السعدي "يطلق النار" على بنعبد الله بسبب زيارته لآيت بوكماز ويصف خطاب بنكيران حول المرأة ب"البئيس"    كأس أمم إفريقيا لكرة القدم للسيدات.. جنوب إفريقيا تتأهل لنصف النهائي بفوزها على السنغال بضربات الترجيح (4-1)    رسملة بورصة البيضاء تفوق ألف مليار درهم .. ربحيّة السوق تجذب المستثمرين    "رويترز": سوريا ظنت أنها حصلت على موافقة أمريكا وإسرائيل لنشر قوات بالسويداء    وفاة الأمير النائم بعد غيبوبة مستمرة دامت 20 عاما    الدعوة بكيغالي إلى الاستلهام من خطب ورسائل جلالة الملك لترسيخ قيم السلم والتعايش المشترك بإفريقيا (بيان ختامي)    تفاصيل قرعة الموسم الجديد للبطولة    مديرية التعليم بدرب السلطان تنفي علاقتها بفيديو "الشابة شوشو" المتداول وتتوعد مروجي المغالطات    أشرف حكيمي الأعلى تقييما في موسم سان جيرمان التاريخي    إنفانتينو: المغرب أصبح أحد المراكز العالمية لكرة القدم    كأس أمم إفريقيا لكرة القدم للسيدات.. غانا تنتصر على الجزائر وتواجه المغرب في نصف النهائي        الوكيل العام ينفي مزاعم سرقة أعضاء بشرية    أخنوش يطلب من الوزراء والمصالح الحكومية التسريع بتنزيل قانون العقوبات البديلة    السجن المحلي بالناظور يوضح أسباب وفاة أحد نزلائه    "تروكوت" ضبط مستشارة جماعية في حالة تلبس بحيازة الكوكايين    عاجل | اندلاع حريق بغابة قرب مركز باب برد    تشاؤم واسع بين الأسر المغربية... الادخار مستحيل والأسعار تواصل الارتفاع    مروحية تابعة للقوات الملكية تنقذ مواطنين فرنسيين في عرض البحر    غياب مراقبة المطاعم ومحلات الوجبات السريعة يهدد صحة المواطنين بالحسيمة    لقجع: استثمارات "الكان" وكأس العالم تناهز 150 مليار درهم ولن تثقل على الميزانية العامة للدولة    "سهام بنك" يعزز الاقتصاد الأخضر    البنك الدولي: 44% من المغاربة يملكون حسابات بنكية و 6% فقط تمكنوا من الادخار سنة 2024    موجة الحر تنحسر بالمغرب .. والحرارة تعود إلى الارتفاع وسط الأسبوع القادم    نتائج الشطر الثاني للدعم السينمائي    ترامب يغيّر وصفة "مشروب القمامة" وسط تحذيرات من مخاطر "كوكاكولا"    عين اللوح .. افتتاح فعاليات الدورة الرابعة والعشرين للمهرجان الوطني لأحيدوس    قندس جندول تفوز بجائزة أفضل ممثلة في مهرجان المسرح الحر الدولي بعمان    بوغطاط المغربي | عندما تتحول "لوموند" إلى بوق دعائي مأجور في ملف مهدي حيجاوي.. وشبهات مثيرة حول بصمات طحنون في القضية    لقاء تواصلي هام بهدف تجويد خدمات قطاع الكهرباء بجهة الشرق    المغرب واليونسكو يعلنان عن تحالف جديد لتعزيز التنمية في إفريقيا عبر التعليم والعلم والثقافة    فرحات مهني: النظام الجزائري يحوّل تالة حمزة إلى قاعدة عسكرية ضمن مخطط لاقتلاع القبائل        ترامب: قريبا سيفرج عن 10 أسرى في غزة    أكثر من 20 عاما في فرنسا ويرفض منحه تصريح إقامة        محمد المهدي بنسعيد    كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية عين الشق تحتضن مناقشة رسائل تخرج الطلبة الفلسطينيين    حملة هندية تستهدف ترحيل آلاف المسلمين .. رمي في البحر وهدم للمنازل    الدفاع الجديدي يتعاقد مع حارس موريتانيا    فيلدا: فوز "اللبؤات" على مالي مستحق    تعاون مغربي فلسطيني في حقوق الإنسان    "الأشجار المحظورة" .. الشاعر المغربي عبد السلام المَساوي ينثر سيرته أنفاسًا    السغروشني: تكوين الشباب رهان أساسي لتحفيز التحول الرقمي بالمغرب    زيادة كبيرة في أرباح "نتفليكس" بفضل رفع أسعار الاشتراكات    دراسة: الذكاء الاصطناعي يحول تخطيط القلب العادي إلى أداة فعالة لاكتشاف عيوب القلب الهيكلية            افتتاح بهيج للمهرجان الوطني للعيطة في دورته ال23 بأسفي تحت الرعاية الملكية السامية    بعد تشخيص إصابة ترامب بالمرض.. ماذا نعرف عن القصور الوريدي المزمن    "مهرجان الراي للشرق" بوجدة يعود بثوب متجدد وأصوات لامعة    البيت الأبيض يعلن إصابة ترامب بمرض مزمن    وداعا أحمد فرس    زمن النص القرآني والخطاب النبوي    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر تستكمل ثورتها
نشر في المساء يوم 24 - 11 - 2011

الثورة المصرية التي فرحنا بها كثيرا، باعتبارها نقطة تحول استراتيجي في المنطقة العربية، تواجه خطرا يهدد وجودها، وتبديد إنجازاتها وإغراق البلاد في حالة من الفوضى، الأمر الذي سيثلج حتما صدر الرئيس المخلوع حسني مبارك وبقايا نظامه، والأهم من كل ذلك إثلاج صدر إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية وكل الأنظمة العربية الديكتاتورية التي بذلت، وما زالت تبذل، جهودا خارقة لوأد هذه الثورة وعدم امتدادها إلى خارج حدودها.
المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية، الذي لعب دورا كبيرا في إنجاح هذه الثورة عندما انحاز إلى الشعب وأمر رأس النظام السابق بالرحيل، سيتحمل المسؤولية الأكبر في حال نجاح محاولات وأد هذه الثورة أو حرفها عن مسارها، بسبب إدارته الفاشلة لشؤون البلاد وتخبطه في قراراته وإصراره على إطالة أمد هيمنته على مقدرات الحكم بطرق ملتوية، دون الأخذ في الاعتبار مطالب الجماهير وقيادات الثورة الشبابية والنخب السياسية الأخرى.
المجزرة التي وقعت في ميدان التحرير في اليومين الماضيين وراح ضحيتها أكثر من35 شهيدا برصاص قوات الأمن والجيش، هزت الثقة بين المجلس والغالبية الساحقة من أبناء الشعب، وأكدت شكوك البعض حول عزم المؤسسة العسكرية على البقاء في كرسي الحكم وإدارة شؤون البلاد من خلال حكومة ضعيفة مثل حكومة عصام شرف الحالية.
إطلاق قوات امن النظام السابق النار على المتظاهرين في ميدان التحرير، وقتل العديد منهم، كان عاملا حاسما في تأجيج الثورة وخروج الملايين إلى الميادين والشوارع في مختلف أنحاء مصر للمطالبة بسقوط النظام، والدعوات التي سمعناها بالأمس (يقصد الاثنين) تطالب بمظاهرة مليونية اليوم قد تقود إلى النتائج نفسها، فالشعب المصري يشعر بأن هناك من يريد خطف ثورته وتفريغها من مضمونها، وقرر أن يعود إلى الشارع لاستعادة ثورته، سواء من العسكر أو بعض النخب والأحزاب الطفولية التي ركبتها، وأصبحت الفضائيات والتلاعب بمشاعر الفقراء والمحرومين وسائلها للوصول إلى السلطة.
الشعب المصري، الذي قدم مئات الشهداء من أجل إطاحة نظام فاسد متعجرف، لن يبخل بتقديم مئات بل آلاف آخرين، إذا أحس بأن هناك من يريد إعادته إلى الماضي الديكتاتوري، بأشكال ووجوه مختلفة، ومن شاهد وجوه المعتصمين في ميدان التحرير في الأيام القليلة الماضية يدرك حجم الإصرار على التضحية من أجل حماية الثورة.
مسيرة المجلس العسكري وحكومته كانت حافلة بالأخطاء، ليس نتيجة عدم الخبرة السياسية فقط، وإنما بسبب وجود نوايا للتحكم في مصير البلاد وتقديم فتات الديمقراطية للشعب، أو بالأحرى ديمقراطية متحكم فيها ومسيطر عليها، ووفق مواصفات ديكتاتورية مقنّعة، وكأن هذا الشعب قاصر لا يستحق الديمقراطية الحقيقية بنسختها الأصلية المتعارف عليها.
كيف يمكن تفسير وثيقة الدكتور علي السلمي التي تريد توظيف الدستور القادم، حتى قبل الانتخابات، في خدمة المؤسسة العسكرية، ووضع البلاد تحت انتدابها المباشر، وكيف يمكن فهم الإصرار على تحدي إرادة الشعب والإبقاء على حكومة عاجزة، بلا هوية ولا شخصية، لا تليق بمصر ومكانتها وثورتها وتضحيات أبنائها؟
دماء الشهداء الذين سقطوا في ميدان التحرير والإسكندرية ومدن أخرى يجب أن تؤسس لخريطة طريق جديدة نحو ديمقراطية مدنية حقيقية، وتحديد موعد نهائي لتسليم السلطة إلى رئيس جديد منتخب، وحكومة منتخبة تكون مسؤولة أمام البرلمان.
المجلس العسكري الحاكم أمامه فرصة لإنقاذ نفسه وسمعته، وإنقاذ البلاد من الفوضى وعدم الاستقرار، واستعادة ثقة الشعب، تتمثل في خروج رئيسه إلى هذا الشعب، وتحديد موعد واضح لانتخابات الرئاسة أقصاه منتصف العام المقبل، والتعهد بالعودة إلى ثكناته، وممارسة دوره الطبيعي المنوط به، أي الابتعاد عن السياسة كليا، والتركيز على ممارسة واجباته الطبيعية المنصوص عليها في الدستور، أي حماية البلاد من أي عدوان خارجي.
الجيوش في جميع الدول الديمقراطية تخضع للسلطة المدنية وتأتمر بأمرها وتنفذ تعليماتها دون نقاش، وليس العكس الذي يريده البعض في مصر، ورأينا بعض مؤشراته في وثيقة الدكتور السلمي سيئة الذكر، أحد أسباب الاحتقان الحالي الذي يسود المشهد المصري.
يخطئ المجلس الأعلى للقوات المسلحة إذا اعتقد أن بإمكانه احتواء الثورة المصرية وترويض شبابها واستئناس قياداتها، لأن عجلة التاريخ المصري التي انطلقت من ميدان التحرير لن تتوقف عن الدوران وإلى الأمام، فمصر تغيرت ولكن العقلية الحاكمة لم تتغير أو لم تستوعب عملية التغيير هذه.
نتمنى أن يأخذ المجلس العبرة ويستخلص الدروس من الثورة التونسية، حيث شهدت البلاد انتخابات حرة نزيهة لانتخاب مجلس تأسيسي لمدة عام يضع دستورا للبلاد ويعين حكومة منتخبة مؤقتة وينتخب رئيسا مدنيا للدولة، في ظل حالة من التعايش والتوافق لم يسبق لها مثيل في المنطقة العربية.
الجيش التونسي عاد إلى ثكناته، ولا يوجد له أي اثر في الشارع التونسي أو في عملية التغيير الديمقراطي الحالية التي تعيشها البلاد، فلماذا لا يحذو نظيره المصري الحذو نفسه، وهو الجيش الرائد المعروف بمواقفه الوطنية المشرفة؟
كثيرون هم الذين يريدون الفشل للثورة المصرية التي ردت الاعتبار والكرامة والدور الرائد المشرف إلى مصر وشعبها، وأول هؤلاء إسرائيل والولايات المتحدة والأنظمة الديكتاتورية العربية، فمن كان يصدق أن قلعة السفارة الإسرائيلية ستتعرض للاقتحام وحرق أعلامها وبعثرة ملفاتها، ومن كان يحلم بأن تقول مصر «لا» كبيرة لمحاولات الاحتواء والتبعية التي حاول البعض استدراجها إليها ابتزازا لأوضاعها المالية المتدهورة؟
المأمول أن يعود التلاحم بين مختلف التيارات الإيديولوجية المصرية في هذه المرحلة الحرجة، وتذوب الفوارق المصطنعة بين الإسلاميين والليبراليين، وأن يتصرف الجميع بمسؤولية من حيث وضع خلافاتهم جانبا، والمشاركة في الحراك المليوني الحالي للحفاظ على الثورة وإنجازاتها وحمايتها بأرواحهم ودمائهم من أي محاولة لحرفها عن مسارها.
شباب مصر، بكل ألوان طيفه السياسي، استعاد زمام المبادرة وبات على موعد لاستكمال ثورته، وسيثبت عمليا، مثلما أثبت مطلع هذا العام، أنه على درجة عالية من الوعي، مثلما سيثبت في الوقت نفسه لكل الذين حاولوا أن يستغفلوه ويسرقوا ثورته أنهم هم المغفلون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.