[email protected] لم أجد أبلغ من هذا المثل الشعبي الذي تنطق به ألسنتنا كلما أحسسنا بأشياء نحن أولى بها فنجدها تسند للأسف إلى غيرنا، ولعل قطاعات عديدة ينطبق عليها هذا المثل كقطاع النقل الجوي والرياضة والمتتبع للإضراب الذي يقوده ربابنة الخطوط الجوية المغربية “لارام” يوافقني الرأي في كون هؤلاء المضربين مطالبهم مشروعة وعادلة، فهم يدعون إلى مغربة منصب قائد الطائرة والكف عن توظيف طيارين أجانب... خصوصا وأن هؤلاء الربابنة الأجانب يكلفون الخزينة العامة للمملكة ميزانية ضخمة تصرف بالعملة الصعبة ونحن أولى بها، كما أن قلة خبرتهم تظل مطروحة مقارنة مع الربابنة المغاربة وهو الشيء الذي لم يعد مقبولا أمام كفاءة الربابنة المغاربة خصوصا وأن إدارة الشركة قد وعدت الجمعية المغربية لربابنة الطائرات بمغربة هذا المنصب سنة 2004 الأمر الذي لم يتحقق إلى اليوم، أمام هذه المطالب المشروعة للربابنة نلمس بان أذني شركة” لارام ” لا ترتاح إلا للأسماء الأجنبية وتتلكأ في تنفيذ برنامج مغربة هذا المنصب بل تعمد أكثر من ذلك إلى كراء طائرات من الخارج من اجل تأمين الرحلات المبرمجة رغم الخسائر التي تتكبدها يوميا والتي تزيد عن مليون يورو يوميا والتي تهديها ” لارام” إلى غيرنا، وهي أموال تفوق بكثير الغلاف المالي الكافي لمغربة المجموعة بأكملها “معزة ولو طارت “، بل أكثر من ذلك عملت شركة “لارام” بالتراجع عن تشغيل ربابنة كانوا يقودون طائرات بالشركة التابعة لها “أطلس بلو” كإجراء تأديبي من هذه الشركة عن سياسة الإضراب التي يخوضها الربابنة المغاربة وعملت على إرجاع بعض ربابنة هذه الشركة إلى الشركة الأم ” لارام ” للعمل كمساعدي ربان وأعلنت عن مباراة لتشغيل ربابنة أجانب ” زيد الشحمة فظهر المعلوف “، فبدل الجلوس مع المضربين إلى طاولة الحوار ومحاولة الخروج من المأزق ووقف الإضراب وحل هذه المطالب المشروعة، نجد الإدارة تتعنت وتتلكأ من تنفيذ التزاماتها، فما دمت في المغرب فلا تستغرب. غريب أمر هذه الإدارة التي لا تستهويها كما قلت إلا الأسماء الأجنبية ولا تقبل أن يكون ربابنة مغاربة يقودونا طائراتها، في الوقت الذي نجد فيه الغرب مثلا لا يقبل بأن يشغل مواطنين من أصول مغاربية كما يحدث في بعض الشركات الاسبانية والبلجيكية والفرنسية التي سرعان ما تكشف بأن صاحب الطلب في سيرته الذاتية إما ” قدور أو عائشة أو... ” يعتذرون له ويلقون طلبه ونسخة سيرته في سلة المهملات، بل أكثر من ذلك يعملون على نشر إعلانات تشغيل يشيرون فيها بالخط العريض الى أن هذا التشغيل لا يخص “كحل الراس” ومنهم من يذهب الى حد المطالبة بالتدخل في تحديد النسل عند المسلمين كما فعل رئيس حزب اليمين الهولندي المتطرف “فيلديرلز” الذي يطالب مسلمي أوروبا بتحديد النسل واكتفاء الأسر بطفلين كالأسر الأوروبية، مؤكدا أن الديموجرافيا السكانية تسير لصالح المسلمين، بل أكثر من ذلك ما طلعت به احد الوكالات البريطانية والتي بينت أن لجنة الزراعة الايطالية دعت جميع المسلمين الذين يعملون في حقولها الى ضرورة شرب الماء في رمضان ومن لم يعجبه الحال فسيسرح، معللة بلاغها بكون الموسم موسم صيف وهي خائفة من أن يتعرض العمال الموسميون لضربة شمس في عز الصيف، لذا فهي تلح على شرب الماء حتى لا يتعرض العمال لجفاف الجسم وفقدان الوعي، قرار زكته النقابات الايطالية ولجنة الزراعة والتي يبدو أنها لا تفكر إلا في مصالح العمال الايطاليين ضاربة حقوق العمال الموسميين المسلمين عرض الحائط فلا تهمها شعائر المسلمين بقدر ما تهمها مصالحها. تستهوينا الأسماء الأجنبية وبالأمس القريب خرجت وزارة التشغيل الاسبانية بقرار تطالب فيه فروع البنوك المغربية في اسبانيا بعدم السماح بتشغيل مغاربة في هذه الفروع، والاكتفاء بتشغيل اسبانيين، فالمغاربة الذين يتوفرون على دبلومات لا يصلحون هناك لهذه المناصب، فهم يريدون أن نشتغل عندهم فقط في حقول التوت والطماطم. فانا لست عنصريا بل أطالب بالمساواة ومعاملتهم بمثل ما يعاملوننا فهم يرفضون تشغيلنا في مراكز مهمة ونحن نلح على أن يظل قائد ربان الطائرة أجنبيا مفارقة عجيبة “سعد البراني”، فهل هو الاستعمار الذي ربى فينا عقدة الأجنبي حتى بتنا نستقبله بالتمر والحليب ونوثره علينا؟ لماذا هذه الحكرة ؟ أوليس ” محمد أو أمين أو... ” أهلا لهذا المنصب، إنه خيرنا يذهب لغيرنا فربما مطرب الحي لا يطرب كما يقال، فالتشبث بأسماء مثل ميشال وجاك و... لم يعد يحتمل. قطاع آخر نهدي فيه “خيرنا لغيرنا ” قطاع الرياضة الذي ذهبت فيه أموال كبيرة من دافعي الضرائب الى أسماء أجنبية مثل “روجي مولير” و”هنري ميشيل” هذا الأخير الذي لا يتقن تدريب إلا العلكة في فمه ويحسن سبنا “يأكلون الغلة ويلعنون الملة ” أمثال هؤلاء الأجانب الذين أوصلوا كرة القدم الى المستوى الهزيل حتى بتنا ننهزم أمام منتخبات مغمورة، فبدل أن نعطي الفرصة لمدربينا المغاربة أمثال بادو الزاكي في كرة القدم نجد الإدارة تطالبه في العقد بتحقيق كاس إفريقيا والعالم وربما أيضا الحصول على جائزة نوبل، طبيعي فالمدربون المغاربة يريدون فعلهم تحت الحذاء ويتعاملون معهم بمنطق” الحكرة ” ويطبقون فيهم المثل الذي يقول “عنداك تضصر عليك كحل الراس” وغيرها من الوصفات المهينة، وحتى وان استجابت الإدارة لمطالب المغاربة وجدناها تضع على رأس المنتخب أربعة مدربين مغاربة “منين يجي الخير يجي في خطرى” هل رأيتم منتخبا يدربه أربعة أشخاص ؟ فهم يضربون ألف حساب” لكحل الراس “، فبدل أن يأخذ واحد منهم الكعكة فهم يوزعون “الباليزا” على أربعة أشخاص على عكس الأجانب الذين يتعاملون معهم بسخاء. فحتى بعض أبطال ألعاب القوى هم الآخرون عوملوا بتهميش وإقصاء الشيء الذي دفعهم الى اختيار دول أخرى ليجعلوا علمها يرفرف في المحافل الدولية أمثال رشيد رمزي الذي فضل المشاركة لصالح البحرين فقد تأسفنا كثيرا لما رأينا شبابنا الذي تربى في هذا البلد ولما اشتد عوده فضل قسرا الجري لبلد آخر فباع موهبته وأحلامه لبلد آخر غير المغرب فتحول خيرنا الى غيرنا. لقد أصبح من الضروري أن نعاود تفكيرنا فيما نحن بصدد التورط فيه ضد مستقبلنا، ومن الضروري أن نتعلم كيف نستغل خيراتنا وكفاءاتنا البشرية وألا نهدرها بشكل أعمى لا يساهم إلا في تركنا أسرى لغيرنا، وكذا نطالب بتحقيق التنمية المحلية من خلال عمل المسؤولين على مطالبة الشركات الكبرى التي تنشئ في أقاليمنا بأن يطالبوها بأن تفوت حصة الأسد من مناصب التشغيل لشباب الإقليم حتى تسير عجلة التنمية الى الأمام فنحن لن نرض بأن يذهب جميع خيرنا لغيرنا.