المغرب على رأس الدول المشاركة في القمة الكورية الإفريقية الأولى    صادرات الفوسفاط تتجاوز 25 مليار درهم خلال 4 أشهر    "CDG" يحقق ناتجا صافيا بقيمة 98 مليون درهم    تحذيرات برلمانية من حليب شهير يهدد صحة الرضع ومطالب بتدخل عاجل للوزارة الوصية        لجنة الاستئناف تبعثر حسابات الهبوط للقسم الثاني    أول تعليق لمبابي بعد انضمامه الرسمي إلى ريال مدريد    "لبؤات الأطلس" يفزن على الكونغو الديموقراطية    توقعات أحوال الطقس غدا الأربعاء    فاجعة… وفاة ثمانية أشخاص وتسمم 35 آخرين بسبب الخمور الفاسدة    مغاربة الخارج يبعثون 85 مليارا إضافيا من يناير إلى أبريل بالمقارنة مع العام الماضي    بورصة الدار البيضاء تفتتح التداولات بارتفاع    ندوة دولية بالرباط تقارب ذاكرة جزر القمر    الأغلبية تبارك ضخ 14 مليارا في الميزانية والمعارضة تنادي بتعديل قانون مالية 2024    "كاف" تعلن موعد ونظام مسابقتي دوري أبطال إفريقيا والكونفدرالية لموسم 2024/ 2025    البام يخلف كريمين بجزئيات بنسليمان و"الحصان" يحافظ على مقعد سيدي سليمان    النفط يواصل تراجعه بسبب مخاوف من زيادة المعروض    زوما ‬و ‬رامافوزا ‬يتسببان ‬في ‬نكسة ‬انتخابية ‬قاسية ‬لحزب ‬نيلسون ‬مانديلا‮    منصة "إكس" تسمح رسمياً بنشر محتويات إباحية    تحقيق أمني بعد العثور على ج ثة داخل مستودع لمواد التنظيف بطنجة    الحسيمة.. 6531 مترشحا ومترشحة لامتحانات البكالوريا الجهوية والوطنية    الرقص على الجراح    التباس مفهوم العدالة وتحولاتها التاريخية    غواية النساء بين البارابول ومطاردة الشوارع    دراسة: القطط بوابة خلفية لانتقال أنفلونزا الطيور إلى البشر    تصريحات صادمة لفاوتشي بشأن إجراءات التباعد وقت كورونا تثير جدلا    الحكومة ‬الفرنسية ‬تشدد ‬الخناق ‬على ‬المستفيدين ‬من ‬المعاش ‬خارج ‬فرنسا‮    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    وليد الركراكي يعقد الخميس ندوة صحفية قبيل مواجهة زامبيا    بطولة إيطاليا.. ماروتا رئيساً جديداً لإنتر    في صفقة تاريخية.. المغرب يقترب من تعزيز دفاعه بشراء 131 طائرة جديدة صنف F-16 من الولايات المتحدة    واشنطن تؤكد أهمية دعم المغرب لمقترح بايدن وتشيد بجهود الملك محمد السادس    الدبلوماسية ‬المغربية ‬تتفوق ‬في ‬انفتاحها ‬على ‬آفاق ‬آسيوية ‬واعدة    شرطة سان فرانسيسكو تحتجز 70 محتجا أمام القنصلية الإسرائيلية    كيوسك الثلاثاء | المغرب يدخل عالم تصنيع الأسلحة    الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل أربع من رهائنه في غزة    رحلة لتركيا مع برنامج رائع وثمن مغري مع وكالة الأسفار والسياحة موركو ترافل بتطوان وطنجة    وزان: استفادة أزيد من 130 شخصا من حملة في طب العيون    صفقة التدبير المفوض لقطاع النظافة بالجديدة.. حذار من تكرار نفس الأخطاء    بلينكن يهاتف بوريطة بشأن مقترح وقف إطلاق النار في غزة    المغرب يعزز دفاعه بإنشاء مناطق للصناعة العسكرية    مودريتش يتمسك بالبقاء مع ريال مدريد ويرفض عروض خليجية بقيمة خيالية    طواف المغرب للدراجات : الفرنسي جيرار داميان يفوز بالمرحلة الرابعة ومواطنه بول كونيي يحافظ على القميص الأصفر    1.1 مليون كتاب بيع في معرض الرباط بينما رقم المعاملات تجاوز 120 مليون درهما وفق وزير الثقافة    الأمثال العامية بتطوان... (615)    «البوطا» تلهب الجيوب وتحرق القلوب!    القبايل بين خيار الحكم الذاتي أو الاستقلال !؟    وزان تحتضن الدورة الأولى من الأيام السينمائية    "بوحمرون" يستمر في حصد الأرواح نواحي تنغير.. والحصيلة ترتفع إلى 7 وفيات    أهمية صناعة السينما والمحتوى البصري بفعاليات اليوم الأول لمهرجان روتردام للفيلم العربي    جمع عام استثنائي بالدار البيضاء للغرفة الوطنية للمنتجين السينمائيين    أفلام وحكام مهرجان "الرباط كوميدي" الخامس: مسابقة الأفلام الكوميدية القصيرة.    الأمثال العامية بتطوان... (613)    المغرب يسجل 47 إصابة جديدة ب"كوفيد"    جهة الرباط تتصدر إصابات "كورونا" الجديدة    توديع فوج حجاج إقليم تاوريرت المتوجهين إلى بيت الله الحرام    وصول أولى طلائع الحجاج المغاربة إلى المدينة المنورة يتقدمهم حجاج الأقاليم الجنوبية    عامل المضيق الفنيدق يستقبل الحجاج المتوجهين للديار المقدسة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ربيع المقدميين والشيوخ في عز الصيف
نشر في المساء يوم 30 - 08 - 2012

خرج المقدمون والشيوخ عن صمتهم وتمردوا على لغة الانصياع التي كانت تكبلهم، وقرروا التفكير بصوت مرتفع والاحتجاج جهرا ضد أوضاعهم المهنية التي تصنفهم في المراتب الأخيرة في سلاليم الإدارة العمومية.. كسر أعوان السلطة جدار الصمت وأعلنوا التمرد بعد عقود من «التمرميد» في تلابيب السلطة.
من مدينة العبور صدر بيان طانطان الذي عبَر به المقدمون والشيوخ من ضفة اليأس إلى ضفة الأمل، رغم أن السلطة، التي لطالما نذروا حياتهم لها، كادت أن تنسف تجمعهم التأسيسي وتحرق مسودة البيان وتجهض انتفاضة أعوان رضوا بالذل دون أن يرضى بهم، فقط لأنهم طلبوا من وزارة الداخلية أن تأخذ هذه المهام مأخذ جد، وتخصص لهم تعويضات عن الأخطار المحدقة بهم، بدل التضييق عليهم وحرمانهم من الحق في الاحتجاج، رغم أن بعض المقدمين لم ينسوا «هزة الكتف» فحرروا تقارير فورية حول الجمع أرسلت إلى من يهمهم الأمر.
وقد سهّل موقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك» تحقيق الحد الأدنى من الالتئام حول القضية، وآمن الجميع بأن الصمت سيضع الشيخ تحت رحمة المريد وسيحول المقدم إلى مؤخر وظيف. تناسلت التنسيقيات عبر تراب المملكة، وشرعت في صياغة المطالب على شكل ملتمس استعطافي يختزل تسوية الأوضاع المادية لفئة ظلت مجندة لخدمة أمن الوطن.
لا يصل راتب المقدم إلى الحد الأدنى للأجور، حيث يتقاضى 1800 درهم شهريا، لا تكفي لضمان العيش الكريم، ورغم ذلك وضعت الدولة رقما أخضر اللون للتبليغ عن تسلم أعوان السلطة للرشوة، بدل تخصيص رقم أحمر للتبليغ عن حالات الإهانة التي تتعرض لها هذه الفئة كلما كلفها القائد بتبليغ استدعاء ناتج عن مخالفة، فقد تعرض عون سلطة للاحتجاز في غرفة على سطح أحد المنازل الآيلة للسقوط في فاس، كما تعرض مقدم في تيزنيت لصفعة من سيدة في الشارع العام مباشرة بعد تسليمه إياها استدعاء للمثول أمام القائد، ونكل فبرايريون في الدار البيضاء بمقدم بعدما ضبطوه متلبسا بكتابة شعارات حراك الحي المحمدي، وغيرها من حوادث المهنة التي يعوض الله المقدم عن كدماتها صبرا.
المقدم في المغرب ليس عون سلطة، بل «عود» سلطة، حصانها الذي يركض في كل «المحارك»، فهو ساعي البريد تارة وعون تنفيذ تارة أخرى، ومفتش سري يتعقب اللصوص، وعضو في جهاز الشرطة العلمية يتأكد من الحمض النووي، يراقب أسعار المواد الغذائية ويحصي الكلاب الضالة ويمارس لعبة الكر والفر مع الباعة المتجولين، يشم رائحة الإسمنت والآجر، يتعقب الحركات الاحتجاجية العلنية والسرية، يحصي عدد الضيوف، يراقب بطون النساء تحسبا لحمل طارئ، يتفحص أنشطة الجمعيات ويجس نبض الحراك في كل الكيانات المتحركة والساكنة، يوزع بطائق الناخبين قبل معركة الانتخابات التي يتحول فيها جهاز المقدمين إلى آلية لاستطلاع الرأي وقراءة كف الاقتراع، يمسح بعينه جدران الحي خوفا من عبارات خادشة للحياء السياسي، كما يحرر المقدم تقارير يومية يقيس فيها مستوى السلم الاجتماعي في تراب المقاطعة أو الجماعة باعتباره العين التي لا تنام والأذن اللاقطة المزروعة في كل زنقة وناصية.
كنت أعتقد أن أسباب نزول انتفاضة أعوان السلطة هي الخوف من مداهمة الإدارة الإلكترونية التي ستجعل الشباك الوحيد بديلا للمقدم والشيخ والقائد، حيث سيصبح المخاطب الوحيد في إنجاز الوثائق الإدارية هو عون إلكتروني اسمه الأنترنيت، بالرغم من التناقض الذي يميز وثائقنا: شهادة الحياة وشهادة الوفاة، شهادة العزوبة وشهادة الزواج، شهادة العمل وشهادة عدم الشغل، شهادة حسن السلوك وشهادة السوابق، وقس على ذلك من أضداد المستندات. لكن تبين أن جهاز ال«إحضي آي» المغربي لن يحصل على شهادة الوفاة لأن المخزن لا يدفن حواسه الخمس مهما كانت الظروف.
من مضاعفات حراك المقدمين عزل بعض الزعماء المنخرطين في التنسيقية الوطنية لأعوان السلطة، وانتقال المقدم والشيخ من مساند رسمي للسلطة إلى مناوئ رسمي لها، مع ما سيترتب عن هذه الانتفاضة من انفلات أمني انسجاما مع المقطع الشهير في تراث العيطة المغربية الذي يجعل عون السلطة فزاعة أمنية: «كون ما لمقدم كاع نسيرو دم».


حسن البصري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.