لجنة المالية في مجلس النواب تصادق على الجزء الأول من مشروع قانون المالية لسنة 2026    ابن كيران ينظم ندوة صحافية في بيته للدفاع عن إمام مغربي أدين في فرنسا ب 15 عاما سجنا    فاجعة.. مصرع أسرة بأكملها غرقا داخل حوض لتجميع مياه السقي بخريبكة    استبعاد يامال من قائمة المنتخب الإسباني    مباريات الدور ال32 ب"مونديال" الناشئين في قطر    اختلاس أموال عمومية يورط 17 شخصا من بينهم موظفون عموميون    ولد الرشيد يبرز بإسلام آباد جهود المغرب بقيادة الملك في مجال تعزيز السلم والأمن والتنمية    كأس العالم 2026 لكرة القدم/الملحق الإفريقي .. المغرب مسرح آخر المواجهات لبلوغ الحلم المونديالي    "الماط" يستغل تعثر شباب المحمدية أمام اتحاد أبي الجعد ويزاحمه في الصدارة    السعودية تحدد مواعيد نهائية لتعاقدات الحج ولا تأشيرات بعد شوال وبطاقة "نسك" شرط لدخول الحرم    وكالة الطاقة الدولية تتوقع استقرارا محتملا في الطلب على النفط "بحدود 2030"    أمطار متوقعة غدا الخميس بالمغرب    50 ‬مليار ‬درهم ‬لتقليص ‬الفوارق ‬المجالية.. ‬إنجاز ‬26 ‬ألف ‬كيلومتر ‬من ‬الطرق ‬وآلاف ‬المشاريع ‬الاجتماعية    بورصة الدار البيضاء تفتتح على ارتفاع    ارتفاع أسعار الذهب في الأسواق العالمية    الأمم المتحدة: الطلب على التكييف سيتضاعف 3 مرات بحلول 2050    فيدرالية اليسار الديمقراطي تؤكد تمسكها بالإصلاحات الديمقراطية وترفض العودة إلى الوراء في ملف الحكم الذاتي    إسبانيا تقلد عبد اللطيف حموشي بأرفع وسام اعترافًا بدور المغرب في مكافحة الإرهاب والتعاون الأمني    الغابون تحكم غيابيا على زوجة الرئيس المعزول علي بونغو وابنه بالسجن بتهم الاختلاس    إسرائيل تفتح معبر زيكيم شمال غزة    تقرير دولي: تقدم مغربي في مكافحة الجريمة المنظمة وغسل الأموال    حجز آلاف الأقراص المهلوسة في سلا    منتخب جهوي بكلميم يندد ب"تبديد" 1000 مليار سنتيم دون تحسين الخدمات الصحية في الجهة    تيزنيت: نقابة مفتشي التعليم تشيد بالأدوار المحورية التي تضطلع بها هيئة التفتيش و ترفض محاولات طمس الهوية المهنية للهيئة وتقزيم أدوارها ( بيان )    ليلة الذبح العظيم..    المعهد الملكي الإسباني: المغرب يحسم معركة الصحراء سياسياً ودبلوماسيا    توقيع إعلان نوايا بين المملكة المغربية ومملكة السويد لتعزيز التعاون في مجال العدالة    انطلاق أشغال تهيئة غابة لاميدا بمرتيل ، للحفاظ علي المتنفس الوحيد بالمدينة    تنصيب عبد العزيز زروالي عاملا على إقليم سيدي قاسم في حفل رسمي    "جيروزاليم بوست": الاعتراف الأممي بسيادة المغرب على الصحراء يُضعِف الجزائر ويعزّز مصالح إسرائيل في المنطقة    برادة يدعو الآباء والأمهات إلى مساندة المؤسسات التعليمية بالمواكبة المنزلية    الركراكي يرفع إيقاع "أسود الأطلس"    دعم المقاولات الصغرى بالمغرب .. "الباطرونا" تواكب والأبناك تقدم التمويل    مؤتمر نصرة القدس و"معا للقدس": أية قوة يتم إرسالها لغزة يجب تحديد ولايتها بواسطة مجلس الأمن بالتشاور مع الشعب الفلسطيني    اتفاق مغربي سعودي لتطوير "المدينة المتوسطية" بطنجة باستثمار يفوق 250 مليون درهم    "لارام" تدشن أول رحلة مباشرة بين الدار البيضاء والسمارة    التوقيت والقنوات الناقلة لمباراة المغرب وإيران في نهائي "الفوتسال"    انتخابات العراق: ما الذي ينتظره العراقيون من مجلس النواب الجديد؟    بنسعيد في جبة المدافع: أنا من أقنعت أحرار بالترشح للجمع بين أستاذة ومديرة    "رقصة السالسا الجالسة": الحركة المعجزة التي تساعد في تخفيف آلام الظهر    "الفتيان" يتدربون على استرجاع اللياقة    إصدارات مغربية جديدة في أروقة الدورة ال44 من معرض الشارقة الدولي للكتاب    التدبير‮ ‬السياسي‮ ‬للحكم الذاتي‮ ‬و‮..‬مرتكزات تحيينه‮!‬ 2/1    مراكش تحتفي بعودة السينما وتفتح أبوابها للأصوات الجديدة في دورة تجمع 82 فيلما من 31 دولة    رسميًا.. المغرب يقرر منح التأشيرات الإلكترونية لجماهير كأس إفريقيا مجانا عبر تطبيق "يلا"    "ساولات أ رباب".. حبيب سلام يستعد لإطلاق أغنية جديدة تثير حماس الجمهور    انعقاد الدورة ال25 للمهرجان الوطني للمسرح بتطوان    الشاعرة والكاتبة الروائية ثريا ماجدولين، تتحدث في برنامج "مدارات " بالإذاعة الوطنية.    الكاتب ديفيد سالوي يفوز بجائزة بوكر البريطانية عن روايته "فلش"    المشي اليومي يساعد على مقاومة الزهايمر (دراسة)    خمسة آلاف خطوة في اليوم تقلل تغيرات المخ بسبب الزهايمر    دراسة تُفنّد الربط بين "الباراسيتامول" أثناء الحمل والتوحد واضطرابات الانتباه    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    وفاة "رائد أبحاث الحمض النووي" عن 97 عاما    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



احتياجات العدالة بدون حل.. ثلث المغاربة لا يحصلون على المشورة القانونية -تفاصيل الدراسة
نشر في اليوم 24 يوم 22 - 03 - 2019

أجرى معهد «لاهاي للابتكار القانوني»، دراسة استقصائية للاحتياجات في مجال العدالة، التي تبقى من دون حلول بالمغرب، بشراكة مع جمعية «عدالة» و»نادي قضاة المغرب». وهي الدراسة التي كشفت عن مستويات رضا المواطنين بخصوصها، وكيف ينظر الناس إلى المسارات المتاحة فيها بالمغرب.
استقصاء الدراسة اعتمد على مقابلات أُجريت مع 6000 شخص تم اختيارهم عشوائياً من 12 منطقة بالمغرب. إذ تكشف الدراسة أن المغاربة مازالوا لا يحصلون على المشورة القانونية الكافية، ويجهلون أين تقع مصادر المعلومة القانونية. وما هي الخطوات التي يجب عليهم أن يتخذونها إن وجدت، لحل منازعاتهم القانونية؟ واستقصت آراءهم المتعلقة بجودة العملية، وجودة النتائج وتكاليف العدالة، ومستوى اللجوء إلى الشرطة والمحاكم، وكيف أن الأغنياء مازالوا يحصلون على عدالة أفضل من الفقراء.
احتياجات العدالة تبقى من دون حل
يستشير معظم الناس أفراد أسرهم. وتتمثل النتيجة المباشرة لذلك في عدم حصول الناس على المعلومات الملائمة عن حقوقهم، وعن الجهات التي يتعين عليهم التواصل معها وكيفية حل منازعاتهم.
إذ يستخدم 7 من أصل 10 أشخاص نوعاً من الآليات لحل المنازعات. وتُعتبر هذه خطوة أساسية للتوصل إلى حل المشكلات. يتم حل مشكلة واحدة من كل ثلاث مشكلات بعد قيام الأشخاص باتخاذ الإجراءات، في حين تنخفض هذه النسبة حين لا يتخذ الأشخاص أي إجراءات للحل إلى مشكلة واحدة من كل تسعة. إلا أن عدداً كبيراً من المشكلات يبقى دون حل، حتى بعد اتخاذ الإجراءات، مما يضع عبئاً كبيراً على النسيج الاجتماعي للمجتمع. فالمشكلات غير المحلولة تزيد من المعاناة الشخصية، وتقوض حتى الثقة في نظام العدالة نفسه. في المقابل، فعندما تكون هناك مسارات عدالة سهلة الاستخدام تؤدي إلى نتائج عادلة، يُعزز الأساس لمجتمع عادل ومنتج.
اللجوء إلى المحاكم والشرطة مرتفع
لماذا لا يلتمس بعض الأشخاص المشورة القانونية أو يتخذون خطوات فعالة لحل منازعاتهم؟ الحواجز الرئيسة هي الشعور باليأس وعدم معرفة أين يجب الذهاب للحصول على المساعدة. كما أن عدم كفاية الأموال يمثل مشكلة بالنسبة إلى الأشخاص الذين يواجهون منازعات حول العائلة والعمل، وكذلك بالنسبة إلى الذين لديهم مستوى دخل منخفض. والحاجز الآخر المهم، الذي يمنع الناس من اتخاذ أي إجراءات، هو مواجهة طرف أكثر قوة، وذلك بشكل خاص في منازعات العمل.
يُعتبر اللجوء إلى المحاكم والشرطة مرتفعاً نسبياً في المغرب. وغالباً ما يشير الناس إلى أنَّ هذين المسارين هما الأكثر فائدة للوصول إلى العدالة. إلا أن الوصول إلى العدالة يبقى غير متكافئ، فقلَّما يستخدم الناس في المناطق القروية هاتين المؤسستين، إما بسبب عدم قدرتهم على الوصول إليهما، وإما لأنهم لا يعرفون طريقة اللجوء إليهما. بالإضافة إلى ذلك، فإن اللجوء إلى المحاكم لذوي الدخل المنخفض قد يكون باهظ التكلفة. لا يمكن لصيغة واحدة أن تناسب الجميع، أو تواجه شرائح مختلفة من المجتمع مشاكل مختلفة، في الوقت الذي لديها طرق مختلفة لحل منازعاتها.
غياب الحماية والأغنياء يحصلون على عدالة أفضل
يجب أن يوفر القانون حماية متساوية لجميع أفراد المجتمع، بغض النظر عن الجنس أو الثروة أو مستوى التعليم أو العمر أو أي خصائص شخصية أخرى.
وحسب الدراسة، تُعتبر المرأة في المغرب أضعف من الرجل من الناحية الاجتماعية والاقتصادية، وهي تواجه مشكلات مختلفة عن تلك التي يواجهها الرجل. فضلا عن ذلك، تُعد المنازعات الأسرية والعنف المنزلي أكثر إلحاحاً بالنسبة إليها، كما أن معدلات إيجاد الحلول هي أقل مما هي عليه بالنسبة إلى الرجال. وتكون تلك العوامل أكثر حدةً بالنسبة إلى النساء ذوات الدخل المنخفض واللواتي يواجهن صعوبات شاقة على ما يبدو عندما يحاولن الحصول على العدالة.
كما يتمتع الناس في المناطق القروية بفرص أقل للوصول إلى المؤسسات، وهم أقل دراية بكيفية حل مشكلاتهم، وغالباً ما يتخذون إجراءات أقل. ويشير كل ذلك إلى وجود فجوة بين المناطق القروية والحضرية. وتواجه النساء الريفيات بوجه خاص عواقب ذلك، حيث إن تقييمهن لمساراتهن في مجال العدالة أسوأ بكثير من تقييم النساء الحضريات. يقل احتمال تعرض الشباب لمشكلات قانونية، إلا أنهم عندما يواجهون هذا النوع من المشكلات، يجدون صعوبات كبيرة في العثور على مصادر مؤهلة لتقديم المشورة القانونية، فيستشير معظمهم أفراد أسرهم. ويُعتبر احتمال اتخاذهم إجراءات لحل مشكلاتهم أقل، ونتيجةً لذلك، يقل أيضاً احتمال قيامهم بحل مشاكلهم.
حسب الدراسة، فالأشخاص الذين يتمتعون بمستوى دخل مرتفع، يكونون أكثر رضا بكثير عن جودة العملية من الذين لديهم مستوى دخل منخفض. فهم يشعرون أنهم يحظون باحترام أكثر، ولديهم فرص أكبر بأن تُسمع مطالبهم، كما أنهم أكثر اطلاعاً على تفاصيل الإجراءات. ويشير ذلك إلى وجود ازدواجية في النظام القانوني، حيث يحصل الذين لديهم المزيد من المال على عدالة أفضل وأسهل استخداماً.
هدر الوقت والمال عند اللجوء إلى المحاكم
تُعتبر معدلات اللجوء إلى المحاكم والمحامين مرتفعة للغاية في المغرب، بغض النظر عن وضع الدخل.
يشير الأشخاص إلى إنفاق الكثير من الوقت والمال عند اللجوء إلى المحاكم. علاوة على ذلك، فإن النتيجة ليست ممتازة، لاسيما من ناحية التعويض عن الضرر.
ورغم أن الأشخاص في المغرب يتحدثون، وفقا للدراسة عن مستوى عالٍ من التمكين القانوني، إلا أن المشكلات القانونية الخطيرة لاتزال دون حل في النظام الحالي.
3.9 ملايين شخص يحتاجون إلى حلول عادلة
ما يقرب من نصف سكان المغرب (حوالي 45 في المائة منهم)، يقولون إنهم واجهوا خلال الأعوام الأربعة الماضية مشكلة قانونية واحدة أو أكثر. ويعني ذلك ضمناً أن كل عام، هنالك حوالي 3.9 ملايين شخص يحتاجون إلى الوصول إلى حلول عادلة ومنصفة لمشكلاتهم كل عام. يختلف معدل المشكلة في كل منطقة، مع ارتفاع بنسبة 55 في المائة في الشرق، وانخفاض بنسبة 30 في المائة في الداخلة ووادي الذهب. وبالإضافة إلى ذلك، فإنَّ الرجال والأشخاص النشيطون اقتصادياً هم أكثر عرضةً للمشكلات القانونية.
تأثير مشكلات العدالة خطير
تعد الجريمة، والمشكلات العائلية، والمنازعات بين الجيران، والمنازعات حول الأراضي، أكثر المشكلات التي تحدث بشكل متكرر. على مستوى أكثر تحديداً، يهتم الناس غالباً بالسرقة، والطلاق والانفصال، وحوادث المرور والاعتداء الجسدي. ويرى الناس بأن تأثير المشكلات القانونية خطير للغاية. فقد تم طرح الأسئلة لتقييم هذا التأثير على الأشخاص، وشملت الأسئلة مقدار تأثير الوقت والدخل المنفقين على صحة الناس.
في جانب آخر، يتم تصنيف العنف المنزلي والمنازعات العائلية والمشكلات في مجال العمل على أنها الأكثر تأثيراً في الدراسة. وللوصول إلى حل عادل لمشكلاتهم، الناس مستعدون لإنفاق حوالي 2100 درهم أو 220 دولاراً أمريكياً. يختلف مدى استعداد الناس للإنفاق بناءً على نوع المشكلة وجنسهم. فالرجال على استعداد للإنفاق أكثر من النساء بشكل ملحوظ، بما يصل إلى 2400 درهم. والأشخاص الذين يواجهون منازعة على الأرض هم أكثر استعداداً لدفع مبلغ كبير لحل مشكلتهم، أي ما يصل إلى 4200 درهم.
الإعلام كمصدر للمعلومة القانونية
يبحث شخص من كل سبعة أشخاص، عن معلومات قانونية من وسائل الإعلام الإلكترونية أو المطبوعة، ويلعب الوصول إلى الإنترنت دوراً مهماً هنا. إذ تشير الدراسة إلى أن شخصا من أصل خمسة أشخاص لديهم إمكانية الوصول إلى الإنترنت للحصول على معلومات قانونية من هذه المصادر.
أما بالنسبة إلى الأشخاص الذين لا يستطيعون الوصول إلى الإنترنت، فالعدد هو شخص واحد فقط، من كل 20 شخصاً. كما تشير الدراسة، إلى أن 5 في المائة يعتمدون على وسائل التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك أو تويتر، وهنالك فرق كبير بين المناطق القروية والحضرية. إذ يستخدم الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي بشكل أكبر في المناطق الحضرية بنسبة 14 في المائة مقارنة بالمناطق القروية التي لا يتعدى فيها هذا الرقم 6 في المائة. كما أن الوصول إلى الإنترنت أقل بكثير في المناطق القروية بنسبة 36 في المائة، منه في المناطق الحضرية التي تصل فيها هذه النسبة إلى 70 في المائة. لا تُستخدم وسائل الإعلام التقليدية، مثل الإذاعة والتلفزيون والصحف بشكل متكرر، بغض النظر عن الموقع.
الثقة في القانون وإصلاح العدالة
تؤكد الدراسة على الحاجة إلى إعطاء الأولوية لإصلاح نظام العدالة، بما يتماشى مع احتياجات الشعب المغربي. يشير الناس إلى أنهم يتعاملون مع المشاكل القانونية يومياً. فهم غالباً ما يبلغون عن الجرائم والمنازعات الأسرية ومنازعات العمل والعنف المنزلي. ومن شأن التركيز على تحسين المسارات في مجال العدالة المتعلقة بهذه المشاكل، تحسين حياة مئات الآلاف من الأشخاص. ويمكن القيام بذلك خطوة بخطوة. فالسياسات غير المستنيرة تضر أكثر مما تنفع.
وهنا يبدو أن المغاربة منقسمون من حيث كيفية معاملة المحاكم لأفراد المجتمع المختلفين. يرى شخص من كل شخصين أن المحاكم تحمي غالباً مصالح الأغنياء والأقوياء على حساب مصالح الناس العاديين. من بين الذين يواجهون منازعة في مجال العمل باعتبارها أخطر مشكلة قانونية بالنسبة لهم، يزداد العدد إلى شخصين من كل ثلاثة أشخاص. اتساقا مع الدراسات السابقة، يميل المغاربة إلى التعبير عن مستويات أعلى من الثقة في آليات العدالة غير الرسمية وانخفاض مستويات الثقة في السلطات الرسمية.
أظهر الرجال مستويات ثقة أقل في السلطات الرسمية من النساء، وتنخفض الثقة في السلطات الرسمية مع ارتفاع مستويات التعليم الرسمي والدخل، ولكنها تزداد مع التقدم في السن.
هل يعتقد الناس أن المحاكم تحمي مصالح الأغنياء والأقوياء على حساب مصالح الناس العاديين؟ هذا السؤال يفرق الناس، تشير الدراسة. فشخص من كل شخصين يعتقد أن المحاكم تتصرف
غالباً على هذا النحو. فيما يشعر الآخرون أن ذلك يحدث إما نادراً وإما أبداً.
استخدمت الدراسة خمسة سيناريوهات افتراضية لتقييم مدى ثقة الناس في إيجاد حلول عادلة لمشكلاتهم القانونية. فالناس عموماً إيجابيون جداً، ولكن المنازعات المتعلقة بالعمل تعتبر أكثر صعوبة لحلها بطريقة عادلة.
المنازعات العائلية أكثر شيوعا من الجريمة
المشاكل العائلية في المغرب شائعة. فمشكلة واحدة من كل 6 مشاكل خطيرة تتعلق بالمنازعات العائلية. وهو ما يجعلها ثاني أكثر أنواع المشاكل شيوعاً بعد الجريمة. مشكلة من كل 6 مشاكل قانونية في المغرب هي نوع من المنازعة المرتبطة بالأسرة. وتركز هذه القضايا في الغالب على الطلاق أو الانفصال والميراث. وتعاني النساء والفئات المنخفضة الدخل والأشخاص الذين يعيشون في المناطق القروية من المزيد من المنازعات الأسرية. عند مواجهة النزاعات العائلية، يسعى الناس بشكل رئيسي إلى تحقيق حقوقهم وتحسين العلاقات المتضررة.
يسعى ثمانية أشخاص من أصل عشرة ممن يواجهون منازعة عائلية خطيرة للحصول على المعلومات والمشورة القانونية. أهم
مصادر هذه المعلومات والمشورة هي أفراد العائلة والمحامون. ويبلِّغ الناس عن معدلات رضا عالية بالمشورة التي يقدمها المحامون.
يتخذ ثمانية أشخاص من أصل عشرة أشخاص ممن يواجهون منازعة عائلية خطيرة إجراءات لحل المشكلة. والمجموعات
ذات الدخل المنخفض، والأشخاص غير الحاصلين على تعليم رسمي، والأشخاص الذين يعيشون في المناطق القروية هم
أقل احتمالا لاتخاذ إجراءات. وعليه، فهذه المجموعات أشد ضعفاً وستتطلب اهتماماً خاصاً في توفير الوصول إلى المعلومات
والمشورة وخدمات تسوية المنازعات لحل مشاكلها القانونية المتعلقة بالأسرة.
يتبع معظم الناس أحد المسارات الأربعة للوصول إلى العدالة: الاتصال بالطرف الآخر بأنفسهم، والاعتماد على أفراد العائلة،
والذهاب إلى المحكمة، وإشراك المحامين. يتمتع الأشخاص الذين يعيشون في المناطق الحضرية بوصول أفضل إلى المحامين.
النساء أكثر عرضة للجوء إلى المحامين من الرجال. يشير الأشخاص الذين لا يستخدمون المحاكم إلى أنهم لا يريدون الإضرار بالعلاقة مع الطرف الآخر.
حسب الدراسة يتم حل مشكلة من كل 3 مشاكل عائلية خطيرة تماماً. ومع ذلك، فالعديد من المشاكل مستمرة. مما يشير إلى أنَّ العمليات الحالية بطيئة في تحقيق العدالة. وعلاوةً على ذلك، فإن المشاكل المستمرة لها أكبر تأثير على حياة الناس. وهذا يشير إلى أن الذين يكافحون أكثر لا يجدون العدالة التي
يحتاجون إليها. ويُعتبر الذهاب إلى المحكمة مكلفاً وليس الحل الأفضل من حيث تعويض الضرر.
سد فجوة العدالة بين المناطق القروية والحضرية
ظهرت اختلافات مهمة بين الأشخاص الذين يعيشون في المدن وأولئك الذين يعيشون في المناطق القروية. يتمتع الناس في المدن بوصول أفضل إلى المحامين والشرطة. وهم أيضاً أكثر احتمالا لاتخاذ إجراءات لحل مشكلتهم. وتقوم النساء الحضريات على وجه الخصوص بتقييم مساراتهن في مجال العدالة بصورة إيجابية أكثر من النساء الريفيات. العائق الرئيسي في المناطق القروية لعدم اتخاذ أي إجراء هو عدم معرفة ما يجب القيام به.
بالنسبة للأفراد في المدن، فهو عدم الاعتقاد بأن اتخاذ أي إجراء من شأنه أن يحدث فرقاً. الوصول إلى الإنترنت أكثر بمرتين في المناطق الحضرية. يشير كل ذلك إلى حقيقة أن الأشخاص في المناطق القروية أشد ضعفاً، وأنهم يتمتعون بقدر أقل من الحصول على المشورة القانونية المؤهلة، وهم أقل رضا بشأن تجربة مسارهم في مجال العدالة.
إذا كان الهدف هو توفير الولوج إلى العدالة للجميع، فلا يمكن التغاضي عن هذه الفجوة بين المناطق القروية والحضرية. فتحسين البنية التحتية القروية في مجال العدالة جزء أساسي من ذلك. يعتمد شخص واحد فقط من بين كل خمسة أشخاص على مصادر مؤهلة للمشورة القانونية، مثل المحامين والمساعدين القانونيين أو مراكز الاستشارات القانونية.
إن الحصول على مشورة قانونية عالية الجودة هو الخطوة الأولى في حل منازعةٍ والحصول على نتائج أفضل. بمجرد أن يكون لدى الناس فهم أفضل لحقوقهم، وإلى أين يجب أن يذهبوا، ومع مَن يجب أن يتحدثوا، تزداد فرص النجاح في حل منازعة ما. وبناءً على ذلك، فإن أحد العناصر الرئيسية لتحسين الوصول إلى العدالة هو العمل على إتاحة أكبر للمشورة القانونية الدقيقة والسهلة الاستخدام إلى المواطنين. ومن شأن ذلك تمكينهم وتوجيههم من في المتاهة القانونية بأكثر الطرق فعالية وكفاءة.
وهنا يجب تقديم المشورة القانونية المتمحورة حول المستخدم والموجهة والقابلة للتنفيذ وجعلها في متناول الأشخاص. لذلك عندما يواجه الناس مشكلة قانونية خطيرة، يصبح الحل بحوزتهم أكثر بقليل..
الاستنتاجات والتوصيات
الاستخدام الإبداعي للعمليات البديلة والابتكار هو الحل للعديد من المنازعات والمشاكل في العدالة بشكل جيد، قبل أن يصبح من الضروري إشراك المحاكم والمحامين في مرحلة ثانية. وبما أن هذه الآليات مكلفة، فمن الأفضل في بعض الأحيان البحث عن طرق بديلة لحل منازعة ما. الاتصال بالطرف الآخر بشكل مباشر شائع الاستخدام في المغرب، لكنه لا يعتبر مفيداً للغاية. على ما يبدو، يشعر الناس بأنهم قادرون على اتخاذ إجراءات وأخذ المبادرة لإيجاد حل بأنفسهم في كثير من الأحيان. يمكننا البناء على ذلك وتمكين الناس من حل منازعاتهم بطريقة سهلة الاستخدام وعادلة من خلال وسائل بديلة. ويعني ذلك ضمنياً أيضاً أنه لن يتم النظر في طريقة اشتغال المحاكم وحلها للمشاكل الأكثر خطورة، مما قد يقلل من عبء القضايا ويضمن إنفاق القضاة المزيد من الوقت على الحالات المعقدة، ذات التأثير الكبير على حياة الناس.
يمكن لحل النزاع على الإنترنت أن يؤدي دوراً مهماً كتعزيز حل المنازعات التقليدية إيجاد بديل لها. من خلال التقرير، فإن استخدام الإنترنت مرتفع نسبياً في المغرب. فمن شأن تبني الإنترنت كآلية لتسليم الحلول أن يفتح المجال للابتكار وريادة الأعمال. ومع ذلك، فإن شرائح كبيرة من السكان لا تستطيع الوصول إلى الإنترنت. يجب استكشاف طرق أخرى للوصول إلى هذه الفئات. يمكن أن تساعد أيضاً الآليات غير المباشرة مثل المصالحة والتفاوض المدعوم والوساطة في حل المشكلات القانونية اليومية الشائعة، مثل المنازعات بين الجيران أو النزاعات حول الحدود.
يحتاج الناس إلى إطار لتسهيل المفاوضات التي تساعدهم على حل منازعاتهم خارج المؤسسات الرسمية. يمكن للمساعدين القانونيين والوسطاء أن يساهموا في مد الجسور في هذه المواقف ويساعدوا أصحاب المشكلة على إيجاد حل عادل.
1٫3 مليون لا يبحثون عن المعلومة القانونية والمشورة
معظم المغاربة يبحثون عن نوع من المشورة القانونية عندما يواجهون مشكلة قانونية. فأكثر من 2.6 مليون شخص يفعلون ذلك كل عام، في حين أن 1.3 مليون لا يفعلون ذلك. ويظل عدم امتلاك ما يكفي من المال هو القيد بالنسبة إلى الذين لا يتمتعون بتعليم رسمي حوالي 15 في المائة، مقابل 9 في المائة لمن يتوفرون على مستوى تعليمي رسمي.
نقص التمويل هو، أيضاً، قيد أكبر أمام من يواجهون المنازعات الأسرية، ويعد عدم معرفة مكان البحث عن المشورة أكثر شيوعاً بين كبار السن بنسبة 32 في المائة، بالنسبة إلى الجريمة، والمنازعات مع الجيران والعنف المنزلي.
وحسب الدراسة نفسها، يشير أكثر من 50 في المائة إلى أنهم لا يعتقدون أن المشورة ستساعدهم بالنسبة إلى المنازعات على الأراضي، إذ يشير 26 في المائة إلى أنهم حاولوا الحصول على المشورة، لكنهم لم يتمكنوا من الحصول عليها. وتبقى الأسباب الرئيسة في عدم حصول ثلث الناس على المشورة القانونية، هي عدم اعتقادهم بأن ذلك من شأنه أن يساعدهم، فهم لا يعرفون أين يمكنهم الحصول على المشورة. كما يعد المال حاجزاً كبيراً للأشخاص الذين يتمتعون بمستوى أدنى من التعليم الرسمي أو الدخل، ودوراً مهماً للأشخاص الذين يواجهون منازعات عائلية ومنازعات في العمل.
تميل مجموعات الدخل المنخفض إلى الاعتماد بشكل أكبر على شبكاتها الشخصية. من ناحية أخرى، تستخدم مجموعات الدخل المرتفع المؤسسات أكثر.
وحسب الدراسة دائما، يعتمد شخص من كل شخصين على أقاربه للحصول على المشورة القانونية، كما يعتمد شخص من كل أربعة أشخاص على محام أو على الشرطة، ويتم استخدام المحامين في كثير من الأحيان للحصول على المشورة القانونية في حالات النزاع العائلي، وهو الأمر الذي يفعله شخص من أصل شخصين شملهم استقصاء الدراسة. كما يستشير المنظمات غير الحكومية، شخص من كل عشرة أشخاص في المشكلات المتعلقة بالعنف الأسري، والرعاية الاجتماعية، والحصول على وثائق الهوية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.