انطلاق أشغال إصلاح المقطع الطرقي المنهار بين الحسيمة وتطوان    مجلس المنافسة ينهي هيمنة "غلوفو"    المغرب، الحليف العريق والشريك "الأساسي" للولايات المتحدة (أعضاء بمجلس الشيوخ الأمريكي)    وثائق سرية تستعد للخروج إلى النور.. صحراء المغرب في قلب أرشيف إسبانيا        المغربي حمزة الناصيري ضمن طاقم حكام مباراة افتتاح "الشان" بين تنزانيا وبوركينا فاسو    ارتفاع سعر صرف الدرهم مقابل الأورو والدولار مع نهاية يوليوز وفقا لبنك المغرب    مصرع شاب في حادثة سير مميتة ضواحي سطات    جامعات أمريكا تواجه ضغوطات ترامب    نجم البحر يهدد الشعاب المرجانية في جزر كوك    مبابي مدافعا عن حكيمي: أشرف يحترم النساء حتى وهو "سكران"    محامية حكيمي تتمسك ببراءة اللاعب .. ودفاع المشتكية تنفي الابتزاز    نيوزيلندا تفرض رسوما على زيارة الأجانب للمواقع السياحية الأكثر شعبية    اعتقال صانعتي محتوى لنشر مقاطع فيديو خادشة للحياء في مصر    كيوسك السبت | استثمار إسباني كبير لتحلية المياه والطاقة الريحية بالمغرب    الوداد ينهزم أمام كوجالي سبور في أولى مبارياته الودية بتركيا        المغرب، بقيادة جلالة الملك، نف ذ إصلاحات منهجية موجهة نحو المستقبل (صحيفة صينية)    كرة القدم.. سون هيونغ-مين يعلن رسميا رحيله عن توتنهام    سباق الذكاء الاصطناعي يدفع عمالقة التكنولوجيا إلى إنفاق 344 مليار دولار    "فوج السلطان أحمد المنصور الذهبي".. سليل الناظور أسامة بلهادي يؤدي القسم أمام جلالة الملك    عيد العرش: وزير الداخلية يعقد لقاء عمل مع الولاة والعمال المسؤولين بالإدارة الترابية والمصالح المركزية للوزارة    نيابة نانتير الفرنسية تطالب بإحالة حكيمي على المحكمة الجنائية بتهمة الاغتصاب    في رحيل زياد الرّحْباني (1956-2025) سيرةُ الابْن الذي كَسَّر النَّاي .. ومَشَى    بلجيكا.. اطلاق نار على مراهق في مولنبيك    دراجة نارية مسرعة تصدم شخصين بطريق طنجة البالية وإصابة أحدهما خطيرة    الحدود المغربية الجزائرية في الخطاب الملكي    غزة.. ارتفاع وفيات التجويع الإسرائيلي إلى 162 فلسطينيا بينهم 92 طفلا        المنتخب المغربي يدخل "الشان" بخبرة البطولات وطموح التتويج    أمين حارث يُقنع دي زيربي ويعزز حظوظه في البقاء مع مارسيليا    مديرية الأرصاد الجوية تحذر من موجة حر من السبت إلى الأربعاء بعدد من مناطق المملكة    الجمارك المغربية تحبط محاولة تهريب أزيد من 54 ألف قرص مهلوس بباب سبتة    تقدير فلسطيني للمساعدة الإنسانية والطبية العاجلة للشعب الفلسطيني، وخاصة ساكنة قطاع غزة    لقاء سياسي مرتقب بوزارة الداخلية لمناقشة المنظومة الانتخابية المقبلة        تتناول قضية الصحراء المغربية.. الكاتب الطنجاوي عبد الواحد استيتو يطلق أول رواية هجينة في العالم    رشيد الوالي: فيلم «الطابع» تكريم للعمال المغاربة في مناجم فرنسا    المهرجان المتوسطي للناظور يختتم نسخته الحادية عشرة وسط حضور جماهيري غير مسبوق    عبد العلي النكاع فنان مغربي يبدع بإلهام في فن التصوير الفوتوغرافي الضوئي    دراسة: مشروب غازي "دايت" واحد يوميا يرفع خطر الإصابة بالسكري بنسبة 38%    رئيس البنك الإفريقي للتنمية: المغرب بقيادة الملك محمد السادس يرسخ مكانته كقوة صاعدة في إفريقيا    الشيخات وجامعة ابن طفيل.. أين يكمن الخلل؟    دراسة تُظهِر أن البطاطا متحدرة من الطماطم    التوفيق: كلفة الحج مرتبطة بالخدمات    إسبانيا تُزيل علمها بهدوء من جزيرتين قبالة سواحل الحسيمة    الملك محمد السادس يهنئ رئيس جمهورية البنين بمناسبة العيد الوطني لبلاده    أسعار الذهب تستقر    "غلوفو" توقع اتفاقا مع مجلس المنافسة وتعلن عن خطة دعم لعمال التوصيل    ديواني: اعتماد الحافلات الكهربائية في المغرب يطرح تحديات متعددة    بعد فصيلة "الريف" اكتشاف فصيلة دم جديدة تُسجّل لأول مرة في العالم        ما مدة صلاحية المستحضرات الخاصة بالتجميل؟    في ذكرى عيد العرش: الصحراء المغربية وثلاثة ملوك    تطوان تحتفي بحافظات للقرآن الكريم    على ‬بعد ‬أمتار ‬من ‬المسجد ‬النبوي‮…‬ خيال ‬يشتغل ‬على ‬المدينة ‬الأولى‮!‬    اكتشافات أثرية غير مسبوقة بسجلماسة تكشف عن 10 قرون من تاريخ المغرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عقدة النخبة وعقيدة النهضة
نشر في المساء يوم 04 - 09 - 2009

يفوتني كل يوم أن أكون في البيت على الساعة الرابعة والنصف بعد الزوال لمشاهدة الحلقة التالية من البرنامج، ولكن مشاهدة ثلاث حلقات منه حتى الآن كانت كافية لتكوين نظرة عامة عن الفوارق غير الطبيعية التي تميز كلا من المواطن الياباني والمواطن العربي والمغربي. هناك أكثر مما يدعو إلى الاندهاش وأقل مما يستدعي القلق في برنامج «خواطر» الذي تبثه قناة «إم بي سي» في هذا الشهر الكريم، والذي تجري وقائعه في اليابان، ويصور جوانب من الحياة اليومية في هذا المجتمع، محاولا، عبر الصوت والصورة، نقل ما يطابقها في الحياة اليومية في بلد عربي، لتصوير الفجوة الواسعة التي تفصل بين المجتمعين، والتي لا يمكن قياسها. ومن بين مظاهر المجتمع الياباني أن الفرد فيه يعيش ضمن المجموع ولا يستطيع أن يعرف لنفسه هوية خارج الجماعة، ويتحرك بناء على حاجيات هذه الجماعة وليس فقط بناء على حاجاته هو. هذا كلام سيبدو غريبا، ويعرف صاحب البرنامج ذلك سلفا، لذلك حرص على أن يضع اللقطات المصورة من اليابان تحت مسمى «كوكب اليابان» واللقطات المشابهة المصورة في بلد عربي تحت مسمى «في كوكب آخر»، لأن الكثيرين قد لا يصدقون أن ما يرونه يجري في مجتمع بشري. هذا الانطباع هو الذي سجله أدوين رايشاور، الباحث الذي ولد في اليابان ودرس في جامعة هارفارد واختارته واشنطن سفيرا لها في طوكيو في نهاية الستينيات لتعرف من خلاله البلد أكثر، حين قال في كتابه «اليابانيون» (عالم المعرفة الكويت 1989) إن الياباني يحتفظ «بشخصية ذاتية بالغة القوة بوسائل أخرى، في الوقت الذي يضع فيه فرديته بالنسبة إلى الجماعة موضعا ثانويا بصورة تفوق كثيرا المواطن الغربي». يقول مواطن ياباني مثلا في البرنامج، عن سبب عدم أخذه عطلة سنوية طيلة أعوام، إنه يخشى أن يتسبب غيابه في إضافة أعباء أخرى على زملائه في العمل ولا يريد أن يثقل عليهم.
إحدى الأكاذيب الكبيرة التي نستهلكها كل يوم في حياتنا اليومية هي أننا عندما نريد مقارنة أنفسنا مع الغرب، في الوقت الحالي وفي كافة المجالات، نتحدث عن عظمة الإسلام كدين، أي عن الصفحة المكتوبة، ونتناسى متواطئين أو جاهلين واقعنا الحالي، أي الصفحة الفارغة. ومن يتابع بعض القنوات ذات الاتجاه الديني في هذا الشهر، الذي يسجل سيولة كبيرة في برامج الوعظ والخطابة الدينية، سوف يلمس هذا التناقض، الذي هو واحد من تناقضات لا تعد ولا تحصى. وهذا بالتحديد ما لا يقوله البرنامج الجميل والمثير، لأن له سقفا لا ينبغي تجاوزه: إن اليابان وصلت إلى ما وصلت إليه لأنها لم تخجل من ماضيها ولأن الأمة أجمعت على جعل تراثها أرض انطلاق لحضارتها المعاصرة، بينما نحن لا نكاد نعرف هويتنا، ونعيش بأكثر من واحدة، بحسب الأيام وبحسب الظروف، مثل «الهوية الرمضانية» التي نتقمصها لمدة ثلاثين يوما.
وقد كتب الكثير عن التجربة اليابانية التي شغلت العالم بعد الحرب العالمية الثانية وقفزت قفزة نوعية أذهلت الغرب نفسه، كما كتب عنها الشيء الكثير في العالم العربي. ولا يزال العرب يقولون متأسفين إن الإمبراطور ميجي أوفد في نهاية القرن التاسع عشر بعثات علمية إلى البلدان الغربية للتعلم والعودة إلى البلاد بشكل متزامن مع الحسن الأول في المغرب ومحمد علي في مصر، الذين أوفدا هما أيضا بعثات علمية، لكن النتائج كانت مختلفة، لأن اليابان هضمت الثقافة الجديدة بينما لفظها المغرب ومصر. وحين رحبت اليابان بالعائدين بوصفهم عائدين من بلاد النهضة والتقدم، رفض المغاربة والمصريون أعضاء تلك البعثات بوصفهم عائدين من بلاد الكفار، وهذا يعني أن المشكلة ثقافية منذ البداية، تتعلق بطبيعة النظرة إلى الأمور والزاوية التي يقف فيها المرء، وهي نفس المشكلة التي جعلت أعضاء البعثة اليابانية يعودون إلى بلدهم بشعور بالاعتزاز بثقافتهم وبرغبة في النهوض بمجتمعهم، بينما جعلت أعضاء البعثتين المغربية والمصرية يعودون بشعور بالتفوق على أبناء الشعب وهم يدخنون السيجار ويلبسون البذلة الأنيقة ويتعالون على الناس ولا يهتمون إلا بأنفسهم، لتولد عقدة النخبة. لكن هناك سببا آخر أيضا، وهو أن المغرب ومصر أرسلا البعثات من أجل غايات عسكرية محدودة لتعلم الخبرات الجديدة ولإعانة الدولة على مواجهة تمردات القبائل وتحرشات الدول الأجنبية، وليس لإحداث نهضة وطنية في الداخل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.