قدوم الربيع

تَجَلَّى النَّدى بِنَفِيسِ الدُّرَرْ وجَادَ الغَمَامُ بِفَيْضِ المَطَرْ
وَغَنَّتْ جَدَاوِلُنَا فَرَحا تُبَشِّر مَا حَوْلَهَا بِالْخَبَرْ
وكَادَ الثَّرَى يَستَغِيْثُ لِمَا هَمَى فَوْقَهُ مِنْ لُجَيْنٍ ظَهَرْ:
سَوَاقٍ تَسِيْرُ إِلى مِثْلِهَا حَثِيثاً كَعَائِدَةٍ مِنْ سَفَرْ
تُبَشِّرُ أَنَّ الرَّبِيْعَ أَتى ولَوْ أَنَّهُ مِثْلُ لَمْحِ الَبصَرْ
وأَسْفَرَ بَدْرُ الدُّجَى خُلْسَةً سُفُورَ الَهَوى وأحَدَّ النَّظَرْ
يُشَاهِدُ عُرْساً قَضَى لَيْلَهُ يُنَادِمُهُ فِيِه حُلْوُ السَّهَرْ
فَزَفُّ السَّمَاءِ إِلى أَرْضِنَا يَتِمُّ بِلَيْلٍ خَفِيِّ الْقَمَرْ
تُدَارُ الْكُؤُوسُ بِهِ هَدرا كُؤُوسُ حَبَابٍ طَمَا وانْهَمَرْ
تَجُودُ بِهَا نَاعِسَاتُ العُيُونْ إِلى أَنْ يَضِيْقَ الدُّجَى بِالسَّحَرْ
وَيَجْرُؤَ طَيْرٌ يَعُودُ إلَى مَغَانٍ لَهَا قَد جَفَا وهَجَرْ
يَمُدُّ جَنَاحاً إِلى رِجْلِه يُحَرِّكُ مِنْقَارَهُ فِيْ الأثَرْ
يُفَضْفِضُ ريشًا جَثَا فَوْقَهُ غُبَارَ خُمُولٍ إِيَّاهُ نَثَرْ
وَيُصْدِرُ مِنْ حَلْقِهِ نَبَرةً كَمَنْ قَدْ غَدَا يَسْتَبِيْنُ الْوَثَرْ
وَيُنْصِتُ هَلْ مِنْ مُجِيْبٍ لَهٌ فَلاَ بُدَّ لِلْمُبْتدَا مِنْ خَبَرْ
وَيُتْبِعُهَا مِثْلُهَا مَرَّتَيْنِ كَمَنْ يَتَهَجَّى قِصَارَ السُّوَرْ
وحِيْنَ تَطِيْبُ بِهَا نَفْسُهُ يَبُوحُ فَصِيْحاً بِمَا قَدْ أَسَرْ
يُرَتِّلُ حِزْبَ البُكُورِ عَلى غُصَيْنٍ تَبَرْعَمَ فِيْهِ الزَّهَرْ
يُحَييِّ رَبِيْعاً أَتَى مُبْدِعاً فُتُونَ الطَّبِيْعَةِ فَوْقَ وَبَرْ
وَيُنْشِدُ أَجْمَلَ مَا شَاعِرٌ إِذَا زَارَ شَيْطَانُهُ قَدْ سَطَرْ