وقف العشرات من المواطنين، صباح يوم أول أمس الثلاثاء، مشدوهين أمام هول الخسائر التي خلفها الحريق المهول الذي شب في «سوق مليلية» بمقاطعة المشور بوسط فاس ليلة الإثنين/الثلاثاء، وحوّل ما يقرب من 323 محلا تجاريا إلى رماد. وبدا هذا السوق الصفيحي، المعروف محليا، كأطلال تعرضت لعوامل تعرية قاسية. واسترجع مواطنون، وهم يقفون على هذا الوضع، ذاكرة سوق شعبي يعود ظهوره إلى ما يقرب من 24 سنة، بينما استسلم التجار، المصابون بصدمات كبيرة، للبكاء على ما حصدته الحرائق، وما تمت سرقته مما تبقى من بعض الأمتعة من قبل منحرفين لم يبالوا بمأساة أصحاب المحلات، ولم يشفقوا لحالهم، مما أصابهم، فعمدوا إلى استغلال وضع الصدمة، وانشغال عناصر الوقاية المدنية بإطفاء الحرائق، لسرقة ما يمكن سرقته في هذا السوق الذي كان يعتبر ملاذا للفئات الاجتماعية ذات الدخل المحدود لاقتناء ما يحتاجونه من ألبسة، ومواد منزلية بأثمنة تقدم على أنها مناسبة. وقال بعض تجار سوق مليلية، ممن التقتهم «المساء»، إن وعودا كثيرة أعطيت لهم من قبل المنتخبين، في حملات انتخابية سابقة، لتحويل مركبهم التجاري الصفيحي إلى مركب تجاري حقيقي بتجهيزات وبنيات تحتية مناسبة، لكن دون جدوى. وظل المجلس الجماعي لا يعرف التجار إلا أثناء حلول موظفين لاستخلاص ضرائب المحلات التجارية، بالرغم من أن المركب التجاري الصفيحي يوجد في منطقة مهمة بوسط المدينة، ويستدعي الاهتمام بجمالية العمران إعادة تأهيله. كما أن هيكلة القطاع التجاري والقضاء على البناء الصفيحي يستلزمان إعادة النظر في المركب.. وقال التجار إن الحريق خلف خسائر مادية كبيرة في محلاتهم، قدرت بمئات الملايين من السنتيمات. وأصبح عدد منهم بين عشية وضحاها في عداد المهددين بالتشرد والضياع، وبعضهم مهدد بالاعتقال، بسبب ارتفاع احتمال عدم قدرتهم على تسديد ديون تجارية بسبب الخسائر التي تكبدوها. وأصيب عدد منهم بإغماءات متكررة، وهم يشاهدون الرماد يتطاير من محلاتهم التجارية، والنيران تلتهم ممتلكاتهم. وذكر أحد التجار بأن سيدة توفيت بعدما أصيب بنوبة قلبية حادة، وهي تتفرج على مشاهد النيران وهي تلتهم المحل التجاري لابنها، المعيل الوحيد لأسرتها. ودعت السلطات المحلية التجار المتضررين إلى العودة إلى براريكهم التجارية، بعد إعادة بنائها، وتجهيزها. وانتقد التجار هذا التعامل، موردين بأنهم يحتاجون إلى دعم ومساندة في هذه المحنة. وقالوا إنهم يريدون أن تعمل السلطات على إعادة هيكلة هذا المركب الصفيحي، وتحويله إلى مركب تجاري نموذجي، وذلك بالاستعانة بأموال المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وهي الأموال المرصودة، من ناحية المبدأ، لتمويل مشاريع ذات منفعة اجتماعية لفائدة الطبقات الهشة في المجتمع، يضيف التجار المتضررون.