طنجة24 من الرباط – خلف حفل افتتاح منافسات كأس الأمم الإفريقية، الذي احتضنه ملعب الأمير مولاي عبد الله بالرباط مساء أمس الأحد، حالة غريبة من تباين الآراء، رصدها المتتبعون بين انبهار تام ساد أوساط الجماهير الحاضرة في المدرجات، وموجة انتقادات واسعة اجتاحت منصات التواصل الاجتماعي من قبل المتابعين خلف الشاشات. وأعرب عدد كبير من الجماهير والشخصيات التي تابعت الحفل من قلب الحدث عن استغرابهم الشديد من ردود الفعل السلبية التي تلقوها من ذويهم أو تابعوها عبر الإنترنت، مؤكدين أن ما جرى في الملعب كان عرضا "استثنائيا" بكل المقاييس، نجح في نسج خيوط الهوية المغربية الممتدة من الشمال إلى الجنوب، ومزجها ببراعة مع العمق الإفريقي للمملكة. لوحة بصرية متكاملة.. وتكنولوجيا تفاعلية وبحسب شهادات استقتها "طنجة 24" من عين المكان، فقد تميز الحفل بتناغم دقيق بين العروض الكوريغرافية على أرضية الميدان والمحتوى البصري المعروض على الشاشات العملاقة، مما شكل لوحة بانورامية تحكي قصة التلاحم الثقافي. ولعل أبرز ما ميز الأمسية، وفقا للحاضرين، هو إقحام الجمهور كعنصر فاعل في العرض لأول مرة في تاريخ البطولات القارية بالمغرب. حيث تم تزويد كل مشجع بسوار إلكتروني (LED Wristband) يتم التحكم فيه عن بعد، لتتحول المدرجات إلى شاشة عرض ضخمة تتبدل ألوانها وتتموج أضواؤها بتناغم تام مع الإيقاعات الموسيقية وعروض الألعاب النارية التي أضاءت سماء الرباط. الإخراج التلفزيوني.. الحلقة المفقودة في المقابل، صبت الجماهير التي تسمرت خلف الشاشات جام غضبها على جودة النقل التلفزيوني، معتبرة أنه لم يرق لمستوى الحدث القاري. وشكا المشاهدون من انقطاع البث في عدة مناسبات، مما أدى إلى تشتيت الانتباه وضياع تسلسل العرض. ويرى نقاد فنيون أن زوايا التصوير والإخراج التلفزيوني "ظلمت" المجهود الفني المبذول، حيث ركزت الكاميرات على لقطات ضيقة أو زوايا غير موفقة، مما حرم المشاهدين من رؤية التشكيلات البصرية الكاملة (The Big Picture) التي صممت لترى من الأعلى أو بلقطات بانورامية واسعة تبرز تفاعل الجمهور والأساور المضيئة. وأعادت هذه الفجوة بين "الواقع المبهر" و"الصورة المنقوصة" فتح النقاش حول أهمية مواكبة التطور الفني في تنظيم الفعاليات الكبرى بتطور مواز في تقنيات الإخراج والبث التلفزيوني، لضمان وصول الرسالة الجمالية كاملة إلى ملايين المتابعين حول العالم، وليس فقط للآلاف المحظوظين داخل الملعب. اختبار حقيقي لتحديات مونديال 2030 وتتجلى أهمية هذه الانتقادات بالنظر إلى الرهانات المستقبلية للمغرب، الذي يستعد لاستضافة استحقاقات عالمية كبرى، أبرزها كأس العالم 2030. ويرى مراقبون أن نجاح العرض ميدانيا يؤكد جاهزية البنية التحتية والقدرات التنظيمية والابداعية للمملكة، غير أن الارتباك في النقل التلفزيوني يرسل إشارات تحذيرية بضرورة مواكبة التطور "اللوجستي" بتطور مواز في "الإنتاج التلفزيوني". ويخلص هؤلاء إلى أن حفل الرباط قدم درسا بليغا وهو أن الإبداع الفني على الأرض يظل "نصف الحقيقة"، أما النصف الآخر فيعتمد كليا على عدسة الكاميرا التي تنقل هذا الإبداع للعالم، وهي الحلقة التي تحتاج إلى مراجعة فورية لضمان تسويق الصورة المثالية التي يستحقها الحدث.