شبيبة الأحرار تشيد بتجاوب الحكومة مع الشباب وتدعو إلى تسريع الإصلاحات وتحذر من محاولات توجيه الاحتجاجات نحو الفوضى    أمير المؤمنين يترأس حفلا دينيا إحياء للذكرى السابعة والعشرين لوفاة جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني    وقعت المملكة المغربية والاتحاد الأوروبي اليوم الجمعة بمقر المفوضية الأوروبية ببروكسيل على تبادل الرسائل المعدلة للاتفاق الفلاحي الذي يربط بين الطرفين ، والذي يؤكد متانة شراكتهما القائمة على تعاون موسع ومتعدد الأبعاد.    تجسيداً لانفتاح المغرب على القضايا العالمية..محمد أوجار يشارك في مؤتمر السلام بالصين    المركز السينمائي المغربي يكشف عن لجان تحكيم المسابقات الرسمية للدورة 25 للمهرجان الوطني للفيلم بطنجة    «لافاش».. جديد مسرح الحال على خشبة محمد الخامس    المجموعة الموسيقية المغربية «إيغوليدن» تطلق ألبومها الجديد «أمزروي»    مهرجان مراكش للأفلام القصيرة: تتويج (Milk Brothers) بجائزة أفضل فيلم    قرصنة لوحات توقف ثلاثة أشخاص    مؤشرات بورصة الدار البيضاء ترتفع    "الوسيط" يفتح نقاش خدمات الصحة    إسرائيل تعترض آخر سفينة متجهة لغزة    ترامب: سنحصل على غزة إضافة إلى سلام شامل في المنطقة    مهرجان الفيلم المغاربي بوجدة: "من شاشة السينما تبنى الجسور وتروى القضايا" عنوان ندوة محورية    إلغاء حفلات وتوقف إصدارات .. احتجاجات "جيل زد" تربك المشهد الفني    مهرجان السينما في هولندا يكرّم ناجي العلي وينتصر لذاكرة شعوب المنطقة    علماء يجددون توصيتهم بالتقليل من اللحوم في النظام الغذائي    صافرة تمسماني تضبط مباراة الرجاء والمغرب الفاسي    تصفيات كأس العالم.. بيلينغهام يغيب مجددا عن قائمة إنجلترا لمواجهة منتخب بلاد الغال    مطالب حقوقية بتحقيق قضائي حول مقتل ثلاثة مواطنين بالرصاص في القليعة    الاتحاد الأوروبي يدعو كل الأطراف في المغرب إلى الحفاظ على الهدوء    تحت ضغط "حراك المستشفيات" واحتجاجات "جيل زد".. الحكومة تتحرك ببطء وتصادق على مراسيم جديدة تخص القطاع الصحي    272 موقوفا في احتجاجات "جيل زد" واستمرار المحاكمات وسط دعوات بالإفراج عن الموقوفين    رصد 15 طائرة مسيرة فوق منطقة عسكرية في بلجيكا يثير قلق السلطات    حركة "genz212" تدعو إلى حملة تنظيف يوم السبت تعبيرا عن السلمية وتحمل المسؤولية    المجلس الوطني لحقوق الإنسان يدعو لضمان الحق في التظاهر السلمي ويطالب بالتحقيق في أحداث القليعة    بعد رد الفيفا.. اليويفا يوضح موقفه من تعليق عضوية إسرائيل    بطولة إيطاليا: اختبار ناري جديد لميلان في ضيافة غريمه يوفنتوس    المقاولات المغربية الأكثر تعرضا للهجمات الإلكترونية في إفريقيا حسب "كاسبرسكي"    طقس الجمعة.. حرارة مرتفعة جنوب المملكة ورياح قوية مع كتل ضبابية شمالا        اللجنة الوطنية للاستثمارات تصادق على 12 مشروعا بأزيد من 45 مليار درهم    قبضة الأمن تضع حداً للشغب وتلاحق المتورطين        من التضليل إلى الاختراق.. أبعاد الحرب الإلكترونية على المغرب    حمد الله يعود إلى قائمة المنتخب    ذهبية للمغرب في "بارا ألعاب القوى"    الإعصار بوالوي في فيتنام يخلف أضراراً مادية وبشرية كبيرة    حمية الفواكه والخضراوات والمكسرات "قد تمنع" ملايين الوفيات عالميا    حركة شباب Z يرفعون وثيقة شعبية إلى الملك تطالب بإقالة حكومة أخنوش ومحاسبة المفسدين                    بطاريات السيارات.. شركة "BTR" تبدأ رسميا بناء مصنعها في طنجة    الركراكي.. سايس واستمرار غياب زياش    بورصة البيضاء تنهي التداولات بالأخضر    وضعية التجارة الخارجية في المغرب    إيلون ماسك يقترب من بلوغ عتبة أول تريليونير في العالم    تيزنيت، بيوكرى، القليعة،ايت عميرة.. بؤر البؤس التي صنعت الانفجار الاجتماعي    وزارة الأوقاف تخصص خطبة الجمعة المقبلة: عدم القيام بالمسؤوليات على وجهها الصحيح يٌلقي بالنفس والغير في التهلكة    ارتفاع ضغط الدم يعرض عيون المصابين إلى الأذى    عندما يتحول القانون رقم 272 إلى سيفٍ مُسلَّط على رقاب المرضى المزمنين    أطباء يحذرون من أخطار بسبب اتساع محيط العنق        بوريطة: تخليد ذكرى 15 قرنا على ميلاد الرسول الأكرم في العالم الإسلامي له وقع خاص بالنسبة للمملكة المغربية        الجدل حول الإرث في المغرب: بين مطالب المجتمع المدني بالمساواة وتمسك المؤسسة الدينية ب"الثوابت"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هيومن رايتس ووتش: محاكمة الراضي "جائرة".. تستند على تخمينات وتكهنات وأدلة واهية"
نشر في اليوم 24 يوم 28 - 11 - 2021

قالت "هيومن رايتس ووتش" هذا الأسبوع، بعد مراجعة مستفيضة، إن الصحفي عمر الراضي حُرم من محاكمة عادلة وحُكم عليه بست سنوات في السجن بتُهمتَي "التجسس" و"الاغتصاب".
نفى الراضي، الذي يعاني منذ سنوات من مضايقات السلطات، جميع التهم المنسوبة إليه. وشابت محاكمته، كما تقول المنظمة، أمام المحكمة الابتدائية في الدار البيضاء خروقات عديدة لمعايير المحاكمة العادلة، منها رفض المحكمة غير المبرر لفحص أدلة والاستماع إلى شهود لصالح الراضي، وعدم السماح لمحاميه باستجواب شاهد الادعاء. استند الحكم المكتوب، الذي اطلعت عليه هيومن رايتس ووتش، على تكهنات وحجج تخمينية بشكل كبير.
وقال إريك غولدستين، مدير الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "بعد سنوات من مضايقات الشرطة التي تُوجت بمحاكمة أشبه بالمهزلة، يقضي عمر الراضي الآن سنته الثانية وراء القضبان بدل أن يقوم بعمله، أي إعداد تقارير صحفية عن الفساد في الدولة. تزعم السلطات المغربية أن هذه قضية 'تجسس' وليست مجهود لإسكات أحد آخر الصحفيين المعارضين في البلاد، لكن الخطة مكشوفة أمام الجميع".
ونشر الراضي، وهو صحفي وناشط حقوقي حائز على جائزة في التحقيق الاستقصائي، مقالات عدة حول استيلاء مُضاربين على أراض عمومية، وفجّر فضيحة الفساد المعروفة ب "خُدام الدولة"، التي فضحت حوالي 100 شخص، بينهم مسؤولون سامون، يُزعم أنهم حصلوا على أراضي الدولة بجزء ضئيل من قيمتها السوقية.
قبل اعتقاله ومحاكمته بتهمتَي التجسس والاغتصاب، تم احتجاز الراضي ومحاكمته وإدانته بسبب تغريدة، واختُرق هاتفه المحمول بواسطة برنامج تجسس، وتعرض لحملة تشهير شرسة على مواقع مرتبطة بأجهزة الأمن، وكان ضحية اعتداء جسدي مشبوه.
وقابلت هيومن رايتس ووتش الراضي قبل اعتقاله في يوليو 2020، وكذلك والديه، وثمانية من محاميه، وأربعة من زملائه، وخمسة شهود في واقعتين كان يُحاكم بسببهما. كما حضرت هيومن رايتس ووتش خمس جلسات من محاكمته وقرأت أكثر من 500 صفحة من ملف قضيته، منها الحكم المكتوب في 239 صفحة الذي يُفصّل المنطق الذي استندت إليه المحكمة في إدانته، وعشرات التقارير الإخبارية عن قضيته.
أمضى الراضي عاما رهن الاعتقال الاحتياطي، وهو الحد الأقصى بموجب القانون المغربي. رفض قاضي التحقيق الذي نظر في قضيته، ثم قاضي الموضوع، ما لا يقل عن 12 طلبا بالسراح المؤقت للراضي، دون تقديم أي أسباب مشخصنة وموضوعية، كما تقتضي المعايير الدولية لحقوق الإنسان.
وأدين الراضي بالمس بسلامة الدولة الداخلية والخارجية من خلال أعمال "تجسس" لصالح شركات ومنظمات ودول أجنبية، منها هولندا وبريطانيا. استند حكم الإدانة في المقام الأول إلى رسائل نصية تبادلها الراضي مع دبلوماسي هولندي، وإلى عقود وقعها مع شركات بريطانية للاستشارات الاقتصادية لإجراء أبحاث حول القطاع الخاص المغربي.
نسجُ علاقات صحفية أو جمع وتبادل معلومات غير سرية هي أنشطة محمية بموجب القانون الدولي. لم تجد هيومن رايتس ووتش في مراجعتها لملف القضية، كما تقول، أي دليل على أن الراضي قام بأي شيء سوى أعمال صحفية وأبحاث اقتصادية عادية والتواصل مع دبلوماسيين، كما يفعل العديد من الصحفيين والباحثين بشكل روتيني. لا يتضمن الملف أي دليل على أن الراضي قدم معلومات سرية إلى أي شخص، أو حتى حصل على مثل هذه المعلومات أصلا.
وخلال المحاكمة، نفى رجل في رسالة إلى المحكمة ادعاء وكيل الملك بأنه "جاسوس أجنبي" مكلف ب "الحصول على معلومات سرية" من عند الراضي، وطلب الإدلاء بشهادته دفاعا عن الراضي. تجاهل القاضي دون مبرر نفي الرجل وطلبه بالشهادة.
تضمن حكم المحكمة عدة أدلة واهية لتبرير إدانة الراضي بالتجس، بحسب توصيف المنظمة. وشملت تلك الأدلة أن التواصل حصرا عبر رسائل نصية مع جهة في السفارة الهولندية كان "احتياطا أمنيا" "يثبت وعي [الراضي] بخطورة الدور الذي يلعبه وطبيعة المهام المشبوهة الموكلة إليه". كما جادل الحكم بأن عدم نشر الراضي مقالات بعد تواصله مع "عملاء" السفارة الهولندية كان "دليلا" على أن التواصل المذكور "لا علاقة له بالعمل الصحفي" بل كان في الواقع "عملا استخباراتيا".
كما أدين الراضي بتهمة اغتصاب زميلة له في "Le Desk"، وهو موقع إخباري كان يعمل به. نفى الراضي التهمة وقال إن العلاقة كانت رضائية. رغم أن جريمتَي الاغتصاب والتجسس المزعومتين غير مرتبطتين، فقد ضمتهما المحكمة معا في قضية واحدة.
إلا أن المحكمة، تضيف المنظمة، حرمت الراضي من "تكافؤ الفرص" الذي يمنح الطرفين نفس السبل لعرض قضيتهما، وهو شرط أساسي لمحاكمة عادلة بموجب المعايير الدولية. منعت السلطات الراضي من الحصول على ملف قضيته لمدة 10 أشهر. كما استبعدت شهادة شاهد الدفاع الرئيسي في قضية "المشاركة في الاغتصاب"، رغم أن صاحبة الشكوى لم تتهم الشاهد بالمشاركة، ولم تُقدَّم أي أدلة ضده إلى المحكمة. كما رفضت المحكمة السماح باستجواب شاهد الادعاء، ورفضت سماع أحد شهود الدفاع الرئيسيين في قضية التجسس.
وتقول هيومن رايتس ووتش إن قضية الراضي جزء من نمط اعتقال واحتجاز ومحاكمة السلطات المغربية لصحفيين، أو نشطاء، أو سياسيين مستقلين بسبب كتاباتهم النقدية وعملهم، بموجب تهم مشكوك فيها تشمل الجرائم الجنسية، و"غسل الأموال" و"خدمة أجندة أجنبية".
قال غولدستين: "الاغتصاب والاعتداء الجنسي جريمتان خطيرتان تستحقان تحقيقات جادة وإجراءات عادلة. إذا أرادت السلطات المغربية أن تُثبت أنها تُحاسب عمر الراضي مثل أي مواطن آخر، وإبعاد الشكوك بأنها توظف المحاكم لسجن معارض تحت تهم واهية، فعليها أن تمنح الراضي المحاكمة العادلة والمحايدة التي حُرم منها حتى الآن".
وفي 19 يوليوز 2021، أدانت محكمة الدار البيضاء الابتدائية عمر الراضي بتهمتَي الاغتصاب والتجسس، وحكمت عليه بالسَّجن ست سنوات. كما تم تغريم الراضي ب 200 ألف درهم (20 ألف دولار أمريكي) كتعويض لصاحبة شكوى الاغتصاب. وحُكم على عماد ستيتو، وهو صحفي زميل للراضي حُوكم معه بوصفه "مشاركا" في قضية الاغتصاب، بعام في السجن، بما في ذلك ستة أشهر موقوفة التنفيذ. استأنف الاثنان الحكم. لا يزال ستيتو حرا في انتظار صدور حكم الاستئناف.
منع المدعى عليه من الحصول على ملف القضية
منعت إدارة السجن مرارا محامي الراضي من تسليم موكلهم نسخة من ملف قضيته، ما حرم الراضي وفق المنظمة، من حقه في إعداد دفاعه من زنزانته. لم تسمح له إدارة السجن بالحصول على ملف قضيته الكامل إلا بعد أن أمر القاضي بذلك، ردا على شكايتين من المحامين، في 3 يونيو 2021، أي بعد 10 أشهر من اعتقال الراضي وشهرين بعد بدء محاكمته – ما حرمه من الوقت الكافي لإعداد دفاعه.
استبعاد شاهد دفاع رئيسي
اتهمت السلطات الراضي بالاغتصاب وهتك العرض بعد أن قدمت زميلته في موقع Le Desk الإخباري حفصة بوطاهر اتهاما ضده في 23 يوليوز 2020.
واستند الاتهام إلى أحداث وقعت في الساعات الأولى من يوم 13 يوليو/تموز 2020 في منزل يملكه مدير Le Desk، حيث كان الموظفون يعملون أحيانا. أنكر الراضي التهمة وقال إنه مارس الجنس بالتراضي مع صاحبة الشكوى.
أدلى عماد ستيتو، وهو صحفي آخر في موقع Le Desk وصديق للراضي، بشهادته أمام الدرك وقاضي التحقيق، قائلا إنه قضى أيضا نفس الليلة على أريكة مختلفة في نفس غرفة المعيشة الواسعة. كانت شهادته متوافقة مع رواية الراضي.
إلا أنه، في 18 مارس 2021، وُجهت إلى ستيتو تهمة "المشاركة في الاغتصاب"، رغم أن صاحبة الشكوى لم تتهمه بالمشاركة في الاعتداء المزعوم، لا بدنيا ولا لفظيا.
في تصريحاتهما للدرك ووكيل الملك وقاضي التحقيق المسؤول عن القضية، وأمام المحكمة، أيد كل من الراضي وصاحبة الشكوى تصريح ستيتو بأنه لم ينهض قط من أريكته في تلك الليلة. وقال كل من الراضي وصاحبة الشكوى إنهما اعتقدا أن ستيتو كان نائما، قبل أن يخبر السلطات أنه كان مستيقظا.
بعد أن اتُهم ستيتو ب "المشاركة في الاغتصاب"، تجاهلت المحكمة شهادته. وكتبت المحكمة في حكمها: "تصريحات المتهم عماد ستيتو على كون الرضائية كانت متوافرة (…) لا يمكن الركون إليها لأنه متهم بالمشاركة (…) ومن صالحه دفع التهمة عنه".
في بيان مشترك صدر في 5 أبريل 2021، قالت 11 منظمة حقوقية دولية إن "اتهام عماد ستيتو من طرف السلطات يلغي عمليا القيمة الاستدلالية لتصريحه كشاهد للدفاع"، مضيفة أن على المحكمة أن "تُوفر لأي متهم جنائي جميع الوسائل المتاحة للدفاع عن نفسه".
وقالت هيومن رايتس ووتش إنه بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، يجب السماح للمتهمين بجرائم بتقديم شهود لصالحهم أمام المحكمة على نفس الأساس الذي يتم تقديم شهود ضدهم.

تجاهل الأدلة ورفض شاهد الدفاع
بخصوص تهم التجسس، يبين ملف القضية، وفقا للمنظمة، بوضوح أن وكيل الملك اعتمد بشكل كبير على تصريح أدلى به الراضي للشرطة، قال فيه إنه كان على اتصال عام 2013 بأرنو سيمونس (Arnaud Simons)، وهو موظف سابق في السفارة الهولندية في المغرب.
وجاء في تقرير الشرطة في القضية أنه بما أن الاسم (المكتوب خطأً) "أرنولد سيمون" (Arnauld Simon) لم يرد في قائمة وزارة الخارجية للدبلوماسيين المعتمدين في المغرب، فإن ذلك "يكرس الاحتمال" أنه ليس اسم شخص حقيقي. قالوا إنه الاسم المستعار لعميل سري في الاستخبارات الهولندية كان يأخذ معلومات سرية من الراضي حول احتجاجات الريف عام 2017. ويشير نص الحكم إلى أن النيابة العامة أيدت هذا الاحتمال أثناء المحاكمة و"استنتجت" أن سيمونس هو "إسم حركي" لعميل سري لهولندا.
واتصل سيمونس ب هيومن رايتس ووتش في أوائل 2021، وقدم صورا لوثائق هوية ووثائق أخرى تثبت أن أرنو سيمونس هو اسمه وأنه مواطن بلجيكي عمل متعاقدا لصالح السفارة الهولندية في المغرب بين 2013 و2015.
وصرّح سيمونس في اتصالات مع هيومن رايتس ووتش وفي رسالة مفتوحة نشرها لاحقا على الإنترنت أن اتصالاته مع الراضي اقتصرت على مناقشة أمور ثقافية، بما يتطابق مع وظيفته كملحق ثقافي في السفارة. وأضاف سيمونس أن احتجاجات الريف عام 2017 لم تندلع إلا بعد عامين من مغادرته المغرب، وأنه لم يكن على اتصال مع الراضي منذ مغادرته.
في رسالة قدمها أحد محامي الراضي إلى القاضي أثناء جلسة المحكمة التي عُقدت في 29 يونيو وحضرتها هيومن رايتس ووتش، أدرج سيمونس تلك الوثائق وطلب أن يكون شاهد دفاع. أضاف القاضي الرسالة إلى ملف القضية، لكنه رفض طلب سيمونس أن يكون شاهدا "لأن من شأن القيام بذلك إطالة زمن المحاكمة".
التفسير الذي قدمه الحكم لإدانة الراضي بالتجسس لم يذكر رسالة سيمونس. بدلا من ذلك، ردد نص الحكم "استنتاج" المحكمة بأن "أرنولد سيمون" هو "إسم حركي يستخدمه شخص كان يعمل سابقا بالسفارة الهولندية في الرباط".
رفض فحص شاهد الادعاء
في رسالة مؤرخة في 10 غشت 2020 أُرسِلت إلى قاضي التحقيق، طلب أحد محامي المشتكية الاستماع إلى حسن آيت برايم، وهو مواطن مغربي-أمريكي يعيش في الولايات المتحدة لكنه "يوجد حاليا بالمغرب"، كشاهد في قضية الراضي.
كان الطلب مصحوبا برسالة قصيرة من آيت برايم قال فيها إنه كان يجري مكالمة فيديو مع المشتكية في 13 يوليوز 2020، فرأى "رجلا يرتدي تبانا يمر من وراء الأريكة، فانقطع الخط بشكل مفاجئ". قال آيت برايم في الرسالة إنه "لا يعرف حقيقة ما وقع [بعد ذلك]".
وجه قاضي التحقيق في 12 غشت 2020، وهو نفس اليوم الذي تلقى فيه طلب محامي المشتكية للإدلاء بشهادة آيت برايم، (وجه) رسالة إلى الوكيل العام للتشاور معه بشأن ذلك. بعد أن وافق الوكيل العام على الطلب كتابيا، أرسل قاضي التحقيق استدعاء مكتوبا إلى آيت برايم. تم إرسال هذه الرسائل واستلامها ومعالجتها في 12 غشت، وهو اليوم نفسه الذي حضر فيه آيت برايم للإدلاء بشهادته في مكتب قاضي التحقيق.
قال العديد من المحامين المغاربة ل هيومن رايتس ووتش إنهم "في حيرة" من هذه السرعة، التي قالوا إنها نادرة للغاية إن لم تكن غير مسبوقة في المحاكم المغربية، خاصة في شهر غشت، حين تكون الإدارة القضائية المغربية في عطلة صيفية. بسبب هذه العطلة، أخبر محامو الراضي المحكمة أنهم في غشت 2020 لم يتمكنوا من العثور على أي شخص في جهاز القضاء برمّته ليقدموا إليه طلبا للإفراج المؤقت عن موكلهم. كان ذلك هو الشهر نفسه الذي تم فيه التعجيل بجلسة الاستماع إلى آيت برايم.
قال محامو الراضي ل هيومن رايتس ووتش إنهم لم يتلقوا إخطارا بشهادة آيت برايم إلا بعد عدة أشهر، بعدما عاد إلى الولايات المتحدة حيث يعيش بحسب الزعم.
طلب دفاع الراضي خلال المحاكمة استدعاء آيت برايم لفحص شهادته، لكن الطلب قوبل بالرفض لأسباب زائفة. ورد في الحكم المكتوب، الذي اعتمد جزئيا على أقوال آيت برايم، أن "القاضي الجنائي [لا يستوجب عليه استدعاء شاهد] متى [اطمأن] إلى صدق شهادة[ه]". لضمان محاكمة عادلة وفقا للمعايير الدولية، يحق للدفاع استجواب أي شاهد يستند الادعاء إلى شهادته.
استدلالات المحكمة مبنية على تكهنات
وفقا ل"هيومن رايتس ووتش"، يبدو أن العديد من أوجه الاستدلال التي اعتمدت عليها المحكمة في إدانتها للراضي تستند إلى "استنتاجات" أو "خلاصات" تخمينية بدلا من وقائع.
بخصوص تهمة التجسس، لم يحدد الحكم أي مواد سرية قد يكون الراضي وفرها عن علم إلى عميل أجنبي، ما قد يشكل جريمة تجسس. بدلا من ذلك، ينسج الحكم سلسلة من التكهنات للوصول إلى حكم الإدانة.
على سبيل المثال، جاء في الصفحة 230: "الاحتياطات الأمنية التي كان ينهجها المتهم مع دبلوماسي سفارة هولندا بالمغرب تثبت وعيه بخطورة الدور الذي يلعبه وطبيعة المهام المشبوهة الموكلة إليه […] بدليل تواصله مع الدبلوماسي الهولندي التي كانت تتم فقط عبر رسائل نصية".
لا يبدو أن اعتماد شخص ما على الرسائل النصية كقناة اتصال أساسية دليل على أنه يزاول أي نشاط سري أو أنه مذنب بأي جرم.
يضيف الحكم في الصفحة 232: "يُستخلص […] أن تواصل المتهم مع عملاء السفارة الهولندية بالمغرب لا علاقة له بعمله الصحفي بدليل عدم نشره لأي مقال أو عمل صحفي [يتعلق بذلك التواصل] بل إن الأمر بالنتيجة يتعلق بعمل استخباراتي".
إن مناقشة مواضيع مختلفة مع أشخاص مختلفين، بما في ذلك دبلوماسيون، دون القيام بالضرورة بنشر مقالات تستند إلى تلك المحادثات، هو عمل روتيني للصحفيين. إن "استنتاج" المحكمة تخميني ولا يبدو أنه دليل على جرم.
فيما يتعلق بتهمة الاغتصاب، جاء في الصفحة 224 من الحكم أن "ادعاء المتهم عمر الراضي بكونه مارس الجنس بطريقة عادية مع [المشتكية] وبرضاها يرفضه المنطق السليم ذلك أنه إذا كانت الضحية راغبة في ممارسة الجنس مع المتهم لسطرت لذلك برنامجا محكما ولحددت لذلك وقتا مناسبا […] أما وأنها بمسكن مشغلها وبحضور زميل لها كان شاهدا على الاعتداء […] فذلك لن يكون إلا من باب العبث الذي لا مكان له في العقل السليم".
إن منطق المحكمة بشأن كيفية تخطيط "عقل سليم" للقاء جنسي لا يعدو كونه تخمينا، وذا قيمة مشكوك فيها في إثبات التهمة. كما أنه يقوم على صور جندرية نمطية.
كما أن الحكم يحرّف بشكل فج تصريحات ستيتو، بشكل يضره ويضر الراضي. في الصفحة 237، يذكر الحكم أن ستيتو "لا ينكر" سماع الراضي يوجه تعليقا معينا إلى المشتكية، وهو تعليق يشير إلى ذنب الراضي وتواطؤ ستيتو. في الواقع، وكما هو واضح في المحضر الرسمي لأقواله أمام الدرك وقاضي التحقيق، نفى ستيتو بشدة أنه سمع الراضي يدلي بتعليق من هذا القبيل. كما أنكر ذلك في جلسة محاكمة حضرتها هيومن رايتس ووتش، ومرة أخرى في مقابلة مع هيومن رايتس ووتش في أكتوبر 2021.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.