مجلس أوربا: قانون العقوبات البديلة "منعطف تاريخي" في المنظومة القضائية المغربية    باستثمار يناهز 29 مليار.. الملك يعطي انطلاقة إحداث منصة المخزون والاحتياطات الأولية لجهة الرباط- سلا- القنيطرة لمواجهة الكوارث    الأخضر ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    توقيع اتفاقية شراكة بالرباط لرقمنة إجراءات تصدير منتجات الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني    رئيس الحكومة الإسبانية يثني على مساهمة المغرب في تجاوز أزمة انقطاع التيار الكهربائي    الرميد: "ليس هناك من تناقض بين تازة وغزة إلا لدى فئة قليلة"    "كان" الشباب: المنتخب المغربي يحجز مقعدا له في ربع النهائي بانتصاره على تونس    العصبة تكشف برنامج الجولة الأخيرة من البطولة الاحترافية    عبد النباوي: التشريع المغربي يلتحق بنظام العقوبات البديلة    صحيفة أجنبية: المغرب يعد الوجهة السياحية الأولى في إفريقيا    وزير الدفاع الباكستاني: التوتر مع الهند قد يؤدي إلى حرب نووية    الجزائر تواصل مطاردة المثقفين.. فرنسا تتلقى مذكرتي توقيف دوليتين ضد كمال داود    تُهرّب الحشيش من شمال المغرب.. إسبانيا تُطيح بشبكة إجرامية في الجنوب    "العفو الدولية": تهجير إسرائيل فلسطينيي غزة "جريمة ضد الإنسانية"    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    توقيف مواطنين فرنسيين من أصول مغربية يشتبه تورطهما في قضية تتعلق بالسكر العلني وارتكاب حادثة سير بدنية مع جنحة الفرار    الأطرالصحية ونقابة الجامعة الوطنية للصحة بعمالة المضيق الفنيدق تضع يدها على ملف ساخن وتستنكر تعطيل خدمات تقويم البصر بمصحة النهاري بمرتيل    تعليمات جديدة من لفتيت للأمن والولاة: لا تساهل مع السياقة الاستعراضية والدراجات المعدلة    محاكمة زيان.. النيابة العامة تطالب بتشديد عقوبة السجن 5 سنوات الصادرة ضده    ملاحظة نقدية من طرف ألفونس ويلهانز حول جان بول سارتر والعقل الجدلي    ذاكرة النص الأول بعيون متجددة    أبو الأسود الدؤلي    دراسة علمية تكشف قدرة التين المغربي على الوقاية من السرطان وأمراض القلب    الخطوط الملكية المغربية و"المبنى رقم 1 الجديد" في مطار JFK بنيويورك يبرمان شراكة استراتيجية لتعزيز تجربة المسافرين    إسبانيا تمول محطة تحلية عملاقة بالمغرب ب340 مليون يورو    "قانون بنعيسى" يُقصي الصحافيين من تغطية دورة جماعة أصيلة ويثير الجدل    ديزي دروس يكتسح "الطوندونس" المغربي بآخر أعماله الفنية    من إنتاج شركة "Monafrique": المخرجة فاطمة بوبكدي تحصد جائزة وطنية عن مسلسل "إيليس ن ووشن"    يومه الخميس، الذكرى 22 لميلاد ولي العهد الأمير مولاي الحسن    من هي النقابة التي اتهمها وزير العدل بالكذب وقرر عدم استقبالها؟    التوأمة التربوية بين الرباط وباكو .. جسر لتعزيز الحوار الثقافي والمحافظة على التراث    لأول مرة في مليلية.. فيلم ناطق بالريفية يُعرض في مهرجان سينمائي رسمي    بركة: نعيش سنة الحسم النهائي للوحدة الترابية للمملكة    الزمالك المصري يقيل المدرب بيسيرو    من المليار إلى المليون .. لمجرد يتراجع    "التقدم والاشتراكية": الحكومة فشلت على كافة المستويات.. وخطابها "مستفز" ومخالف للواقع    اختتام الدورة الأولى للمنتدى الدولي للصناعة والخدمات بجهة أكادير    تشتت الانتباه لدى الأطفال…يستوجب وعيا وتشخيصا مبكرا    بركة: إحداث 52 ألف فرصة شغل بقطاع البناء والأشغال العمومية    500 مليون دولار خسائر مطار صنعاء    "كوكا كولا" تغيّر ملصقات عبواتها بعد اتهامها بتضليل المستهلكين    قمة دوري الأبطال تستنفر أمن باريس    بايدن يتهم ترامب باسترضاء روسيا    صيحة قوية للفاعل الجمعوي افرير عبد العزيز عن وضعية ملاعب القرب بحي العامرية بعين الشق لالدارالبيضاء    دافيد فراتيزي: اقتربت من فقدان الوعي بعد هدفي في شباك برشلونة    انتر ميلان يتغلب على برشلونة ويمر إلى نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    القوات المسلحة الملكية: ندوة بالرباط تسلط الضوء على المساهمة الاستراتيجية للمغرب خلال الحرب العالمية الثانية    المغرب يستقبل 5.7 ملايين سائح خلال 4 أشهر    فليك يتهم الحكم بإقصاء برشلونة ويُخاطب لاعبيه قبل الكلاسيكو    السياحة الريفية في الصين... هروب من صخب المدن نحو سحر القرى الهادئة    إرشادات طبية تقدمها الممرضة عربية بن الصغير في حفل توديع حجاج الناظور    تحذير من تناول الحليب الخام .. بكتيريات خطيرة تهدد الصحة!    عضة كلب تنهي حياة شاب بعد أسابيع من الإهمال    استقبال أعضاء البعثة الصحية لموسم الحج    كلمة وزير الصحة في حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثورة في صندوق
نشر في اليوم 24 يوم 25 - 04 - 2017

أقل من ثورة وأكثر من انتخابات.. هذا ما حصل يوم الأحد في فرنسا، حيث حمل الناخبون مرشحين إلى الدور النهائي للانتخابات الرئاسية، ليس بينهما فيون ممثل اليمين، ولا هامون ممثل اليسار. لأول مرة في تاريخ الجمهورية الخامسة يغيب الحزبان الكبيران عن الدور الثاني لانتخابات الإليزيه، حيث انهار الحزبان الكبيران في فرنسا أمام شاب عمره 39 سنة، رفع شعار ‘‘فرنسا إلى الأمام''، وخرج يبشر ببرنامج الخيار الثالث، دون حزب، ودون إمكانات تنظيمية كبيرة، ودون تجربة سياسية. أما المرشحة الثانية للرئاسة، فهي ممثلة اليمين المتعصب، مارين لوبان، التي حصلت على 7,6 ملايين صوت، ووعدت الفرنسيين بالخروج من الاتحاد الأوروبي، وإرجاع الفرنك، وطرد المهاجرين، ومكافحة الإرهاب بكل وسيلة في يد الدولة الفرنسية.
صعود اليمين المتطرف تدريجيا في كل الاستحقاقات الفرنسية لا يعتبر ظاهرة في هذه الانتخابات، بل كان معروفا ومفهوما أن يصوت الفرنسي الغاضب لصالح صوت شعبوي يعده بحلول سهلة لمشاكل معقدة، ويقول له: ‘‘سنخلق مناصب شغل بطرد المهاجرين، وسنوقف ترحيل الوظائف إلى الخارج بنهج احترازي يواجه العولمة الاقتصادية، وسنحارب الإرهاب بطرد كل المشتبه بهم من فرنسيين من أصول عربية خارج الحدود''… هذه هي لعبة لوبان واليمين القومي الشعبوي في أوروبا، وهي لعبة ارتفعت شعبيتها كثيرا أمام الأزمة الاقتصادية المستفحلة، وغياب الحلول العقلانية، وانتشار الإرهاب، والخوف من الأصولية… لكن اللافت في انتخابات فرنسا الأخيرة هو تصدر الشاب إمانويل ماكرون نتائج الاقتراع الرئاسي ب23,75%، وهو الذي لم يكن معروفا سوى للأقلية من نخب اليسار وسط الحزب الاشتراكي. شاب قادم من القطاع البنكي، ووزير مالية لمدة قصيرة، ولم يسبق له أن انتخب في أي مؤسسة تمثيلية وطنية أو محلية، كيف صنع هذا الشاب، في ظرف سنة، «اسما» وبرنامجا وعلامة سياسية استقطبت أكثر من ثمانية ملايين صوت، وجعلت هولاند وفيون وجوبي وهامون، وغيرهم، يدعون الفرنسيين إلى انتخابه رئيسا للجمهورية.
أول تفسير سياسي وإيديولوجي يمكن أن يساعد على فهم هذه الظاهرة يتمثل في تموقع قائد حركة ‘‘إلى الأمام'' في الوسط، واقتراحه حلا ثالثا لتجديد السياسة الفرنسية، لا هو يساري قديم ولا هو يميني متشدد… منذ اليوم الأول أخذ ماكرون مسافة من المعسكرين معا، اليمين واليسار، لكنه اتخذ موقفا معارضا وبشدة تجاه اليمين القومي المتطرف. وضع ماكرون برنامجا ليبراليا سياسيا بشكل صريح، واجتماعيا اقتصاديا، لكنه لا يعادي الرأسمال واقتصاد السوق وثقافة العمل.
ثانيا، كون ماكرون صفحة بيضاء، وخارج المؤسسة الحزبية التقليدية، ساعده على أن يكون صوت الاحتجاج والغضب الصاعد من المجتمع الفرنسي تجاه الطبقة السياسية الغارقة في الفساد وتضارب المصالح والامتيازات، واستغلال المناصب وفوقها الانقسامات التي تشق صفوفها… ضيق الناخبين من «النخبة الحاكمة في اليمين واليسار» هو الذي دفع شريحة واسعة منه إلى التصويت لشاب ليبرالي تبدو عليه علامات «الحلم بفرنسا جديدة»، ويقدم برنامجا عقلانيا يحل مشاكل فرنسا داخل الاتحاد الأوروبي، ويتصدى للإرهاب بوسائل دولة الحق والقانون، ويخلق مناصب للشغل داخل حقائق الاقتصاد الفرنسي وليس بواسطة الأحلام الشعبوية.
ثالثا، ما يفسر الصعود السريع لإمانويل ماكرون، الذي اصطف خلفه اليوم الحزبان الكبيران في اليمين والوسط وباقي الأطياف السياسية لمنع لوبان من دخول قصر الإليزيه، هو وسائل الإعلام الجديدة، وتأثيرها القوي وسط الشباب الذين شاركوا بقوة وفعالية في دعم قائد ‘‘إلى الأمام''، كما فعل ترامب في أمريكا، حيث صعد على ظهر التويتر لمخاطبة الجمهور الواسع، إذ لم تفلح الميديا التقليدية في حجب صوته عن الجمهور. كذلك فعل ماكرون، وظف الفايسبوك والتويتر على نطاق واسع لخلق حالة ثقافية تدعم برنامجه السياسي، باعتباره صوت شاب حر مستقل من خارج «الأوليغارشية» القديمة، يبشر بأمل جديد، ويدعو الناس إلى نسيان الماضي والانخراط في المستقبل.
لقد كشفت نتائج اقتراع الأحد حجم التغيرات التي وقعت في بلاد دوغول، حيث ينقسم المجتمع الفرنسي اليوم بين مشروعين أساسيين وكبيرين؛ الأول يمثله ماكرون، ويدافع عن الانفتاح الثقافي والسياسي، والانخراط في العولمة، وعلاج أمراض الرأسمالية من داخلها، والتمسك بالحلم لأوروبي، وإعادة تجديد ثوب الجمهورية الخامسة بالتصالح مع التراث الليبرالي للثورة الفرنسية، وليس ببعث التاريخ الميت للقومية. أما المشروع الثاني فتمثله اليوم لوبان، ويدافع عن الانغلاق الثقافي والتعصب القومي والانعزالية الاقتصادية، وإعادة بعث الحدود الجغرافية في السياسات العمومية، ومجابهة العولمة بإدارة الظهر لها، مع تسويق الخوف من الإرهاب والمهاجرين والمسلمين والاتحاد الأوروبي والأورو وفضاء شينغن والسوق المفتوح، وحرية تنقل البشر والرساميل والثقافات… هذا المشروع يحاول أن يرجع بفرنسا 200 سنة إلى الوراء بزعم استعادة أمجاد القوة وملامح الدولة القومية.
تظل فرنسا بلادا لها خصوصية في أوروبا والعالم. في بريطانيا عبر الناخب عن غضبه في «البريكسيت»، وفي أمريكا عبر الناخب عن ضيقه بانتخاب ترامب، أما في فرنسا فعبر الناخب عن أمله في شاب عمره 39 سنة اسمه ماكرون، و7 ماي سيصادق على هذا الاختيار.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.