"عمر المختار" تنضم لأسطول الصمود    شرط كيم جونغ أون للحوار مع أمريكا    غوتيريش: إفريقيا بحاجة إلى شراكات    الدفاع الجديدي يوضح حادثة القميص    هزة ارضية جديدة بسواحل إقليم الحسيمة    تسجيل هزة ارضية بإقليم الحسيمة    نقابيو "سامير": الإرادة السياسية المتماهية مع مصالح لوبيات المحروقات هي السبب في خسائر الشركة    كندا وأستراليا وبريطانيا تعلن اعترافها بدولة فلسطين    "جبهة دعم فلسطين" تدين قمع احتجاجها بالدار البيضاء تضامنا مع غزة    بورتريه: أمينة بنخضرة.. سيدة الوعود المٌؤجَّلة    أخنوش يترأس الوفد المغربي في الدورة ال80 للجمعية العامة للأمم المتحدة    اعتقال ثلاثة نشطاء في تيزنيت على خلفية "حراك المستشفيات"    المغرب: زخات رعدية ورياح قوية يوم الأحد بعدة مناطق والحرارة مرتفعة نسبيا الإثنين    "حراك المستشفيات".. وزارة الداخلية تلجأ لقرارات المنع في مواجهة دعوات الاحتجاج المتزايدة    الجدل حول الإرث في المغرب: بين مطالب المجتمع المدني بالمساواة وتمسك المؤسسة الدينية ب"الثوابت"    انقلاب سيارة يخلف وفاة وإصابات    إنتاجات سينمائية عالمية تطرق أبواب القاعات المغربية في الموسم الجديد    "حين يزهر الخريف".. الكاتبة آسية بن الحسن تستعد لإصدار أول أعمالها الأدبية    تعادل مثير بين ا.تواركة وأ.الدشيرة    تواصل البحث عن القارب "ياسين 9" المختفي منذ 7 شتنبر وسط ظروف مناخية مفاجئة    البرتغال تعلن الاعتراف بدولة فلسطين    أخنوش: الإجراءات التي اتخذتها الحكومة شملت جميع الفئات    توضيحات بخصوص اعتماد المغرب مسطرة طلب ترخيص إلكتروني للدخول إلى التراب الوطني خلال كأس إفريقيا    الدولي المغربي صيباري يهز شباك أياكس في قمة الدوري الهولندي    موهوب يسجل في مرمى "أورينبورغ"    "كوباك" تعرض منتجات في "كريماي"    في بيان المؤتمر الإقليمي للاتحاد بالعيون .. المبادرة الأطلسية من شأنها أن تجعل من أقاليمنا الصحراوية صلة وصل اقتصادي وحضاري    جلالة الملك يهنئ رئيسة جمهورية مالطا بمناسبة عيد استقلال بلادها    الدوري الدولي لكرة القدم داخل القاعة بالأرجنتين..المنتخب المغربي يتفوق على نظيره للشيلي (5-3)    ميناء طنجة المتوسط يطلق مشروع توسعة بقيمة 5 مليارات درهم    الرجاء ينهي ارتباطه بالشابي وفادلو على بعد خطوة من قيادة الفريق    مصرع شابين في حادثة سير مميتة بإقليم شفشاون    المغرب يترقب وصول دفعة قياسية من الأبقار المستوردة الموجهة للذبح    الناظور.. اعتقال شرطي اسباني وبحوزته 30 كيلوغرامًا من الحشيش        خط أنبوب الغاز الإفريقي الأطلسي يجسد الرؤية الملكية الاستراتيجية من أجل إفريقيا أكثر اندماجا (أمينة بنخضرة)        دور الفرانكفونية تجدد الثقة بالكراوي        بنخضرة: خط أنبوب الغاز الإفريقي الأطلسي يجسد رؤية الملك للاندماج الإفريقي    مطارات أوروبية لازالت تعاني صعوبات في برمجة رحلات الأحد بعد هجوم سيبراني    عملية بئر لحلو.. إنزال عسكري مغربي مباغت يربك "البوليساريو" ويفضح تورطها مع شبكات التهريب    "اقطيب الخيزران" تدشن موسمها الفني بمسرح المنصور بالرباط    الأردن يعيد فتح معبر "الملك حسين" بعد 3 أيام من إغلاقه    استخدام الهواتف الذكية يهدد الأطفال بالإدمان    اتحاد طنجة لكرة القدم الشاطئية ينهي المرحلة الثانية بانتصار ثمين ويحافظ على صدارة الترتيب    "الغد كان هنا" منجية شقرون تقيم معرضا شاعريا بين الذاكرة والضوء    الشرادي يتغنى بالصحراء المغربية في قلب موريتانيا    الانبعاثات الكربونية في أوربا تبلغ أعلى مستوى منذ 23 عاما (كوبرنيكوس)    دراسة.. النحافة المفرطة أخطر على الصحة من السمنة    انفصال مفاجئ لابنة نجاة عتابو بعد 24 ساعة من الزواج    الرسالة الملكية في المولد النبوي    تقنية جديدة تحول خلايا الدم إلى علاج للسكتات الدماغية        تسجيل 480 حالة إصابة محلية بحمى "شيكونغونيا" في فرنسا    الذكاء الاصطناعي وتحديات الخطاب الديني عنوان ندوة علمية لإحدى مدارس التعليم العتيق بدكالة    مدرسة الزنانبة للقرآن والتعليم العتيق بإقليم الجديدة تحتفي بالمولد النبوي بندوة علمية حول الذكاء الاصطناعي والخطاب الديني    الملك محمد السادس يدعو العلماء لإحياء ذكرى مرور 15 قرنًا على ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مطرح بني يخلف الجديد.. هكذا حولت الروائح الكريهة حياة آلاف المواطنين إلى جحيم
جمعويون يراسلون المسؤولين لحماية المنطقة الفلاحية ويجمعون أزيد من ألف إمضاء
نشر في المساء يوم 09 - 07 - 2014

لتخليص مدينة المحمدية من جحيم المطرح العمومي القديم ومن المشاكل الصحية والبيئية والروائح الكريهة، بادرت السلطات العمومية إلى إنجاز مخطط إقليمي لتدبير النفايات يهدف بالأساس إلى إغلاق المطرح القديم وإدماجه في محيطه البيئي وإحداث مطرح عمومي جديد ومراقب مشترك بين عمالة المحمدية وإقليم بن سليمان، اختيرت له الجماعة القروية بني يخلف على الطريق الإقليمية رقم 3313 على بعد 8 كلم شرق مركز الجماعة المذكورة، سيكون نموذجا لإحداث مطارح جديدة بالمغرب. المشروع الجديد نزل بردا وسلاما على مدينة المحمدية، غير أنه انقلب إلى جحيم على منطقة بني مغيث، التابعة للجماعة القروية بني يخلف، التي أصبحت تعاني من مشاكل بيئية وصحية، حيث تستقبل يوميا عشرات الشاحنات وهي محملة بأطنان من النفايات الكريهة التي أثرت على «البشر والحجر»، وفق إفادات بعض السكان المجاورين، بل إن الضرر شمل الزراعة والمواشي وتسبب في نفوق العديد منها وكساد للفلاحين بسبب جحافل من طيور «عوة» و«اللقلاق» التي تكتسح المزارع وتأتي على أخضرها ويابسها بحثا عما يسد رمقها. «المساء» انتقلت إلى منطقة بني مغيث وجماعة بني يخلف واستقت آراء عدد من السكان الذين عبروا عن استنكارهم لهذا الوضع.
«ما عادت الحياة تطاق هنا. الروائح الكريهة تنتشر بكل مكان وقلبت استقرارنا إلى معاناة يومية وخطر يهدد صحة أطفالنا، فأصبح الكثير من السكان يفكر بجدية في الهجرة نحو مناطق أخرى خوفا على صحته من الأضرار الجانبية للمطرح»، يقول إدريس (أحد سكان منطقة بني مغيث التابعة لجماعة بني يخلف بإقليم المحمدية) ل«المساء»، وهو يؤكد أن أطفال المنطقة أصبحوا يعانون من مشاكل في التنفس ومن الحساسية على وجه الخصوص.
وقال سعيد (ابن المنطقة نفسها): «القضية ما عمرها تكون مكمولة لا بد من شي حاجة عوجة»، وهو يشير بيده نحو الطريق المعبدة التي أنهت معاناة سكان المنطقة، والتي كانت في وضعية مهترئة جدا، بل إن اللمسات الأخيرة جارية لتثبيت الأعمدة حيث سيتم تزويدها بالكهرباء العمومية، طبعا، يضيف المصدر ذاته، «ليس حبا في عيون سكان المنطقة ولكن لتأمين وصول شاحنات الأزبال التي تستعمل هذه الطريق على مدار الساعة إلى مطرح النفايات المراقب الجديد».
واقع جديد لا عهد لجماعة بني يخلف الفلاحية به، والتي كانت تنعم بطبيعة خلابة وجو صحي. روائح نتنة تنتشر على بعد كيلومترات من مطرح النفايات المراقب. هذا الواقع دفع جمعية محلية إلى التحرك استجابة لاستغاثة بعض المتضررين، خاصة بمنطقة بني مغيث المتاخمة للمطرح، ورفع شكاية في الموضوع مرفقة بمئات التوقيعات ومعززة بصور توثق للأضرار من طرف الجمعية نفسها إلى وزير الداخلية وإلى الوزيرة المنتدبة المكلفة بالبيئة وعامل عمالة المحمدية وقائد قيادة بني يخلف ورئيس المجلس القروي لجماعة بني يخلف، ناشدوا من خلالها الوقوف على المشكل البيئي «الخطير» الذي أصبحت تعيشه الجماعة بسبب هذا المطرح، والذي قلب حياة السكان بالجماعات المجاورة للمطرح، خاصة السكان الموجودين بجوار الطرق المؤدية إليه. الفاعلون الجمعويون طالبوا بتفعيل آليات المراقبة التي يخولها القانون للجماعة في لقاء جمعهم بقائد جماعة بني يخلف لمعرفة مدى احترام ما تضمنه دفتر التحملات.
عصارة الأزبال
على امتداد الطريق المؤدية إلى المطرح انطلاقا من الجماعة القروية بني يخلف -الطريق الإقليمية رقم 3313 – ستجد بقايا أزبال وعصارة ما تحمله شاحنات الأزبال التي تستعمل الطريق المذكورة وتقطع يوميا لعدة مرات 8 كلم شرق مركز الجماعة المذكورة للوصول إلى المطرح المعني، الذي يتربع بحجمه الهائل على مساحة كبيرة تقدر ب9 هكتارات. لا تبدو من المطرح المذكور سوى كتل ضخمة من الأزبال وآلات حديدية تتحرك بداخله وجرافات، طبعا لا يمكن لأي أحد الوصول إلى داخله، ولا يسمح حتى بالاقتراب منه إلا بالنسبة إلى العاملين به، فيما يمنع منعا كليا على الغرباء الدخول إليه. سكان المنطقة الذين التقت بهم «المساء» أكدوا أن مخلفات شاحنات النقل تمثل مشكلا حقيقا وسببا رئيسيا في انتشار الروائح الكريهة، خاصة بالنسبة إلى المناطق التي تبعد عن المطرح ومع ذلك يصلها التأثير، الذي هو بالأساس ينبعث من الشاحنات ومن مخلفات عصارتها على الشارع والسبب، يقول فاعلون جمعويون إن عملية النقل «لا تتم بالشكل الصحيح»، مؤكدين أن شاحنات نقل النفايات لا تتوفر من ناحية الشكل على المواصفات اللازمة، فهي «عبارة عن شاحنات لنقل الرمال ذات صناديق مفتوحة ولا يمكنها قطعا أن تحفظ بداخلها السوائل الناتجة عن الأزبال، كما أنها لا تتم تغطيتها بقطع من البلاستيك أو غيره لمنع تطايرها»، والنتيجة طبعا، تقول شكاية الجمعويين: «سوائل خطيرة وروائح كريهة تزكم أنوف السكان وتضر بصحتهم وصحة أطفالهم وكل مستعملي هذه الطريق».
وأضاف الجمعويون أنفسهم أن «الشاحنات التي تخصص لنقل الأزبال يفترض فيها أن تخضع للتنظيف وهو ما لا يظهر على شاحنات مطرح النفايات الجديد ببني يخلف»، بالإضافة إلى وضعيتها، مما يسهل من انتشار السوائل على طول الطريق، خاصة في ساعات ما بعد الإفطار، يقول بعض السكان، نظرا إلى طبيعة المخلفات المنزلية التي غالبا ما تكون إما أزبالا مبللة بالماء أو أنها عبارة عن سوائل في الأصل»، تضيف المصادر ذاتها. زد على ذلك تضيف المراسلة ذاتها أن «السكان طالما عاينوا سقوط كميات من حمولات الأزبال الكريهة في الشارع المذكور وهو ما أثار استياءهم، خاصة أن المناطق المجاورة هي عبارة عن أراضي فلاحية ويفترض أن تتم مراعاة هذا المعطى».
تباطؤ
عند وصول حمولات النفايات إلى المطرح، تقول مراسلة الفاعلين الجمعويين، يكتمل المشهد، وتزداد معه حدة المعاناة التي تتمثل أساسا في انتشار الأزبال، حيث إن عملية طمر النفايات تكون متباطئة جدا، وتبدو أكوام ضخمة تنبعث منها روائح «لا تحتمل» تهب «نسائمها» في جميع الاتجاهات وفقا لمجرى الرياح، ليصل الضرر إلى أكبر عدد من السكان الضحايا على بعد كيلومترات، حيث أكدت مصادر ل«المساء» أن الروائح المنبعثة يصل تأثيرها أحيانا إلى حوالي 10 كيلومترات، وحتى بالنسبة إلى المناطق التي تعتبر بعيدة كمركز جماعة بني يخلف ومركز الجماعة القروية الفضالات على سبيل المثال، خاصة عندما تهب رياح قوية تحمل معها هذه الروائح في جميع الاتجاهات، لكن السكان المجاورين يتأثرون باستمرار، سواء من الروائح التي تنبعث من المطرح أو من خلال العصارات والأزبال المتناثرة على طول رحلة الشاحنات إلى غاية بلوغ المزبلة الضخمة، تقول المراسلة ذاتها التي تتوفر«المساء» على نسخة منها.
وأضافت أنه يتم استعمال أكثر من 10 حفر وصفتها الشكاية ذاتها بأنها «عادية» وهي مملوءة عن آخرها بعصارة الأزبال، والتي يفترض أن تتم معالجتها بشكل يحول دون التأثير على الفرشة المائية والمياه الجوفية بالمنطقة. وأضافت المصادر ذاتها أن مساحة الحفرة الواحدة تناهز 120 مترا مربعا تستعمل لتجميع السوائل «الخطيرة» الناتجة عن النفايات، مما يعرض الفرشة المائية إلى التلوث ويزيد من انتشار الروائح النتنة التي تكتسح المكان ويستحيل على عابر غريب عن المنطقة ألا يشمها، بل إن استنشاق الهواء أحيانا يكون صعبا بسبب هذه الروائح.
أخطار
بالإضافة إلى الأخطار الصحية التي تم التطرق إليها، والتي تحدث عنها عدد من السكان الذين استقت «المساء» آراءهم بخصوصها، حيث انقلبت حياتهم رأسا على عقب بسبب الأخطار التي يمكن أن تتسبب فيها مخلفات هذا المطرح والذي سيكون سببا، حسب هؤلاء، في هجرة السكان هروبا من جحيم الروائح الكريهة وإمكانية أخطار صحية محدقة تحدثوا عنها ل«المساء». مصدر من المنطقة ذكر في اتصال ب»المساء» أنه عاين بنفسه «العشوائية» في نقل الأزبال بالنسبة إلى بعض الشاحنات، خاصة تلك التي تحمل مخلفات تحتوي على نسبة كبيرة من المياه، مضيفا «شاهدت بأم عيني شاحنة قادمة من المحمدية كانت محملة بكمية كبيرة من أحشاء الدواجن المتعفنة المعروفة برائحتها التي لا تحتمل، حيث كانت تخلف وراءها خطا عريضا من العصارة الكريهة». طبعا الضرر موجود والضحية السكان المجاورون للمنطقة التي تغيرت طبيعتها من منطقة فلاحية نضرة إلى منطقة تستقطب أطنانا من الأزبال اليومية، والمشكل أنه تم في البداية التأكيد على أن تلك الأزبال لن يكون لها أي تأثير على المنطقة، يضيف المصدر ذاته، وهو ما لم يتم الالتزام به، بدليل أن الروائح تصل إلى السكان وأن عصارتها تلطخ الطريق التي أنجزت أساسا لتسهيل عملية مرور هذه الشاحنات، يقول المصدر ذاته.
حيوانات نافقة
أكد لحسن (ابن المنطقة) أن عددا كبيرا من الحيوانات أصبحت تنفق لأسباب لا يعلمونها، وأن ما جعلهم يشكون في أن المطرح قد يكون سببا في ذلك هو أن هذه الحيوانات ترعى وترتوي من مياه «واد نفيفيخ»، مضيفا أن عصارة الأزبال التي تتم مراكمتها في المطرح تصل إلى الواد، وهي التي «تضر بالمواشي».
«الكسيبة مشات»، يقول المصدر ذاته، وهو يؤكد تراجع تربية المواشي بالمنطقة، خاصة بعد ارتفاع عدد الحيوانات النافقة، والتي ترعى بالواد الذي يشكل مرعى أساسيا ومهما بالنسبة إلى الفلاحين بالمنطقة. شكاية الجمعية المحلية التي توصلت بها «المساء» أكدت أيضا أن «بعض السكان عاينوا السوائل الخطيرة(lixivia / ليكسيفيا) الناتجة عن النفايات، والتي تصل إلى مجرى وادي نفيفيخ الذي يبعد عن المطرح بحوالي كيلومتر واحد، الشيء الذي أدى، تضيف الشكاية ذاتها إلى «تلويث مياه الواد وتلويث الفرشة المائية، ونفوق عدد كبير من أسماك واد نفيفيخ وتشكيل خطر على المواشي التي ترتوي من مياه هذا الواد وكذا على السكان، خاصة بعدما نفق عدد منها لأسباب يجهلها السكان، ومنها من نفق بالواد نفسه».
جحافل من اللقالق و«عوة»
أسراب من اللقالق والنوارس (عوة) تجتاح المنطقة، بل تجتاح أراضي فلاحية مزروعة، والنتيجة «إتلاف تلك الزراعات وتكبيد صاحبها الخسارة»، يقول أحد سكان المنطقة، حيث عاينت «المساء» مئات اللقالق وطيور «عوة» التي توجد على مطارح الأزبال التي تتغذى من مخلفاتها وهي تكتسح مجالات زراعية خضراء تنقب عما تتغذى به من منتوجاتها الفلاحية، وهو ما تسبب في غضب الفلاحين الذين تضرروا من هذه الظاهرة الجديدة التي لا عهد لهم بها، فأصبح همهم الشاغل هو البحث عن سبل لمنع تلك الطيور المهاجرة من تخريب محاصيلهم الزراعية وتكبيدهم خسائر كبيرة، وأغلب الأراضي الفلاحية عاينت «المساء» أن أصحابها نصبوا «عزافات» بها لتخويف تلك الطيور التي تظل مصممة على إشباع بطونها من تلك المحاصيل على اختلافها.
وأضاف مصدر من المنطقة نفسها أن الطماطم تبقى أكثر المحاصيل عرضة للتلف من قبل هذه الطيور، لذلك يحرص الفلاحون بالمنطقة على الاشتغال بطرق معينة ودقيقة لمنع وصول تلك الطيور إليها من قبيل تثبيت شباك وقطع من البلاستيك على المزروعات لمنع الوصول إليها، غير أنه على الرغم من ذلك، فإن بعض الطيور تتمكن من إحداث ثقوب بتلك القطع لإشباع غريزتها في الأكل.
وعود تبخرت
تطالب الفعاليات الجمعوية بالمنطقة بتشديد المراقبة على عملية نقل ومعالجة النفايات داخل المطرح الذي قيل عنه الكثير، وبأنه لن يشكل أي خطر على السكان وعلى منطقتهم، وبأنه لن تنبعث منه أي روائح كريهة، بل على العكس سيساهم في تنمية المنطقة ويوفر فرص شغل لأبنائها وسيراعي المعايير العالمية فيما يخص النقل ومعالجة النفايات مع استعمال أحدث التقنيات، يقول الفاعلون أنفسهم، وهو ما جعل الجماعة ترحب بهذا المشروع الذي انقلب اليوم إلى جحيم في ظل «الروائح الكريهة التي لا تطاق». الفعاليات نفسها أكدت أن دفتر التحملات الذي يفترض أن يحمي السكان والبيئة «تبخر»، تضيف المراسلة ذاتها، ولم يبق منه سوى الروائح النتنة التي يستنشقها السكان صباح مساء، وعصارة خانقة سلبتهم الحق في العيش في مناخ صحي وسليم. وأضافت أن كل الوعود التي تم تأكيدها لهم تبخرت، منها أنه لن تنبعث أي روائح كريهة من المطرح الجديد، بل على العكس سيكون نموذجا لإحداث مطارح جديدة بمناطق أخرى بالمغرب، وأن الإخلال بهذه الوعود هو الدافع إلى جمع ما يفوق 1000 توقيع أصحابها جميعا يؤكدون على صدق معاناتهم اليومية وينددون بهذا المطرح الذي وصفته المراسلة ب«الكارثي»، والذي أنجز بمنطقة آهلة بالسكان وليس في منطقة خلاء، بل إنها منطقة فلاحية خصبة. وتساءل الفاعلون أنفسهم عن المقاييس التي تم اعتمادها لاختيار هذا المكان الذي احتضن المطرح؟ مطالبين بحماية السكان والبيئة من الخطر بعد مرور سنتين على استغلال هذا الأخير، أو على الأقل إنشاء خلية للتتبع واحترام مضامين دفتر التحملات الذي تقول المصادر الجمعوية إن الجماعة المحتضنة للمشروع لا تتوفر على نسخة منه، الشيء الذي يعرقل عملية المراقبة، وأنه تمت مراسلة الجهات المعنية من أجل الحصول على نسخة منه وأن مشكل المطرح ودفتر التحملات سوف يناقش بشكل رسمي خلال دورة يوليوز 2014 .
يذكر أن «المساء» انتقلت إلى المطرح الجديد ببني يخلف وطالبت بإجراء مقابلة مع أحد المسؤولين به، غير أنه تم رفض استقبالها بعلة أنه يمنع منعا كليا على كل غريب الدخول إلى المطرح، كما طالبت بمدها بالهاتف المحمول لأحد المسؤولين، حيث تم الرفض أيضا بشكل قطعي، مما تعذر معه أخذ وجهة نظر أحد مسؤولي هذا المطرح بخصوص الأضرار التي يقول السكان إنه السبب الرئيسي فيها.

المطرح الجديد
تبلغ المساحة الإجمالية للمطرح 47 هكتارا، على أن الشطر الأول يضم 9 هكتارات. ويتكون هذا الشطر من بناية لفرز النفايات وحوض لطمر النفايات لمدة خمس سنوات وحوض لتجميع العصارة الناجمة عن تراكم الأزبال وحوض آخر لتجميع مياه الأمطار الملوثة. ومن أجل حماية المطرح من تكاثر النفايات تم بناء حائط مانع لها، بالإضافة إلى شبكة لتصريف السوائل وتجميعها بالأحواض.
بخصوص تسيير المطرح، تم التأكيد أنه عهد إلى شركة «ايكوميد» ECOMED عن طريق طلب عروض دولي تقدمت إليه ست شركات، وتم اختيار هذه الشركة حسب معايير قانون الاستشارة والتزامات دفتر التحملات المنجز من طرف وزارة الداخلية وكتابة الدولة المكلفة بالماء والبيئة، الجهتين اللتين مولتا شراء العقار وتجهيز المطرح.
تستخلص مستحقات معالجة النفايات عن التجميع من طرف مصالح النظافة والشركات المنتدبة في هذا المجال للجماعات التابعة لكل من عمالة المحمدية وإقليم بن سليمان حسب ثمن الطن، وهو 117 درهم للطن الواحد وحسب الكمية المودعة في المطرح لكل جماعة على حدة.
مجموع ما أنتجته الجماعات التابعة لعمالة المحمدية وإقليم بن سليمان سنة 2010 هو 135090 ألف طن، في حين يتوقع أن تصل هذه الكمية إلى 166455 سنة 2015.
وفيما يخص تسيير المطرح، فإنه طبقا لمقتضيات الميثاق الجماعي، فقد تم إحداث مجموعة الجماعات المحلية وتضم جميع الجماعات المعنية بالمطرح الجديد. تم انتخاب رئيس لها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.