انطلقت، منذ أيام، التخفيضات الموسمية للملابس «الصولد»، التي أضحت، مؤخرا، من التقاليد الاستهلاكية التي استطاعت فرض نفسها في المشهد الاستهلاكيّ المغربي، حيث بات ينتظرها بشغف التاجر والمستهلك على حد سواء، خاصة ما تعلق منها بالعلامات التجارية الأجنبية الموجودة في المغرب، بينما يرى فيها آخرون مناسبة وهمية وخدعة استهلاكية تستهدف جيوب ذوي الدخل المحدود لتصريف البضائع القديمة وتخليص رفوف كبريات المحلات التجارية منها. تخفيضات 50 %، «totale Liquidation».. عبارات وأخرى تتصدر مختلف واجهات المحلات التجارية المتواجدة في الشوارع الرئيسية لمدينة الدارالبيضاء، بغرض إثارة انتباه الأسر المغربية، وخاصة في هذه الفترة من السنة، حيث تعاني غالبية المحلات التجارية من الركود، خصوصا والمغاربة يستعدون لاقتناء أضحية العيد، ما يجعلنا نطرح العديد من الأسئلة المرتبطة بحقيقة هذه التخفيضات وما إذا كان هناك قانون ينظمها في الأسواق التجارية المغربية؟ أم أنها مجرد حيلة يسلكها التجار لتصريف البضائع القديمة وضعيفة الجودة؟.. أسئلة وأخرى يجيب عنها محمد بنقدور، رئيس الجامعة الوطنية لجمعيات المستهلكين في المغرب، حتى يكون المستهلك المغربي محميا من كل أشكال الخداع التي يلجأ إليها أرباب المحلات التجارية وأصحاب العلامات التجارية الأجنبية الموجودة في المغرب. تنشيط الحركة التجارية تلجأ المحلات التجارية إلى الإعلان عن تخفيضات على أسعار بضائعها، بهدف تنشيط الحركة التجارية، من خلال تشجيع الأسر على اقتناء الملابس وغيرها من الاحتياجات التي تهمّ البيت، فإذا زادت المبيعات فإنها تعوض أصحاب المحلات عن نقص الأسعار الذي أعلنوه، من خلال مضاعفتهم الأرباح.. نظرية اقتصادية يتبناها كثير من التجار غير المتحايلين، والذين يرون في ترويج السلع، ولو بثمن أقل، ربحا لهم عوض مواصلة تكديسها في رفوف محلاتهم.. وفي المقابل، يجد البعض في التخفيضات وسيلة للكسب غير المشروع، من خلال الاحتيال على المستهلكين والإعلان عن تخفيض أسعار بضائعهم، وهو في الحقيقة تخفيض وهميّ ولا ينطلي على الكثيرين، أمثال محمد (معلم) الذي تساءل: ماذا يمكن أن يجنيّه التاجر باعتماده تخفيضات بنسب تصل إلى 50 %، على سبيل المثال؟ وكم نسبة الربح التي كان يعتمدها قبل التخفيضات، إذا كان يستطيع التخفيض إلى نصف السعر الاعتيادي؟ الغش التجاري.. يتبنى حسن نوكن -أستاذ اللغة الإنجليزية- رأي محمد، بوصفه التخفيضات بكونها «فرصة للتدليس وممارسة الغش الفاضح الذي يمارسه بعض التجار بسحبهم للبضائع التي لا تحتاج إلى ترويج وعرض منتجات أخرى أقل أو منعدمة الجودة، من قبيل السلع المصنعة في الصين الشعبية، والتي تعرَف بانعدام جودتها ونفور المستهلك المغربي منها، مما يجعلها حبيسة المستودعات والرفوف. ورغم كل هذا، يضيف نوكن أنه ما إن يعلن صاحب المتجر تخفيض ثمن بضاعته، حتى تجد النساء، بالخصوص، في تزاحم شديد، حيث يجعل ضعف القدرة الشرائية الكثير منهن يهرولن في اتجاه البضاعة، ولو نزل سعرها بدرهم واحد فقط.. حتى إن كثيرات منهن يتغاضين، أحيانا، عن جودة المنتج للحصول على سعر أقل من سعر منتج مماثل. ويخلص حسن إلى كون المستهلك ضحية في كل الأحوال، سواء صادف تخفيضات حقيقية -وخاصة المتعلقة منها بالمواد الاستهلاكية التي شارفت على انتهاء صلاحيتها- أو لا، الشيء الذي يجعل المستهلك المغربي ضحية غش التجار وتحايلهم على جيبه الفارغ أصلا، ما يجعله يتعامل مع الأسواق ومع منتجاتها بدون وعي، في غياب من يحميه.