إيران تبدأ هجوماً صاروخياً جديداً على إسرائيل    تصعيد غير مسبوق .. إيران تهدد شريان النفط العالمي!    ريال مدريد بعشرة لاعبين يُسقط باتشوكا في مونديال الأندية    استعمال "Taser" لتوقيف مبحوث عنه هدد المواطنين بسلاح أبيض في سلا    بركان تواجه آسفي في نهائي الكأس    رغم الإقصاء من كأس العالم للأندية .. الوداد يتمسك بأول فوز في المسابقة    إيران تتحدى الضربات الأمريكية: مخزون اليورانيوم والإرادة السياسية ما زالا في مأمن    إجهاض محاولة للتهريب الدولي للمخدرات وحجز 92 كيلوغراما و 900 غرام من مخدر الكوكايين    البرلمان الإيراني يقرر إغلاق مضيق هرمز    الجزائر.. ارتفاع ضحايا حادث انهيار مدرج ملعب 5 جويلية إلى 3 وفيات    على هامش المؤتمر السادس للاتحاد العام للفلاحين بالمغرب..    منظمة التعاون الإسلامي تسلط الضوء على جهود الملك محمد السادس لفائدة القارة الإفريقية    توقيف المتهم في حادثة دهس الطفلة غيثة.. والمحاكمة تنطلق يوم غد الإثنين    البطالة تخنق شباب الحسيمة وفندق "راديسون" يستقدم يد عاملة من خارج الإقليم    المغرب يواجه واقع المناخ القاسي.. 2024 العام الأكثر حرارة وجفافا في تاريخ المملكة    عدد قتلى تفجير كنيسة يرتفع بدمشق        الأبواق الجزائرية تطلق كذبة جديدة        المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي يعلن عن مباراة ولوج موسمه الجامعي الجديد 2025-2026    إدارة مهرجان تكشف أسباب تأجيل "أيام وزان السينمائية"    منظمة التعاون الإسلامي تبرز جهود صاحب الجلالة لفائدة القارة الإفريقية    تجدد المطالب للدولة بالخروج من صمتها إزاء "العربدة" الصهيونية وإسقاط التطبيع    بورصة البيضاء .. أهم نقاط ملخص الأداء الأسبوعي    موجة الحر في المغرب تثير تحذيرات طبية من التعرض لمضاعفات خطيرة    مهرجان مشرع بلقصيري الوطني 16 للقصة القصيرة (دورة أبو يوسف طه)    الكلام عن الشعر بالشعر مقاربة لديوان « في معنى أن تصرخ» لفاطمة فركال    استمرار موجة الحر وأمطار رعدية مرتقبة في الريف ومناطق أخرى    تفاصيل توقيف المتورط في دهس الطفلة غيتة بشاطئ سيدي رحال    بنكيران يعلن دعمه لإيران ضد إسرائيل: "هذا موقف لوجه الله"    مجموعة بريد المغرب تصدر دفتر طوابع بريدية لصيقة تكريماً للمهن ذات المعارف العريقة    شكل جديد للوحات تسجيل السيارات المتجهة إلى الخارج    تأهب دول عربية تزامنا مع الضربة الأمريكية لإيران    جائزتان لفيلم «سامية» في مهرجان الداخلة السينمائي بالمغرب    مشروع لتشييد عدد من السدود التلية باقليم الحسيمة    دراسة تكشف وجود علاقة بين التعرض للضوء الاصطناعي ليلا والاكتئاب    الركراكي يشارك في مؤتمر للمدربين نظمه الاتحاد الملكي الإسباني لكرة القدم    مهرجان كناوة بالصويرة يختتم دورته ال26 بعروض عالمية    تراجع في كميات الأسماك المفرغة بميناء الحسيمة خلال الأشهر الخمسة الأولى من 2025    التجارة تقود نشاط المقاولات الجديدة في كلميم-واد نون    في مسيرة غزة ضد العدوان..السريتي: المغاربة مع فلسطين ومع المقاومة الباسلة    البطل المغربي أيوب الخضراوي يحقق فوزه الأول في منظمة وان تشامبيونشيب لرياضة المواي طاي الاحترافية في تايلاند"    كأس العالم للأندية: دورتموند يحبط انتفاضة صن دوانز وصحوة متأخرة تنقذ إنتر    إيران تستعمل لأول مرة صاروخ "خيبر"    موجة حر تمتد إلى الأربعاء القادم بعدد من مناطق المملكة    الفوتوغرافيا المغربية تقتحم ملتقيات آرل    "ها وليدي" تقود جايلان إلى الصدارة    سعيد حجي .. اهتمامٌ متزايد يبعث فكر "رائد الصحافة الوطنية المغربية"    الرجاء يواجه ناديين أوروبيين بالصيف    لحسن السعدي: الشباب يحتلون مكانة مهمة في حزب "التجمع" وأخنوش نموذج ملهم    عضة كلب شرس ترسل فتاة في مقتبل العمر إلى قسم المستعجلات بالعرائش وسط غياب مقلق لمصل السعار    وفاة سائحة أجنبية تعيد جدل الكلاب الضالة والسعار إلى الواجهة    ضمنها الرياضة.. هذه أسرار الحصول على نوم جيد ليلا    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    وزارة الاوقاف تصدر إعلانا هاما للراغبين في أداء مناسك الحج    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أردغان يحدثكم عن الثورة الهادئة: نموذج لربيع ديمقراطي مختلف
نشر في الرأي المغربية يوم 02 - 10 - 2013

إذا كان الانقلابيون يبشروننا بخريف الربيع الديمقراطي العربي، فإن تركيا على عهد أردغان تلهمنا بتباشير الربيع الديمقراطي النهضوي، المؤسس لثورة هادئة.
تركيا الأردغانية تنحت تجربتها في صخر وبتميز، هي ماضية في ركاب تمنيع نموذجها التنموي، وتميزها التقدمي في رحاب رحلة عودتها المظفرة لكيان الأمة والديمقراطية والتنمية، تتخلى عن رداء العسكرة والتخلف والتبعية والانغلاق والاستئصال والاستبداد. هي مبادرة لتأكيد خبرتها الناهضة والمتألقة في سماء العالم الإسلامي والعالم الناهض. لنستمع إلى طيب رجب أردغان في كلمات قليلة، لكن وزنها ثقيل في حساب التاريخ والسياسة وفي مسار الأمم، لنستمع في هدوء.. زعيمها ورمزها يصوغ كلماته من ذهب، ويبني ثقته من رحيق الشعب الذي أحبه وتواضع له وأيقن معه أن المستقبل، بالرغم من الصعوبات والهزات والعقبات، هو مبتسم له ومعانق لتطلعاته في الرقي والنهوض :
''لا يمكن أن يتعرض أحد لإهانة في تركيا بسبب انتمائه العرقي أو العقائدي وسنشكل لجنة خاصة لمكافحة التمييز، سنسمح بالتعليم بكافة اللغات واللهجات في المدارس الخاصة، وسنتيح إمكانية تعليم اللغات المختلفة كمادة اختيارية في المدارس والجامعات، سنرفع حظر استخدام الأسماء القديمة للقرى والتجمعات السكانية، سنرفع حظر ارتداء الحجاب في المؤسسات الحكومية، باستثناء القضاء والقوات المسلحة، سنقوم بإعادة الممتلكات الوقفية للأقلية السريانية، سنفتتح معهداً للدراسات الثقافية للمواطنين الأتراك من أصول غجرية، لا نتدخل في الحياة الشخصية لأحد وندافع عنها، ونحترم جميع القيم دون تمييز، نقترح توسيع دعم الدولة للأحزاب السياسية التي تنال 3 % فقط من الأصوات، نفتح باب الدعاية بكافة اللغات خلال الحملات الانتخابية، سنزيد العقوبات على جرائم الكراهية والجرائم الواقعة على أساس عنصري أوجنسي..''
هذه كانت أبرز عناوين ثورة أردوغان الهادئة، التي وعد بها مواطنيه، وناخبيه، ومن يراقبه في العالم أجمع، حقدا أو حسدا أو تربصا وتصيدا، حينما زار أحد الاوفياء اسطنبول قبل أشهر قليلة من الان، وأنا لي توق شديد وتطلع بلغ لتنسم هوائها، بعدما كاد فؤادي ينفجر لكثرة ما سمعت وقرأت عنها في التاريخ كما في الحاضر، قلت ، قال لي الرفيق الحاكي مشدوها، أنه سمع كثيرا في التداول العام والخاص هنالك، رواج مصطلح الثورة الهادئة في الخطاب السياسي والفكري من كبار صناع القرار في تركيا، ومن خاصتها وعامتها أيضا، وكان يظن أنها، الثورة الهادئة، تتمثل فقط فيما تحقق لتركيا حتى حينه، في المجالات الاقتصادية والسياسية والصناعية والسياحية، ولم يكن يخطر بباله وبال الكثيرين من الأتراك أن القضايا التي لم يكونوا يجرؤون حتى على الحديث فيها، ستكون جزءا من هذه الثورة الأردوغانية الوليدة التي أدمنت مراكز عديدة في الغرب الاستعماري أن تقربها أو تقترف حتى البوح بها، حتى وإن بدت ردود الفعل من بعض الجهات المتربصة بتركيا، الكيان والدولة والامتداد الحضاري، حذرة وغير مرحبة بشكل كبير، فكثير منهم، كأكراد تركيا وعلوييها مثلا، انبروا ليصدحوا بالقول الجهير الهين والمتشكك: حسنا، هي صلاحات جيدة ولكنها لا تكفي، علما بأن أردوغان نفسه قال، إنها لا تكفي، وإن ثمة ما هو أكثر منها عددا وأعمق منها شأنا قادم في رزنامة إصلاحات جريئة وغير مسبوقة، لأن جعبته الذكية لم تفرغ بعد وعقله المتقد لم يركن إلى الجمود والجاهز من الممارسة الانتظارية الكسولة، ولذلك فخطواته الثورية تلك لن تسلم من سهام الحاقدين والمتشككين، على الرغم من طفولية الهجمة الشرسة عليه خاصة من قبل بعض الحكام العرب والقادة الفاشلين الذين يتهمونه بمحاولة تتريك المنطقة وإعادة الهيمنة العثمانية، وكل هذا كلام عنتري فارغ من أي مضمون يرقى إلى ألق التجربة النهضوية التركية، لكن، أهم ما في هذه الإصلاحات أنها جاءت بقرار إرادي تركي وطني وقومي محلي، وليس استجابة إلى ضغوط وإكراهات دولية أو مفاوضات ثنائية أو متعددة غير متكافئة، هي إجراءات ثورية، إنما كانت استجابة لرغبة شعبية عارمة وتطلع منبثق من ارادة التقدم والاشعاع، كما يقول أردوغان نفسه.
فجميع الاصلاحات التي تنجزها الحكومة متناغمة ومنسجمة ومستندة إلى اقتراحات لجنة الحكماء التركية ومعايير الاتحاد الأوروبي، الذي كانت بعض القوى تمعن في ارادة تكريس نزعة الالحاق لتركيا الصاعدة لمراكز النفوذ الغربي، هذا فضلا عن أنها، إصلاحات الثورة الهادئة، تمثل في مجملها ''طبعة تركية'' من الربيع الديمقراطي الذي هب أخيرا على جملة من الدول العربية المحكومة بأنظمة الاستبداد العائلي والطغيان السياسي والاحتكار الريعي لموارد السلطة والثروة، هي ثورة هادئة وقاصدة، دون تشويه أو تخريب أو التفاف على اجراء الاصلاحات العميقة والحقيقية، كونها تعالج خلاصة المشاكل التي واجهت تركيا على امتداد الثلاثين سنة الأخيرة الماضية من تطورها، وهي تستند إلى نبل سلطة الشعب الذي هو مصدر السلطات في تركيا، من خلال تلبية مطالب شعبية عارمة و هي تلتفت، كما قال أردغان نفسه، إلى ''تأدية الأمانة التي أوكلها إلينا الشعب من خلال التصويت لنا''، وأردف بالقول أيضا، إنه '' بعد 11 سنة أصبحت هذه الحزمة الاصلاحية حقيقة بعد أن كانت حلما يمنع الحديث به'' وصولا إلى المصالحة الداخلية والوحدة الوطنية واستقلالية الجمهورية التركية، وهي ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، ربيع تركيا جاء ترجمة لتطلعات القواعد الشعبية، التقطها قائد التجربة الديمقراطية والتنموية والنهضوية المظفرة، رجب طيب أردغان، وحوّلها إلى واقع وتشريعات واختيارات وسياسات وقرارات، وقوانين، لأنه يستمع جيدا لنبض الشارع، ويهتدي به، لا يدوسه ولا يكتمه ولا يجتهد في معاكسته أو مناورته أو الالتفاف عليه، كما يفعل الكثيرون الآخرون من القادة والزعماء العرب غير الديمقراطيين، والذين بعضهم يتكالب للالتفاف على ربيع العرب الديمقراطي من خلال اضفاء الشرعية على الردات الانقلابية الجارية في المنطقة وفي قلبها مصر المحروسة، وكثير من أولائك الزعماء ناصبوا ربيع العرب العداء فتآمروا عليه ولطخوه بالدم، وحولوه إلى مذابح وانقلابات ومؤامرات.
تحية للطيب أردوغان، ملهم المستضعفين، ورمز ربيع تركيا وثورتها الهادئة، هذا هو النموذج الاصلاحي الذي يصلح أن نسترشد بمنهجه لا بمخرجاته ، فبالطبع لكل نسق وتجربة رصيدها ونسيجها الذاتي وسياق تخلقها وتطورها،..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.