أكد الملك محمد السادس، الثلاثاء، استعداد المغرب للانخراط في الجهود الدولية الرامية إلى إحياء مسار السلام في الشرق الأوسط، مستثمرةً "الزخم الإيجابي" الذي أتاحه اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وذلك وفق رسالة وجهها إلى رئيس لجنة الأممالمتحدة المعنية بحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، كولي سيك. وقال الملك إن المغرب، "انطلاقاً من إيمانه الراسخ بعدالة القضية الفلسطينية وتمسكه بالسلام العادل"، يعتبر أن أي تحرك سياسي يجب أن يتم وفق "معايير واضحة وأفق زمني معقول"، بعيداً عن منطق إدارة الأزمات، بهدف تحقيق "الأمن والاستقرار والازدهار لجميع شعوب المنطقة".
ورحّب العاهل المغربي باتفاق وقف إطلاق النار الذي جاء بعد حرب مدمرة استمرت عامين في القطاع، معرباً عن أمله في "تنفيذ جميع بنوده"، بما يسمح بوقف "آلة التقتيل" وتخفيف معاناة المدنيين وفتح المجال أمام دخول المساعدات الإنسانية وإطلاق عملية إعادة الإعمار. وأشاد الملك بالدور "الحاسم" للرئيس الأميركي دونالد ترامب في التوصل إلى الاتفاق، مثمّناً "الجهود المستميتة" للوسطاء الإقليميين والدوليين. كما جدد استعداد الرباط للمساهمة في مختلف مراحل تنفيذ الاتفاق. وأشار الملك إلى أن اللحظة الراهنة "مفصلية" على طريق الفلسطينيين نحو الحرية والاستقلال، داعياً إلى الحفاظ على التعبئة الدولية لضمان احترام الاتفاق والمضي في مساراته كافة. وشدد على أن أي جهد لإعادة إطلاق عملية السلام يجب أن يستند إلى "رؤية حل الدولتين"، وإلى ضمان وحدة الضفة الغربية وقطاع غزة تحت السلطة الوطنية الفلسطينية. ودعا الملك إلى دعم السلطة الفلسطينية بقيادة محمود عباس، وتعزيز قدراتها السياسية والمالية، إضافة إلى رفع القيود المفروضة على الاقتصاد الفلسطيني وتشجيع جهود المصالحة لضمان وحدة الصف الفلسطيني تحت مظلة منظمة التحرير. وتطرّق الملك إلى وضع القدس، مؤكداً أنه "لا يمكن الحديث عن حل عادل ومستدام" دون معالجة هذا الملف، محذراً من أن "الاستفزازات الإسرائيلية" قد تقود إلى "دوامة صراع ديني" في المنطقة. وأشار إلى مواصلة المغرب جهوده في إطار رئاسته لجنة القدس، خصوصاً عبر وكالة بيت مال القدس الشريف. وذكّر الملك بأن المغرب أرسل منذ أكتوبر 2023 خمس دفعات من المساعدات الإنسانية إلى غزة، آخرها جسر جوي نقل نحو 300 طن من المساعدات عبر مسار بري "غير مسبوق". كما عبّر عن قلقه من "التدهور الخطير" في الضفة الغربية بسبب التوسع الاستيطاني واعتداءات المستوطنين، معتبراً أنها تهدد "الأساس المادي لحل الدولتين". وأشار العاهل المغربي إلى "الزخم الدولي المتزايد" المؤيد لإقامة دولة فلسطينية، والذي تجسد في سلسلة الاعترافات الجديدة، وفي الدينامية التي أطلقها "التحالف العالمي لتنفيذ حل الدولتين" بقيادة السعودية وفرنسا، مبرزاً أن المغرب استضاف في ماي 2025 الاجتماع الخامس لهذا التحالف. وختم الملك محمد السادس بالتأكيد على أن حل الدولتين أصبح "مطلباً آنياً تفرضه الواقعية السياسية"، ويحمل في الوقت نفسه بعداً إنسانياً يتمثل في "إنصاف شعب حُرم لعقود من حقوقه المشروعة وكرامته الإنسانية".