وقال عمر بن عبد العزيز: التقوى، ترك ما حرم الله، وأداء ما افترض الله، فما رزق الله بعد ذلك فهو خير إلى خير. ويقول سابق البربري وهو يحض على العلم والعمل، ويوصي بالذكر الذي هو حياة القلوب: والذكر فيه حياة القلوب كما يُحيي البلاد إذا ماتت المطر والعلم يجلو العمى عن قلب صاحبه كما يجلي سواد الظلام القمر ثم يذكر في أعقاب هذه القصيدة الموت، قاصم الظهور، وهادم اللذات: والموت جسر لمن يمشي على قدم إلى الأمور التي تخشى وتنتظر فهم يجرون أفواجا وتجمعهم دار يصير إليها البدو والحضر من كان في معقل للحرز أسلمه لو كان في خمر لم ينجه الخمر كم من جموع أشت الدهر شملهم وكل شمل جميع سوف ينتشر وكم من أصيد سامي الطرف معتصب بالتاج نيرانه للحرب تستعر يظل مفترش الديباج محتجبا عليه تبنى قباب الملك والحجر قد غادرته المنايا وهو مستلب مجد ترب الخدين منعفر أبعد آدم ترجون البقاء وهل تبقى فروع لأصل حين ينقعر؟ إلى الفناء وإن طالت سلامتهم مصير كل ابن أنثى وإن كثروا فالموت باب وكل الناس داخله، أو هو جسر، لابد لكل إنسان أن يعبره، قال الله تعالى في كتابه الحكيم: "قل اِن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون" [سورة الجمعة، الآية: 8]. ويروى عن عمر بن عبد العزيز، أنه كان يجمع كل ليلة الفقهاء، فيتذاكرون الموت، والقيامة، والآخرة، ثم يبكون حتى كأن بين أيديهم جنازة! ويذكر أنه دخل عليه أحد الفقهاء -ولعله صاحبنا أبو سعيد البربري- فقال له عظني، فقال: لست أول خليفة تموت، قال زدني، قال: ليس من آبائك أحد حتى آدم إلا ذاق الموت، وقد جاءت نوبتك يا عمر، فبكى عمر لذلك. ذ. سعيد أعراب جريدة الميثاق، العدد 94، فاتح جمادى الثانية 1389ه الموافق 15 غشت 1969م، السنة السابعة.