يرصد الفيلم الوثائقي السويسري «من المطبخ إلى البرلمان»، الذي تم عرضه مساء اليوم الأربعاء في إطار المهرجان الدولي لأفلام حقوق الإنسان بتونس ، مسارا نضاليا يمتد على مدى قرن من التاريخ السويسري. ويسرد الفيلم النضال الشاق لأربعة أجيال نسائية كافحت من أجل انتزاع حقها في التصويت والترشح والمشاركة في الشأن العام وضمان المساواة أمام الرجل. وبالنظر إلى أن سويسرا تعد إحدى آخر البلدان في العالم التي اعترفت بحق المرأة في التصويت والترشح للانتخابات، فقد قام المخرج بالبحث في خلفيات ومرتكزات العقلية السويسرية المحافظة التي رفضت منح النساء حقوقهن السياسية، وذلك من خلال شهادات ولقاءات مع نساء سياسيات ومؤرخات ومناضلات وممثلات وناشطات نسائية، مستعينا بالعديد من صور الأرشيف التي فتحت المجال أمام مواطنين بسطاء للحديث عن هذه القضية وتتبع مساراتها. وفي هذا السياق، عاد المخرج ستيفان غويل، إلى التاريخ الوطني لينقل حكايات هؤلاء النساء اللواتي خضن مختلف أشكال النضال والاحتجاج للحصول على هذه الحقوق، وما صاحب ذلك من جهود مضنية بذلنها لتغيير عقليات ذكورية كانت لا ترى في المرأة ، سوى ذلك الكائن الذي لا يصلح سوى للمطبخ وتربية الأطفال. وأبرز غويل محطات تاريخية بصمت هذا المسار، حيث تم ما بين 1917 و 1969، حرمان النساء من الحق في التصويت والترشح على مستوى البلديات بسبب موجات رفض متتالية للأوساط الذكورية والنسائية المحافظة. وفي عام 1959، نظم المجلس الاتحادي اقتراعا حول منح المرأة حق التصويت على المستوى الوطني، فتم رفض ذلك من قبل الرجال بنسبة 67 في المائة. وأخيرا وافق أزيد من 65 في المائة من الناخبين، في سنة 1971، على منح النساء هذه الحقوق، رغم أنه كان يلزم انتظار 1990، لإصدار حكم من المحكمة الاتحادية يمنح المرأة حقوقها السياسية. وشهد اليوم الثاني من المهرجان، الذي تنظمه "الجمعية الثقافية التونسية للإدماج والتكوين" ما بين 24 و28 شتنبر الجاري، عرض فيلمين آخرين بعنوان "لماذا ضحكت موناليزا" للأردني فادي حداد، و"أصوات ممنوعة" لباربارا ميلر . ويستقطب المهرجان الدولي لفيلم حقوق الانسان 58 فيلما من 19 بلدا عربيا وأجنبيا، من بينها تونس والأردن وسوريا وفلسطين ولبنان ومصر وفرنسا وإيطاليا وسويسرا وتركيا والدنمارك وألمانيا. ويتضمن برنامج المهرجان تنظيم مسابقات للأفلام الطويلة والقصيرة وأخرى مخصصة لأفلام المرأة، ستتوزع على 6 قاعات عرض بالعاصمة، إلى جانب تخصيص قسم لأفلام المدارس والجامعات السينمائية وأخرى ستعرض بعدد من السجون التونسية. وتضم لجنة تحكيم الأفلام الطويلة كل من السينمائية سنية الشامخي والمنتجة لينا بن شعبان والشاعر آدم فتحي ، في حين تتكون لجنة تحكيم الأفلام القصيرة من المخرجة المصرية نيفين شلبي والسينمائي منير بعزيز والمخرج الشاب رفيق عمراني. أما قسم مسابقة "أفلام ونساء" ، وهي فئة أفلام تطرح انشغالات المرأة ودورها في المجتمع ، فيحضر في لجنة تحكيمها كل من الناشط الحقوقي الهاشمي بن فرج والسينمائية إيناس التليلي، وكاتبة السيناريو والصحفية سعاد بن سليمان.ويشتمل برنامج المهرجان أيضا على ندوات تتعلق بقضايا تهم السينما والتزامها السياسي، وحقوق المرأة والفنان والهوية.