أزيد من 3 مليار دولار حجم الإنفاق على أمن المعلومات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا    ارتفاع الفائض التجاري لمنطقة اليورو بدعم من الاتفاق التجاري مع الولايات المتحدة    أمريكا تأمل إتمام "اتفاق المعادن النادرة" مع الصين قبل نهاية شهر نونبر    ألعاب التضامن الإسلامي.. المغرب يحصد ذهبية وبرونزية في منافسات التايكواندو    حكيمي وصلاح وأوسيمين يتنافسون على لقب أفضل لاعب إفريقي 2025    ارتفاع جديد في أسعار المحروقات بالمغرب    تقرير إخباري: كلميم على حافة التهميش والاحتقان الاجتماعي.. ودور السلطة الترابية في تعثر التنمية المجالية    كلية أيت ملول تستضيف محاضرة حول التصوف ودوره في بناء الجسور الدبلوماسية بإفريقيا    الفرنسي كاميلو كاسترو يعود إلى وطنه بعد الإفراج عنه في فنزويلا    أربعاء أيت أحمد : حملة طبية بتينكطوف تعيد الدفء الصحي إلى منطقة جبلية وتخفف عبء التنقل عن الساكنة.    نقاش ساعات العمل بالتعليم الابتدائي يتجدد على إثر فهم الوزير لدراسة "طاليس".    عزيمان: المصالحة لا تبنى بالنسيان .. والذاكرة الجماعية رافعة للديمقراطية    جامعة الكرة تكرم الدوليين السابقين المنتمين للعصبة الجهوية طنجة تطوان الحسيمة    بنكيران: المغاربة يلتقون بي و يخاطبونني "أيامك كانت زينة آسي بنكيران"    سفيرة الصين بالرباط تلتقي محمد أوجار وأعضاء بارزين في حزب الأحرار    "الحرارة وشح المياه وارتفاع منسوب البحر".. مخاطر المناخ في المغرب تفوق ما تسمح به قدرات التكيف الحالية    الوزير مزور يترأس بتطوان أشغال المجلس الإقليمي لحزب الاستقلال ويشرف على تنصيب مفتش جديد للحزب بعمالة المضيق    الركراكي يفاجئ مشجعا طنجاويا بترت قدمه إثر مرض عُضال بزيارة إنسانية في منزل أسرته    عكاشة: "الأحرار" يستعد لانتخابات 2026 بطموح المحافظة على الصدارة    3.3 مليار دولار حجم الإنفاق على أمن المعلومات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا    قبل ساعات من التصويت .. إسرائيل تتمسك برفض قيام دولة فلسطينية    التمويلات المبتكرة: خدمة جيدة أم ديون مقنعة؟ نقاش هادئ مع لقجع    جمعية بتيفلت تستنكر طمس جدارية فنية وتطالب بتوضيح رسمي ومحاسبة المسؤولين    يشارك في هذه الدورة 410 فنانا وفنانة من 72 دولة .. أكادير تحتضن الدورة الثامنة للمهرجان الدولي للكاريكاتير بإفريقيا    صالون "الشاي يوحّد العالم" يجمع المغرب والصين في لقاء ثقافي بالبيضاء    باحث ياباني يطور تقنية تحول الصور الذهنية إلى نصوص بالاستعانة بالذكاء الاصطناعي    هلال يخرج عن صمته بشأن حجب العلم الجزائري ويؤكد احترامه لرمزيته    أشرف حكيمي يطمئن جماهيره بصور جديدة خلال مرحلة التعافي    أكرد يغادر معسكر المنتخب المغربي    "إعادة" النهائي الإفريقي.. المغرب في مواجهة مصيرية مع مالي بدور ال16 لكأس العالم    نيجيريا تواجه الكونغو الديمقراطية في نهائي الملحق الأفريقي بالرباط    دراسة أمريكية: الشيخوخة قد توفر للجسم حماية غير متوقعة ضد السرطان    مهرجان الدوحة السينمائي يعرض 20 فيلماً قصيراً في المسابقة الدولية للأفلام القصيرة    خبير يدعو لمراجعة جذرية للنموذج الفلاحي ويحذر من استمرار "التذبذب المناخي" في المغرب    النسخة الثانية من الندوة الدولية المنعقدة بوجدة تصدر اعلانها حول الاقتصاد الاجتماعي والتضامني    الإنعاش الميداني يجمع أطباء عسكريين‬    تفكيك شبكة دولية لقرصنة تطبيقات المراهنة.. الامن يوقف خمسة اجانب بمراكش    طقس الأحد.. أجواء غائمة مع نزول أمطار بعدد من مناطق المملكة    لبنان سيقدم شكوى ضد إسرائيل لبنائها جدارا على حدوده الجنوبية تجاوز "الخط الأزرق"    مديرية الأمن الخارجي بفرنسا تشيد بتعاون المغرب في مجال مكافحة الإرهاب    هل تمت تصفية قائد الدعم السريع في السودان فعلا؟    إيران تدعو إلى الأخوة والسلام بالمنطقة    حموشي يقرر ترقية استثنائية لمفتش شرطة بآسفي تعرّض لاعتداء عنيف    الذكاء الاصطناعي يراقب صناديق القمامة في ألمانيا لضبط المخالفين    بلباو تُهدي فلسطين أمسية تاريخية.. مدرجات تهتف والقلب ينبض    أكنول: افتتاح الدورة التاسعة لمهرجان اللوز    الناظور .. افتتاح فعاليات الدورة 14 للمهرجان الدولي لسنيما الذاكرة    ابن الحسيمة نوفل أحيدار يناقش أطروحته حول تثمين النباتات العطرية والطبية بالريف    أمين نقطى: زيارة أخنوش لمديونة سنة 2021 آتت أكلها بتنفيذ عدة مشاريع لفائدة الساكنة    وزارة الثقافة تعلن الإطلاق الرسمي لمشروع تسجيل "فن زليج فاس وتطوان" على قائمة يونسكو للتراث الثقافي غير المادي للإنسانية    لحمداني ينال "جائزة العويس الثقافية"    منظمة الصحة العالمية تعترف بالمغرب بلدًا متحكمًا في التهاب الكبد الفيروسي "ب"    دراسة: ضعف الذكاء يحد من القدرة على تمييز الكلام وسط الضوضاء    المسلم والإسلامي..    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العروي.. حوار والجدل لمقاومة الخطاب التقليداني
نشر في اليوم 24 يوم 05 - 06 - 2019

قال المفكر عبد الله العروي، في حوار صحافي، يعرف نفسه: «أنا روائي بالميول، وفيلسوف بالاستعداد، ومؤرخ بالضرورة». يعكس هذا التصريح موسوعية الرجل في المعرفة والكتابة. لكن قراءة أعماله الأدبية والفكرية تبرز ريادته في مجالات شتى: البحث التاريخي، والتأمل النظري، والإبداع الأدبي، والترجمة، الخ. في هذه الحوارات، نقدم هذا الفكر المتعدد، من خلال أسئلة نطرحها على كتاب ونقاد وباحثين، في محاولة لتفكيك منظوره الفكري المركب.
لجأ العروي- في بعض أعماله – إلى الشهادة (المغرب والحسن الثاني، خواطر الصباح) والحوار (تقنية سؤال- جواب) (السنة والإصلاح، استبانة). يربط العروي هذا الاختيار، في حواره المنشور في كتاب “مهنة المثقف”، بتقليد مألوف عند العلماء المغاربة، لكن يمكن الحديث أيضا عن غاية بيداغوجية أساسها التبليغ والانفتاح على القارئ غير المتخصص. كيف يمكن النظر- من الناحية الشكلية والفنية- إلى هذين الأسلوبين في الكتابة؟ وهل يترجمان انتباه العروي إلى غائية القراءة؛ أي إلى مشكلة التلقي التي اشتكى منها مؤخرا؟
نهج عبد لله العروي أسلوب “الاعتراف” و”الشهادة” في أعماله ذات المنحى السيرذاتي. ومن يتابع مساره الروائي سيعاين وعيه بالتجريب الذي لا يمارسه من أجل التجريب وإنما بحثا عن أفق مغاير تفاديا لتكرار التجارب نفسها. وجرب في كل عمل من أعماله التخييلية تقنية ما (التعارض المسرحي (الغربة) قصاصات الأخبار (الفريق)، واللغز البوليسي (غيلة)، والخيال العلمي (الآفة)، والتعلق النصي (أوراق)). وانخرط، أيضا، في مشروع الكتابة عن الذات (أو ما يصطلح عليه بالأدب الخاص أو الأدب الشخصي) مجربا أنواعها ومتغيراتها (السيرة الذاتية المتفجرة من الداخل، والسيرة الذاتية الفكرية، واليوميات، والمذكرات) سعيا إلى فهم ذاته (القارة المجهولة) والآخرين، وتبرير ما وقع في الماضي برؤية ونقد جديدين. ما يهم في هذا التجريب المتنوع– علاوة على تحاور السارد مع ذاته ومع الآخرين– إعادة تشكيل الهوية السردية بطريقة يتشابك فيها الثابت (من أنا؟ ما يميزني عن الآخرين؟) والمتغير (ما ذا أكون؟ وما المتغيرات التي طرأت على ذاتي وهويتي؟)، واختيار الطريقة السردية التي تسعف على إضاءة عتمات الذات والتعبير عن “الحقيقة الداخلية” (ما تستضمره السريرة من إحباطات وتطلعات). وهذا ما يجعل “الحدث” يُسترجع بطرق متعددة ولغايات مختلفة، وبالنظر أيضا إلى الزاوية التي يستجلي السارد بواسطتها ما ظل مغفيا أو غامضا أو منسيا في الطوية. ومن ثم تختلف “خواطر الصباح” عن “المغرب والحسن الثاني” وعن “أوراق” لأنه تبنى في كل عمل على حدة استراتيجية حكائية تسعفه على تمثيل جانب من حياته بطريقة مختلفة. ولا تخلو رواياته من الاستيحاء السيرذاتي (ما يُسميه فليب لوجون بالفضاء السيرذاتي) بحكم انطباع ذاتيته وعيِّناته السيرذاتية (autobiographèmes) فيها بطريقة غير مباشرة.
اعتمد عبد لله العروي- في بعض أعماله النظرية- على البعد البيداغوجي، كما نلاحظ في سلسلة المفاهيم (مفهوم الأدلوجة، ومفهوم الحرية، ومفهوم الدولة، ومفهوم العقل) التي ارتأى أن يفككها مبينا المفارقة بين دوالها ومداليلها في العالم العربي. يجب ألا تفهم البيداغوجيا- في هذا السياق- بالمعنى القدحي، بل بالمعنى الإيجابي للكلمة. فهي ليست طريقة لتذليل المصاعب على القارئ فحسب، وإنما تقديم تصور تركيبي يسعفه على فهم هول المفارقة بين المفهوم والواقع أو اللامطابقة التي ترتبت على تطبيق مفهوم صنيع مرحلة تاريخية على مادة يفترض أنها مطابقة له. وهكذا يُعتبر مثلا مفهوم الحداثة مكتملا في الثقافة الغربية التي أفرزته وأطرته، وعندما يعمم على ثقافات أخرى يصبح مفروضا عليها بالنظر إلى التزاماتها حيال البشرية جمعاء. وهذا مظهر من مظاهر تأخرنا عن الغرب بسبب تعمق الهوة الثقافية والحضارية بين المعنى الحقيقي للمفهوم (وهي حقيقة تجسدت في المجتمع الغربي ولم يتحقق إجراؤها بعد في العالم العربي) والمعنى المستعار الذي هو نتاج ما يُنسج حوله من تخمينات وأوهام.
جرّب عبد لله العروي في مؤلفه “استبانة” (2016) تقنية السؤال/ الجواب لمحاورة ذاته، واعتمد- في مؤلفيْه “الإصلاح والسنة” 2008 و”ديوان السياسة” 2009- على تقنية التحاور مع شخص مفترض في حين هي مجرد لعبة سردية للتحاور مع ذاته حول جملة من القضايا الفكرية والتاريخية والسياسية التي تستأثر باهتمام الرأي العام. ارتأى في “الإصلاح والسنة” الرد على متحاورة مفترضة، استمعت إليه مرة وهو يلقي محاضرة في الولايات المتحدة الأمريكية، واضطرت إلى البحث عن عنوانه لمراسلته وإشعاره بما تحس به من خوف إزاء مستقبلها ومستقبل ابنها. وجاء رده عن تساؤلاتها وهواجسها في شكل كتاب يُجلي صورة الإسلام في مجتمع تتعدد فيه الديانات، ويتناول طريقة تعامل المسلمين مع الغرب في وقت أضحى فيه العالم قرية صغيرة، وأصبحت المنفعة هي التي تحرك المجتمع عوض الحق.
علّل عبد لله العروي في مقدمة “الإصلاح والسنة” الطريقة البيداغوجية التي اتبعها- في هذا الكتاب- حرصا على التجاوب والتواصل مع شريحة عريضة من القراء، وسعيا إلى الاندماج في المجموعة البشرية والإنصات إلى مشاكلها اليومية المقلقة، والخروج من شرنقة “الدائرة الخاصة” أو الابتعاد عن التعالي الذي ورثه عن أنانية الشباب. وهذا ما جعله يتخلى عن التجريد، وكثرة الاستشهادات والإحالات، ويميل إلى الكتابة الشذرية (L'écriture fragmentaire) التي تتيح له تناول مواضيع متعددة بالمواءمة بين الاقتصاد في اللغة وفيض المعاني. ارتأى– في هذه التجربة من الكتابة- أن يعرض قضايا معيشة بأسلوب يتيح له مخاطبة أفق جمهور أوسع، وإيصال رسالة إليه مفادها أنه ليس فيلسوفا ولا متكلما ولا مؤرخا، وإنما هو تاريخاني يرفع راية التاريخية في وقت مجَّها الجميع من كثرة تسفيهها ونقدها. لقد أسعفته النباهة التاريخانية (le flaire historiciste) إلى التسلح بالوعي التاريخي، ليستوعب- مع مر الزمن- أن التاريخ لا يحركه الحق وإنما المنفعة.
اتبع الأسلوب نفسه في كتابه الموالي “ديوان السياسة”. فالكتابان معا متوازيان ومتزامنان. يتعلق أولهما بمجال العقيدة، وثانيهما بمجال السياسة.. أهو حوار أم عرض؟ طلب منه أحد الصحافيين إجراء حوار معه حول الوضع السياسي. لكنه اعتذر بعد تردد مؤثرا أن يحاور نفسه، ومستأنسا بأسئلة الصحافي فكان من ثمرات هذا الحوار المفترض كتابٌ على شاكلة “الكتابة الشذرية” المتحررة من الصبغة الأكاديمية (كثرة الاستشهادات والإحالات والأمثلة) والمفضية أكثر إلى التأملات والتلميحات واللطائف التي يتمازج فيها الذاتي والموضوعي، التاريخي والظاهراتي، العلمي والانطباعي. قد تبدو كل شذرة مستقلة بذاتها في حين تترابط مع غيرها كحبات العقيق. يمكن للقارئ أن يقرأ الكتاب من أي شذرة (القراءة الوثَّابة) دون أن يختل البناء والمعنى عكس ما اعتدناه في القراءة المتدرجة من البداية إلى النهاية. وتتضام الشذرات مع بعضها البعض لتأكيد ما ترتب على عسر الإصلاح من مشاكل همت جميع مرافق الحياة، وأخرت الانتقال من زمن إلى آخر (عسر الانتقال): من زمن المخزن إلى زمن دولة المؤسسات، ومن القبيلة إلى دولة العناية، ومن الاتباع إلى الاستقلال، ومن التوكل إلى الهمة، ومن المبايعة إلى المواطنة، ومن التقليدانية إلى الحداثة، ومن “تسييس” الدين إلى “تديين” السياسة، من مجتمع أمي إلى مجتمع مدني. ومن بين العوامل التي عرقلت الانتقال والإصلاح المنشودين بؤس السياسة وبؤس النخب السياسية والثقافية التي لم تجدد فكرها وأدواتها، ولم تطور مؤهلاتها لتدارك التأخر التاريخي (إمكانات حرق المراحل والقيام بطفرات نوعية)، وتحرير السياسة من المنطق الذي لا يناسبها (ضعف التأطير، غياب النقاش العمومي، منطق الولاء والمبايعة، نفوذ البِطانة،عجز الجماعات الوسيطية) والمراهنة على تربية مخالفة (التربية المدنية). ويبقى الأمل معقودا على الفعاليات جميعها والقنوات المتاحة (أحزاب متطورة، نقابات مؤهلة، مجتمع مدني فعال، التنافسية الاقتصادية، الديمقراطية المحلية) لاعتماد فاعلية منطق المنفعة. ليس بالمعنى المثالي للكلمة وإنما بالمعنى الذرائعي (المنفعة الآنية).
رسم عبد لله العروي في “ديوان السياسية” صورة قاتمة عن الوضع في العالم العربي.. وهي تعكس ما نعيشه من إحباطات إلى حد اليأس بسبب انسداد الآفاق، وارتداد القيم الأصيلة، واستفحال مظاهر الفساد، وانهيار السرديات الكبرى. إن الإخفاق– في نظر العروي- محتمل. قد تخسر البشرية الرهان ضد الطبيعة وضد الحيوان وصد الفناء وضد الفساد. ومع ذلك يظل النجاح واردا بالمقدار نفسه.
هكذا يتضح أن عبد لله العروي ارتأى أن يسلك طريقا آخر في مخاطبة الجمهور الواسع لتوريطه في النقاش الجاد بحثا عن بدائل ممكنة للعيش الكريم. وهو– كما أوضحنا- أسلوب حواري وجدالي وتفكيكي وشذري لإشراك المتلقي في حلبة النقاش عوض أن يكتفي بالمشاهدة والفرجة. ولهذا الأسلوب ما يبرره لمقاومة المد التقليداني الذي يدغدغ مشاعر المتلقي، ويعرض عليه حقائق بديهية كما لو كانت من اليقينيات.. ومع ذلك يظل لكتابات العروي النظرية السابقة بريقها وألقها لمراهنتها على قيام شريحة من القراء (الإنتلجنسيا) بدورها التاريخي في توعية باقي الشرائح، وإشاعة الفكر التنويري، واستنبات قيم جديدة في المجتمع. وفي كلا الكتابين يحرص عبد لله العروي على تبسيط أطروحاته النظرية، وحفز القراء على استشراف المستقبل والمراهنة عليه باعتبار أن السنة (ليست مقصورة على الدين فحسب، وإنما تخص العلم والكلام والفلسفة، أي ما توحي به لفظ (Tradition) في الثقافة الغربية)، هي العقبة الكأداء أمام تطور العرب وانخراطهم في الحداثة. وهكذا يتضح أن كل ما كتبه عبد لله العروي يعد فصولا من كتاب لم يفرغ منه بعد ويحوم حول موضوع واحد هو مفهوم الحداثة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.