النسخة السادسة للمباراة المغربية للمنتوجات المجالية.. تتويج 7 تعاونيات بجوائز للتميز    التوتر يشتد في الجامعات الأمريكية مع توسع حركة الطلاب المؤيدين للفلسطينيين    زلزال استقالات يضرب الخارجية الأمريكية بسبب دعم بايدن لحرب إسرائيل على غزة    مسؤول بوزارة التربية يمنع التلاميذ من مضغ "العلكة" في المدارس بتزنيت    الأمير مولاي رشيد يترأس مأدبة عشاء أقامها صاحب الجلالة على شرف المشاركين بمعرض الفلاحة    أخنوش: حصيلة الحكومة مشرفة والتعديل الحكومي تؤطره قواعد الدستور    توقعات أحوال الطقس اليوم الجمعة    معرض لفلاحة 16 بمكناس كبر وخاصو يتوسع. دورة مقادة كان مشكوك فيها 3 اشهر. اقبال كبير وتجاوب مزيان وحركة دايرة    عدد العمال المغاربة يتصاعد في إسبانيا    قفروها الكابرانات على لالجيري: القضية ما فيهاش غير 3 لزيرو.. خطية قاصحة كتسناهم بسبب ماتش بركان والمنتخبات والأندية الجزائرية مهددة ما تلعبش عامين    تحت اشراف الجامعة الملكية المغربية للملاكمة عصبة جهة سوس ماسة للملاكمة تنظم بطولة الفئات السنية    الدكتور عبدالله بوصوف: قميص بركان وحدود " المغرب الحقة "    شاهد كيف عرض فيفا خريطة المغرب بمتحفه في زوريخ    وزير دفاع إسرائيل: ما غنوقفوش القتال حتى نرجعو المحتجزين لعند حماس    القبض على مطلوب في بلجيكا أثناء محاولته الفرار إلى المغرب عبر إسبانيا    أخنوش: تماسك الحكومة وجديتها مكننا من تنزيل الأوراش الاجتماعية الكبرى وبلوغ حصيلة مشرفة    طنجة تحتضن ندوة حول إزالة الكربون من التدفقات اللوجستية بين المغرب و أوروبا    هل دقت طبول الحرب الشاملة بين الجزائر والمغرب؟    أخنوش: الحكومة تقوم بإصلاح تدريجي ولن يتم إلغاء صندوق المقاصة    تسليط الضوء بالدار البيضاء على مكانة الأطفال المتخلى عنهم والأيتام    البيرو..مشاركة مغربية في "معرض السفارات" بليما لإبراز الإشعاع الثقافي للمملكة    نهضة بركان تطرح تذاكر "كأس الكاف"    مؤتمر دولي بفاس يوصي بتشجيع الأبحاث المتعلقة بترجمة اللغات المحلية    أخنوش: لا وجود لإلغاء صندوق المقاصة .. والحكومة تنفذ عملية إصلاح تدريجية    أخنوش يربط الزيادة في ثمن "البوطا" ب"نجاح نظام الدعم المباشر"    الخريطة على القميص تثير سعار الجزائر من جديد    أخنوش: نشتغل على 4 ملفات كبرى ونعمل على تحسين دخل المواطنين بالقطاعين العام والخاص    رئيس الحكومة يجري مباحثات مع وزير الاقتصاد والمالية والسيادة الصناعية والرقمية الفرنسي    المغرب يستنكر بشدة اقتحام متطرفين المسجد الأقصى    الأمير مولاي رشيد يترأس مأدبة ملكية على شرف المشاركين بمعرض الفلاحة    نمو حركة النقل الجوي بمطار طنجة الدولي خلال بداية سنة 2024    ''اتصالات المغرب''.. النتيجة الصافية المعدلة لحصة المجموعة وصلات 1,52 مليار درهم فالفصل اللول من 2024    التحريض على الفسق يجر إعلامية مشهورة للسجن    السلطات تمنح 2905 ترخيصا لزراعة القنب الهندي منذ مطلع هذا العام    بعد فضائح فساد.. الحكومة الإسبانية تضع اتحاد الكرة "تحت الوصاية"    بشكل رسمي.. تشافي يواصل قيادة برشلونة    الأمثال العامية بتطوان... (582)    تشجيعا لجهودهم.. تتويج منتجي أفضل المنتوجات المجالية بمعرض الفلاحة بمكناس    منصة "واتساب" تختبر خاصية لنقل الملفات دون الحاجة إلى اتصال بالإنترنت    نظام الضمان الاجتماعي.. راتب الشيخوخة للمؤمن لهم اللي عندهومًهاد الشروط    اتساع التظاهرات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جديدة    عودة أمطار الخير إلى سماء المملكة ابتداء من يوم غد    "مروكية حارة " بالقاعات السينمائية المغربية    الحكومة تراجع نسب احتساب رواتب الشيخوخة للمتقاعدين    في اليوم العالمي للملاريا، خبراء يحذرون من زيادة انتشار المرض بسبب التغير المناخي    خبراء ومختصون يكشفون تفاصيل استراتيجية مواجهة المغرب للحصبة ولمنع ظهور أمراض أخرى    هذا الكتاب أنقذني من الموت!    جراحون أميركيون يزرعون للمرة الثانية كلية خنزير لمريض حي    حفل تقديم وتوقيع المجموعة القصصية "لا شيء يعجبني…" للقاصة فاطمة الزهراء المرابط بالقنيطرة    مهرجان فاس للثقافة الصوفية.. الفنان الفرنساوي باسكال سافر بالجمهور فرحلة روحية    أكاديمية المملكة تعمق البحث في تاريخ حضارة اليمن والتقاطعات مع المغرب    ماركس: قلق المعرفة يغذي الآداب المقارنة .. و"الانتظارات الإيديولوجية" خطرة    قميصُ بركان    لأول مرة في التاريخ سيرى ساكنة الناظور ومليلية هذا الحدث أوضح من العالم    دراسة: تناول الأسبرين بشكل يومي يحد من خطر الإصابة بسرطان القولون    دراسة تبيّن وجود صلة بين بعض المستحلبات وخطر الإصابة بمرض السكري    في شأن الجدل القائم حول مدونة الأسرة بالمغرب: الجزء الأول    "نسب الطفل بين أسباب التخلي وهشاشة التبني"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اتهامات بالتحكم والتدخل في الأحزاب تفجر مواجهة ساخنة بين «البام» و«البيجيدي»
نشر في المساء يوم 14 - 09 - 2015

فجر تبادل الاتهامات بين عبد العالي حامي الدين، عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، وحسن التايقي، عضو المجلس الوطني لحزب الأصالة والمعاصرة، مواجهة ساخنة في برنامج «مناظرات» الذي تبثه إذاعة «إم إف إم» بشراكة مع يومية «المساء»، والذي شارك في حلقته الأخيرة عبد الحكيم قرمان، أستاذ باحث في العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس في الرباط، ورشيد لبكر، أستاذ جامعي بكلية الحقوق سلا. وطالب التايقي بفتح تحقيق في مصادر تمويل «شبكة الدعم الاجتماعي الإحساني غير المؤطرة من طرف الدولة»، فيما دعا حامي الدين إلى «تشكيل لجنة برلمانية لتقصي الحقائق في تمويل الأحزاب السياسية».
– صرح عبد العالي حامي الدين في حوار مع يومية «المساء» أن المال نزل في هذه الانتخابات بقوة، غير أن تأثيره انحصر في القرى. إذا كان حزب الأصالة والمعاصرة قد فاز في العالم القروي، فهل يمكن الربط بين هذا التصريح وفوز «البام»؟
حامي الدين: صرحت أن المال نزل بقوة سواء في العالم القروي أو في المدن، غير أن تأثيره في الحواضر كان محدودا، بالنظر إلى أن تجار الانتخابات لم يستطيعوا أن يشتروا أصوات الناخبين بالآلاف. كلما ارتفعت نسبة التصويت ولو ب1 في المائة فإن عملية الشراء تفشل، غير أن الأمر في القرى لا ينحصر فقط في استخدام المال بل أيضا في الانتماء القبلي من خلال التصويت على الأقارب حتى ولو كانت هناك شخصية أخرى نظيفة ومشهود لها بالنزاهة، إلى جانب تأثير الخوف من بعض الشخصيات النافذة. ويمكن القول بأنه في بعض المناطق لازال المواطنون يعانون مما يمكن تسميته بالنظام الفيودالي أو الإقطاعي.
هل تقصد جهة الغرب التي ترشحت فيها كوكيل للائحة الجهوية؟
حامي الدين: نموذج سيدي سليمان معبر بشكل واضح، حيث تقوم هذه الشخصيات باستعباد الناس وتجعل السكان يعتقدون أن رزقهم مرتبط بوجود ذلك الشخص في المؤسسات، وبأن مصيرهم مرتهن بنجاح كائن انتخابي معين، وذلك نتيجة ممارسات انتقامية، من قبيل طرد أخ مرشح منافس لأحد الإقطاعيين من ضيعة الأخير. وبالتالي فهذه أمثلة يحكيها الناس بشكل يجعل الخوف ينتشر، وعليه فتأثير المال والقبيلة والخوف في العالم القروي كبير. المال نزل في المدن لكن تأثيره محدود، وكان هناك تصويت سياسي أكثر مقارنة مع القرى. وعلى العموم يمكن القول بأن الانتخابات مرت في ظروف جيدة وحسنة ونجحت الإدارة المغربية في إظهار جاهزية كبيرة لتنظيم يوم 4 شتنبر في ظروف جيدة، لكن هناك اختلالات لازالت موجودة.
– بمجرد أن بدأت النتائج تظهر، خرج مصطفى الباكوري، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، يتحدث عن وجود إفساد للعملية الانتخابية. كيف لحزب احتل المرتبة الأولى أن يشكك في الأجواء التي مرت فيها هذه الاستحقاقات؟
التايقي: في البداية أود أن أفتح قوسا بشأن الوعود التي قدمها أمناء عامون للأحزاب السياسية عبر برنامج «مناظرات»، وكان من بينهم مصطفى الباكوري. بالنسبة لنا فأهم الوعود التي قطعناها على أنفسنا تتمثل في ثلاثة عناصر، أولها الالتزام بخطاب وأخلاقيات القانون المؤطر للعمليات الانتخابية، وأيضا بتجديد النخب إذ تقدمنا ب12 ألف مرشح ومرشحة يدخلون غمار الانتخابات لأول مرة. كما التزمنا بالتقدم ببرنامج عقلاني وواقعي بعيد عن بيع الأوهام. أما بخصوص التشكيك، فلابد أن نشير بداية إلى أن هذه الانتخابات جرت في سياق مغربي، مطبوع بفعل حكومي يجب أن نقف عنده بدقة، فما سبق استحقاقات 4 شتنبر من تحضير ساهم بشكل كبير في إرباك العملية الانتخابية. الفاعل الحكومي لم يكن مستعدا بالشكل الكافي أو كان يفتقد للمهنية والاحترافية في الإعداد لانتخابات تنسجم مع هذه اللحظة الدستورية، ثم هناك مجموعة من الإجراءات التقنية والقانونية التي لم تسمح بإجراء انتخابات في مستوى انتظارات مغرب ما بعد دستور 2011. لهذا فعشية اقتراع 4 شتنبر، أصدرنا بلاغا أكدنا فيه على رصد مجموعة من الاختلالات والتجاوزات والخروقات، التي ترتقي إلى مستوى الجسامة بشكل مس بنزاهة وسلامة العملية. هذه المسألة تركنا للقضاء أن يقول كلمته فيها، غير أن ذلك لا يعفينا كحزب سياسي احتل الصدارة أن نقف عندها، لأن طموحنا وطموح المغاربة جميعا هو أن الاستحقاقات الأخيرة كان يفترض أن تمر في مستوى آخر من النزاهة والسلامة، والتعبير عن التحولات الثقافية والسياسية التي يعيشها المجتمع المغربي.
– من الموقع الأكاديمي، إلى أي حد سيكون لانتخابات 4 شتنبر تأثير على تحسين المعيش اليومي للمغاربة؟
لبكر: على العموم، أعتقد أننا حققنا تقدما كبيرا على مستوى الممارسة الديمقراطية، وبأن الانتخابات جرت عموما في ظروف جيدة. هذه الاستحقاقات يعلق عليها المواطن رهانات كبرى، لأنها أول انتخابات تجري بعد دستور 2011، وخلال هذه الفترة قيل كلام كثير حول مستقبل التنمية الاقتصادية والاجتماعية. هذا النقاش تمت ترجمته في مراجعة الميثاق الجماعي ل2009 وأيضا نظام الجهوية، حيث حاول المغرب أن يضع ترسانة قانونية من شأنها أن تمكن المدبر المحلي من الارتكاز عليها لتحقيق متطلبات التنمية. اليوم هناك خصاص كبير جدا، والسؤال المطروح على المنتخبين هو مدى قدرتهم على تطبيق المقتضيات القانونية، والالتزام بالوعود التي قدموها للناخبين. الآن سنمر إلى مرحلة الفعل، وليس هناك مجال للشعارات والخطابات الرنانة بل المواطن بدأ يدشن عهدا جديدا عنوانه المصالحة مع الشأن السياسي. المغاربة ينتظرون باكورة هذه الحركية السياسية، لأن هناك خصاص كبير على مستوى قطاعات النظافة والتطهير والصحة والرياضة وكل خدمات القرب.
– الخطاب الملكي أشار لأمر بيداغوجي يتعلق بالبرامج المحلية. ألم تتحول الانتخابات الأخيرة إلى انتخابات سياسية، وغاب عنها خطاب القرب؟
قرمان: أعتقد أن المغرب نجح على المستوى السياسي في تمرين 4 شتنبر، فقد كانت هناك رسائل واضحة بأن الشعب المغربي له إمكانيات للولوج إلى عهد الديمقراطية بمختلف مظاهرها ممارسة وتطبيقا وتمثلا، وليس ذلك بغريب على شعب كالمغرب بحضارته، ثم هناك رسالة إلى الخارج بشأن تميز النموذج والتجربة الديمقراطية المغربية. فهذا التمرين أوضح أن المغرب لا خوف عليه، رغم بعض الاختلالات التي قد تقع وهو شيء طبيعي، على اعتبار أنه لو وصلنا إلى الكمال لما كانت هناك حاجة لتنظيم الانتخابات والقيام بإصلاحات قانونية ومؤسساتية ودستورية. المؤشر الثالث يتعلق بنسبة المشاركة، بغض النظر عن النقاش الدائر حولها الآن، إذ يبدو أن الكتلة الناخبة في المدن والبوادي استوعبت أن لا أحد يمكنه القيام بالتنمية دون الدخول في المعترك. ولا بد أن أؤكد هنا أن الخطاب الملكي حمل صبغة بيداغوجية من رئيس الدولة، إذ لم يهم الاستحقاق النخب السياسية أو الأحزاب فقط، بل البلد ككل. فجلالة الملك قال عبارة مهمة وهي أن هذه الاستحقاقات تشكل انعطافة تاريخية، مما يعني أننا نستشرف عبر هذا التمرين ما سيأتي فيما بعد على مستوى الجهوية، وعلاقة الديمقراطية بالتنمية بعدما كنا في السابق نتحدث فقط عن دمقرطة المؤسسات والحياة السياسية. أعود هنا إلى القراءة المنظورة لهذه الاستحقاقات لأقول بأنه مهما كانت النتائج فالمغرب ربح، فحتى لو وقعت بعض الأشياء، فالأهم هو أن المغرب وصل إلى مرحلة نضج تجعل الحياة السياسية تمارس وفق الأعراف والتقاليد والضوابط القانونية والمؤسساتية والدستورية. وعليه، لا يجب أن نتسرع في الحكم على هذا الطرف أو ذاك، بل يجب أن نترك التجربة الجديدة للجهوية تشتغل لبضع سنوات، حتى نرى إن كانت فعلا قد شكلت انعطافة انطلاقا من المنظور الملكي أو ربما هي تجربة ستحتاج بدورها إلى تقويم، وقد نكتشف اختلالات في التدبير وعدم الملاءمة بين سرعة إنضاج العمل الجماعي والانتقال إلى الجهوية.
– عشنا منذ 4 شتنبر نوعا من الفراغ في انتظار ما ستفرزه التحالفات. أليس هناك خوف لدى العدالة والتنمية من هذا الفوز الكبير بشكل قد يدفعها إلى التراجع ومنح رئاسة بعض المواقع لأحزاب لم تحرز نتائج مهمة؟
حامي الدين: قبل هذه الانتخابات كان هناك مسلسل تشاوري مهم بين الأحزاب السياسية حول القوانين الجديدة، ولأول مرة نعيش مشاورات لمدة طويلة قاربت السنة، والتي توجت بالمصادقة عليها بالإجماع. ثم بعد ذلك، كانت هناك لجنة مركزية للإشراف على الانتخابات تضم في عضويتها وزيري الداخلية والعدل والحريات تحت إشراف رئيس الحكومة، وهو تطور سياسي مهم، على اعتبار أن هذه الجهة قابلة للمحاسبة والمراقبة ومسؤولة على أي اختلالات. كما أن اللوائح خضعت لعملية التحيين، وهو ما جعلنا نربح ثلاثة ملايين مغربي يسجلون فيها. صحيح أن نسبة التصويت لم تتطور بشكل كبير، إذ كانت في انتخابات 2009 حوالي 52 في المائة مقابل 53.6 في المائة في الانتخابات الأخيرة، لكن من حيث العدد فقد وصلنا إلى 8 ملايين ناخب، وهو ما يفتح بلادنا على المشاركة الحقيقية للمواطن في اختيار المسؤولين. أما بخصوص الخطاب الذي عرفته الحملة الانتخابية، فيجب أن نشير إلى الدور البيداغوجي الذي كان على الجميع أن يقوم به، وقام به جلالة الملك بشأن كوننا سنصوت على مجالس الجماعات والجهات، لكن خطاب الحملة الانتخابية كان بالفعل خطابا سياسيا وهو مقبول في الديمقراطية، والبرامج كانت أيضا موجودة.
لبكر: الجو الذي مرت فيه هذه الانتخابات يجعلنا وكأننا أمام استحقاقات تشريعية. هذا الأمر لا يزعجني لأننا نؤسس لخطاب جديد يقطع مع الماضي، وحتى الطريقة التي كانت تتم بها الحملات في السابق أضحت جزءا من الماضي. أعتقد أنه على العكس تماما، فالحملات اليوم فيها نقاش سياسي والإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي لعبت دورا كبيرا. ربما كان للظروف التي عرفها المغرب منذ الحراك إلى اليوم دور في الرفع من منسوب الوعي السياسي. في السابق كانت المنشورات والبرامج مجرد استنساخ لبعضها البعض، إلى درجة أنه لم يكن هناك اهتمام بها، في حين أننا نسجل اليوم متابعة للخطاب السياسي والمهرجانات الخطابية التي لعبت دورا كبيرا، وهذه من المسائل الإيجابية التي نشطت الحملة الأخيرة.
– بنكيران وزعماء المعارضة أيضا لم يتصرفوا بمنطق الانتخابات الجماعية، بل كانت هناك اتهامات متبادلة من قبيل الاتجار في المخدرات والانتماء ل»داعش». أين هو الطابع المحلي في هذه الخطابات؟
حامي الدين: قبل الحملة الانتخابية، كان هناك نقاش بمضمون سياسي طيلة هذه المرحلة. فمنذ الحراك الذي انطلق مع حركة 20 فبراير، وجاء بعده الدستور وانتخابات 25 نونبر، دخل المغرب مرحلة جديدة بإيقاع مختلف عن الفترة السابقة، وبدأنا نسمع لغة سياسية مباشرة وليس لغة الخشب.
– غير أن هذه اللغة المباشرة حملت اتهامات ثقيلة، بشكل قد يخلق مفاجآت على مستوى الطعون.
حامي الدين: طبعا القضاء يجب أن يقوم بدوره، لكن لا يمكن أن تتحكم في نوعية الخطاب، فالقادة السياسيين لديهم الحرية الكاملة للحديث بطريقتهم، كما نرى في الديمقراطيات العريقة. عندما نكون في حملة انتخابية، فما ألتقطه من اللغة السياسية المستعملة هو إن كانت لغة صادقة أم كاذبة، وما إذا كانت تعبر عن الواقع أم تستعمل لغة الخشب. بالنسبة لمصادر تمويل الأحزاب السياسية فيجب أن تتحرك فيها لجان للتحقيق، بل يمكن للبرلمان أن يدخل على الخط لتشكيل لجنة لتقصي الحقائق. أعتقد أن الدعم المقدم للأحزاب لا يتناسب مع ما أنفق في الحملة، وبالتالي هذا النقاش يجب فتحه من الناحية القانونية والقضائية، وليس هناك مشكل إن كانت فيه أسئلة طرحت. كما أن هناك من يستغل معاناة الناس، وقد تابعت خطابات بعض قادة الأحزاب الذين يشجعون الناس على تجارة الكيف بمبرر غياب التنمية في مناطقهم.
– هل تقصد إلياس العماري؟
حامي الدين: لن أثير اسم أحد، لكن هذه الأمور مكتوبة ومسجلة. هم يدعون لذلك لأن تلك المناطق تعاني التهميش، وفي ذلك تشجيع على التمرد ضد الدولة وأيضا زراعة الكيف التي تشكل المادة الأصلية للحشيش والمخدرات. أعتقد أن هذا النقاش إيجابي لتحصين الأحزاب السياسية، لأنه لا يمكن بناء ديمقراطية حقيقية بدون أحزاب لديها تمويل قانوني، وليس أن تتنافس مع أحزاب سياسية لديها تمويلات رهيبة من مصادر مشبوهة.
– في السياق نفسه، وجه الأمين العام للتقدم والاشتراكية اتهامات ل»الجرار» بكونه نزل في الحملة بتمويلات لا تتناسب مع الدعم المقدم من طرف الدولة. ما ردك؟
التايقي: من الجيد أن تطرح كل الأسئلة في هذا المحطة التي عليها رهانات الدولة والمجتمع، ومن غير المجدي أن نتواطأ بالصمت على القضايا التي من شأنها أن تشوش على المسار الديمقراطي. فيما يخص المشاورات، أخاف أن نتعامل مع ذاكرة المغاربة باستبلاد، فالكل تتبع طريقة الاستعلاء التي تعاملت بها الحكومة مع المعارضة، وكانت هناك مشاورات شكلية غاب عنها حس المسؤولية والمقتضيات الدستورية الخاصة بالتشارك.
– لكن المعارضة صوتت بالإجماع. أليس كذلك؟
التايقي: يجب تتبع مسار المشاورات، فقد قاطعت المعارضة اجتماعا للجنة الداخلية لأنها رفضت هذا التعامل إلى أن قام السيد وزير الداخلية بتصحيح الأمر وتم اللجوء إلى لقاءات أسبوعية يوم الجمعة مع أحزاب المعارضة. أما بالنسبة للخطاب والبرامج، فالمغاربة وجدوا في الحكومة والحزب السياسي الذي يقودها وعودا كبيرة وعاشوا في أحلام، لكنه عندما دخل للحكومة ابتعد كل البعد عن تلك البرامج، وتم تبخيس الالتزامات والوعود.
– ألم يصوت المغاربة لصالح هذا الحزب؟
التايقي: أولا يجب ألا نختزل الحكومة في فاعل واحد، والحال أن المكونات الأخرى لم تعرف تقدما.
حامي الدين: لا يجب أن نقدم للمغاربة معلومات مغلوطة، بل باقي الأحزاب المكونة للأغلبية سجلت تقدما أيضا، وليس هناك تراجع.
التايقي: هذه المعلومات صحيحة، غير أن هذا التقدم طفيف. بالنسبة للعدالة والتنمية فتقدمه في الحواضر مرده إلى اعتبارات متعددة. أتفق بأن أي ممارسة من شأنها أن تضر بالعملية الانتخابية وسلامتها يجب أن نقف عندها وفي مقدمتها توظيف المال العام، ويجب علينا اليوم أن نفتح تحقيقا حول من يوظفه من خلال شبكة الدعم الاجتماعي غير المؤطر من طرف الدولة، وأن نعرف مصادر تمويلها. طبعا المشكل ليس فقط في هذه الشبكة التي تعتمد العمل الخيري والإحساني، بل الإشكال الأكبر هو أنها تساهم في قتل المواطنة وثقافة الديمقراطية واستقلالية اختيارات المواطنين، لأنها محكومة بشَرطية سياسية.
– الطبقة المتوسطة هي التي صوتت للعدالة والتنمية، وهي طبقة لا يمكن استمالتها بالمال على خلاف ما يقع في المناطق القروية.
التايقي: الحواضر عرفت مشاركة محدودة، والنسبة المرتفعة للتصويت سجلت في مناطق التهميش والإقصاء والفقر، حيث تستثمر اللوبيات الخيرية والإحسانية.
– هل هذا يعني أن الانتخابات تهم فقط الفقراء ولا تعني الأثرياء؟
التايقي: اليوم هناك تراجع كبير لدائرة واسعة من الفئات المتوسطة التي تميل للمشروع الديمقراطي الحديث، لأنها لم تجد المشروع الديمقراطي الذي يمكن أن يحتضنها، لكن بما أننا معنيون بتدشين لبنة من لبنات إرساء الديمقراطية في بلادنا فيجب أن نتحدث بكل صراحة. قبل قليل طرح سؤال بشأن رفض العدالة والتنمية تحمل المسؤولية في بعض الجماعات التي اكتسحها، والجواب ببساطة هو أنه غير مهيأ، على اعتبار أن الأمر يتعلق بتقدم حزب وغياب فكرة. فالحزب ليس لديه مشروع، وطيلة الحملة الانتخابية وظف رئيس الحكومة خطابا حكواتيا ولم يتحدث عن قضايا المجتمع والاقتصاد ومعاناة المواطنين وحقوق الإنسان، بل كان يتحدث بخطاب ديماغوجي.
لكن المغاربة قبلوا ذلك.
المغاربة لم يقبلوا ذلك، بل إنهم لم يصوتوا.
– هل اكتساح مدينة كالدار البيضاء يشبه الفوز بجماعة قروية؟
قرمان: هناك زوايا مختلفة لقراءة نتائج الانتخابات. الأكيد أن التصويت للعدالة والتنمية في المدن والأصالة والمعاصرة في القرى يفسر بأن الأول يقود ائتلافا حكوميا، وقد كان لأربع سنوات من التدبير في مختلف القطاعات تأثير. في تاريخ التجارب الانتخابية في المغرب، لم يسبق أن حصل حزب سياسي على الأغلبية المطلقة، حتى في الوقت الذي كانت الأحزاب الإدارية مدعمة. النقطة الثانية هو أن فوز حزب أو حزبين في المشهد يمكن أن يفسر بعدة عوامل، منها عمل الحزب وقدراته التنظيمية والتأطيرية وجاهزيته ونوع المرشحين الذي تقدم بهم. وفي الآن ذاته يمكن أن نقرأ هذا المعطى من زاوية ضعف الآخر، لأنه عندما نرى نسبة تغطية الدوائر فهناك أحزاب تغطي 100 في المائة وأخرى غطت 40 في المائة أو أكثر بقليل. بالنسبة للتحالفات فتحليلها يحيل على زاويتين للنظر، أولها المنطق الانتخابي الذي يقول إن الكتلة الناخبة أعطت لتحالف معين الثقة وبالتالي يجب الانسجام مع إرادة الناخب في كل العمليات، وهو ما يعزز أكثر من الغاية والطموح في تكريس الثقافة الديمقراطية. القراءة الثانية ترتبط بوجود أغلبيات قوية غير أننا نكتشف منطقا ثانيا لتكييف بعض التحالفات مع السياق المحلي، والخطر الذي يمكن أن يطرح مستقبلا هو إشكالية عزوف الناخب على اعتبار أن إرادته لم يتم عكسها على المستوى المحلي والجهوي. هناك من ذهب إلى أبعد من ذلك ويقول إنه بما أن عملية الإنضاج في المغرب أخذت حوالي 40 سنة لنصل إلى هذا المستوى المتقدم، فلماذا عندما وصلنا إلى الجهوية المتقدمة قررنا المرور مباشرة للانتخاب. البعض كانت له قراءة تتأسس على إمكانية تعيين رئيس الجهة بعد مشاورات بين الأحزاب، في انتظار تهييء النخب المناسبة لتدبير حكومات جهوية إن صح التعبير.
– هل الباكوري هو الذي سيقود جهة الدار اليضاء، أم أنه ستكون هناك معركة أخرى؟
حامي الدين: صناديق الاقتراع هي التي ستحكم، والحزب تقدم بعبد الصمد حيكر كمرشح، وذلك انسجاما مع إرادة المواطنين التي منحتنا المرتبة الأولى وليس الأغلبية المطلقة، ونحن دخلنا في تحالف. بالعودة إلى الوفاء لإرادة المواطنين، فجميع المدن التي حصل فيها على الأغلبية المطلقة لن يمنحها لأي حزب ولو من التحالف الحكومي، إذ أن الرئاسة ستكون للمصباح في عدد من المدن كفاس والبيضاء ومراكش وأكادير والقنيطرة والرباط. منطقنا في العدالة والتنمية هو أنه بنينا تحالفاتنا على أساس الأغلبية والتحالف والحكومي، وهناك محاولة جدية لعقلة التحالفات السياسية على ضوء نتائج الانتخابات الجماعية. إذا نجحنا بنسبة 80 في المائة في هذه التحالفات، ويمكن القول بأننا حققنا ذلك سواء بالنسبة للمعارضة أو الأغلبية، فالاستثناءات تقع ويفرضها وجود حزب حصل على الرتبة الأولى ويضطر للاتجاه نحو حزب معارض انسجاما مع إرادة المواطنين التي منحته المرتبة الأولى، وهذه القضية يجب تفهمها. بالنسبة للعدالة والتنمية تحديدا، يمكن أن أؤكد بأن الطلب عليه من أحزاب الأغلبية أو المعارضة.
– «البيجيدي» أيضا يطلب الدخول في تحالفات مع المعارضة، أليس كذلك؟
حامي الدين: لم نسجل هذا الأمر، وأتحدث معكم من داخل العلبة السوداء التي تدبر عملية التحالفات في الحزب، إذ لم نقم بطلب أي حزب معارض، علما أننا لم نضع أي خط أحمر، وقلنا في بيان رسمي إن تحالفاتنا ستكون أولا مع أحزاب الحكومة وسنحاول إشراكها في التدبير ولو توفرنا على أغلبيات مطلقة، وذلك انطلاقا من قناعاتنا التشاركية. كما أنه لدينا فلسفة عميقة بضرورة التعاون وإشراك أكبر قدر من الناس الخيرين الذين يريدون مصلحة البلاد، ونؤمن أيضا بأن الديمقراطية ليست هي النصف زائد واحد. أما بالنسبة للمعارضة فهناك بيان رسمي يقول بأنها لن تدخل في التحالفات التي تقودها العدالة والتنمية.
– ما هي قراءتك للتحليل الذي يقول بأن المواطنين لم يصوتوا للعدالة والتنمية لسواد عيونهم، بل كان هناك نداء ملكي للمشاركة وأيضا لأنه تم تجريب باقي الأحزاب؟
حامي الدين: في مدينة فاس حصلنا على 74 مقعدا من أصل 92، وفي ذلك تصويت عقابي لطرف كان يسير هذه المدينة. هذا يعني أن هناك كتلة صوتت تصويتا مفيدا وتوجهت نحو اتجاه سياسي واضح ليتحمل مسؤوليته وألا تشتت أصواتها، لأنني لا أعتقد أن هذه المقاعد حصلنا عليها فقط بمساندة المتعاطفين. وهناك في الآن ذاته عمل قام به الحزب في الجماعات التي يسيرها، فاليوم لا يمكن لأي زائر للقنيطرة أن ينكر الفرق الحاصل مقارنة مع المرحلة السابقة، وبالتالي عوض أن تأخذ المرتبة الأولى فقط يتم منحك الأغلبية المطلقة. أيضا العمل الحكومي كان مؤثرا في التصويت، إذ أن المواطنين اقتنعوا بأن الحكومة الحالية بقيادة العدالة والتنمية باشرت مجموعة من المشاريع الإصلاحية ونجحت فيها بشجاعة وجرأة.
– التايقي: ما هي هذه المشاريع التي نجحت فيها الحكومة؟
حامي الدين: مثلا الزيادة في منحة الطلبة، الذين كانوا فئة مقهورة في الفترة السابقة. هذا مجرد نموذج، والحال أن الحكومة توجهت نحو ملفات حرجة من قبيل المقاصة، وحاولت إصلاحها لربح ملايير السنتيمات.
– التايقي: هذه الإجراءات تمت على حساب الطبقات الفقيرة.
حامي الدين: الفئات الفقيرة ذهبت للتصويت وأجابت الجواب الكافي على مثل هذه التحليلات.
– التايقي: هذه مجرد زبونية انتخابية.
حامي الدين: إذا لم تستخلص أحزاب المعارضة الدروس الكافية من هذه الانتخابات، فسوف تحصد الهزائم في الانتخابات القادمة.
– هل هذا ما جعلكم تغيرون خطابكم، حيث أصبح بنكيران يلوح بالانتخابات السابقة لأوانها، وفي المقابل لم تلجئوا للتصعيد مع حزب الاستقلال عندما كان في الأغلبية؟
حامي الدين: الحكومة اشتغلت لمدة ثلاثة أشهر ونصف بدون أي مشكل، وبدون أغلبية برلمانية. لو كانت الشجاعة لأي طرف آخر لإسقاط الحكومة فكان عليه أن يتقدم بملتمس الرقابة. نحن لم نكن «مرطبين»، بل كنا نقول الكلام الذي يجب قوله، وفي الآن ذاته لم نكن نصعد.
– التايقي: لماذا قبلتم مكونا اتهمتموه بالفساد، أليست هذه سكيزوفرينية لا تساهم في تنمية الثقافة الديمقراطية؟
حامي الدين: في تلك المرحلة كانت هناك حاجة لتحافظ الحكومة على أغلبيتها للقيام بالإصلاحات.
– التايقي: بل للحفاظ على المواقع الحكومية.
حامي الدين: نعم للحفاظ على الموقع الحكومي من أجل الإصلاح، وليس من أجل السرقة والابتزاز ونهب المال العام، وإذا كان أحد يتوفر على أي دليل يؤكد تورط عضو في هذه الحكومة في نهب المال العام كما تورط آخرون فليكشف عنه. لقد كان أمامنا خياران أولهما الانتخابات السابقة لأوانها، والتي كانت ستأتي بالنتائج نفسها ونضطر لبناء الحكومة نفسها، أو اللجوء إلى حزب الأحرار لينضم بناء على برنامج.
– هل ستذهبون إلى الانتخابات التشريعية مطمئنين بعد هذه الاستحقاقات؟
حامي الدين: المغاربة مرتاحون اليوم، وهناك علامات الفرح والنشوة لأنهم حققوا إنجازا واحترمت إرادة الناخبين.
– حامي الدين يقول إن المدن التي جرب فيها المغاربة حزب الأصالة والمعاصرة انهزم فيها، وفزتم بمناطق أخرى. كيف ترد على هذا التحليل؟
التايقي: سأميز هنا بين النجاح المفاجئ والعادي. فالرأي العام والمتتبعون ووسائل الإعلام يؤكدون أن نجاح العدالة والتنمية كان مفاجئا، أما بالنسبة لحزب الأصالة والمعاصرة فنعتبر نجاحنا عاديا لأن طموحنا كان أكبر.
حامي الدين: الحزب (الأصالة والمعاصرة) بنفسه ليس عاديا، ويمكن أن نستدل على ذلك بأدلة ملموسة ونتحدث عن النشأة وغير ذلك بطريقة موضوعية، بدون مزايدات.
التايقي: فلتتحدث عن الحزب الذي نشأ في دهاليز المخابرات. أولا أنا أرفض أن أنساق وراء مثل هذه النقاشات، بل أتمنى أن نساهم كمثقفين حزبيين في الرقي بالخطاب، أما هذا الخطاب التبسيطي والتجهيلي فإنني أشفق على من يستعمله. نحن في الأصالة والمعاصرة نعتبر أن نجاحنا جد مهم إلا أنه لا يرقى إلى طموحنا الذي كان كبيرا، غير أننا استطعنا أن نهدم ونحطم ونفشل استراتيجية إضعاف الحزب. فالعدالة والتنمية نجاحه كان بطعم مر، لأنه كان ينتظر تراجعنا. عندما احتل العدالة والتنمية في 2011 الصدارة اعتبرنا ذلك انتصارا للديمقراطية وقمنا بتهنئته على ذلك، في حين أن الأمين العام ل»البيجيدي» لم يقم اليوم بالأمر نفسه. أكثر من ذلك فالعدالة والتنمية شكك دائما في شرعية المكانة التي احتلها حزبنا في 2009.
– هل تبرئون اليوم وزارة الداخلية من أي خروقات؟
التايقي: نحن نقرأ الفعل الحكومي في ظل دستور 2011. الحكومة مسؤولة ورئيسها المسؤول الأول على التدبير السياسي للانتخابات، وكل الاختلالات والخروقات يتحملها. نحن حققنا انتصارا كبيرا أولا على أطروحة مواجهة الحزب، وانتصرنا كذلك في تثبيت شرعيتنا ومكانتنا، ونتمنى من الآخرين أن يتفهموا ويحترموا الناخبين، لأن القاعدة التي صوتت تتشكل من المغاربة الذين كانت لهم اختيارات في هذا الاتجاه أو ذاك، غير أنه مع الأسف لازال العدالة والتنمية يجتر مرارة فوز الأصالة والمعاصرة.
– ماذا عن التراجع المسجل في المدن؟
التايقي: في 2009 حققنا نتائج متوسطة في العديد من المدن، واليوم تقدمنا فيها. أعتقد أن مبرر وجود حزب الأصالة والمعاصرة، وهو السؤال الذي طرحناه في حركة لكل الديمقراطيين، يتلخص في أنه لا يمكن للمغرب الذي راكم ما يكفي في الديمقراطية أن يكون رهينة الحزب الوحيد، وقلنا بأن الحياة السياسية المغربية تعرف نوعا من التراجع والترهل وتحتاج إلى ضخ دماء ودينامية جديدة. اليوم تتأكد مصداقية وشرعية الخطاب الذي جاء به هذا المولود الجديد، غير أن الكثيرين انساقوا وراء خطاب يريد قتل أي دينامية جديد ويهدف إلى صناعة الحزب الوحيد. الحزب أكد اليوم التوازن الحزبي والسياسي في بلادنا، وهو ما يجب على الأكاديميين التقاطه. أما بخصوص التحالفات فلن أنساق وراء الجمل الأخلاقية واللغة التبريرية، فالأغلبية والمعارضة أصدرا بلاغين وهناك خلاف كبير حول الموضوع في علاقته بالخطوط الحمراء. نحن نسمع عبر الإعلام بأن هناك تقارب، وهو ما يجب أن نقرأه بلغة واقعية، ومنها هشاشة التحالف الحكومي حيث انفجر الوضع بعد عقد اجتماعين. كما أن بعض الأطراف أضطرت إلى الدخول في تحالفات قد تكون انعكاساتها مؤلمة، حيث غلبت لغة الأرقام على المعادلة السياسية.
– أليس هناك تقارب سياسي بين البام و»البيجيدي»؟
التايقي: هنا أؤكد ما قاله السي الباكوري وأيضا ما جاء في بياناتنا، وهو أنه لا يمكن الدخول في تحالفات مع العدالة والتنمية لأنه لدينا مشروعان مجتمعيان مختلفان، ما عدا إذا غير نظرته للآخرين وتصوره المجتمعي.
– هل نحن أمام وضع يفيد أن المدن قد آلت للعدالة والتنمية والجهات للأصالة والمعاصرة؟
حامي الدين: بالنسبة للتصويت، فالترتيب حسب المقاعد المحصل عليها يبقى مضللا لأنه يعطي انطباعا بأن هناك حزبا جاء في المقدمة، وعلى أرض الواقع لا يوجد في الجماعات المحلية الأساسية والكبرى، كما هو الشأن بالنسبة للأصالة والمعاصرة. ففي التصويت الفردي يمكن أن تفوز ب60 صوتا في كل دائرة فردية، في حين أنه في المدن تكون بحاجة إلى 5000 أو 6000 صوت. ثانيا هناك الترتيب حسب أهمية الجماعات، فالمدن تمثل حوالي 80 في المائة من ميزانية الجماعات المحلية. وعليه فالمنتصر، حسب هذا الترتيب، هو العدالة والتنمية والخاسر هو الأصالة والمعاصرة، أما المنتصر الأكبر فهو المغرب. أما بالنسبة لنتائجنا، فلا يمكن أن نتملص من مسؤوليتنا في تدبير المدن، سواء تلك التي حصلنا فيها على الأغلبية المطلقة أو الرتبة الأولى نتيجة الاتفاق الذي تم مع أحزاب التحالف الحكومي. طبعا هناك استثناءات قليلة جدا التي يتم فيها اللجوء إلى أحزاب المعارضة، علما أن هذه المسألة فيها نقاش كبير، لأن هناك من هو في «البام» لكنه يقول بأنه أخذ فقط التزكية للمشاركة في الانتخابات، وقد كان في السابق في الاتحاد الاشتراكي.
– التايقي: هذا مجرد كذب. من هو هذا الشخص الذي تتحدث عنه؟
حامي الدين: مدينة تطوان نموذج لذلك. فلائحة الأصالة والمعاصرة، باستثناء وكيل اللائحة، أعضاؤها مستشارون سابقون في صفوف الاتحاد الاشتراكي. هذه المعطيات لا يمكن تغييبها، فعدد كبير من المرشحين جاؤوا من أحزاب أخرى، خاصة في البادية. أما بالنسبة للعدالة والتنمية، وقد يكون هذا أحد أسباب النجاح، فاختيارنا للمرشحين تم وفق مساطر داخلية معقدة واجتماعات بلغت 2000 اجتماع لاختيار 16 ألف مرشح، وفي ذلك فرق كبير مع الأحزاب التي تأتي بمرشحين سبق أن نجحوا في صفوف أحزاب أخرى، إذ يكون هناك تنافس في البادية على الأعيان الذين يفوزون بالانتخابات على اعتبار أن التصويت الفردي يهم الشخص. في مدينة فاس كان التصويت مفاجئا وخارج كل التوقعات، فقد كنا نتوقع أن نأتي في المرتبة الأولى وليس أن نحصل على الأغلبية المطلقة، وهو ما شكل تصويتا عقابيا. في مدينة طنجة انتقل الأصالة والمعاصرة من 7 مقاعد إلى 12 مقعدا، والحال أن هذا الحزب حصل على عمادة المدينة مقابل تحالف يضم 44 منتخبا في 2009.
– التايقي: هذا تحليل فيه خطاب ديماغوجي، لأن خصوصية الجماعات الترابية تجعل منتخبا وحيدا في حزب معين يحصل على الرئاسة.
حامي الدين: هذا الأمر صحيح، لكن لا ينطبق على حالة طنجة. ما وقع في هذه المدينة هو أنه كان هناك تحالف قائم بين العدالة والتنمية والأحرار سنة 2009، وكانت الرئاسة ستؤول إلى الأخير، فتدخلت أساليب التحكم والسلطوية والابتزاز والترهيب وبقدرة قادر أصبح الحزب الذي يتوفر على 7 مقاعد يقود المجلس. المغاربة اليوم بعثوا رسالة قوية جدا مفادها أنهم أوفياء للأصوات التي منحوها لنا سنة 2009، وبأنه في هذه المرة لن نحتاج إلى أي تحالف ومنحت لنا المدينة بالأغلبية المطلقة. هذا هو الدرس الذي يجب التقاطه، أما اليوم فرغم أنك تقدمت إلا أنه لا يمكن الحصول على المدينة بالتحكم.
– ما تعليقك على حالة مدينة طنجة؟
التايقي: خصوصية الجماعات الترابية هو أنها لا تخضع لمنطق العقل والأرقام بل لاعتبارات أخرى، حيث يمكن لفائزين اثنين في حزب واحد أن يظفرا بالرئاسة. المشكل هو أن العدالة والتنمية يتحدث عن التحكم، فلماذا لم تتحركوا إذا كنتم تتوفرون على المعطيات؟
– حامي الدين: انتخابات 2009 تحتاج بالفعل إلى لجنة لتقصي الحقائق، وطالبنا بذلك كفريق برلماني، والحال أنه ليس لدينا الأغلبية المطلقة في مجلس النواب.
التايقي: هذه لغة لا تستقيم ولا يقبلها العقل، وهي لغة تبريرية.
– حامي الدين: أنتم كمتهمين كان عليكم مساندة هذا المطلب.
التايقي: جلالة الملك عبر في خطاب رسمي على ضرورة تقبل نتائج الديمقراطية سواء كانت لصالحك أو ضدك، وليس الانتشاء في الحالة الأولى والمظلومية والتشكيك في حالة الانهزام، وهذا هو المشكل الحقيقي مع العدالة والتنمية. اليوم استطاع حزب الأصالة والمعاصرة أن يؤكد مصداقيته وشرعيته، ومن لديه مشكل مع جزء من المغاربة الذين يصوتون لصالح هذا الحزب فليقل ذلك. طموحنا هو إعادة إنتاج خطاب عقلاني وإعطاء السياسة نبلها، وقد استطاع بجهد كبير رئيس الحكومة ومن معه أن يقتل بخطابه وسلوكه الذي لا يليق برجل الدولة هذا الأمر. العدالة والتنمية أمام امتحان كبير لأنه يعرف تقدما كبيرا في الجماعات، وقد نجحنا جميعا في بناء لبنة جديدة، وهذا الحزب مسؤول اليوم عن هذه الأمانة التي قدمها المواطنون لإنتاج سياسات عمومية محلية تجيب على انتظارتهم.
– ما هو نصيب النساء في هذه التحالفات؟
حامي الدين: أعتقد أن المجهود الذي قامت به الأحزاب السياسية، ومنها العدالة والتنمية، كان واضحا انسجاما مع التطور المنصوص عليه في القانون التنظيمي للجماعات. فهناك نسبة 27 في المائة من لائحة الجزء الثاني، لكن لدينا نساء في الجزء الأول من اللائحة اللواتي تمكن من النجاح، وهناك محاولة لتصبح إحدى المرشحات رئيسة في عين السبع، رغم وجود صعوبات مع أحزاب التحالف. أعتقد أن المرأة ستأخذ مكانة مهمة في الجماعات الجديدة، غير أنه لازلنا بحاجة إلى مجهود، لأن الجانب القانوني يجب أن يساير الجانب الثقافي والاجتماعي.
التايقي: حزب الأصالة والمعاصرة هو الحزب الوحيد الذي رشح لائحة نسائية بالكامل في العيون، وكان لدينا حضور قوي للنساء وأيضا للشباب، لأن ذلك يعد تحديا كبيرا لدينا انسجاما مع المطلب المجتمعي وتوجيه صاحب الجلالة في خطاب رسمي بشأن ما ستقدمه الأحزاب من برامج وخطاب ونخب. اليوم الحاضنة التشريعية موجودة، فالمقتضيات القانونية تتطور وتوازي التحول المجتمعي والثقافي والقيمي، حيث أصبحت المرأة حاضرة بقوة في الحياة العامة، ويجب علينا كأحزاب أن نساير هذه التطورات. بالنسبة للتقاطبات، أخاف أن يسير المغرب في اتجاه الثنائية الحزبية التي تقتل التعددية، فمن الجيد أن يقع الفرز والوضوح داخل الحياة السياسية، لكن ما نتمناه هو أن تطرح جميع الأحزاب السياسية الأسئلة حول وضعيتها التنظيمية وأن تكون حاضرة بقوة في تعزيز وتثمين التعددية السياسية.
حامي الدين: أعتقد أن المشهد السياسي سيعرف تحولا، خاصة بالنسبة للاتحاد الاشتراكي وحزب الاستقلال، إذا لم يبق هناك ارتهان بالقيادات الحالية التي ارتكبت أخطاء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.