أولئك الذين فشلوا في حشد الدعم لمطالب التصويت الإجباري، هم أنفسهم الآن من سيشعرون بالنشوة من الوقوف شبه الجماعي وراء تضخيم القاسم الانتخابي. إذا كنت مسجلا في القوائم الانتخابية، وتمتنع رغم ذلك عن الإدلاء بصوتك، فإننا سنعاقبك على كل حال. كانت الفكرة، في بادئ الأمر، أن تُفرض غرامة على المسجلين الذين لا يصوتون، وأن يحرموا كذلك من بعض الحقوق. كانت بعض الكيانات السياسية الهشة تعتقد أن إجبار المقاطعين على التصويت سيدفعهم إلى تغيير قناعاتهم إزاء الانتخابات، أو على الأقل نحو تلك الأحزاب. كم كانت الفكرة سخيفة وهي تصدر عن سياسيين كسالى لم يعد لديهم أي شيء إضافي يقدمونه للناخبين كما للناس غير المهتمين. لم ينجح ذلك بالطبع. لقيت هذه الفكرة مقاومة كبيرة من الجميع تقريبا، فجرى إقبارها. لكن طريقة التلاعب بالمسجلين في قوائم الانتخابات لدفع أصواتهم إلى الحساب النهائي لصندوق الاقتراع لم يجر طمرها البتة. الكسل يصبح سببا لاختراع أفكار حمقاء دوما. بدلا عن سلاح العقاب، وهو عملية مضنية من الوجهة العملية، سيخترع السياسيون أنفسهم فكرة ماكرة؛ إذا كان نصف عدد المسجلين في قوائم الانتخابات يرفضون الذهاب إلى مراكز الاقتراع، فإننا، في كل الأحوال، سنحسب وجودهم في تلك القوائم وكأنه تصويت فعلي. يسمى ذلك الآن تضخيما للقاسم الانتخابي، وهي آلية تزخرف الأسلوب الديكتاتوري القديم في تزوير الانتخابات، دون أن تترك بصمات على أدوات الجريمة. في المحصلة الأخيرة، يمكن بهذه الطريقة أن يكون لشخص مقيد في السجل الانتخابي، وتوفى يومين قبل الانتخابات، القدر نفسه من القيمة الانتخابية لشخص صلى الظهر ثم وقف في طابور مكتب تصويت، ولسوف تُحول اليساريين، الذين كانوا يجعلون من المقاطعة سلاحا، إلى مجرد بهلوانيين. في نهاية المطاف، يتساوى الجميع. تصبح الانتخابات مجردة من أي مضمون رياضي، وتصبح الأصوات، كيفما بلغ قدرها، دون قيمة. في الواقع، إن الداعين إلى ذلك لا يختلفون عن أولئك القدامى الذين كانوا لا يرغبون في سماع نتائج انتخابات إذا لم تكن بنسبة 99.9 في المائة.