في خطوة تعكس حجم المنافسة المحتدمة بين كبرى شركات التكنولوجيا العالمية، تتجه كل من "مايكروسوفت" و"أمازون" و"غوغل" و"ميتا" إلى إنفاق غير مسبوق بلغ مجموعه حوالي 344 مليار دولار خلال عام 2025، أغلبه يُخصص لتعزيز البنية التحتية المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، وفق تقرير نشرته وكالة "بلومبرغ". ففي الربع الأخير وحده سجّلت "مايكروسوفت" استثمارًا قياسيًا بلغ 24.2 مليار دولار، مع خطط لإنفاق 30 مليارًا في الربع الحالي، بينما أنفقت "أمازون" 31.4 مليار دولار، وهو تقريبًا ضعف ما أنفقته في الفترة نفسها من العام الماضي. أما "غوغل"، المالكة ل"ألفابيت"، فقد رفعت تقديراتها الاستثمارية إلى 85 مليار دولار، في حين توقعت "ميتا" ("فيسبوك" سابقًا) زيادة أسرع في نفقاتها خلال العام المقبل. ويرى محللون أن هذه الطفرة في الإنفاق تأتي بدافع "الخوف من التخلف" في سباق تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي، إذ قال مانديب سينغ المحلل في "بلومبرغ إنتليجنس": "لقد ضاعفنا تقريبًا استثمارات البنية التحتية السحابية بسبب الذكاء الاصطناعي". وفي مكالمة مع المستثمرين، شددت المديرة المالية ل"مايكروسوفت"، إيمي هود، على ضرورة تسريع وتيرة العمل لتلبية الطلب على قدرات الحوسبة. وفي السياق نفسه، قالت نظيرتها في "ميتا"، سوزان لي، إن الهدف هو "امتلاك أفضل نماذج الذكاء الاصطناعي في السوق". وحصدت "ميتا" ثمار هذه الاستراتيجية، بعدما أعلنت عن أداء قوي في مداخيل الإعلانات مدعوم بتحسينات مدفوعة بالذكاء الاصطناعي، مما ساهم في ارتفاع أسهمها بأكثر من 8 بالمائة. وأطلق مارك زوكربيرغ مؤخرًا مختبر "ميتا للذكاء الخارق" لتطوير ذكاء اصطناعي بمستوى قدرات بشرية وتطبيقه عبر منتجات الشركة. في المقابل لم تُقنع "أمازون" المستثمرين بنتائجها، خاصة مع التراجع في أداء قسم الحوسبة السحابية، مما أدى إلى انخفاض أسهمها بنسبة 8 بالمائة. وأشار محللو "بلومبرغ" إلى أن هامش الربح التشغيلي لوحدة "أمازون ويب سيرفيسز" سيظل تحت الضغط حتى عام 2026 بسبب ارتفاع الاستثمارات الرأسمالية. أما "غوغل" فرفعت إنفاقها المتوقع لعام 2026 بنحو 10 مليارات دولار، وقال المدير التنفيذي سوندار بيتشاي إن هذه الاستثمارات ضرورية "لتلبية الطلب القوي، خاصة في خدمات الحوسبة السحابية". وأضاف محلل في شركة Forrester أن غوغل "مضطرة" للحاق بمنافسيها، خاصة مع الضغوط المتزايدة التي تفرضها نماذج مثل "تشات جي بي تي" التابعة لشركة .OpenAI من جهتها، نجحت "مايكروسوفت" في ربط استثماراتها مباشرةً بنمو مبيعات خدمة Azure السحابية بنسبة 39 بالمائة، إذ أكّد المدير التنفيذي ساتيا ناديلا أن الشركة "تقود الموجة في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي". أما "آبل" فكانت أقل الشركات الكبرى إنفاقًا، لكنها رفعت استثماراتها أيضًا بنسبة 45 بالمائة، لتبلغ حوالي 9.47 مليارات دولار خلال الأشهر التسعة الأولى من العام، مع تركيز ملحوظ على مشاريع الذكاء الاصطناعي، حسبما صرّح به مديرها المالي كيفن باريخ. وبينما تتسابق الشركات الكبرى على بناء مراكز بيانات واستقطاب أبرز المواهب، تبقى الأسئلة مفتوحة بشأن مدى استفادة العملاء النهائيين من هذه الطفرة في الاستثمارات. وكما قال محلل في شركة DA Davidson: "الاختبار الحقيقي ليس في حجم الاستثمار، بل في العائد المحقق لدى المستخدمين... فإذا لم يُثمر لن يتكرر العام المقبل".