فجر منظمو مهرجان «مولديات البوغاز» بطنجة فضيحة من العيار الثقيل عندما شرعوا في بيع بطاقات حضور حفلات هذا المهرجان الموسيقي، رغم أنهم تلقوا دعما ماليا كبيرا من عدد من الجهات، من بينها ولاية طنجة والجماعة الحضرية لطنجة وجهة طنجةتطوان وعدد كبير من المؤسسات العمومية والخاصة. وطرحت الجهة المنظمة لهذا المهرجان، الذي أنهى فعالياته اليوم السبت، والذي يشرف عليه نائب لعمدة طنجة يسمى عبد الحفيظ الشركي، الآلاف من تذاكر المهرجان الموسيقي للبيع بعدد من نقاط المدينة، من بينها مقاهي ومطاعم وفنادق، في سابقة هي الأولى من نوعها لمهرجان حصل على دعم قياسي من جهات رسمية عمومية وخاصة. وكان مهرجان «مولديات البوغاز» خرج إلى الوجود قبل بضع سنوات تحت اسم «مولديات طنجة»، كاحتفاء سنوي بذكرى المولد النبوي الشريف، حيث كان يستقبل عددا كبيرا من عائلات طنجة والنواحي في قصر السلطان عبد الحفيظ، التابع للقنصلية الإيطالية، غير أنه تحول فجأة إلى مهرجان تجاري هدفه الربح المادي مائة في المائة، وتم تفويته إلى أحد نواب عمدة طنجة عوض منظميه السابقين وباسم «مولديات البوغاز»، حيث صار ينظم في القاعة المغطاة في منطقة الزياتن. وكان منظمو مهرجان «مولديات» ألغوا في وقت سابق عقد ندوة صحافية بدعوى عدم توفر الوقت الكافي لذلك، في الوقت الذي قالت مصادر مطلعة إن منظمي المهرجان ألغوا الندوة الصحافية بسبب خشيتهم من إثارة موضوع الدعم المالي الكبير الذي حصلوا عليه، وقيامهم في الوقت نفسه بطرح آلاف التذاكر للبيع بمبلغ لا يقل عن مائتي درهم للتذكرة الواحدة. وشكل إلغاء الندوة الصحافية صدمة للرأي العام الطنجي، على اعتبار أنها كانت ستكشف الكثير من خبايا هذا المهرجان، الذي يُتهم منظموه بممارسة عمل ربحي والحصول على دعم مهم وقوي من مؤسسات اقتصادية وهيآت منتخبة. كما أنه من بين أسباب إلغاء الندوة الصحافية، تهديد فنانين مغاربة بالكشف عن تعرضهم لما أسموه «النصب» من طرف منظمي مهرجان «مولديات البوغاز»، حيث لم يتوصلوا بمستحقاتهم إلى حد الآن، رغم مرور أزيد من عام على مشاركتهم في الدورة السابقة للمهرجان. وقالت مصادر مطلعة ل»المساء» إن فنانين غير مغاربة يحظون بتكريم كبير، ماديا ومعنويا، من طرف منظمي «مولديات البوغاز»، في الوقت الذي يعاني الفنانون المغاربة من كل أشكال الحط من الكرامة، بما في ذلك عدم أداء مستحقاتهم المادية. وأضافت المصادر ذاتها أن فنانا مثل ماهر زين، الذي يحظى بشعبية واسعة في المغرب، شارك العام الماضي في هذا المهرجان وحصل على أتعابه قبل بداية الحفل، والتي تقدر بحوالي أربعين ألف أورو، في الوقت الذي لا يوال فيه فنانون مغاربة لم يتوصلوا بمستحقاتهم حتى اليوم. وحسب مصادر «المساء» فإن المشرف الأول على الحفل، عبد الحفيظ الشركي، كان قد تذرع بغياب الميزانية الكافية لأداء أتعابهم، في الوقت الذي يحصل فيه سماسرة الفنانين الأجانب على مبالغ مجزية، وغالبا ما يحصلون على «الكوميسيونات» قبل بداية المهرجان. ويوصف مهرجان «مولديات البوغاز» بأنه صار قبلة لعدد من سماسرة جلب الفنانين الأجانب والعرب، وهو الشيء الذي جعل متطلباته المادية كبيرة جدا، مما دفعه إلى بيع آلاف التذاكر لتوسيع هامش الأرباح. وعلى الرغم من أن مهرجان «مولديات البوغاز» ولد أصلا احتفاء بذكرى المولد النبوي الشريف، فإنه تحول، فجأة، إلى مهرجان ربحي، حيث يحظى حاليا بدعم قرابة 20 مؤسسة اقتصادية عمومية وخاصة، بالإضافة إلى هيآت رسمية ومنتخبة. ومن بين الجهات التي تدعم مهرجان «مولديات البوغاز» شركات للاتصالات الهاتفية وشركات نقل ومؤسسات توزيع الماء والكهرباء. من جهتها، قالت مصادر من اللجنة التنظيمية للمهرجان إن قرار بيع التذاكر تم اتخاذه بسبب قيام أشخاص بإعادة بيع التذاكر المجانية، غير أن هذا الزعم فندته مصادر مطلعة قالت ل»المساء» إن عمليات إعادة بيع التذاكر، لو حدثت، فإنها ستكون من داخل اللجنة المنظمة، خصوصا من طرف أشخاص لهم سوابق في هذا المجال، وأحدهم تم طرده سابقا من مؤسسة إعلامية بسبب ممارسته الابتزاز والنصب. كما أن المشرف على تنظيم المهرجان، عبد الحفيظ الشركي، له سوابق كثيرة في استغلال الأملاك العمومية لجني أرباح كبيرة، وهو نفسه الذي اكترى عقارا من الجماعة الحضرية بمليون سنتيم في العام، والذي أعاد كراءه لأجنبي بسبعين مليونا في السنة، وهو يقود اللوبي القوي لأصحاب قاعات الأعراس، التي تقض مضجع عشرات الآلاف من سكان طنجة، كما أنه يحتكر بشكل شبه مطلق للوحات الإشهارية في المدينة، بما فيها لوحات غير قانونية أو لوحات تسببت في مشاكل دبلوماسية كتلك الموجودة على مدخل مقر القنصلية الفرنسية بالمدينة.