إسترجاع وادي الذهب ملحمة بيعة وإنتصار في مسار إستكمال الوحدة الترابية    الصين تطلق مجموعة جديدة من الأقمار الصناعية للانترنت    ذكرى استرجاع وادي الذهب: محطة تاريخية مهمة في مسار الوحدة الترابية للمملكة    فريد الصمدي مدير مهرجان السلام والتعايش ببروكسيل يكرم في العاصمة الرباط    ذكرى استرجاع وادي الذهب .. ملحمة تجسد التلاحم بين العرش والشعب    اصطدام عنيف بطنجة البالية يُسفر عن انقلاب سيارة وإصابة أربعة أشخاص        شبكة دولية وراء محاولة تهريب كوكايين من البرازيل إلى المغرب        المعركة في سماء شفشاون .. الطائرات في سباق مع الزمن!        ريمونتادا قاتلة تتوج باريس سان جرمان بطلاً للسوبر الأوروبي    هل يتحقق حلم حكيمي؟!    نتنياهو و"إسرائيل الكبرى" .. استعمار بوجه جديد وخريطة توسعية بلا حدود    الحضور السياسي للشباب..    "قطبية" دوغين و"مدينة" أفلاطون    سلطان يلهب الجمهور ب"الركادة"    التحكم في ثلاث من أصل أربع بؤر كبيرة من الحريق الغابوي بجماعة دردارة بشفشاون    أب أبكم وابنه يلقيان حتفهما غرقاً في حوض مائي بنواحي قلعة السراغنة    المحلي ينهي الاستعدادت للقاء زامبيا    باريس سان جرمان يحرز كأس السوبر الأوروبية على حساب توتنهام            منحة سنوية بقيمة 5000 درهم لأساتذة المناطق النائية    سلوك اللاعبين في مباراة كينيا يُكلف الجامعة غرامة من "الكاف    موريتانيا "تفاجئ" بوركينافاسو بالشان    حرب تجارية تشتعل بين الصين والاتحاد الأوروبي    المداخيل الجمركية بالمغرب تتجاوز 54,79 مليار درهم وتواصل صعودها    وفاة مبدع «نجمة أغسطس» و«اللجنة».. صنع االله إبراهيم    "آخر اختيار" يتوج بجائزة أفضل فيلم روائي بالهند    الطماطم المغربية تغزو السوق الدنماركية وتسجل نموا قياسيا في الصادرات    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الأحمر    "مناجم"... رقم المعاملات يبلغ 4،42 مليارات درهم عند متم يونيو 2025    المغرب: إشعاع ثقافي متصاعد وتحديات تمثيل صورته في السينما الأجنبية    على بعد مسافة…من حلم    الناشط أسيدون يلازم العناية المركزة    رواج ينعش استعمال "كتابة النساء" في الصين        الدكتور بوحاجب: غياب مراقبة الجودة أحيانا يفتح المجال أمام التلاعب بصحة الناس..!!    نائب يميني متطرف يستفز المغرب برفع العلم الإسباني على صخرة محتلة قبالة الحسيمة    ذكرى استرجاع وادي الذهب.. المشاريع الملكية تحوّل الصحراء المغربية إلى قطب اقتصادي وتنموي متكامل            تفشي بكتيريا مرتبطة بالجبن في فرنسا يودي بحياة شخصين ويصيب 21 آخرين    فرنسا.. توقيف مراقب جوي بعد قوله "فلسطين حرة" لطاقم طائرة إسرائيلية    تراجع الدولار مع ترقب خفض أسعار الفائدة الأمريكية في شتنبر    دول أوروبية تتوعد النظام الإيراني بإعادة تفعيل آلية العقوبات    تسكت تتألق في أمسية "رابافريكا"        دورة سينسيناتي لكرة المضرب: ألكاراس يتأهل لثمن النهاية    غزة: صندوق الثروة السيادية النرويجي يسحب استثماراته من 11 شركة إسرائيلية    عوامل تزيد التعب لدى المتعافين من السرطان    دراسة: استعمال الشاشات لوقت طويل قد يزيد خطر الإصابة بأمراض القلب لدى الأطفال والمراهقين    "بعيونهم.. نفهم الظلم"    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الفراشة».. عندما يقود الفقر إلى احتلال الملك العمومي
أزيد من 230 ألف بائع «يحتلون» شوارع وأرصفة المملكة يتمركز نحو 25 % منهم بالعاصمة الاقتصادية
نشر في المساء يوم 05 - 10 - 2014

«كيفاش ندير حتى نكمل الجامعة ونا خاصني باش نكري ونركب إلا ما درت فراشة في لعشيا ندخل منها شي بركة؟» الكلام هنا، لواحد من «الفراشة» حاول تبرير وجوده في الشارع مفترشا الأرض ويحاول كسب رزقه إلى جانب كم كبير من الباعة الذين احتلوا شوارع المدن المغربية.
نبيل ليس سوى واحد من أزيد من 230 ألف بائع «يحتلون» شوارع وأرصفة المملكة، ويتمركز نحو 25 بالمائة منهم فقط بالعاصمة الاقتصادية الدارالبيضاء ولا يستغرب المرء حين قيامه بجولة بزنقة الشمال، أو قيسارية الحفاري، وعلى طول شارع محمد السادس أن يرى مشهدا واحد، يحيلك على مشاهد روايات الكاتب المصري نجيب محفوظ الحارة هناك، والأزقة هنا، لا شيء يختلف اكتظاظ و«استعمار» للأرصفة من قبل باعة يتذرعون ب«قلة الشي» و«فين هي الخدمة؟؟».
أرقام مخيفة
وفق دراسة سابقة كانت أنجزتها المديرية الجهوية للمندوبية السامية للتخطيط بجهة الدارالبيضاء، بناء على تحقيق أجرته حول هذه الظاهرة فإن عدد الباعة المتجولين يناهز 128 ألفا و572 بائعا متجولا، أي ما يمثل 10 في المائة من الأشخاص النشيطين بالجهة وتحتضن عمالة مرس السلطان الفداء بالدارالبيضاء لوحدها، أزيد من 13 ألفا و300 بائع متجول، وأوضحت الخلاصات التي توصل إليها التحقيق أن متوسط رأس المال المستخدم يناهز 3 آلاف درهم، في حين أن 45 في المائة من العدد الإجمالي للباعة لا يتعدى رأس مالهم 1000 درهم، ويقل عن 500 درهم بالنسبة إلى 22 في المائة منهم، بينما لا تتعدى نسبة الذين يصل رأس مالهم إلى 4 آلاف درهم، 18 في المائة.
«التطبيع» مع «الفراشة»
أصبحت «الفراشة» ظاهرة وعادة مألوفة في وقتنا الحالي، ولا يستغرب منها المواطنون رغم أنها تحتل جزءا كبيرا وحيويا من الملك العمومي وتفرض سياسة الأمر الواقع في بعض الأزقة والأحياء والشوارع في جل مدن المملكة وأصبح «ممتهنوها» ينافسون أرباب المحلات التجارية الذين يوجدون في وضع قانوني، إذ صاروا عاجزين عن بيع سلعهم بسبب هذه المنافسة غير الشريفة التي تكبدهم خسائر مهمة.
إستفحل الأمر وتفاقم وإزداد سوءا على أصحاب المحلات التجارية، ففي شارع محمد السادس بالدارالبيضاء مثلا وبالضبط في أحد الأزقة المعروفة بزنقة « الشمال « و» قيسارية الحفاري « ثار أصحاب المحلات التجارية في أكثر من مرة والتجؤوا إلى مراكز الشرطة ووضعوا شكايات ضد ممارسي « تجارة الرصيف»، لكن هذه الظاهرة استطاعت الحفاظ على ذاتها والمقاومة من أجل البقاء واحتلال هذا الشارع الذي أصبح فضاء تجاريا عشوائيا بامتياز، ما أدخل الباعة المتجولين في لعبة كر وفر مع أفراد القوات المساعدة وأعوان السلطة، الذين أصبح البعض منهم أمام خيارين، إما الانصياع للتعليمات أو الجري وراء ما يجود به عليهم أصحاب هذا الكسب غير المشروع .
« الاحتلال الجديد»
يعرض «الفراشة» صباح مساء كل ما يحتاجه المستهلك ابتداء من الملابس، بكل أنواعها وألوانها، ثم المعدات المنزلية والكهربائية، مرورا بالسكاكين الحادة والسواطير والمسنات و«الشوايات» و«المقاد»... التي تزامنت مع دخول عيد الأضحى، والعطور وأدوات الزينة وإنتهاء بالمعلبات الغذائية، محولين بذلك الشوارع والأزقة التي يحتلونها إلى أسواق شعبية، حيث يتعالى صراخهم وأحيانا يستعملون حتى الأهازيج والأغاني الشعبية يبثونها من أجهزة بالية لتبعث أصوات صاخبة، القصد منها جذب الانتباه .
الواقع أن ظاهرة الباعة المتجولين عرفت في الدارالبيضاء بالذات خلال السنوات الأخيرة تناميا لافتا، سواء في أعدادهم أو الأمكنة التي يستغلونها، حتى باتت الشوارع الرئيسية للعاصمة الاقتصادية اليوم مسرحا لعشرات الآلاف من الباعة الذين يفرشون بضائعهم على الأرض فوق قطع بلاستيكية أو يجرون عربات يضعون عليها سلعهم ومع أن السلطات المحلية في بعض المدن حاولت تنظيم نشاط الباعة المتجولين عبر « أسواق نموذجية « وتنظيم حركة البيع طبقا لجدول أسبوعي، فإن جميع هذه المحاولات باءت حتى الآن بالفشل وقوبلت بالرفض القاطع من طرف الباعة.
منافسة حادة
حاولت الدولة منذ سنوات طرح حلول وبدائل للحد من ظاهرة « الفراشة « عبر خلق أسواق نموذجية، إلا أن هذا المشروع مات في المهد وأصبح في خبر كان ولا يمكن للمرء وهو يتجول وسط الحرفيين والتجار إلا أن يلمس نوعا من عدم الرضى حول هذه الظاهرة والذي يبدو جليا من خلال ملامحهم، شمس الدين أشباني 42 سنة مهني ومكتري محل داخل سوق اليوسفية النموذجي التابع لجمعية النهضة والمحاذي للمحطة الطرقية أولاد زيان يحكي ل «المساء»، أن هذا السوق فتح أبوابه الأولى خصيصا لذوي الاحتياجات الخاصة وأصحاب التجارة غير المنظمة، من أجل تحسين وضعيتهم الاجتماعية والهروب من لعبة الكر والفر التي تواجههم من قبل السلطات المحلية، ولكن للأسف الشديد هؤلاء الباعة المستفيدون من هذه المحلات قاموا مباشرة بعد تسليمهم المفاتيح ببيعها للتجار المهنيين والرجوع إلى ما كانوا عليه، نظرا لعدم قبولهم بالموقع الذي هو بعيد عن أعين الزبائن والذي لم ينتج لهم سوى الخسارة في المستقبل، وأضاف أشباني أن المشكل العويص في هذا السوق يرجع أصله إلى السلطات المحلية التي قامت بمنح العديد من أصحاب « الفراشات « محلات داخله والسماح لهم بالرجوع إلى تجارة الرصيف. .
غير بعيد عن هذا السوق وبالضبط بزنقة المعمورة المعروفة ب«قيسارية الحفاري «عبد الله 33 سنة، صاحب «فراشة» يرى أن هذا المكان معروف بالتجارة منذ زمن طويل خاصة تجارة الرصيف التي تعرف إقبالا متزايدا لدى المواطنين المغاربة وتستجيب لمتطلباتهم، بحيث جل مستهلكي هذه التجارة أصبحوا يعرفون هذا المكان ويتوافدون عليه من كل حدب وصوب، وأضاف بأن جل السلع المعروضة فوق الرصيف هي بضاعة المحلات التجارية، وأكد كذلك أن «الفراشة» هي لكتخلي أصحاب المحلات يبيعوا سلعتهم، فحنا لكروجوها ليهم ونجيبوا ليهم الزبائن»، من جهته يرى زكرياء صاحب «فراشة» في زنقة «الشمال»، بدوره أن العديد من أصحاب المحلات التجارية أصبحوا يستغلون الأماكن العمومية المقابلة لمحلاتهم التجارية بوضع سلعهم ومنتجاتهم وأن الكثير منهم صاروا يكترون هذه الأماكن لأصحاب الرصيف تحت دافع الاستثمار الممنهج الهادف إلى الربح السريع، إذن فكيف يعقل لأصحاب التجارة المنظمة كما يدعون بأن يقوموا بهذه الأفعال المخالفة للقانون...!؟ .
عبد الرحيم من ساكنة درب السلطان: « لا يعقل أن يستمر الوضع بهذا الشكل خاصة وأن العديد من هؤلاء الباعة لا يحترمون الغير ولا يفكرون سوى في مصلحتهم، حيث يخلفون وراءهم أكواما من النفايات « .
كل الطرق تؤدي
إلى الملك العمومي
غير بعيد عن المكان لا يمكن للمرء إلا أن يلاحظ وجود عدد كبير من التاجرات في مجموعة من أحياء وأزقة شارع محمد السادس، اللائي اضطرتهن الظروف للخروج إليه وعرض سلعهن فوق الرصيف، خديجة صاحبة «فراشة»، تتحدث «أنا زوجي عاطل وأم لخمسة أطفال، فإذا لم أخرج لم نجد ما نأكله وأولادي لن يتعلموا، ليس عيبا الخروج لممارسة هذا النوع من التجارة في غياب بديل حقيقي، علما بأنني أكسب منها بعرق جبيني، فهو نشاط شريف كباقي الأنشطة الأخرى».
من المؤكد أن المتضرر الكبير، في ظل انتشار ظاهرة البيع في الشارع العام، هم التجار القانونيون أصحاب الرخص الذين يتكبدون ثقل الفواتير المتتالية، حيث يقول أحد التجار «يجب تدخل الجهات الرسمية للحد من هذه الظاهرة التي هي في تزايد خطير، وذلك بإحداث مراكز تجارية بأثمنة معقولة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.