تواجه الحركة النقابية المغربية عوامل يمكن تسميتها بالعوامل النابذة، و أخرى يمكن تسميتها بالعوامل المبلورة. جاءت مسيرة 6 أبريل 2014 ثمرة لمجهود بذلته قيادات الفدرالية الديمقراطية للشغل، و الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، و الاتحاد المغربي للشغل، انسجاما مع الدعوة إلى خلق جبهة اجتماعية للدفاع عن حقوق الطبقة العاملة، ولانتزاع المزيد منها، ولصيانة كرامة الشغيلة، و التصدي للقرارات اللاشعبية المتخذة من طرف حكومة أقل ما يقال عنها إنها لا تعكس طموحات الشعب المغربي. مسيرة 6 أبريل هي أيضا ثمرة تظافر و تراكم عوامل مبلورة للتنسيق النقابي، و لضم المجهودات النضالية و توحيدها ارتكازا على ملف مطلبي ينطلق أساسا من أن توازن المجتمع و استقراره يمر ضرورة عبر تبادل المنافع بين الطبقات الاجتماعية. و بالتالي فطلب الزيادة في الأجور لا يعني تأزيم الوضع و الدفع به إلى مزيد من الاحتقان، بل العكس تماما، فهو يعني تحميل مسؤولية ضريبة الفقر للبورجوازية الكبرى المغربية أساسا و دفعها للمساهمة في أداء الضرائب، و الابتعاد عن اقتصاد الريع و الاحتكام لأسس عادلة في المنافسة الاقتصادية بما يخدم تراكم عوامل النمو. الحكومة اختارت أن تلجأ إلى أسلوب الالتفاف عن طريق التهرب من مفاوضات نقابية حقيقية تغلب مصلحة الوطن أولا، لأن شمس الوطن لا بد أن تشرق على كل المغاربة، لا أن ينعم بها أقلية تعيش العيش الرغيد، و باقي الشعب يشاهدها و يتابعها بعيون الجياع !! الحكومة لا برنامج واضح لها، و هي هجينة و لا تندرج إلا ضمن سياق سياسة تشجيع الضعف و الضعاف، ولذا فأسهل الطرق بالنسبة لها تتمثل في الخضوع لقرارات الدولة العميقة، و اتباع إملاءات الدوائر المالية العالمية، و في قضاء الحاجة بتركها، أي اعتبار أن وجود الأزمة الاقتصادية يعني عدم المساهمة في علاج أسبابها الحقيقية، و البحث عن إمكانيات التوازنات الاجتماعية. الحركة النقابية المغربية سجلت مبادرة تاريخية في مدينة الدارالبيضاء المناضلة، و لسنا في حاجة لأن نستمع للصوت النشاز الذي يردد أن المسيرة فاشلة، ولا أن نقرأ بعض التعليقات التي كتبتها أقلام مأجورة في بعض الصحف غير المستقلة عن سلطة المال و إغراءاته.. و ما من شك أن حركة نقابية متقدمة و مكافحة ستنعكس أفضالها على المجتمع برمته، وكذلك على الدولة، على اعتبار أن تحديد أداء الدولة و دمقرطته، وتفعيل مبدأ المراقبة الشعبية الذي يمنحه معناه الحقيقي، لن يولد إلا من خلال مجهودات نضالية كفاحية و بدائل مثيلة للجبهة الاجتماعية المباركة التي اختارتها الآن وهنا الحركة النقابية المغربية .. و يبقى للحكومة الضعيفة أن تبحث عن العوامل النابذة المتخلفة لمحاولة تفعيلها عبر تحريك أذنابها و أقلامها المأجورة و تأجيج عوامل التوتر.. وكلها محاولات ستبوء بالفشل، لأن صخرة الوحدة النقابية أقوى من المسعى اللاتاريخي لحكومة ضعيفة و فاشلة. عزيز معيفي عضو المجلس الوطني للنقابة الوطنية للتعليم ( ف د ش )