن تجريب صاروخ بحري مداه 300 كيلومتر، وتأكيد قدراتهم على إغلاق مضيق هرمز الاستراتيجي في فم الخليج في أي لحظة يتعرضون فيها إلى هجوم أمريكي أو إسرائيلي.
ما جعل الإيرانيين يرجحون احتمالات الحرب هو ما قاله أحد المستشارين المقربين من المرشح الديمقراطي للانتخابات الرئاسية باراك أوباما، نقلا عن لسان الأخير، بأنه بات مقتنعا وبعد زيارته الأخيرة للقدس المحتلة بأن إسرائيل ستقدم على ضربة عسكرية لإيران لتدمير برنامجها النووي إذا فشلت المفاوضات الحالية في حثها على وقف تخصيب اليورانيوم. وهي الأقوال التي لم ينفها أوباما مطلقا. فإسرائيل تدرك جيدا أن أوباما سيعارض مثل هذه الضربة الجوية، أو ربما لا يوافق عليها إذا ما أصبح رئيسا، وهي لا تستطيع أن تخالف رأي أعلى مسؤول أمريكي، والقائد الأعلى للقوات المسلحة الأمريكية، في موضوع استراتيجي على هذه الدرجة من الخطورة، ولذلك قد لا تنتظر الانتخابات، وإذا انتظرتها، فإنها قد تقدم على ضربتها هذه قبل أن يتولى أوباما رسميا مهامه كرئيس للولايات المتحدة في حال فوزه في الانتخابات مثلما تفيد استطلاعات الرأي حتى الآن.
فمن اللافت أن أولمرت قرر الاستقالة من منصبه والدعوة إلى انتخابات لقيادة حزبه كاديما في الشهر المقبل، وهو توقيت محسوب بعناية. وهذا يعني أن الرئيس الجديد لكاديما سيتمكن من تشكيل حكومة ائتلافية قبل نهاية أيلول (سبتمبر) إذا سارت الأمور على ما يرام. ولن يكون مفاجئا إذا كان هذا المنصب من حظ موفاز أكبر المحرضين على ضرب إيران، والجنرال صاحب الخبرة العسكرية الضخمة التي استمدها من موقعه السابق كرئيس لهيئة أركان الجيش الإسرائيلي.
الرئيس جورج بوش الابن قاد أمريكا في فترتين رئاسيتين اتسمتا بالنكسات والكوارث، خاض فيهما حربين فاشلتين في العراق وأفغانستان، وأدخل اقتصاد بلاده في مرحلة كساد، وأثقل الميزانية العامة بعجز يصل إلى 450 مليار دولار بعد أن استلمها وهي في فائض مالي ملموس. ومن غير المستبعد أن يتجاوب الرئيس بوش مع التحريض الإسرائيلي مجددا، ويقدم على الخيار العسكري ضد إيران في محاولة يائسة لإنقاذ إرثه السياسي والعسكري الكارثي الحافل بالخيبات والهزائم.
إسرائيل هي التي تسيطر على صنّاع القرار في أمريكا، ونجحت من خلال جماعات ضغطها في خطف البيت الأبيض، وابتزاز الكونغرس، وتوظيف القوة العسكرية الأمريكية الهائلة في خدمة أهدافها وتدمير أعدائها. وتزلف المرشحين للرئاسة لها أثناء مؤتمر «إيباك» السنوي قبل شهر يكشف هذه الحقيقة بكل بشاعتها.
الرئيس بوش الحليف الأوثق لإسرائيل منذ قيامها يريد استسلاما إيرانيا كاملا عنوانه وقف تخصيب اليورانيوم والرضوخ كليا للشروط الأمريكية والأوروبية في التخلي نهائيا عن الطموحات النووية، ومن الواضح أن الإيرانيين يرفضون هذا الابتزاز الأمريكي-الإسرائيلي المشترك، فهم يقبلون كل شيء ما عدا وقف التخصيب، وإعلانهم عن امتلاك ستة آلاف وحدة لهذا الغرض هو تجسيد حي لموقفهم هذا.
الرد الإيراني المكتوب قد يكون الحد الفاصل بين السلام والحرب، وبدء العد التنازلي لأي منهما، وإن كنا نرجح أنه سيكون عدا تنازليا للضربة العسكرية الأمريكية-الإسرائيلية المنفردة أو المشتركة.
الخسائر ستكون ضخمة، بل أضخم من كل التصورات إذا اندلعت شرارة الحرب، فالقواعد الأمريكية في الخليج هي الهدف الأول، جنبا إلى جنب مع مضيق هرمز وآبار النفط، وهذا يعني تجاوز أسعار النفط 300 دولار للبرميل، ولذلك لم يكن غريبا أن يدرس الكويتيون، الأذكى خليجيا في المجال التجاري، بحث إمكانيات تخزين نفطهم خارج المنطقة، فهم يملكون قرون استشعار حساسة للحروب بحكم خبرتهم، ومشاركتهم في اثنتين منها على الأقل.
إسرائيل أيضا قد تكون من أبرز الخاسرين، فصواريخ إيران، إذا صدقت الأقوال، ستتوجه إليها وهي بعشرات الآلاف من كل الأوزان والأبعاد. ولا ننسى في هذه العجالة صواريخ حزب الله التي تزيد عن 40 ألف صاروخ.
«سن تزو» الخبير الاستراتيجي الصيني قال في كتابه الشهير «فن الحرب»، إن أول عنصر أساسي للنجاح ليس فقط أن تعرف عدوك، بل أن تعرف نفسك أيضا. والإدارة الأمريكية الحالية لا تعرف عدوها، ولا تعرف نفسها، وإلا لما وجدت نفسها في هذا الحال المزري. قبل سقوط الشاه بأربعة أشهر قالت وكالة المخابرات الأمريكية (سي. آي. إيه) إن إيران ليست في مرحلة الثورة (آب/أغسطس عام 1978) وإن شاه إيران سيستمر في الحكم لعشر سنوات مقبلة. بعد أربعة أشهر هرب الشاه من إيران، ولم يجد مأوى غير القاهرة لكي يموت ويدفن فيها بلفتة كرم من صديقه أنور السادات بعد أن لفظته واشنطن والعواصم الغربية.
المخابرات الأمريكية عندما أصدرت هذا التقرير كانت متغلغلة في إيران، وتملك حكومتها أكبر سفارة في العالم في عاصمتها طهران. فكيف ستتعامل الآن مع طهران وهي عدوة ولا توجد لها سفارة فيها؟ من حق دول الخليج أن تقلق مع هكذا حليف لا يعرف غير خوض الحروب الخاسرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.