ارتفاع أسعار الذهب إلى أعلى مستوى    باريس.. إقبال كبير على جناح المغرب خلال الأسبوع الأول من معرض باريس    وزارة الداخلية توقف خليفة قائد بعمالة مقاطعات عين السبع الحي المحمدي للاشتباه في تورطه بإحدى جرائم الفساد    هزة أرضية بمراكش والنواحي تعيد للأذهان فاجعة الحوز    "بالياريا" تطلق خطا جديدا بين طريفة وطنجة المدينة ابتداء من 8 ماي الاقتصاد والمال    موسم طانطان ينطلق في 14 ماي.. احتفاء بتقاليد الرحل وبالثقافة الحسانية    بحث وطني يشمل 14 ألف أسرة لفهم تحولات العائلة المغربية    افتتاح فعاليات الدورة الرابعة للمهرجان الدولي للفيلم بالحسيمة    مطار الشريف الإدريسي يهتز على وقع فضيحة تهريب الحشيش.. 6 مدانين بالسجن النافذ    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    احباط تهريب كمية ضخمة من الكوكايين كانت مخبأة داخل حاويات للفحم بميناء طنجة    رونار يكشف: هكذا تصالحت مع زياش في 5 دقائق    وجهة غير متوقعة تُهدد انتقال سفيان أمرابط إلى الدوري السعودي    الفريق الاستقلالي يطالب بإحالة محمد أوزين على لجنة الأخلاقيات    حادث اختناق جماعي في مصنع "كابلاج" بالقنيطرة بسبب تسرب غاز    القرارات الأممية بشأن الصحراء المغربية، من الانحياز إلى الواقعية السياسية    السكوري: خلقنا 350 ألف منصب شغل.. وبوعيدة: هذه أرقام السويد أو كندا ولا تعكس الواقع المغربي"    استراتيجية حكومية لضمان تكاثر القطيع الحيواني تغني عن اللجوء للاستيراد    منطقة الغرب.. توقع إنتاج 691 ألف طن من الزراعات السكرية    العزيز: الحكم الذاتي في الصحراء لن ينجح دون إرساء ديمقراطية حقيقية    اللجنة المؤقتة لتسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر: لا أحد فوق أخلاقيات المهنة    قمة الأبطال.. حلم النهائي يشعل مواجهة برشلونة وإنتر ميلان فى إياب دوري أبطال أوروبا    طانطان تحتضن ندوة الاستثمار الأخضر على هامش موسمها ال18    الحسيمة...افتتاح فعاليات الدورة الرابعة لمهرجان الدولي للفيلم    "أونروا": مئات الآلاف في غزة يعيشون على وجبة واحدة كل يومين أو ثلاثة    بورصة البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الارتفاع    لقجع: الوضع المالي بالمغرب متحكَّم فيه.. وموارد الميزانية تواصل نموها التصاعدي    صادرات المغرب من الحوامض.. إجراءات حكومية جديدة لتعزيز التنافسية في السوق الأوروبية    العصبة تلزم فرق البطولة بحذف جميع إشهارات الشركات المتخصصة في نقل الأشخاص والوساطة في النقل    جمهور فنربخشة يطلق صافرات استهجان ضد يوسف النصيري    زوربا اليوناني    وزير العدل الفرنسي: السلطات الجزائرية أطلقت تحذيراً كاذبا بوجود قنبلة على متن طائرة متجهة من فرنسا إلى موريتانيا    المغرب ‬ضمن ‬نادي ‬الدول ‬المنتجة ‬لتقنيات ‬الطيران ‬الحربي ‬المتقدم ‬    الرجاء يحتج على التحكيم في مواجهة اتحاد تواركة ويطالب بفتح تحقيق    أحمد الشرع يلتقي ماكرون في أول زيارة للرئيس السوري إلى أوروبا    لقجع: الطلب العمومي الأخضر محور أساسي في استراتيجية التنمية المستدامة بالمملكة    الجنون الاستبدادي لقيس سعيّد: رئيس يقوّض أسس الديمقراطية التونسية    المعارضة البرلمانية تؤجل إجراءات حجب الثقة عن حكومة أخنوش    اتفاق مغربي-مصري لرفع وتيرة التبادل التجاري وتعزيز الصادرات الصناعية    مايكروسوفت توقف تطبيق الاتصال عبر الإنترنت "سكايب"    بحث وطني جديد لرصد تحولات الأسرة المغربية بعد ثلاثة عقود    الرباط تحتضن ملتقىً دولي حول آلة القانون بمشاركة فنانين وأكاديميين من المغرب والعراق ومصر    تحذير من تناول الحليب الخام .. بكتيريات خطيرة تهدد الصحة!    الأميرة للا حسناء تلتقي بباكو السيدة الأولى لجمهورية أذربيجان ورئيسة مؤسسة حيدر علييف    نقابة تعليمية تحشد لعودة التصعيد    هكذا يستغل بنكيران القضايا العادلة لتلميع صورته وإعادة بناء شعبية حزبه المتهالكة    ارتفاع حالات الإصابة بالحصبة في أوروبا خلال شهر مارس الماضي    "الأشبال" يستعدون لتونس بالإسماعيلية    صاحبة السمو الملكي الأميرة للا حسناء تزور بباكو ممر الشرف وممر الشهداء    عضة كلب تنهي حياة شاب بعد أسابيع من الإهمال    بطاقة النهائي تُشعل مباراة إنتر وبرشلونة في نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    استقبال أعضاء البعثة الصحية لموسم الحج    كيف تُنقذ حياة شخص من أزمة قلبية؟.. أخصائي يوضّح    كلمة وزير الصحة في حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عثمان بن عفان.. ذو النورين
نشر في اليوم 24 يوم 05 - 07 - 2016

حلقة اليوم من برنامج "حكايات من زمن فات" الذي يُقدمه "اليوم 24" لقرّائه الأعزاء خلال شهر رمضان المُعظم، عن أحد صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم العظماء، وأحد الخلفاء الراشدين وأحد العشرة المُبشرين بالجنة، والذين لُقب بذي النورين لتفرده بالزواج من اثنتين من بنات الرسول صلى الله عليه وسلم، إنه الصحابي الجليل عُثمان بن عفان رضي الله عنه.
وُلد رضي الله عنه بعد عام الفيل بست سنين، وعُرف عنه قبل الإسلام شدة حياءه، فلم يقترف فاحشة قط، ولم يسجد لصنم قط، ولم يشرب الخمر طوال حياته، كما عُرف عنه سعة ثراءه وغناه الشديد، وحبه لعلم الأنساب والتاريخ والسفر والترحال، والتجارة التي استطاع أن يُنميها ويكبرها بعد أن ورثها عن والده حتى أصبح من أغنى أغنياء قريش.
وفي سن الرابعة والثلاثين كان قد بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم رسولاً ونبيا، فدعاه أبو بكر الصديق إلى الإسلام، فاستجاب على الفور، وكان من السابقين الأولين، وحكى لرسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أن أسلم أنه كان عاد لتوه من رحلة إلى الشام وبينما كان نائماً سمع مُنادٍ ينادي: أيها النيام هبُّوا، فإن أحمد قد خرج بمكة، إلا أنه قد لاقى عذاباً شديداً على يد عمه الحكم بن أبي العاص بن أمية الذي أخذه فأوثقه رباطًا، وقال: أترغب عن ملة آبائك إلى دين محدث؟ والله لا أحلك أبدًا حتى تدع ما أنت عليه من هذا الدين، فقال عثمان: والله لا أدعه أبدًا، ولا أفارقه، ثم هاجر رضي الله عنه إلى أرض الحبشة الهجرة الأولى والثانية.
وكان الرسول صلى الله عليه وسلم قد زوج رقية ابنته من عتبة بن أبي لهب، وزوج أختها أم كلثوم من عتيبة أخوه، فلما نزلت سورة المسد، قال لهما أبو لهب فارقا ابنتي محمد، ففارقاهما قبل أن يدخلا بهما، ولما سمع عثمان بخبر طلاق رقية بادر إلى خطبتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم فزوجها منه، وزفّتها أم المؤمنين خديجة بنت خويلد، ولما خرج المسلمون لغزوة بدر كانت تُعاني رُقية من مرض شديد، فلما هم عثمان رضي الله عنه للخروج مع الرسول صلى الله عليه وسلم، تلقى أمرًا بالبقاء إلى جانب زوجته، فأطاع الأمر وجلس بجانبها وكان الحُزن يعتصر قلبه، حتى توفت رضي الله عنها ولم ترَ أباها صلى الله عليه وسلم حيث كان ببدر، ولم يشهد دفنها، إلا أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال له: لك أجر رجل شهد بدرا وسهمه.
ولما توفت رُقية رضي الله عنها وارضاها، سنة ثلاثة من الهجرة، قال صلى الله عليه وسلم له: يَا عُثْمَانَ، هَذَا جِبْرِيلُ أَخْبَرَنِي أَنَّ اللَّهَ قَدْ زَوَّجَكَ أُمَّ كُلْثُومٍ بِمِثْلِ صَدَاقِ رُقَيَّةَ، وَعَلَى مِثْلِ صُحْبَتِهَا، وقال لأم أيمن: هَيِّئِي ابْنَتِي أُمَّ كُلْثُومٍ، وَزِفِّيهَا إِلَى عُثْمَانَ، وَاخْفِقِي بَيْنَ يَدَيْهَا بِالدُّفِّ، إلا أن الله توفى أُم كلثوم سنة تسع هجرية، فتأثر عثمان رضي الله عنه، وحزن حزنًا عظيمًا على فراق زوجته، فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم يسير منكسرًا، وفي وجهه حزن لما أصابه، دنا منه وقال: لَوْ كَانَ عِنْدَنَا ثَالِثَةٌ لَزَوَجَّنَاكَهَا يَا عُثْمَانُ، وهو ما يدل على شدة حُب الرسول صلى الله عليه وسلم له.
وفي غزوة تبوك يبدأ الرسول صلى الله عليه وسلم في تجهيز جيش العُسرة، والذي أُخذت تسميته ممن قول الله تعالى﴿ لَقَد تَّابَ الله عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَة ﴾، وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم الناس بالصدقة لتمويل الجيش وتجهيزه، وهنا يظهر عطاء عُثمان وكرمه، فيُجهَّز ثلث الجيش وحده ويتبرع بتسعمائة وأربعين بعيرًا وبستين فرساً، وقيل أنه جاء بألف دينار في كمه فنثرها في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ يُقبلها وهو يقول: ما ضرَّ عثمان ما عمل بعد اليوم.
ولما توفى الرسول صلى الله عليه وسلم، وتولى من بعده الصديق أبو بكر، قربه منه وجعله من أهل الشورى والرأي وكان يعتمد عليه هو وعُمر رضي الله عنهم في كل الأمور، فكان يُقال ان عُمر لحزمه وشدته وعثمان لرفقه ولينته.
ويأتي على المسلمين عام قحط شديد لم تُمطر السماء فيه، ولا يوجد بالمدينة طعام أو سلع يبيعها الناس أو يشتروها، إلا أن كان لعثمان قافلة أتت من الشام فذهب التجار مُسرعين إلى داره وطرقوا عليه الباب، فخرج إليهم عثمان وقال: ما تشاءون؟، قالوا: الزمان قد قحط؛ السماء لا تمطر، والأرض لا تنبت، والناس في شدة شديدة، وقد بلغنا أن عندك طعاما، فبعنا حتى نوسع على فقراء المسلمين، فقال عثمان: حبًّا وكرامة، ادخلوا فاشتروا.
فدخل التجار، فإذا البضائع والسلع والطعام موضوعين في داره، فقال لهم: يا معشر التجار كم تربحونني على شرائي من الشام؟، قالوا: للعشرة اثنا عشر، قال عثمان: قد زادني، قالوا: للعشرة خمسة عشر، قال عثمان: قد زادني، قال التجار: يا أبا عمرو، ما بقي بالمدينة تجار غيرنا، فمن زادك؟ قال: زادني الله بكل درهم عشرة، أعندكم زيادة؟ قالوا: اللهم لا، قال: فإني أشهد الله أني قد جعلت هذا الطعام صدقة على فقراء المسلمين، وتبرع بالقافلة كلها للفقراء ولم يأخذ درهماً منها.
ولما اشتد المرض بأبي بكر استشار الناس فيمن يحبون أن يقوم بالأمر من بعده، فأشاروا بعُمر، فسأله الصديق عن رأيه فقال: اللهم علمي به أن سريرته خير من علانيته، وأنه ليس فينا مثله، فقال أبو بكر: يرحمك الله، والله لو تركته ما عدتك.
وفي عهد عُمر رضي الله عنه، أدناه منه وجعله بمثابة الوزير الذي يستشيره في الأمور كلها، ويأخذ برأيه ولما طعنه أبو لؤلؤة المجوسي سمى رضي الله عنه 6 من الصحابة، وأمر بأن يختار المسلمون واحداً منهم خليفة من بعده وكان من بينهم عثمان رضي الله عنه، فاجتمعوا وفوضوا عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه في الاختيار فاستشار المُسلمين سراً وجهرًا لمدة ثلاثة أيام، ثم وقف تحت المنبر وبايع عثمان بن عفان ثم بايعه علي بن أبي طالب والمسلمون في 3 محرم سنة 24 ه.
وفي ولايته رضي الله عنه كان حريصاً على العدل بين الناس فكان ينظر فيما يحكم فيه القُضاة، واتسعت رُقعة الدولة الإسلامية، فوجد أن هناك اختلافات في قراءات القرآن، فعزم على جمع القرآن في مُصحف واحد، واختار لجنة لذلك شُكلت من: زيد بن ثابت، وعبد الله بن الزبير، وسعيد بن العاص، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وأخذ في جمع كُل الرُقع التي كُتب فيها القرآن الكريم، ثم أرسل إلى أم المؤمنين حفصة بنت عمر رضي الله عنها، فبعثت إليه بالصحف التي جمع القرآن فيها على عهد أبي بكر رضي الله عنه، وتسلمت اللجنة هذه الصحف واعتبرتها المصدر الأساس في هذا الخطب الجلل، ثم أخذت في نسخها، حسب الدستور الذي وضعه لهم عثمان رضي الله عنه، حيث قال للقرشيين الثلاثة: "إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن، فاكتبوه بلسان قريش فإنما نزل بلسانهم"
ومن فضائله رضي الله عنه ما قاله عنه الرسول صلى الله عليه وسلم: أرحم أمتي أبو بكر، وأشدها في دين الله عمر، وأصدقها حياء عثمان، وأعلمها بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأقرأها لكتاب الله أبي، وأعلمها بالفرائض زيد بن ثابت، ولكل أمة أمين، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح.
وكان يقول عنه صلى الله عليه وسلم: ألا استحي من رجل تستحي منه الملائكة؟!
وأيضاً ما قاله صلى الله عليه وسلم يوم أن دخل على ابنته وهي تغسل رأس عثمان، فقال: يا بنية أحسني إلى أبي عبد الله، فإنه أشبه أصحابي بي خُلُقًا.
واستُشهد رضي الله عنه يوم الجمعة 18 من شهر ذي الحجة سنة 35 ه، وعمره اثنتان وثمانون سنة، بعد أن هُجم على بيته وتم قتله وهو يقرأ في المصحف فانتضح الدم على قوله تعالى:﴿ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾
فرحمة الله على ذي النورين وأنزله خير منزلة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.