أخنوش يرد على خصومه: الدولة الاجتماعية ليست مشروعا ل"البوليميك" والحكومة أحسنت تنزيله    عاجل.. كأس إفريقيا 2025 بالمغرب سيتم تأجيلها    إستئنافية أكادير تصدر حكمها النهائي في قضية مقتل الشاب أمين شاريز    الشاطئ البلدي لطنجة يلفظ جثة شاب فقد الأسبوع الماضي    الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم تصدر بلاغا حول قرار معاقبة اتحاد العاصمة الجزائري    "فوتسال المغرب" في المركز 8 عالميا    بالأرقام .. أخنوش يكشف تدابير حكومته لمساندة المقاولات المتضررة جراء الأزمة الصحية    سانشيز: أفكر في إمكانية تقديم الاستقالة بعد الإعلان عن فتح تحقيق ضد زوجتي بتهمة استغلال النفوذ والفساد    مكافأة مليون سنتيم لمن يعثر عليه.. هذه معطيات جديدة عن حيوان غريب ظهر في غابة    هادي خبار زينة.. أسماء المدير مخرجة "كذب أبيض" فلجنة تحكيم مهرجان كان العالمي    قميصُ بركان    مطار مراكش المنارة الدولي: ارتفاع بنسبة 22 في المائة في حركة النقل الجوي خلال الربع الأول من 2024    طقس الخميس.. أجواء حارة وقطرات مطرية بهذه المناطق    المغرب ومنظمة "الفاو" يوقعان على وثيقة "مستقبل مرن للماء" بميزانية 31.5 مليون دولار    رئيس وزراء اسبانيا يفكر في الاستقالة بعد فتح تحقيق ضد زوجته في قضية فساد    تسريب فيديوهات لتصفية حسابات بين بارونات بتطوان    اللجنة الجهوية للتنمية البشرية بالشمال تصادق على برنامج عمل يضم 394 مشروعا برسم سنة 2024    العدو الجزائري يقحم الرياضة من جديد في حربه على المغرب    القضاء الفرنسي يؤكد إدانة رئيس الوزراء السابق فرانسوا فيون بقضية الوظائف الوهمية    الجزائر تتوصل رسميا بقرار خسارة مباراة بركان و"الكاف" يهدد بعقوبات إضافية    النصب على حالمين بالهجرة يقود سيدتين الى سجن الحسيمة    أخنوش: الحكومة دأبت منذ تنصيبها على إطلاق مسلسل إصلاحي جديد وعميق يحقق نهضة تربوية وثورة تعليمية    الجامعة الملكية لكرة القدم تتوصل بقرار ال"كاف" بشأن مباراة نهضة بركان واتحاد العاصمة الجزائري    بطولة فرنسا لكرة القدم.. باريس سان جرمان يفوز على مضيفه لوريان 4-1    الكاف: نهضة بركان ربحو USMA بثلاثية فالألي والروتور ملعوب فوقتو فبركان    بنكيران يهاجم أخنوش ويقول: الأموال حسمت الانتخابات الجزئية    توقعات بتأجيل كأس أمم أفريقيا المغرب 2025 إلى يناير 2026    وزير النقل… المغرب ملتزم بقوة لفائدة إزالة الكربون من قطاع النقل    لأول مرة في التاريخ سيرى ساكنة الناظور ومليلية هذا الحدث أوضح من العالم    أخنوش مقدما الحصيلة المرحلية: إجراءات الحكومة هدفها مناعة الأسرة التي هي "النواة الصلبة لكل التدخلات"    خارجية أمريكا: التقارير عن مقابر جماعية في غزة مقلقة    إستعدادُ إسرائيل لهجوم "قريب جداً" على رفح    قطب المنتجات المجالية نقطة جذب لزوار الملتقى الدولي للفلاحة بالمغرب 2024    سنطرال دانون تسلط الضوء على التقدم المحقق في برنامج "حليب بلادي" لفلاحة مستدامة ومتجددة    تهديدات بالتصعيد ضد ّبنموسى في حالة إصدار عقوبات "انتقامية" في حقّ الأساتذة الموقوفين    أيام قليلة على انتهاء إحصاء الأشخاص الذين يمكن استدعاؤهم لتشكيل فوج المجندين .. شباب أمام فرصة جديدة للاستفادة من تكوين متميز يفتح لهم آفاقا مهنية واعدة    الولايات المتحدة تنذر "تيك توك": إما قطع العلاقات مع بكين أو الحظر    برنامج دعم السكن.. معطيات رسمية: 8500 استفدو وشراو ديور وكثر من 65 ألف طلب للدعم منهم 38 فالمائة عيالات    الفوائد الصحية للبروكلي .. كنز من المعادن والفيتامينات    دراسة: النظام الغذائي المتوازن قد يساهم في تحسين صحة الدماغ    مقترح قانون لتقنين استخدم الذكاء الاصطناعي في المغرب    مدير المنظمة العالمية للملكية الفكرية : الملكية الفكرية تدعم جميع جوانب الحياة في المغرب، بما في ذلك الزليج    ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 34 ألفا و262 شهيدا منذ بدء الحرب    دراسة: تناول الأسبرين بشكل يومي يحد من خطر الإصابة بسرطان القولون        كلمة : الأغلبية والمناصب أولا !    مبادرة مغربية تراسل سفراء دول غربية للمطالبة بوقف دعم الكيان الصهيوني وفرض وقف فوري للحرب على غزة    اختتام فعاليات الويكاند المسرحي الثالث بآيت ورير    دراسة تبيّن وجود صلة بين بعض المستحلبات وخطر الإصابة بمرض السكري    في شأن الجدل القائم حول مدونة الأسرة بالمغرب: الجزء الأول    الموت يفجع شيماء عبد العزيز    جلسة قرائية تحتفي ب"ثربانتس" باليوم العالمي للكتاب    أسعار الذهب تواصل الانخفاض    صدور رواية "أحاسيس وصور" للكاتب المغربي مصطفى إسماعيلي    "الراصد الوطني للنشر والقراءة" في ضيافة ثانوية الشريف الرضي الإعدادية بعرباوة    "نسب الطفل بين أسباب التخلي وهشاشة التبني"    لقاء يستحضر مسار السوسيولوجي محمد جسوس من القرويين إلى "برينستون"    الإيمان القوي بعودة بودريقة! يجب على الرجاء البيضاوي ومقاطعة مرس السلطان والبرلمان أن يذهبوا إليه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تجاوزات «سي أي إي» تضع بوش وتشيني في قائمة المتورطين
تساؤلات ‬لدى ‬الرأي ‬العام ‬حول ‬إمكانية ‬سماح ‬أوباما ‬بمتابعتهما ‬أمام ‬القضاء
نشر في المساء يوم 21 - 12 - 2014

بعد ‬التجاوزات ‬الخطيرة ‬والانتهاكات ‬الجسيمة ‬التي ‬كشف ‬عنها ‬تقرير ‬مجلس ‬الشيوخ ‬الأمريكي ‬حول ‬ممارسات ‬وكالة ‬الاستخبارات ‬المركزية، ‬وجهت ‬أصابع ‬الاتهام ‬إلى ‬الرئيس ‬الأمريكي ‬جورج ‬بوش، ‬ونائبه ‬ديك ‬تشيني، ‬بما ‬أن ‬تلك ‬التجاوزات ‬وقعت ‬أثناء ‬إدارتهما ‬للبلاد. ‬بيد ‬أن ‬إمكانية ‬متابعة ‬كبار ‬المسؤولين ‬بسبب ‬ما ‬حدث ‬تظل ‬ضئيلة ‬جدا. ‬في ‬المقابل، ‬كشف ‬التقرير ‬كذلك ‬تورط ‬دول ‬أوروبية ‬في ‬التستر ‬على ‬وجود ‬مراكز ‬للتعذيب ‬على ‬أراضيها ‬كانت ‬تديرها ‬وكالة ‬الاستخبارات ‬المركزية. ‬
هل ‬سنرى ‬يوما ‬داخل ‬قفص ‬الاتهام ‬الرئيس ‬الأمريكي ‬السابق، ‬جورج ‬بوش ‬الابن، ‬ونائبه ‬ديك ‬تشيني، ‬أو ‬بعض ‬عناصر ‬وكالة ‬الاستخبارات ‬المركزية ‬‮«‬سي ‬أي ‬إي‮»‬؟ ‬منذ ‬الأسبوع ‬الماضي، ‬وبعد ‬نشر ‬تقرير ‬لمجلس ‬الشيوخ ‬الأمريكي ‬حول ‬الطرق ‬الوحشية ‬التي ‬كانت ‬تعتمد ‬عليها ‬وكالة ‬الاستخبارات ‬المركزية ‬خلال ‬السنوات ‬التي ‬تلت ‬هجمات ‬الحادي ‬عشر ‬من ‬شتنبر ‬2001، ‬توالت ‬المطالب ‬التي ‬تصب ‬في ‬هذا ‬الاتجاه. ‬‮«‬يتعين ‬تقديم ‬المسؤولين ‬عن ‬هذه ‬المؤامرة ‬الجنائية ‬أمام ‬العدالة ‬من ‬أجل ‬محاكمتهم‮»‬، ‬يقول ‬بحزم ‬مقرر ‬الأمم ‬المتحدة ‬حول ‬حقوق ‬الإنسان، ‬بين ‬إميرسون. ‬من ‬جانبه، ‬يرى ‬المدير ‬التنفيذي ‬لمنظمة ‬هيومان ‬رايتس ‬واتش ‬بأنه ‬‮«‬في ‬حالة ‬عدم ‬اعتماد ‬آلية ‬لكشف ‬الحقيقة ‬تفضي ‬إلى ‬متابعة ‬الجناة، ‬سيظل ‬التعذيب ‬أحد ‬الخيارات ‬المطروحة ‬بالنسبة ‬للرؤساء ‬القادمين‮»‬.‬
‮«‬التعذيب‮»‬. ‬هذه ‬العبارة، ‬التي ‬شكلت ‬أحد ‬الطابوهات، ‬لم ‬تعد ‬كذلك ‬بعدما ‬ترددت ‬داخل ‬أعلى ‬هرم ‬للسلطة ‬بالدولة ‬الأمريكية. ‬وبعد ‬نشر ‬التقرير ‬البرلماني، ‬ندد ‬الرئيس ‬الأمريكي ‬باراك ‬أوباما ‬بالممارسات ‬‮«‬التي ‬يتعين ‬على ‬أي ‬شخص ‬صادق ‬أن ‬يعتبرها ‬بمثابة ‬التعذيب‮»‬. ‬بيد ‬أن ‬التشريع ‬الأمريكي ‬واضح ‬في ‬هذا ‬الصدد؛ ‬فالتعذيب ‬أحد ‬الأمور ‬المحظورة ‬وأي ‬مواطن ‬من ‬الولايات ‬المتحدة ‬الأمريكية ‬يمارس ‬التعذيب ‬قد ‬تطاله ‬عقوبة ‬حبسية ‬تصل ‬إلى ‬عشرين ‬سنة، ‬حتى ‬لو ‬كان ‬قد ‬مارس ‬التعذيب ‬داخل ‬أو ‬خارج ‬الولايات ‬المتحدة ‬الأمريكية. ‬السيناتورة ‬الأمريكية ‬ديان ‬فايستين، ‬التي ‬أشرفت ‬على ‬إنجاز ‬التحقيق ‬البرلماني، ‬تقر ‬من ‬جهتها ‬بأن ‬تحقيقات ‬وكالة ‬الاستخبارات ‬المركزية ‬‮«‬خرقت ‬القانون ‬الأمريكي، ‬والمعاهدات ‬والاتفاقيات ‬الدولية ‬والقيم ‬التي ‬نؤمن ‬بها‮»‬. ‬ومن ‬الناحية ‬النظرية، ‬فإنه ‬من ‬غير ‬المستبعد ‬أن ‬تتم ‬متابعة ‬الأشخاص ‬الذين ‬قاموا ‬بهندسة ‬ووضع ‬وتنفيذ ‬البرنامج ‬السري ‬لوكالة ‬الاستخبارات ‬المركزية ‬أمام ‬القضاء.‬
العراقيل
سيناريو ‬مثل ‬هذا، ‬يظهر ‬أنه ‬صعب ‬التحقق ‬للغاية، ‬لاسيما ‬داخل ‬الولايات ‬المتحدة ‬الأمريكية، ‬حيث ‬سارعت ‬إدارة ‬الرئيس ‬أوباما ‬إلى ‬التلويح ‬بعدم ‬نيتها ‬فتح ‬أي ‬متابعة ‬قضائية ‬في ‬الموضوع. ‬‮«‬نحن ‬مازلنا ‬متمسكين ‬بقرارنا ‬الأول ‬المتعلق ‬بعدم ‬القيام ‬بأي ‬متابعة ‬جنائية‮»‬، ‬حسب ‬تصريح ‬لمسؤول ‬داخل ‬وزارة ‬العدل، ‬أوضح ‬أن ‬التقرير ‬البرلماني ‬لم ‬يحمل ‬‮«‬أية ‬معلومات ‬جديدة‮»‬، ‬منذ ‬إنجاز ‬‮«‬تحقيق ‬معمق‮»‬ ‬تم ‬وضعه ‬على ‬الرفوف ‬من ‬دون ‬إجراء ‬أي ‬متابعات ‬في ‬العام ‬2009. ‬ومن ‬أجل ‬تبرير ‬موقفه، ‬وضع ‬معسكر ‬أوباما ‬في ‬الخط ‬الأمامي ‬على ‬الدوام ‬أحد ‬العراقيل ‬التشريعية، ‬والمتمثلة ‬في ‬‮«‬مذكرات ‬التعذيب‮»‬ ‬سيئة ‬الذكر. ‬هاته ‬الوثائق ‬السرية، ‬التي ‬نشرتها ‬وزارة ‬العدل ‬بين ‬2002 ‬و2005، ‬رخصت ‬بممارسة ‬المنهجيات ‬العنيفة ‬لوكالة ‬الاستخبارات ‬المركزية، ‬وأكدت ‬بأن ‬تلك ‬الممارسات ‬لا ‬تصب ‬في ‬خانة ‬التعذيب، ‬ووعدت ‬العناصر ‬الاستخباراتية ‬المشتغلة ‬في ‬الميدان ‬بألا ‬تطالهم ‬المتابعة ‬القضائية. ‬‮«‬الأشخاص ‬الذين ‬مارسوا ‬واجبهم ‬من ‬خلال ‬الاعتماد ‬عن ‬نية ‬صادقة ‬على ‬التوجيهات ‬القانونية ‬لوزارة ‬العدل ‬لن ‬تطالهم ‬المتابعة ‬القضائية‮»‬، ‬كما ‬صرح ‬باراك ‬أوباما ‬منذ ‬العام ‬2009.‬
بالنسبة ‬للمنظمات ‬التي ‬تعنى ‬بالدفاع ‬عن ‬حقوق ‬الإنسان، ‬فإن ‬التحقيق ‬الذي ‬أجراه ‬مجلس ‬الشيوخ ‬الأمريكي ‬قلب ‬الكثير ‬من ‬المعطيات، ‬بعدما ‬أوضح ‬أن ‬عمليات ‬الاستنطاق ‬التي ‬اتبعتها ‬وكالة ‬الاستخبارات ‬المركزية ‬كانت ‬‮«‬أسوأ ‬بكثير‮»‬ ‬من ‬الممارسات ‬التي ‬تم ‬الترخيص ‬لها. ‬وتؤكد ‬المنظمات ‬نفسها ‬أن ‬تحفظ ‬الإدارة ‬الأمريكية ‬الحالية ‬على ‬عرض ‬نتائج ‬التحقيق ‬على ‬القضاء ‬لا ‬يرتبط ‬في ‬الأساس ‬بالاعتبارات ‬القانونية، ‬بل ‬مرده ‬إلى ‬الاعتبارات ‬السياسية. ‬‮«‬عدد ‬كبير ‬من ‬المسؤولين ‬المتورطين ‬في ‬ممارسة ‬برامج ‬إدارة ‬بوش ‬مازالوا ‬لحد ‬الساعة ‬يشكلون ‬جزءا ‬من ‬الجهاز ‬الاستخباراتي‮»‬، ‬يوضح ‬مايكل ‬جيرمان، ‬عن ‬مركز ‬برينان ‬من ‬أجل ‬العدالة. ‬كما ‬أن ‬متابعة ‬قضائية ‬في ‬حق ‬هؤلاء ‬قد ‬تؤدي ‬إلى ‬خلخلة ‬الجهاز ‬الاستخباراتي، ‬وبشكل ‬خاص ‬وكالة ‬الاستخبارات ‬المركزية، ‬التي ‬يعتمد ‬عليها ‬أوباما ‬بشكل ‬يومي. ‬وفي ‬المقابل، ‬وفي ‬ظل ‬سياق ‬من ‬التجاذب ‬الحساس ‬جدا ‬بين ‬الديمقراطيين ‬والجمهوريين، ‬فإن ‬أي ‬محاولة ‬لتقديم ‬جورج ‬بوش، ‬وحراس ‬المعبد ‬المقربين ‬منه، ‬أمام ‬القضاء، ‬سيتم ‬اعتباره ‬لا ‬محالة ‬بمثابة ‬هجمة ‬ذات ‬دوافع ‬سياسية. ‬وفي ‬رغبة ‬منه ‬لتهدئة ‬الأوضاع، ‬دعا ‬أوباما، ‬الأسبوع ‬المنصرم، ‬إلى ‬تفادي ‬‮«‬النقاشات ‬القديمة‮»‬، ‬وعبر ‬عن ‬رغبته ‬في ‬أن ‬يمكن ‬تقرير ‬مجلس ‬الشيوخ ‬من ‬‮«‬جعل ‬هذه ‬التقنيات، ‬ومهما ‬كان ‬مصدرها، ‬إحدى ‬ممارسات ‬الماضي‮»‬.‬
مستهدفون
بالنسبة ‬للعديد ‬من ‬الأشخاص، ‬فإن ‬الصفحة ‬السوداء ‬لمحاربة ‬الإرهاب ‬بالولايات ‬المتحدة ‬الأمريكية ‬لم ‬تطو ‬بعد. ‬ف ‬136 ‬من ‬المعتقلين ‬مازالوا ‬يقبعون ‬لحد ‬اليوم ‬داخل ‬السجن ‬العسكري ‬بغوانتانامو، ‬خارج ‬إطار ‬الشرعية ‬الدولية. ‬وقد ‬ظل ‬الوعد ‬الذي ‬اتخذه ‬باراك ‬أوباما ‬بإغلاق ‬المعتقل ‬في ‬العام ‬2008 ‬مجرد ‬حبر ‬على ‬الورق. ‬‮«‬التعذيب ‬والانتهاكات ‬مازالت ‬متواصلة ‬داخل ‬غوانتانامو‮»‬، ‬تقول ‬ألكا ‬برادهان، ‬التي ‬تترافع ‬عن ‬العديد ‬من ‬المعتقلين ‬بالقاعدة ‬الأمريكية ‬بكوبا ‬لصالح ‬المنظمة ‬غير ‬الحكومية ‬‮«‬ريبيريف‮»‬. ‬‮«‬إن ‬منهجية ‬الإطعام ‬القسري ‬للمضربين ‬عن ‬الطعام ‬انتقامية ‬ومؤلمة ‬لحد ‬بعيد،‮»‬ ‬تندد ‬المحامية، ‬التي ‬تمكنت ‬من ‬مشاهدة ‬شريط ‬فيديو ‬‮«‬جد ‬مزعج‮»‬ ‬يوثق ‬للعملية. ‬في ‬بداية ‬شهر ‬أكتوبر، ‬أصدر ‬قاضي ‬فيديرالي ‬تعليماته ‬للحكومة ‬من ‬أجل ‬رفع ‬السرية ‬عن ‬أشرطة ‬الفيديو ‬تلك ‬لجعلها ‬متاحة ‬للعموم، ‬لكن ‬وزارة ‬العدل ‬استأنفت ‬القرار.‬
في ‬المقام ‬الأخير، ‬إذا ‬كان ‬أوباما ‬لا ‬ينوي ‬تفعيل ‬أي ‬متابعات ‬ضد ‬إدارة ‬الرئيس ‬بوش ‬بسبب ‬أعمال ‬التعذيب، ‬فإن ‬ذلك ‬يعود ‬كذلك ‬بما ‬لا ‬يدع ‬مجالا ‬للشك ‬إلى ‬رغبته ‬في ‬تجنب ‬الوقوف ‬وراء ‬سابقة ‬قد ‬تنقلب ‬عليه ‬هو ‬نفسه ‬في ‬المستقبل. ‬‮«‬بأي ‬شيء ‬تمتاز ‬الضربات ‬الجوية ‬التي ‬تنفذها ‬الطائرات ‬بدون ‬طيار ‬مقارنة ‬بعمليات ‬الاستنطاق ‬الوحشية ‬لوكالة ‬الاستخبارات ‬المركزية؟‮»‬ ‬هكذا ‬تسائل ‬منذ ‬بضعة ‬أيام ‬صحفي ‬موجها ‬كلامه ‬للمتحدث ‬باسم ‬البيت ‬الأبيض، ‬في ‬إشارة ‬منه ‬إلى ‬البرنامج ‬الأمريكي ‬لتصفية ‬أشخاص ‬بعينهم، ‬الذي ‬ظهر ‬في ‬حقبة ‬بوش ‬وتم ‬توسيعه ‬بشكل ‬كبير ‬من ‬قبل ‬الرئيس ‬الحالي. ‬‮«‬الجهود ‬التي ‬تبذلها ‬الإدارة ‬الحالية ‬من ‬أجل ‬الحد ‬من ‬حالات ‬تعذيب ‬الضحايا ‬المدنيين ‬أو ‬منع ‬تلك ‬الحالات ‬تتلاءم ‬مع ‬القيم ‬التي ‬نؤمن ‬بها‮»‬، ‬كما ‬جاء ‬في ‬رد ‬المتحدث ‬باسم ‬البيت ‬الأبيض، ‬جوش ‬ايرنيست. ‬غير ‬أن ‬الأرقام ‬تبعث ‬على ‬الانزعاج. ‬فحسب ‬تقرير ‬حديث ‬لمنظمة ‬‮«‬ريبريف‮»‬، ‬تقتل ‬الطائرات ‬بدون ‬طيار ‬الأمريكية ‬في ‬المتوسط ‬28 ‬شخصا ‬مجهول ‬الهوية ‬في ‬كل ‬هجمة ‬بهدف ‬محدد. ‬‮«‬إذا ‬كان ‬ال ‬119 ‬معتقلا ‬الذين ‬يتم ‬إخضاعهم ‬للبرنامج ‬السري ‬للاستنطاق ‬يستحقون ‬أن ‬تكشف ‬الحقيقة ‬حول ‬ما ‬يتعرضون ‬إليه، ‬ألا ‬يستحق ‬نفس ‬المعاملة ‬ال ‬3500 ‬شخص ‬الذين ‬قضوا ‬بسبب ‬الطائرات ‬بدون ‬طيار؟‮»‬ ‬يقول ‬متسائلا ‬مايكا ‬زينكو، ‬المختص ‬في ‬الملف ‬داخل ‬أحد ‬المراكز ‬التفكير ‬بمدينة ‬نيويورك. ‬‮«‬عقلية ‬إدارة ‬الرئيس ‬أوباما ‬هي ‬على ‬نحو ‬تام ‬نفس ‬العقلية ‬التي ‬سادت ‬خلال ‬سنوات ‬حكم ‬بوش‮»‬، ‬تقول ‬ألكا ‬برادهان، ‬محامية ‬‮«‬ريبريف‮»‬. ‬‮«‬إنهم ‬يقولون: ‬نحن ‬داخل ‬الولايات ‬المتحدة ‬الأمريكية، ‬سنفعل ‬كل ‬ما ‬نرى ‬بأنه ‬ضروري، ‬وسنحفظ ‬ذلك ‬في ‬السر ‬لأطول ‬وقت ‬ممكن، ‬وسنرفض ‬الإقرار ‬بأخطائنا‮»‬.‬
دول ‬أوروبية ‬متورطة
‮«‬في ‬بعض ‬الأحيان، ‬يتعين ‬عليك ‬أن ‬تعرف ‬كيف ‬تقول ‬لا، ‬حتى ‬بالنسبة ‬لأعز ‬أصدقائك‮»‬. ‬هذه ‬الملاحظة ‬الساخرة ‬لطوماز ‬سيمونياك، ‬وزير ‬الدفاع ‬البولندي ‬الحالي، ‬تحمل ‬بين ‬طياتها ‬حتما ‬كلمات ‬الأسف ‬الوحيدة ‬التي ‬نطقت ‬بها ‬وارسو ‬بعدما ‬ورد ‬اسمها ‬مجددا ‬ضمن ‬إحدى ‬البلدان ‬الأوروبية ‬الثلاثة، ‬التي ‬تنتمي ‬للاتحاد ‬الأوروبي، ‬والتي ‬استضافت ‬مركزا ‬سريا ‬للاعتقال ‬تابع ‬لوكالة ‬الاستخبارات ‬المركزية ‬كان ‬يمارس ‬داخله ‬التعذيب. ‬تقرير ‬مجلس ‬الشيوخ ‬الأمريكي ‬حول ‬منهجيات ‬الوكالة، ‬الذي ‬لا ‬يشمل ‬بولندا ‬لوحدها، ‬تسبب ‬في ‬حالة ‬إحراج ‬واضحة ‬لأوروبا، ‬وفي ‬المقام ‬الأول ‬بالنسبة ‬للجنة ‬الأوربية، ‬التي ‬تظل ‬منقسمة ‬بين ‬الرغبة ‬في ‬احتواء ‬الحليف ‬الأمريكي ‬والدفاع ‬عن ‬حقوق ‬الإنسان ‬التي ‬تأسست ‬عليها ‬منذ ‬نهاية ‬الحرب ‬العالمية ‬الثانية.‬
سبق ‬للبرلمان ‬الأوروبي ‬أن ‬تطرق ‬منذ ‬بضعة ‬سنوات ‬لهذا ‬التعاون ‬بين ‬الدول ‬الأوروبية ‬ووكالة ‬الاستخبارات ‬المركزية، ‬وفق ‬ما ‬كشفت ‬عنه ‬صحيفة ‬‮«‬واشنطن ‬بوست‮»‬، ‬التي ‬استطاعت ‬الوصول ‬إلى ‬وجود ‬عدة ‬رحلات ‬جوية ‬سرية ‬مرت ‬من ‬أوروبا ‬وكانت ‬تنقل ‬بعض ‬المعتقلين. ‬وقام ‬البرلمان ‬الأوروبي ‬بالتحقيق ‬في ‬الأمر، ‬وأنجز ‬تقريرا، ‬منذ ‬العام ‬2007، ‬طلب ‬من ‬خلاله ‬الحكومات ‬التي ‬تمت ‬الإشارة ‬إليها ‬بأن ‬تمده ‬بجميع ‬الحقائق ‬حول ‬هاته ‬الوقائع. ‬وهذا ‬ما ‬ورد ‬في ‬الوثيقة ‬التي ‬
تم ‬اعتمادها ‬في ‬فبراير ‬2007: ‬‮«‬حسب ‬التقرير ‬الذي ‬أنجزه ‬كلاوديو ‬فابا (‬الحزب ‬الاشتراكي ‬الأوروبي، ‬إيطاليا)‬، ‬فإن ‬ما ‬لا ‬يقل ‬عن ‬1245 ‬رحلة ‬جوية ‬قامت ‬بها ‬وكالة ‬الاستخبارات ‬المركزية ‬مرت ‬من ‬فوق ‬المجال ‬الجوي ‬الأوروبي، ‬أو ‬نزلت ‬بأحد ‬المطارات ‬الأوروبية ‬بين ‬نهاية ‬العام ‬2001 ‬ونهاية ‬العام ‬2005. ‬وفي ‬بعض ‬الحالات، ‬تم ‬استغلال ‬تلك ‬الرحلات ‬من ‬أجل ‬تعويضات ‬استثنائية ‬أو ‬لنقل ‬سجناء ‬بطريقة ‬غير ‬قانونية‮»‬. ‬وبعدما ‬لاحظ ‬‮«‬وجود ‬غياب ‬لمراقبة ‬القواعد ‬الأمريكية ‬من ‬قبل ‬البلدان ‬التي ‬تستقبل ‬تلك ‬القواعد‮»‬، ‬طالب ‬البرلمان ‬الدول ‬المعنية ‬بمد ‬‮«‬المجلس ‬واللجنة ‬بمعلومات ‬كاملة ‬ومحايدة‮»‬.‬
بيد ‬أن ‬هاته ‬الدول ‬فشلت ‬في ‬تنفيذ ‬هذا ‬الأمر. ‬فرومانيا ‬فضلت ‬مواصلة ‬الإنكار، ‬أما ‬بولونيا ‬ففتحت ‬تحقيقا ‬قضائيا ‬لم ‬تكشف ‬نتائجه ‬بعد، ‬أما ‬ليتوانيا، ‬التي ‬لم ‬يتم ‬اكتشاف ‬وجود ‬‮«‬نقطة ‬سوداء‮»‬ ‬بداخل ‬أراضيها ‬إلا ‬في ‬وقت ‬لاحق، ‬فتتردد ‬بين ‬النفي ‬والحسرة. ‬وبعد ‬نشر ‬التقرير ‬الأمريكي، ‬أقر ‬أخيرا ‬الرئيس ‬ألكسندر ‬كواسنيويسكي، ‬الذي ‬كان ‬يتقلد ‬منصب ‬رئيس ‬الدولة ‬البولندية ‬لحظة ‬حدوث ‬الوقائع، ‬بأنه ‬كان ‬على ‬علم ‬بوجود ‬مركز ‬تابع ‬لوكالة ‬الاستخبارات ‬المركزية ‬الأمريكية ‬داخل ‬بولاندا، ‬بيد ‬أن ‬السلطات ‬البولندية ‬لم ‬تتمكن ‬أبدا ‬من ‬زيارته. ‬داخل ‬رومانيا ‬كذلك، ‬انحلت ‬عقدة ‬الألسن: ‬‮«‬كان ‬هناك ‬مركز ‬كان ‬الأمريكيون ‬هم ‬من ‬يسهر ‬على ‬تدبيره ‬منذ ‬البداية، ‬ولم ‬يكن ‬الطرف ‬الروماني ‬مهتما ‬بما ‬يقوم ‬به ‬الأمريكيون، ‬تحديدا ‬لكي ‬نبين ‬لهم ‬بأن ‬في ‬وسعهم ‬وضع ‬ثقتهم ‬بنا‮»‬، ‬حسب ‬ما ‬أعلن ‬عنه ‬
أحد ‬مستشاري ‬رئيس ‬البلاد ‬في ‬تلك ‬الحقبة، ‬لون ‬اليسكو. ‬وبما ‬أنها ‬كانت ‬متوجسة ‬من ‬المخاطر ‬الأمنية ‬في ‬الشرق، ‬في ‬مواجهة ‬الجار ‬الروسي ‬القوي، ‬أكثر ‬من ‬اهتمامها ‬بالمبادئ ‬النبيلة، ‬لم ‬تمانع ‬هاته ‬البلدان ‬في ‬رفض ‬أي ‬شيء ‬لواشنطن، ‬بما ‬أنها ‬كانت ‬في ‬مرحلة ‬الانضمام ‬إلى ‬حلف ‬شمال ‬الأطلسي.‬
وحتى ‬الدول ‬التي ‬لم ‬تقتنع ‬بالنقاش، ‬فقط ‬تلقت ‬مبالغ ‬مالية ‬كبيرة، ‬كما ‬كشف ‬عن ‬ذلك ‬تقرير ‬مجلس ‬الشيوخ ‬الأمريكي، ‬من ‬خلال ‬الإشارة ‬للحالة ‬البولندية. ‬فبعد ‬تقديم ‬مبلغ ‬مليوني ‬دولار ‬لهذا ‬البلد، ‬الذي ‬تم ‬وضع ‬الحبر ‬الأسود ‬فوق ‬اسمه، ‬لكن ‬يسهل ‬التعرف ‬عليه ‬من ‬خلال ‬التمحيص ‬في ‬المعطيات، ‬‮«‬أصبح ‬البلد ‬كذا ‬أكثر ‬مرونة ‬فيما ‬يخص ‬عدد ‬معتقلي ‬وكالة ‬الاستخبارات ‬المركزية ‬داخل ‬المركز ‬وتاريخ ‬إغلاقه‮»‬، ‬كما ‬لاحظ ‬أعضاء ‬مجلس ‬الشيوخ. ‬بالنسبة ‬لأدم ‬بودمار، ‬نائب ‬رئيس ‬منظمة ‬هيلسينكي ‬لحقوق ‬الإنسان ‬بوارسو، ‬الذي ‬يطالب ‬باللجوء ‬للقضاء ‬البولندي، ‬فإن ‬المسؤولين ‬البولندين ‬في ‬تلك ‬الحقبة ‬‮«‬خانوا ‬مبادئ ‬الدستور ‬من ‬أجل ‬الحصول ‬على ‬المال‮»‬. ‬تم ‬اتهام ‬وارسو ‬في ‬مناسبتين ‬بالتواطؤ ‬في ‬تنفيذ ‬أعمال ‬التعذيب ‬من ‬قبل ‬المحكمة ‬الأوروبية ‬لحقوق ‬الانسان.‬
مقدونيا، ‬التي ‬مازال ‬طلبها ‬بالانضمام ‬إلى ‬حلف ‬شمال ‬الأطلسي ‬لم ‬يحظ ‬بعد ‬بالموافقة، ‬تم ‬اتهامها ‬بالوقوف ‬وراء ‬أفعال ‬مماثلة، ‬بعد ‬اختطاف ‬خالد ‬المصري ‬من ‬فوق ‬أراضيها، ‬الحامل ‬للجنسية ‬الألمانية ‬ومن ‬أصول ‬لبنانية، ‬بعدما ‬سقط ‬ضحية ‬لتشابه ‬في ‬الأسماء. ‬وفيما ‬يخص ‬الأجهزة ‬القضائية، ‬فقد ‬فشلت ‬كلها ‬في ‬التعاطي ‬مع ‬هذا ‬الأمر، ‬باستثناء ‬العدالة ‬الإيطالية، ‬التي ‬أدانت ‬في ‬العام ‬2013 ‬غيابيا ‬23 ‬عنصرا ‬من ‬عناصر ‬وكالة ‬الاستخبارات ‬المركزية ‬قاموا ‬باختطاف ‬إمام ‬مصري ‬متطرف ‬في ‬العام ‬2003. ‬لم ‬يتم ‬سجن ‬أي ‬واحد ‬من ‬هؤلاء، ‬لكنهم ‬لا ‬يستطيعون ‬وضع ‬أقدامهم ‬داخل ‬أوروبا. ‬في ‬وسعنا ‬أن ‬نأمل ‬بأن ‬يتم ‬في ‬القادم ‬من ‬الأيام ‬تحديد ‬هوية ‬الأشخاص ‬الذين ‬اشتغلوا ‬داخل ‬‮«‬النقط ‬السوداء‮»‬، ‬وأن ‬ينالوا ‬على ‬الأقل ‬نفس ‬المصير.‬
* ‬بتصرف ‬عن ‬‮«‬ليبراسيون‮»‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.