الاتفاق الفلاحي المعدل مع الاتحاد الأوروبي يوطد الشراكة الأوروبية-المغربية المبنية على القانون والوضوح (جامعي)    القروض البنكية: مبلغ جاري بقيمة 1.161 مليار درهم عند متم غشت (بنك المغرب)    حماس توافق على إطلاق جميع الأسرى ضمن اتفاق شامل يوقف الحرب ويمهّد لمرحلة انتقالية في غزة    البطولة: الوداد الرياضي يعتلي الصدارة بانتصاره على النادي المكناسي    إيداع المتورطين في أحداث التخريب وإضرام النار والسرقة بسلا السجن.. والأبحاث متواصلة لتوقيف باقي المشاركين                                        توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    المغرب-ألمانيا .. الاتحاد الفدرالي الألماني للمقاولات الصغرى والمتوسطة يفتتح مكتبه بالرباط    فرقة مسرح الحال تقدم مسرحيتها الجديدة "لا فاش" بمسرح محمد 5 بالرباط    فقدان حاسة الشم بعد التعافي من كورونا قد يستمر مدى الحياة (دراسة أمريكية)    منتدى الصحراء للحوار والثقافات يعزز حضوره في القمة العالمية للهيدروجين الأخضر ويدعم الرؤية الطاقية للمملكة    مديرية الضرائب بالمغرب تطوق آلاف الشركات "النائمة" بإشعارات مباغتة    تجسيداً لانفتاح المغرب على القضايا العالمية..محمد أوجار يشارك في مؤتمر السلام بالصين    شباب جيل Z يخرجون بزي أسود في مظاهرات احتجاجية جديدة الجمعة حدادا على المصابين والأموات    "أونسا" يشارك بمعرض الفرس بالجديدة    أمير المؤمنين يترأس حفلا دينيا إحياء للذكرى السابعة والعشرين لوفاة جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني    المجموعة الموسيقية المغربية «إيغوليدن» تطلق ألبومها الجديد «أمزروي»    مهرجان مراكش للأفلام القصيرة: تتويج (Milk Brothers) بجائزة أفضل فيلم    أفلام وحكام مسابقات الدورة 11 لمهرجان ابن جرير للسينما    شبيبة الأحرار تشيد بتجاوب الحكومة مع الشباب وتدعو إلى تسريع الإصلاحات وتحذر من محاولات توجيه الاحتجاجات نحو الفوضى    مهرجان الفيلم المغاربي بوجدة: "من شاشة السينما تبنى الجسور وتروى القضايا" عنوان ندوة محورية    إلغاء حفلات وتوقف إصدارات .. احتجاجات "جيل زد" تربك المشهد الفني    احتجاجات "جيل زد" تحدد أولويات جديدة بين وزير الصحة والنقابات القطاعية    مهرجان السينما في هولندا يكرّم ناجي العلي وينتصر لذاكرة شعوب المنطقة    علماء يجددون توصيتهم بالتقليل من اللحوم في النظام الغذائي    صافرة تمسماني تضبط مباراة الرجاء والمغرب الفاسي    تصفيات كأس العالم.. بيلينغهام يغيب مجددا عن قائمة إنجلترا لمواجهة منتخب بلاد الغال    مطالب حقوقية بتحقيق قضائي حول مقتل ثلاثة مواطنين بالرصاص في القليعة    بعد رد الفيفا.. اليويفا يوضح موقفه من تعليق عضوية إسرائيل    بطولة إيطاليا: اختبار ناري جديد لميلان في ضيافة غريمه يوفنتوس        272 موقوفا في احتجاجات "جيل زد" واستمرار المحاكمات وسط دعوات بالإفراج عن الموقوفين    المجلس الوطني لحقوق الإنسان يدعو لضمان الحق في التظاهر السلمي ويطالب بالتحقيق في أحداث القليعة    المقاولات المغربية الأكثر تعرضا للهجمات الإلكترونية في إفريقيا حسب "كاسبرسكي"    حركة "genz212" تدعو إلى حملة تنظيف يوم السبت تعبيرا عن السلمية وتحمل المسؤولية    اللجنة الوطنية للاستثمارات تصادق على 12 مشروعا بأزيد من 45 مليار درهم        قبضة الأمن تضع حداً للشغب وتلاحق المتورطين    من التضليل إلى الاختراق.. أبعاد الحرب الإلكترونية على المغرب    الإعصار بوالوي في فيتنام يخلف أضراراً مادية وبشرية كبيرة    حمد الله يعود إلى قائمة المنتخب    حمية الفواكه والخضراوات والمكسرات "قد تمنع" ملايين الوفيات عالميا        وزارة الأوقاف تخصص خطبة الجمعة المقبلة: عدم القيام بالمسؤوليات على وجهها الصحيح يٌلقي بالنفس والغير في التهلكة    ارتفاع ضغط الدم يعرض عيون المصابين إلى الأذى    عندما يتحول القانون رقم 272 إلى سيفٍ مُسلَّط على رقاب المرضى المزمنين        بوريطة: تخليد ذكرى 15 قرنا على ميلاد الرسول الأكرم في العالم الإسلامي له وقع خاص بالنسبة للمملكة المغربية        الجدل حول الإرث في المغرب: بين مطالب المجتمع المدني بالمساواة وتمسك المؤسسة الدينية ب"الثوابت"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل المستقبل للأنثى وهل سيمحى الذكور من خارطة الوجود؟
نشر في المساء يوم 24 - 05 - 2009

في صيف عام 2003م، تقدم عالم أمريكي هو «ديفيد بيدج»، من جامعة وايتهيد في كمبريدج من أمريكا، فأعلن فك كامل الكروموسوم الذكري، وكان قبل سنتين قد حام حول (جين) أعطاه لقب ( ب – د 1007) أنه جين الذكورة، ولكن من أماط اللثام فعلياً عن جين الذكورة عالمان بريطانيان، استفادا من أبحاثه، هما «بيتر جودفيلو» و«روبين لفل بييج» استطاعا تحديد الجين الذي يشبه منظم الأوركسترا الجنسية، في حفل تشييد الذكورة، وهو يعمل لساعات في الأسبوع السابع؛ فيحرك وظائف، وينشط فعاليات، تطلق ملامح الذكورة عند الجنين، ليكتمل في الأسبوع الثاني عشر، وتظهر عنده الأعضاء التناسلية بالسونار.
هذا الجين أعطي اسم (SRY = Sex determining Region of the Chromosom)، أي منطقة تحديد الجنس على لوحة الكروموسوم.
إلا أن المفاجأة كانت من العالم البريطاني «بريان سايكس» من جامعة أكسفورد، الذي قام بالدراسة المقارنة على هياكل ما قبل تاريخية، على الكروموسوم الذكري، ليكتشف أن كروموسوم الذكورة قد تآكل في مدى 300 مليون سنة الفائتة بمقدار الثلثين، ولم يبق منه إلا أقل من الثلث في حجم هزيل، وأن التآكل ماض في سبيله.
فهل هذا يعني، بكلمة ثانية، انقراض الذكورة؟
إن الرجل، حسب معدل تسارع التآكل عبر السنين، يصل إلى تقرير خطير، يقول فيه إن قدر الذكور محدد في 5000 جيل، وسوف يختفون من وجه البسيطة في وقت لا يتجاوز 125 ألف سنة؟
وهو يفتح الباب على ثلاثة أسئلة:
كيف سيتابع الجنس البشري وجوده بدون ذكر؟
وهل هناك وجود لتقنيات مثل الاستنساخ الجسدي تحافظ على الإناث، وتستغني عن الذكور، في مجتمع لا يضم إلا الإناث، اللواتي هن الأكمل والأفضل والأقوى والأطول عمرا، حسب معطيات بيولوجية، سنحاول استعراضها لاحقاً.
والسؤال الثالث، وهو فلسفي، أن الخلق لم ينته بعد، وأنه يمشي وفق صيرورة تطورية نحو الأفضل، ضمن قانونين حسب الفلسفة القرآنية: «يزيد في الخلق ما يشاء» «وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض».
وأشار الفيلسوف محمد إقبال إلى هذه الفكرة بقوله إن الخلق ليس لوحة تم رسمها وانتهت، بل إن الخلق ماض في طريقه، وإن رحلة التطور لم تقف، وإن البشرية في أول رحلتها، ولعلها تجاوزت مرحلة الطفل وهو ملفوف (بالبامبرز) الخرق وهو يوسخ على نفسه.
وإلا كيف نفسر أن البشر لا يتفاهمون إلا بالصواريخ والقتل.
إنها مرحلة عجز بشرية شنيعة.
وهذا يعطي حقنة مهدئة للضمير لفهم الجدل الإنساني، ويقرب إلى تصورنا الجملة التي نطقها المسيح، وهو يطوق من جماعات السنهدرين قبل أن يرفعه الله إليه: مملكتي ليست من هذا العالم.
والفيزياء الكونية تتحدث اليوم عن شيء اسمه تولد الهيدروجين التلقائي. وأدوين هبل اكتشف ظاهرة توسع الكون، ونحن نعرف اليوم أن العالم بدأ قبل 13،7 مليار سنة، من نقطة رياضية متفردة بالانفجار العظيم، وأن أمامنا رحلة خرافية من السنين حتى ينطفئ الكون، وأنه ماض إلى التوسع اللانهائي، وأن الحياة على الأرض ستبقى ما لا يقل عن 550 مليون من السنين؟
وهكذا تندمج الفيزياء الكونية مع البيولوجيا والفلسفة والدين في مزيج ساحر غامر.
وقصة تكون الجنس ليست أزلية؛ فالمعلومات الموجودة بين أيدينا أن عمر الأرض 4,6 ملايير سنة، ولكن الحياة لم تتدفق على ظهرها إلا بعد 800 مليون سنة.
وبدأت الحياة من خلية واحدة، وكانت بدون نواة وأكسجين.
ولعل أعظم بناء تشكل في الطبيعة بشكل ساحر متماسك مليء بالأسرار هو البناء الخلوي؛ فكما كانت الذرة وحدة البناء المادي؛ فإن الخلية هي وحدة البناء العضوي للحياة، ومنها تدفقت الحياة بظاهرة الحركة والتكاثر والتغذية والتنفس والإطراح وما شابه.
وكانت الخلايا تتكاثر بتشكيل كوبي عن نفسها، وما زال في الطبيعة استمرار لهذه العادة، ولكن أكثر من 99 % من الكائنات مشت في اتجاه آخر، هو التكاثر الجنسي؛ فاندمجت خليتان ببعضهما، في جدلية جديدة، فأخرجت نسلاً مختلفاً.
و«سبحان الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون».
وكان هذا قبل مليار سنة، وهذا (النسخ) في الخلق احتار العلماء في تفسيره، ووجدوا فيه إسرافا كبيرا، أن تتم تنشئة الذكر في فترة طويلة، كي يمنح النطف، في الوقت الذي تستطيع فيه الخلايا تكرار نفسها بسرعة وبطريقة اقتصادية.
وخلال الرحلة التطورية، حدث انفجار آخر قبل 530 مليون سنة، لا يقل أهمية عن الانفجار الكوني العظيم، هو الانفجار البيولوجي، حيث ظهرت في الحياة مجموعات رائعة من عديدات الخلايا، بأشكال شتى، بدءا من الذباب والعقارب، وانتهاء بالديناصورات، لتتوج قبل حوالي عشرة ملايين من السنين بظهور الإنسان.
«وكان الإنسان أكثر شيء جدلا».
وينزع الفلاسفة إلى الإجابة عن سؤال ولادة الجنس، بتعبير عالم النبات البريطاني (مات رايدلي)، بأن الجنس لا يزيد على خلط المادة الوراثية المستمر، لإنتاج أفضل، وتجنب مشكلة (الطفرات Mutation) التي تراكم الأخطاء؛ فكان الجنس الجواب المناسب بهذه (الفرطعة) من المادة الوراثية، وإعادة خلطها مثل أوراق اللعب، والنجاة إلى شاطئ التعددية والأمان.
وهو جواب فلسفي ذكي عن سبب التنوع في الكون.
يقول رادلي: «لولا الجنس لما بنيت دور العبادة أو نهضت الأهرامات؟ ولا أنتجت أعذب الألحان وأجمل الشعر؟ وعلى فرض أن الطيور وجدت لا جنسيا، فلن نسمع شدو البلابل وهديل الحمام؛ فكان الجنس الجواب الخلاب على وجود أفضل، وهي سنة الحياة، ولكن ليس بدون ثمن؛ فالكروموسوم الذكري الذي شحنت به خواص الجنس يتآكل، ويهدد كل الحياة، فهل إلى مخرج من سبيل؟».
إن قضية ارتباط الحياة والإنسان بالكروموسومات حيرت ستالين العقائدي، الذي رأى أن الطبقة والإنتاج هما اللذان يحددان الإنسان وتغيره أمام ثبات علم الوراثة، ولذا رأى بكل بساطة أن علم الوراثة ليس علما!! طالما كان لا يتماشى مع العقيدة الشيوعية!!
وحلا لهذه الإشكالية، فقد رأى أن يزيح رئيس المؤسسة ويستبدله برفيق حزبي موثوق، كما تفعل الأنظمة الثورية في العالم العربي، وهكذا نشأ مرض (الإيديولوجيا) الاجتماعي، حيث يسهر الرفاق على العلم، ويدجن العلماء بما يناسب الحزب؛ فنزلت الجمهوريات إلى قبو الخوف والبطالة والاستبداد.
«ولكل نبأ مستقر وسوف تعلمون».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.