ارتفاع أسعار النفط    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    ارتفاع حصيلة ضحايا فيضانات اسفي إلى 40 واطلاق برنامج ملكي لاعادة التاهيل    الذهب والفضة يسجلان مستويات مرتفعة قياسية    سعر الذهب يسجّل مستوى قياسيا جديدا    تفاصيل جديدة بشأن "مجزرة بونداي"    إعلام إسرائيلي أمريكي: نتنياهو يسعى لتفويض من ترامب لمهاجمة إيران    اغتيال جنرال روسي في انفجار قنبلة    انقلاب حافلة يودي بأرواح 16 شخصا في جزيرة إندونيسية        مصر تفتتح مشاركتها في الكان اليوم وتطمح للفوز على زيمبابوي    مدرب جزر القمر: المغرب قوي جدا.. وهذه هي الحقيقة    توقعات أحوال الطقس اليوم الاثنين    كيوسك الإثنين | مطارات المملكة تحطم كل الأرقام عشية انطلاق كأس إفريقيا    الدار البيضاء.. مرصد يحذر من مخاطر "مغاسل الميكا" على صحة المواطنين    جريمة قتل مروعة تهز منطقة بني يخلف نواحي المحمدية    وفاة الممثل الأمريكي جيمس رانسون انتحارا عن 46 عاما    الركراكي: المباراة عرفت توترا كبيرا خاصة في الشوط الأول بسبب تضييع ضربة الجزاء وخروج سايس مصابا لكننا حققنا المهم    الجديدة تستضيف الدورة الأولى للمؤتمر الدولي حول الفيزياء الكمية والابتكار الطاقي    المنتخب يرفع نبض الجماهير في وجدة    انتصار البداية يعزز ثقة "أسود الأطلس" في بقية مسار كأس إفريقيا للأمم    الاستيطان يتسارع في الضفة الغربية ويقوّض فرص قيام دولة فلسطينية    أزيد من 60 ألف متفرج في المنتخب    رصيف الصحافة: النيابة العامة تنتظر نتائج تشريح جثة رضيعة في فاس    أسود الأطلس يبدأون رحلة المجد الإفريقي بالفوز على جزر القمر    أمطار غزيرة تعم جماعات إقليم الحسيمة وتنعش آمال الفلاحين    تعليق الدراسة بعدد من المؤسسات التعليمية بإقليم الحسيمة بسبب الامطار والثلوج    المديرية العامة للأمن الوطني ترفع جاهزيتها لإنجاح العرس الإفريقي        فرض مبالغ إضافية دون مقابل يثير الجدل في مقاهي طنجة خلال كأس أمم إفريقيا    تصعيد خطير بعد دعوات لطرد الإماراتيين من الجزائر    في الذكرى الخامس للتطبيع.. تظاهرات بالمدن المغربية للمطالبة بإسقاطه ووقف الجرائم في فلسطين    وكالة بيت مال القدس الشريف تقدم إستراتيجيتها لدعم قطاع التجارة في القدس برسم سنة 2026    القوات المسلحة الملكية تنشئ ثلاث مستشفيات عسكرية ميدانية بأقاليم أزيلال والحوز وميدلت    نشرة إنذارية.. تساقطات ثلجية وأمطار قوية أحيانا رعدية وهبات رياح من اليوم الأحد إلى الأربعاء المقبل    دليلة الشعيبي نمودج الفاعلة السياحية الغيورة على وجهة سوس ماسة    أدب ومحاكمة ورحيل    "مجموعة نسائية": الأحكام في حق نزهة مجدي وسعيدة العلمي انتهاك يعكس تصاعد تجريم النضال    "محمد بن عبد الكريم الخطابي في القاهرة من خلال الصحافة المصرية" موضوع اطروحة دكتوراه بكلية عين الشق    أزمة المقاولات الصغيرة تدفع أصحابها لمغادرة الحسيمة ومهنيون يدقون ناقوس الخطر    مسلحون مجهولون يفتحون النار على المارة في جنوب إفريقيا    حركة "التوحيد والإصلاح" ترفض إعلانًا انفصاليًا بالجزائر وتدعو إلى احترام سيادة الدول    مشروبات الطاقة تحت المجهر الطبي: تحذير من مضاعفات دماغية خطيرة    "تيميتار" يحوّل أكادير عاصمة إفريقية    أكادير تحتفي بالعالم بصوت أمازيغي    مهرجان ربيع وزان السينمائي الدولي في دورته الثانية يشرع في تلقي الأفلام    كأس إفريقيا .. مطارات المغرب تحطم أرقاما قياسية في أعداد الوافدين    الفنانة سمية الألفي تغادر دنيا الناس    فتح الله ولعلو يوقّع بطنجة كتابه «زمن مغربي.. مذكرات وقراءات»    العاصمة الألمانية تسجل أول إصابة بجدري القردة    من هم "الحشاشون" وما صحة الروايات التاريخية عنهم؟    السعودية تمنع التصوير داخل الحرمين خلال الحج    منظمة الصحة العالمية تدق ناقوس انتشار سريع لسلالة جديدة من الإنفلونزا    7 طرق كي لا يتحوّل تدريس الأطفال إلى حرب يومية    سلالة إنفلونزا جديدة تجتاح نصف الكرة الشمالي... ومنظمة الصحة العالمية تطلق ناقوس الخطر    استمرار إغلاق مسجد الحسن الثاني بالجديدة بقرار من المندوبية الإقليمية للشؤون الإسلامية وسط دعوات الساكنة عامل الإقليم للتدخل    سوريا الكبرى أم إسرائيل الكبرى؟    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تضامن المغاربة في زلزال الحوز .. من القبيلة إلى الأمة

أحدثت الثورة التكنولوجية بوسائطها التواصلية أشكالا معينة من المعاملات الاجتماعية، وأسهمت خدماتها السريعة في إنتاج ظواهر اجتماعية بدت في الأول غريبة عن المجتمع المغربي، لِكونها تنزاح عن التعاقدات الاجتماعية التي ألِفها المغاربة، ثم سرعان ما أصبحت عادية، لا تثير الدهشة أو الاستغراب، لسرعة تداولها، وانخراط مجموعة من أفراد المجتمع إما في استخدام الظاهرة، أو تقاسم أخبارها والمساهمة في انتشارها.
أدى الوضع إلى انتشار التفاهة في كثير من المحتويات الرقمية التي تبثها المواقع الاجتماعية، و حظيت هذه المحتويات باهتمام كبير من حيث المتابعة والتقاسم. مما طرح أسئلة حول طبيعة التعاقد المجتمعي المغربي في زمن الثورة التكنولوجية، وهل انزاح المجتمع عن تعاقده؟ أم أن التعاقد المتعاقد عليه لم يعد يشكل شرط التوافق المجتمعي؟ أم أصبح المجتمع مع العصر الرقمي في حاجة إلى أشكال جديدة، بل مختلفة من التعاقدات تستجيب للتحولات الاجتماعية؟.
ولعل من أكثر القضايا التي شكلت محور التساؤل حول وضعية التعاقد هو الإحساس المجتمعي بتراجع القيم، أمام انتشار ثقافة التفاهة في المحتوى الرقمي، مما خلق نوعا من المشاعر المرتبكة حول ما يحدث " لنا" و" معنا" و " لمجتمعنا". ولعله واقعٌ تجلى في العلاقات الصدامية في الأسر والمؤسسات التعليمية والتربوية وغيرها.
ثم فجأة، ضرب زلزال قوي جبال الأطلس مساء يوم 7 شتنبر 2023، فاستفاق المغاربة على كارثة، أيقظت التوافق المجتمعي حول القيم المشتركة.
لم ينتظر المغاربة تصريحا بتفعيل التعاقد، أو خطابا رسميا للتحرك السريع، وإنجاز مسيرة التضامن التاريخية نحو منطقة الزلزال بالحوز ، لم يطلب أحدٌ من أحدٍ أن يتحرك، ويُوقظ قيمة التضامن بداخله، كما لم ينتظر أحدٌ وِصاية حزبية أو قبلية أو حتى رسمية، في لحظة الفاجعة هبَ المغاربة وبسرعة مُلفتة، في مسيرة نحو منطقة الزلزال. كان التضامن المُدهش استجابة للوجدان الجمعي، الذي توارى عندما هيمنت التفاهة في المواقع الاجتماعية، حتى ظن الأغلبية أن المجتمع تاه عن تعاقده وقيمه.
في اليوم الثاني من كارثة الزلزال الذي ضرب منطقة الحوز، ووصل ارتداده إلى المغرب كله، لكن جبال الأطلس وقراه و ناسه أنقذوا المغاربة من دمار، هب المغاربة من شماله وجنوبه، من شرقه وغربه باتجاه منطقة الزلزال بتضامن أعاد إلى الواجهة أهمية التعاقد المجتمعي في مواجهة التحديات والأزمات.
وعلى الرغم من كون عملية التضامن تمت بشكل تلقائي خارج الوصايا والتوصيات، فإنها تميزت بخاصيتي: السرعة والتنظيم. وهو أمرٌ أسهم في عملية التضامن التي تحولت إلى مشهد يومي، يتطور مع كل خطوة باتجاه منطقة الزلزال، ويُبدع في مجالات التضامن، مما جعل المأساة تضيق-إلى حد ما- أمام تنويع أشكال التضامن.
تجاوز المغاربة بهذا الفعل التضامني الحضاري مفاهيم تُحدث التباسا دلاليا في سياقات مجتمعات كثيرة، مثل القبيلة، والعشيرة، والإقليم، وهي مفاهيم تُربك التضامن زمن الأزمات والنكبات، حين ترفع من قيمة أنا القبيلة والعشيرة والإقليم، وتُحول الأزمة إلى حلبة صراع واصطدام قبلي وإقليمي، و قيم الهوية والانتماء والمواطنة إلى إشكالات ملتبسة.
لم يكن التضامن المغربي بداخله وخارجه(مغاربة العالم) فعلا عاديا، يقف عند مستوى تلبية حاجة سكان في وضعية أزمة، إنما كان فعلا ثقافيا وحضاريا ودبلوماسيا، بدأ حركة سريعة لإنقاذ المنكوبين، بدافع وجداني تلقائي، و تحول إلى ملحمة وطنية، و دبلوماسية ناعمة جعلت اسم المغرب يتصدر البحث الإلكتروني.
وبهذا الفعل، تفاعل المغاربة مع مفهوم الأمة الذي ينتصر في الشدائد والمحن على مفاهيم التحديد الاجتماعي الضيق للمجموعة والعشيرة والقبيل والإقليم.
وبالتالي، فإن التضامن الذي تحول إلى عُملة مغربية ناعمة، من شأنه أن يُعيد ترتيب التعاقد المجتمعي الذي بدأ يعيش محنة التفكك مع سوء استخدام المواقع الاجتماعية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.