الركراكي يرفع إيقاع "أسود الأطلس"    مؤتمر نصرة القدس و"معا للقدس": أية قوة يتم إرسالها لغزة يجب تحديد ولايتها بواسطة مجلس الأمن بالتشاور مع الشعب الفلسطيني    دعم المقاولات الصغرى بالمغرب .. "الباطرونا" تواكب والأبناك تقدم التمويل    47735 شكاية وصلت مجلس السلطة القضائية والأخير: دليل على اتساع الوعي بالحقوق    مقترح عفو عام عن معتقلي حراك "جيل Z"    الحموشي يتقلَّد أرفع وسام أمني للشخصيات الأجنبية بإسبانيا    "لارام" تدشن أول رحلة مباشرة بين الدار البيضاء والسمارة    اتفاق مغربي سعودي لتطوير "المدينة المتوسطية" بطنجة باستثمار يفوق 250 مليون درهم    تحيين مقترح الحكم الذاتي: ضرورة استراتيجية في ضوء المتغيرات الدستورية والسياسية    انتخابات العراق: ما الذي ينتظره العراقيون من مجلس النواب الجديد؟    هجوم انتحاري خارج محكمة في إسلام آباد يودي بحياة 12 شخصاً ويصيب 27 آخرين    ماكرون يؤكد رفض الضم والاستيطان وعباس يتعهد بإصلاحات وانتخابات قريبة    الوالي التازي: المشاريع يجب أن تكون ذات أثر حقيقي وليست جبرا للخواطر    التوقيت والقنوات الناقلة لمباراة المغرب وإيران في نهائي "الفوتسال"    مونديال أقل من 17 سنة.. المغرب يتعرف على منافسه في الدور المقبل    شراكة بين "اليونسكو" ومؤسسة "المغرب 2030" لتعزيز دور الرياضة في التربية والإدماج الاجتماعي    الرصاص يلعلع بأولاد تايمة ويرسل شخصا إلى المستعجلات    مديرية الأرصاد الجوية: أمطار وثلوج ورياح قوية بهذه المناطق المغربية    الرشيدي: إدماج 5 آلاف طفل في وضعية إعاقة في المدارس العمومية خلال 2025    إطلاق طلب عروض دولي لإعداد مخطط تهيئة جديد في 17 جماعة ترابية بساحل إقليم تطوان وعمالة المضيق-الفنيدق    بنسعيد في جبة المدافع: أنا من أقنعت أحرار بالترشح للجمع بين أستاذة ومديرة    "رقصة السالسا الجالسة": الحركة المعجزة التي تساعد في تخفيف آلام الظهر    "الفتيان" يتدربون على استرجاع اللياقة    استئنافية الحسيمة تؤيد أحكاما صادرة في حق متهمين على خلفية أحداث إمزورن    التدبير‮ ‬السياسي‮ ‬للحكم الذاتي‮ ‬و‮..‬مرتكزات تحيينه‮!‬ 2/1    كأس إفريقيا للأمم لكرة القدم (المغرب 2025).. تعبئة 15 ألف متطوع استعدادا للعرس القاري    إصدارات مغربية جديدة في أروقة الدورة ال44 من معرض الشارقة الدولي للكتاب    قراءة تأملية في كتاب «في الفلسفة السياسية : مقالات في الدولة، فلسطين، الدين» للباحثة المغربية «نزهة بوعزة»    نادية فتاح تدعو إلى وضع تشغيل النساء في صلب الاستراتيجيات الاقتصادية والسياسية    مراكش تحتفي بعودة السينما وتفتح أبوابها للأصوات الجديدة في دورة تجمع 82 فيلما من 31 دولة    والآن سؤال الكيفية والتنفيذ .. بعد التسليم بالحكم الذاتي كحل وحيد    حادثة سير خطيرة بالطريق السيار العرائش – سيدي اليماني    رسميًا.. المغرب يقرر منح التأشيرات الإلكترونية لجماهير كأس إفريقيا مجانا عبر تطبيق "يلا"    برلمانية تستفسر وزير التربية الوطنية بشأن خروقات التربية الدامجة بتيزنيت    "ساولات أ رباب".. حبيب سلام يستعد لإطلاق أغنية جديدة تثير حماس الجمهور    انعقاد الدورة ال25 للمهرجان الوطني للمسرح بتطوان    ملايين اللاجئين يواجهون شتاء قارسا بعد تراجع المساعدات الدولية    الحكومة تعتزم إطلاق بوابة إلكترونية لتقوية التجارة الخارجية    بورصة البيضاء تبدأ التداولات بانخفاض    رونالدو يكشف أن مونديال 2026 سيكون الأخير له "حتما"    بموارد ‬تقدر ‬ب712,‬6 ‬مليار ‬درهم ‬ونفقات ‬تبلغ ‬761,‬3 ‬مليار ‬درهم    الكاتب ديفيد سالوي يفوز بجائزة بوكر البريطانية عن روايته "فلش"    الشاعرة والكاتبة الروائية ثريا ماجدولين، تتحدث في برنامج "مدارات " بالإذاعة الوطنية.    المغرب ‬رائد ‬في ‬قضايا ‬التغيرات ‬المناخية ‬حسب ‬تقرير ‬أممي ‬    المشي اليومي يساعد على مقاومة الزهايمر (دراسة)    ألمانيا تضع النظام الجزائري أمام اختبار صعب: الإفراج عن بوعلام صنصال مقابل استمرار علاج تبون    مجلس الشيوخ الأميركي يصوّت على إنهاء الإغلاق الحكومي    وزير الداخلية يبدأ مرحلة ربط المسؤولية بالمحاسبة؟    إيران تعدم رجلًا علنا أدين بقتل طبيب    خمسة آلاف خطوة في اليوم تقلل تغيرات المخ بسبب الزهايمر    انخفاض طلبات الإذن بزواج القاصر خلال سنة 2024 وفقا لتقرير المجلس الأعلى للسلطة القضائية    دراسة تُفنّد الربط بين "الباراسيتامول" أثناء الحمل والتوحد واضطرابات الانتباه    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    وفاة "رائد أبحاث الحمض النووي" عن 97 عاما    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



8مارس.. أحلام متواضعة لنساء المغرب العميق
لا تهمهن «بهرجة» الاحتفال بيومهن العالمي ويتمنين فقط حياة كريمة
نشر في المساء يوم 09 - 03 - 2016

اعتادت الغالبية، رجالا ونساء، وفي جل بقاع العالم، تخليد الثامن من مارس عبر الاحتفاء بالمرأة بتقديم وردة لها أو هدية مميزة أو دعوة للعشاء. «المساء» ارتأت أن تحتفي بنساء لسن برلمانيات ولا مديرات كبريات الشركات أو المؤسسات ولا من ذوات الأرصدة البنكية الضخمة.. نساء يعشن في مغرب يعرف بالعميق، أحلامهن بسيطة، منهن من تحلم ببيت ولو ببضعة أمتار يلمها هي وأبناءها من الشارع، وأخرى اختصرت جل أحلامها في «خبز ودواء» لأجل تقديمه لأبنائها الأربعة الذين يعانون من إعاقة ذهنية وحركية، وثالثة نالت حظها من التعليم العالي، لكنها لم تجد في قريتها المهمشة غير انتظار الذي لا يأتي… نساء اليوم ليس لهن من طلب غير التفاتة إنسانية تمكنهن من الحصول على مرود رزق حلال، أو بيت يستر، أو دواء يجنب الألم، أو خبز يسد بعضا من الرمق..
امي فاطنة: حلمها في بيت بدلا من كراج
في كاريان طوما كان لنا موعد مع «امي فاطنة» كانت تصرخ وصوتها يختنق بالبكاء: «علاش كايحتقرونا؟ هدمو لي براكتي، اللي كانت ساتراني واوليداتي، وولينا ساكنين في «كراج» بحال الزريبة، فيه تانعسو وفيه تناكلو وفيه تانديرو كل شي. علاش تايعاملونا بحال الحيوانات؟ راه حتى احنا بنادم ومغاربة وعندنا كرامة، ولا حيت حنا دراوش وماشي من هادوك اللي عندهم الظهر اللي يحميهم ويدافع عليهم؟…». بمجرد لقائنا ب»امي فاطنة» هاجمتنا بأسئلتها الحارقة بعد شعورها بالحكرة بعد أن أقدمت السلطات المحلية على هدم «براكتها» دون أن تكترث بمصيرها وأبنائها.
هاته السيدة لديها حلم بسيط كبساطة أحلام كل الفقراء: أن تجد مأوى يشعرها وأبناءها الأربعة بآدميتهم بدل العيش في «كراج» كالبهائم على حد قولها، وإن كان هذا الحلم بالنسبة إليها أشبه بالمعجزة في زمن انقرضت فيه المعجزات. أمثال «امي فاطنة» يعدون بالملايين. كلهم يحلمون بالسكن الكريم والشغل الكريم والعيش الكريم، الذي يحفظ لهم آدميتهم، بدل هذا الإحساس المريع بالحكرة..
يامنة التازية.. أم لأربعة معاقين تحلم فقط بقليل من الخبز والدواء
في دوار الخزانة بمدينة تازة سنلتقي بيامْنة، وهي عجوز فقيرة على عتبة السبعين، تعيل أربعة معاقين، وأملها الوحيد أن تجد من يرأف بحالها وحال أبنائها بتقديم مساعدة لا تتعدى علب أدوية لأبنائها وبعض الخبز. حكاية يامْنة مع الألم وشظف العيش بلغت أوجها بعد وفاة زوجها، الذي كان يقاسمها همها في إعالة أبنائهما السبعة: أربعة منهم نجوا من الموت، لكنهم يعانون من الإعاقة، فيما كان مصير الثلاثة المتبقين الموت بسبب إصابتهم ب»السْخانة»، كما تحكي الأم يامْنة، التي كانت يدها جد قصيرة لدرجة العجز عن إدخال أبنائها الثلاثة المستشفى، فظلوا يصارعون الموت حتى صرعهم في الأخير. بقيت الأم يامْنة تصارع وحدها «الزْمان»، بعد أن ذهب الموت بأبنائها الثلاثة وزوجها. بقيت وحيدة في مواجهة الفقر والحرمان، وكذا في مواجهة أبنائها الأربعة، المصابين كلهم بإعاقة إما ذهنية أو حركية، في غياب أي معيل يحمل عنها ولو قليلا عبء الحياة وجورها باستثناء ما تجود به بعض الأيادي الكريمة من «ناس الدوار». لم يبق لهاته العجوز التازية سوى سنوات قليلة وتتجاوز عتبة السبعين، ورغم ذلك عليها أن تستيقظ باكرا وتقطع الكيلومترات في طريق أقل ما يقال عنها إنها وعرة كي تجلب بعض الماء، لأن لا أحد من أبنائها الأربعة يستطيع ذلك. بعد ذلك عليها أن تعود إلى المنزل كي تدبر أمور أبنائها وترى ما يحتاجونه، قبل أن تغادر المنزل مرة أخرى كي تبحث عن رغيف خبز لهم. لا يهم إن كان رغيف الخبز هذا حافيا أو كان مبللا بالمرق، المهم أن تجد ما تطعم به أبناءها لأنها تدرك أن بدون هذا الخبز سيموتون جوعا. طبعا دون الحديث عن الدواء وتكلفة العلاج. يامْنة هي الأخرى ليست سوى أم بسيطة تشبه آلاف الأمهات المغربيات، اللواتي رماهن القدر في تلك الرقعة من المغرب، الذي يسمونه عميقا أو غير نافع، وبقين يعانين في صمت، دون أن يأبه بهن أو بمعاناتهن أي مسؤول. أم يجافيها النوم لأن أبناءها المعاقين يبيتون أحيانا دون عشاء، وهي لا تطالب بتقاعد مريح ولا أن تورث تقاعدها لأبنائها، لأنها أساسا لا تعرف ماذا يعني التقاعد ولو أنها قضت حياتها كلها وهي تكدح.. هي في الأخير تريد فقط، بعد أن زحف عليها خريف عمرها، أن تجد من يمد إليها قليلا من «الخبْز والدْوا» لها ولأبنائها، ومن يبعد عنها قليلا صقيع الفقر الذي تيبست فيه أطرافها…
السيدة أنصير.. «الظالم ليه الله»
زوجة علال انصير امرأة صحراوية الأصل تقف في وجه السلطات المحلية بكل قوتها من قوات مساعدة ودرك ملكي وقايد هي وبناتها وزوجات أبنائها، منهن الحامل، ومنهن التي تمسك بيدها أطفالها، وهاجس الجميع منع التراكس» من شق الطريق بأرضهم الواقعة بدوارعزيب القايد جماعة اولاد حسون حمري قيادة البركين بنجرير. هاته الأرض موضوع نزاع، وهي مورد رزقهم وفلاحتهم. حين سألناها عن مشكلتها بكت بغصة وهي تحكي عن معاناتها وعائلتها. قالت إن الأمر يتعلق بخرق لحدود ارض فلاحية برسم طريق في ملكية، تقع بدوار العزيب القايد جماعة أولاد حسون التابعة، لعمالة ابن جرير ذات الرسم العقاري M/17624 والمسماة «العلالية»، تعود في ملكيتها إلى ميلود انصير بن علال وأشقائه استولى عليها صاحب مقلع لاستخراج الرمال دوار أولاد زبير جماعة أولاد حسون قيادة البركيين دائرة وعمالة الرحامنة. وأضافت: «الأرض أرضنا، لكنها تنتزع من بين أيدينا بقوة القانون، لفائدة مستثمر في مقلع للرمال. لقد صرنا مجبرين على الدفاع عن أرضنا، ومواصلة الاحتجاج والتصدي لتنفيذ الحكم القضائي». لكن ما تخشاه هاته المرأة الصحراوية أن يسجن أبناؤها بسبب هاته الاحتجاجات، خاصة الذين يتابعون دراستهم، بعدما تعرض زوجها للسجن قصد ثنيه عن حقه الشرعي في أرضه التي تغتصب أمام أعينهم بحكم قضائي. كانت تقف هي وأبناؤها وأحفادها وأصهارها، واضعين اليد في اليد لأجل الوقوف في وجه «التراكس «والسلطات، لكن بدون جدوى. كنا نعاين عن قرب هاته اللحظات القاسية، وشاهدنا كيف بدأت دموع تلك السيدة تنهمر، وتقول: «الظالم ليه الله» حينما أقدمت السلطات على اعتقال أبنائها وأصهارها لوقوفهم ضد تنفيذ حكم قضائي، قبل أن تطلق سراحهم فيما بعد.
نادية سلام.. تتقاضى فقط 1300 درهم شهريا ومع ذلك طردت من عملها
نادية سلام.. نسخة أخرى من معاناة المرأة المغربية، قد تختلف التفاصيل والحكايات، لكنهن جميعا يلتقين في دائرة واحدة، عنوانها الحكرة. نادية امرأة من مشرع بنعبو، تعاني البطالة والتشرد رفقة والدتها العجوز ذات ال75 سنة، بعدما طردت من عملها بدار الطالب بمشرع بنعبو، والسبب، حسب ما روته لنا في اتصال هاتفي، أنها لم تمد يد العون للمكلف بتدبير شؤونها في حملته الانتخابية السابقة. نادية الآن تجد نفسها بدون مورد رزق، رغم أنها كانت لا تتقاضى سوى ألف وثلاثمائة درهم شهريا، تعيل بها والدتها التي فقدت نعمة البصر بفعل مرضها المزمن، الذي يكلف نادية زهاء سبعمائة درهم شهريا. قالت نادية ونبرة الغضب بادية من صوتها: «ألا يحق لي أنا الأخرى أن أعبر عن رأيي، أن أختار أنا أيضا من يخدم منطقتي؟ عبرتُ بحرية عن نفسي، ورفضت أن أمنحه صوتي، فكان جزائي أن «قطع علي رزقي»، وقال لي: ادعيني لله». بداية نادية مع معاناتها كانت حين بادرت بالتحدث إلى الوالي أثناء زيارته التفقدية لضحايا الفيضانات، التي أتت على مساكن فقراء مشرع بنعبو. تقدمت نحوه وأخبرته بالتفصيل عن معاناة السكان مع السيول الجارفة كل سنة، شارحة له ما عجز الناس عن قوله أمام الوالي وهو برفقة رئيس الجماعة. حكت نادية للوالي كل شيء، وقالت له: «كل شتاء نعاني بسبب التساقطات المطرية التي تتلف كل أثاثنا، فنضطر إلى استعمال «السطولة» لإفراغ غرفنا من الماء الذي يغرقنا كل سنة، ومنذ 2010 ومعاناتنا تتكرر». هنا بدأ «الحساب كايتجمع»، بعدما رأى رئيس الجماعة أن نادية تجاوزت حدودها، وأن خطوتها تلك كانت «جريئة» ومهينة له شخصيا ونقصت من شأنه أمام الوالي. وعند اقتراب موعد الحملات الانتخابية، طلب رئيس الجماعة من نادية- حسب روايتها دائما- مساعدته في حملته، لكنها تمسكت برأيها في اختيار من تراه أهلا لخدمة فقراء حيها، فأدت الثمن من لقمة عيشها، إذ طلب منها تسليمه مفاتيح المخزن التي هي مسؤولة عنه، وأن تغادر دار الطالب دون أن يفسر لها قراره التعسفي، وكل ما استطاع أن يقوله لها، كما تحكي هي بنفسها، هو: «راك عارفة.. ديري الميزان». قالت له: طغيتي. فرد: حسبيها كيفما بغيتي. وأضافت نادية: «طردني وكأني قشة رمى بها بعيدا عن باب دار الطالب التي أفنيت فيها 5 سنوات من عمري، بدون أدنى حق والجريمة التي ارتكبتها قولي «لا» في وجهه». بعد هذا الطرد تقدمت نادية بالعديد من الشكايات، لكن دون جدوى.
حكاية 8 من مارس.. احتفال ليس بوردة وشكولاطة وإنما بالوقوف على المكتسبات ومطالعة الانتظارات
إن الثامن من مارس لكل سنة هو مناسبة خاصة جدا ترجع جذورها إلى القرن 19، حيث خرجت إبانها عاملات النسيج سنة 1857 في الولايات المتحدة الأمريكية إلى الشارع، احتجاجا على أوضاعهن المزرية المتمثلة في طول ساعات العمل التي كانت تصل إلى 12 ساعة في اليوم. وتعرضن خلال تلك التظاهرات إلى هجوم نتيجة التصادم مع الشرطة الأمريكية راحت ضحيته العديد منهن. لقد كن قدوة لغيرهن من النساء في العالم، حيث تم تخليد هذا اليوم وجعله مناسبة عالمية لأجل الوقوف على المكتسبات والانتظارات الحقوقية والسياسية والاجتماعية. وتشكلت على إثر ذلك قوة نسائية ضاغطة اتخذت في شكلها نقابات تولت مهمة الدفاع عن حقوق العاملات من النساء، وخاصة في قطاع النسيج اللواتي يعانين من أجور هزيلة وأوضاع عمل مزرية.
نعيمة منعم.. مجازة في انتظار إزاحة التهميش عنها
نعيمة منعم هاته تختلف عن سابقتها، فهي درست ونالت الإجازة في الأدب الفرنسي. لكن هاته الإجازة لم تنفعها كما الكثيرات في إيجاد عمل. حين التقينا بها اغرورقت عيناها، وأحنت رأسها، وهي تحاول إخفاء حزنها وقهرها. لكن محاولتها تلك فشلت في إخفاء دموع كانت تنهمر خلف زجاج النظارات. مسحت عيناها اللتان غطت بياضهما حمرة، وقالت: نحن في قرية اسمها «الانتظار»، في كل يوم ننتظر فرجا لعله قادم، من دون جدوى».
ثم أضافت، وهي تروي لنا حجم معاناة بنات جنسها وقريتها من التهميش والإقصاء ومن الاستغلال، «لا أحد يتذكرنا إلا خلال الأيام القليلة قبيل حلول موعد الانتخابات، لكون قريتنا خزان للأصوات وحسب». تتحدث نعيمة، التي تقطن في قرية «ابا محمد»، بأنفة وكبرياء المرأة الجريحة، التي تأبى أن تنحني بالرغم من كل شيء. تأبى حتى أن تشتكي وإن كان «القلب عامر» وبداخلها غصة ورغبة في التفاتة. لكن من يسمع؟ لا أحد تجيب نعيمة.«أعتقد أن آذان مسؤولينا صارت صماء عن سماع معاناة الشرفاء من أبناء الوطن، القابعين هنا وهناك في المداشر والقرى، حيث لا حقوق ولا مواطنة. نحن فقط «مكملين غير بالصبر».» نعيمة هي الأخرى مجرد نموذج للمرأة المغربية المقهورة التي لم تنل حظها في العمل بعدما أفنت في الدراسة أحلى سنوات عمرها، وكانت تمني النفس بتحسين وضعيتها ووضعية من تكبد المحن لتدريسها. انتظرت طويلا وظيفة في قريتها «ابا محمد»، التي تأبى الرحيل عنها، لكن دون أمل. في الأخير تزوجت وأنجبت ورضيت بالقليل.
حليمة الإدريسي.. «الأرض أرضنا وولادنا تراسة فيها»
حليمة الإدريسي.. امرأة أخرى من زمن التعب. هذه المرأة تعمل موظفة بإحدى محاكم مكناس، وهي زوجة وأم، لكنها أيضا نائبة سلالية، تنوب عن رجال ونساء قبيلتها، الذين يملكون أراضي سلالية متنازع عليها. تقع هذه الأراضي في سبت آيت إيكو، التابعة لقيادة المعازيز، التي تبعد عن مدينة الخميسات بحوالي 28 كلم. أخذت حليمة على عاتقها الدفاع عن أرض الآباء والأجداد المسماة بفدان «تافوديت»، البالغة مساحته 2056 هكتارا، متحدية كل التجاوزات والتهديدات التي توجه إليها بين الحين والآخر وحتى الاعتداءات. ونحن نطأ تراب الأرض موضوع النزاع قال لنا حليمة: «احنا موالين الأرض ولكن ولينا خماسة وتراسة في بلادات الناس». ملخص حكاية هاته الأرض المتنازع عليها أن الدولة أكرتها بعد خروج المستعمر لإحدى الشركات ب 250 درهما في السنة مقابل استغلال 3877 هكتارا من الأراضي الخصبة، رغم أن هاته الأرض، يقول سكان سبت آيت إيكو ورثوها أبا عن جد، منذ أكثر من قرنين من الزمن، وهي محفظة باسمهم بظهائر سلطانية، حرر أحدها سنة 1802. قبل أن يضيفوا بأنه بلغ إلى علمهم أن هناك رغبة للاستيلاء على أرضهم. ورغم الأحكام القضائية الصادرة، التي تفيد ملكيتهم للأرض فإن الأحكام ظلت معلقة بحجة أن تنفيذها يمس بالأمن العام للمنطقة لكونه يخص قبيلتين متنازعتين، فيما يرى كبار قبيلة لحسن بأن الأمر لا يتعدى أن يكون ست أسر قاطنة بنفس الفدان بدون وجه.
وتقول حليمة الإدريسي إنها تقدمت بطلب تعرض كلي على التحديد والتحفيظ بالرسم العقاري الذي هو في ملكية الجماعة السلالية لآيت سيدي لحسن، والذي لا يقبل التفويت ولا البيع أو الشراء أو الكراء ولا يخضع للتقادم. قبل أن تضيف أن مساحة أرضية تبلغ 399 هكتارا أنشئ لها رسم عقاري في اسم الأملاك المخزنية على الرغم من أن الضيعة تابعة لعقار محفظ باسم الجماعة السلالية لآيت لحسن، تضيف الإدريسي. وتحكي بأنه بعد انسحاب إحدى الشركات التي كانت تستغل الأرض، تم الترامي على الضيعة من طرف شخص غريب عن الجماعة السلالية وحتى عن القبيلة وقام باستغلالها في الحرث والرعي فيها على مرأى من ذوي الحقوق. وأضافت بأن هؤلاء يتعرضون للاستفزاز والمضايقة والتهديد ، وأنها تعرضت شخصيا لاعتقال تعسفي لمدة 48 يوما مع أختها، وأنها تعرضت أثناء اعتقالها للابتزاز والضغط من أجل التخلي عن تمثيل القبيلة. وأكدت أنها ما تزال تتعرض للمضايقات، فضلا عن الاعتقالات التي طالت مجموعة من أبناء القبيلة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.