صيادو الحسيمة في مواجهة خطر التراجع البيئي والاقتصادي    شي جين بينغ يدعو لتعزيز الشراكة الصينية – اللاتينية في منتدى بكين    الركراكي: "حكيمي ضمن المرشحين للتتويج بالكرة الذهبية.. وسيكون قائدنا في كان المغرب"    اللجنة الوطنية الأولمبية المغربية.. انتخاب سفيان البقالي رئيسا للجنة الرياضيين    مراكش ومدن مغربية أخرى تحتفي بموسيقى موزارت لتوحيد المواهب المتوسطية    في برنامج "مدارات" : لقاء مع الباحث الأستاذ أحمد متفكر ، وحديث حول سيرة محمد ابن الموقت المراكشي    مجموعة OCP توقع اتفاقيتَي تمويل    هشام بلاوي.. مسيرة قضائية وأكاديمية تقوده لرئاسة النيابة العامة    الرئيس الأمريكي يصل إلى السعودية    القوات المسلحة الملكية: سبعة وستون عاماً من الوفاء للوطن والتفاني في خدمة السيادة    هذه خلاصات أحدث مجلس للحكومة    زخات رعدية تضرب شرق ووسط المغرب.. والسلطات تحذر من المخاطر    قانون جديد.. الضريبة على الأراضي غير المبنية سترتفع إلى 30 درهما    تقرير دولي يكشف: المغرب أرخص دولة في تصنيع السيارات.. والسعر سيُفاجئك    مؤشر "مازي" يرتفع ببورصة الدار البيضاء    غزة تحاصر كان.. 380 فنانًا يتهمون إسرائيل بالإبادة    الرباط تحتضن أول مهرجان لفن الراب "212'FlowFest"    رسوم بذيئة تعبث بموقع "تشان تشان" التاريخي في البيرو    توقعات طقس اليوم الثلاثاء بالمغرب    أي سياسة عمومية لمواجهة اعتداءات "المختلين عقليا" على المواطنين؟    الأونروا: المجاعة تشتد بقطاع غزة    "كان" الشباب... المنتخب المغربي يستعد لمواجهة مصر بحثا عن التواجد في المشهد الختامي    المغرب الفاسي يثق في منتوج النادي    توتر أمني في طرابلس وسط أنباء عن مقتل مسؤول بارز ودعوات دولية للتهدئة    شرطة ألمانيا تفكك "شبكة متطرفة"    لتضيء نضالات الأمس دروب الغد    مشكلة الوعي الزائف وشروط امكان الوعي الحقيقي    المجنونة المتحرِّشة بالنساء الحوامل    الأغذية فائقة المعالجة تهدد بأعراض "باركنسون" المبكرة    نقابة تستنكر تدهور الأوضاع في المدرسة الوطنية العليا للفنون والمهن    إحالة محمد شدا البرلماني السابق على الوكيل العام وترقب قرار الاعتقال    وزير الخارجية البوروندي: عازمون على ضمان علاقات صداقة وتعاون وطيدة ومستدامة مع المغرب    وهبي: يمكننا تحقيق أشياء عظيمة والمهم هو بلوغ النهائي    الهيئة المغربية لسوق الرساميل تؤشر على المنشور المتعلق ببيع أسهم "رونو"    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    انطلاق مناورات "الأسد الإفريقي" بالمغرب    النفط يهبط بفعل مخاوف من زيادة المعروض وحذر حيال اتفاق أمريكا والصين    كيوسك الثلاثاء| برادة يتوعد مثيري الشغب الرياضي بعقوبات صارمة وإجراءات لمحاصرتهم    بكين وواشنطن تتفقان على آلية حوار اقتصادي لتفادي التصعيد    برشلونة على أعتاب لقب "الليغا" وريال مدريد يودّع أنشيلوتي    عودة الاستعمار القديم الجديد    من هو أمين الشابي سفير المغرب لدى جمهورية باكستان الإسلامية؟    جلالة الملك يستقبل ثلاثة أعضاء جدد بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية    بطولة اسبانيا: ريال مدريد يفتقد لجهود فينيسيوس وفاسكيس للاصابة    من الناظور إلى اسبانيا.. سقوط إمبراطورية الحشيش بقبضة الشرطة وهكذا وضف "الزعيم" عشيقاته لتبييض الأموال    حكيمي يعزز استثماراته الرياضية بشراء نادي إسباني    حريق مهول يلتهم محلاً لمواد التجميل في طنجة (فيديو)    تركيا.. أزيد من 64 مليون مسافر عبروا مطارات البلاد خلال الأشهر الأربعة الأولى من 2025    مندوبية السجون توضح بخصوص زيارة الزفزافي لوالده    سلطات دار أقوباع تمنع تجار الفخار من احتلال الملك العمومي    ماذا نعرف عن أسباب وأعراض متلازمة مخرج الصدر؟    البيضاء تحدد مواعيد استثنائية للمجازر الكبرى بالتزامن مع عيد الأضحى    إنذار صحي في الأندلس بسبب بوحمرون.. وحالات واردة من المغرب تثير القلق    عامل إقليم الدريوش يترأس حفل توديع حجاج وحاجات الإقليم الميامين    إرشادات طبية تقدمها الممرضة عربية بن الصغير في حفل توديع حجاج الناظور    كلمة وزير الصحة في حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لعبة إسقاط الأقنعة.. مدخل إلى مشروع الرواية السياسية -الحلقة11
نشر في اليوم 24 يوم 15 - 07 - 2019

ماذا يجب على كتاب الرواية السياسية أن يفعلوه كي يصبحوا أكثر إثارة للاهتمام؟ هذا الفن ليس سهلا، فهو يحمل رسالته في ذاته. رسالة ممتعة بقدر ما هي خطرة. في هذه السلسلة، يحاول الكاتب أن يؤسس لتصور حول مشروع للطريقة التي ينبغي أن تكون عليها الرواية السياسية.
وفي العصر الإسلامي كثر شعر مدح الرسول صلى لله عليه وسلم بوصفه قائد وملهم الأمة الإسلامية، والحاكم الذي أخرجها من تناحر وتنازع القبائل وسيادة القبلية العصبية، إلى الأمة الواحدة الموحدة تحث راية الدين الإسلامي. ونقرأ في هذا المقام شعر المديح النبوي وما قاله عبد المطلب إبان ولادة محمد صلى لله عليه وسلم، إذ شبه ولادته بالنور والإشراق الوهاج الذي أنار الكون سعادة وحبورا، يقول عبد المطلب:
وأنت لما ولدت أشرقت ال * أرض وضاءت بنورك الأفق
فنحن في ذلك الضياء وفي * النور وسبل الرشاد نخترق
وتعود أشعار المديح النبوي إلى بداية الدعوة الإسلامية مع قصيدة “طلع البدر علينا”، وقصائد شعراء الرسول (صلعم) كحسان بن ثابت، وكعب بن مالك، وعبد لله بن رواحة، وكعب بن زهير صاحب اللامية المشهورة:
بانت سعاد فقلبي اليوم متبول * متيم إثرها لم يفد مكبول
وقد استحقت هذه القصيدة المدحية المباركة أن تسمى بالبردة النبوية؛ لأن الرسول (صلعم) كسا صاحبها ببردة مطهرة، تكريما لكعب بن زهير، وتشجيعا للشعر الإسلامي الملتزم الذي ينافح عن الحق، وينصر الإسلام وينشر الدين الرباني.
والأساسي في هذا الإشعار هو سعي الشعراء إلى الإفصاح عن موقفهم السياسي من القيادة الرشيدة للرسول (صلعم)، والتفنن في مدح شخصه، وخصاله وبشكل عام يمكن اعتبار المديح النبوي بأنه هو ذلك الشعر الذي ينصب على مدح النبي (صلعم) بتعداد صفاته الخلقية والخلقية والإشادة بغزواته وصفاته المثلى.
وبعد وفاة الرسول (صلعم) وبروز مشكلة الخلافة ظهر مجموعة من الشعراء، واكبوا هذه القضية السياسية، وعملوا على رثاء الخلفاء الراشدين باعتبارهم قادة سياسيين كان همهم الحفاظ على وحدة الأمة الإسلامية، والتصدي لعدوى العصبية القبلية.
وإذا كان الرثاء يرتبط بالحزن والأسى على المرثي فإنه اتخذ أبعادا أخرى جعلته يفرز نوعا من الرثاء السياسي، وهو الرثاء المقرون بذكر الصفات السياسية للمرثي من عدل وإنصاف ورحمة. فالإسلام جاء بمفاهيم سياسية جديدة، منها: مفهوم الإمارة (أمير المؤمنين) الإمام خليفة لله والعادل وغيرها فرثاء الخلفاء جاء على خلفية اعتبارهم المكلفين بنشر الرسالة السماوية إلى الإنسانية جمعاء.
وهكذا نجد حسان بن ثابت يرثي الخليفة عمر بن الخطاب رضي لله عنه، اذ يقول:
وفجعنا فيروزُ لا درَّ درهُ … بأبْيَضَ يَتْلُو المُحْكَمَاتِ مُنِيبِ
رؤوفٍ على الأدنى غليظٍ على العدا … أخي ثقة في النائباتِ نجيبِ
متى ما يقلْ لا يكذبِ القولَ فعلهُ … سريعٍ إلى الخَيْرَاتِ غَيْرِ قَطُوبِ
فرثاء حسان بن ثابت بدأ بالتفجع والحزن، وذكر صفة من صفات المرثي، ألا وهي نقاء العرض والرأفة بالرعية والحفاظ على تلاوة الذكر الحكيم.
ونجد للناقد احمد الشايب في كتابه تاريخ الشعر السياسي تعليقا على هذه الأبيات التي يصفها بأنها: “خير ما صور حكومة عمر وسياسته في الرعية فهو صدوق وبارع في فعل الخيرات. كما أنه ذو بأس شديد على الأعداء لا تأخذه في الحق لومة لائم”.
وإذا انتقلنا إلى العصر الأموي سوف نجد بأن الشعر السياسي سيتخذ منزلة مرموقة.
و لعلّنا لا نعدو الحقيقة إذا ما ذهبنا إلى أنّ الأدب السياسي الذي أثمره الصراع في العصر الأموي أضخم تراثٍ سياسيٍّ في الأدب العربي منذ نشأته إلى العصر الحالي. ففي هذا العصر ظهرت أحزاب سياسيّة. كانت تمزج السياسة بالدّين لأنّ محورها الذي تدور حوله هو الخلافة، وهي منصب سياسيٍّ دينيٍّ، ولأنّ نظام الحكم كان قائماً علي الدين، يعتمد عليه، ويستمدّ منه أحكامه وسلطانه.
ورسالة الشعر السياسي في هذه المرحلة التاريخية هي مسايرة هذه الدولة في تكوينها الدّاخلي، وسلطانها الخارجي، وحروبها الأهليّة، وأحزابها السياسيّة.
والشعراء الذين نظموا في الشعر السياسي في العصر الأموي كثر، وقد برّز عدد منهم من الجانب الذي أكثر النظم فيه، فكان الكُميْت بن زيد الأَسَديّ من أبرز شعراء الهاشميين، في حين كان الأخطل وجرير والفرزدق من أبرز شعراء النقائض (وهو الشعر الذي يهجو فيه الشاعر شاعرا آخر، أو أن يفتخر بنفسه أو بقومه أمامه بقصيدة على بحر معين وقافية محددة وروي ما، فيرد عليه الشاعر الآخر على نفس البحر والقافية والروي بقصيدة من نفس الموضوع، ولكن يضمنها هجاء معاكسا وفخرا يلغي فيه فخر الشاعر الأول بنفسه وينفيه).
ونستشهد بالأبيات الشعرية للشاعر الأموي الكميت بن زيد الأسدي والتي يمدح فيها الهاشميين.
طَرِبتُ وما شَوقاً إلى البِيضِ أَطرَبُ ولاَ لَعِبَاً أذُو الشَّيبِ يَلعَبُ
ولم يُلهِنِي دارٌ ولا رَسمُ مَنزِلٍ ولم يَتَطَرَّبنِي بَنضانٌ مُخَضَّبُ
وَلاَ أنَا مِمَّن يَزجرُ الطَّيرُ هَمُّهُ أصَاحَ غُرَابٌ أم تَعَرَّضَ ثَعلَبُ
ولا السَّانِحَاتُ البَارِحَاتُ عَشِيَّةً أمَرَّ سَلِيمُ القَرنِ أم مَرَّ أَعضَبُ
وَلكِن إِلى أهلِ الفَضَائِلِ والنُّهَى وَخَيرِ بَنِي حَوَّاءَ والخَيرُ يُطلَبُ
إلى النَّفَرِ البيضِ الذِينَ بِحُبِّهم إلى لله فِيمَا نَابَنِي أتَقَرَّبُ
بَنِي هَاشِمٍ رَهطِ النَّبِيِّ فإنَّنِي بِهِم ولَهُم أَرضَى مِرَاراً وأغضَبُ
فكان لشعر الكميت بن زيد الأسدي دور سياسي كبير في تعريف الناس بالنزعة الوحشية التي جُبل عليها الأمويون وابتعادهم عن كل القيم الإنسانية والأخلاقية وخروجهم من الإسلام، كما أن شعره عرف بالهاشميين ودافع به عن أحقيتهم في الخلافة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.