التعاون البرلماني الإفريقي رافعة ديمقراطية وأحد المفاتيح الأساسية لترسيخ التكامل القاري (ولد الرشيد)    أخنوش أمام مجلس المستشارين    بوريطة من الرباط: كفى من المتاجرة بالقضية الفلسطينية وحل الدولتين خيار واقعي ومسؤول    رونالدو والوداد: كيف أوقعت "ماركا" الاسبانية مواقع إخبارية في فخ "الكليك بايت"؟    لإيقاف السرطان.. التشريح المرضي وطب الأشعة الرقمي أسلحة مدمرة للخلايا الخبيثة    مصدر "بامي" ينفي نقاش تغيير القيادة    ايداع رئيس جماعة سابق سجن "عكاشة" على خلفية اختلالات في التدبير العمومي    يتكون من 35 سفيرا وقنصلا.. الجيش الإسرائيلي يطلق الرصاص على وفد دبلوماسي بجنين    منيب: مشروع قانون المسطرة الجنائية يمثل تراجعا حقوقيا وانتهاكا للحريات وخرقا للمقتضيات الدستورية    الدرك الملكي بشفشاون يوقف متلبسا بحيازة الكوكايين في الدردارة    الحرس المدني الإسباني يطيح بعصابة متورطة في تهريب نفايات إلى المغرب    دعم إلكتروني لتسهيل إحصاء التجنيد    القباج والعوني خارج جائزة للا مريم لكرة المضرب    طنجة تحتفي بالثقافات في أولى دورات مهرجان الضفاف الثلاث    بورصة البيضاء تفتتح التداولات بارتفاع    البرازيل في ورطة صحية تدفع المغرب لتعليق واردات الدجاج    حجيرة: أمريكا الوجهة الأولى لصادرات الصناعة التقليدية المغربية    الوداد ينفصل عن المدرب الجنوب إفريقي موكوينا    طائرة خاصة تقل نهضة بركان إلى تنزانيا لملاقاة سيمبا في النهائي    وزارة التربية تطلق برنامجا لتكوين مدرسي الهيب هوب والبريك دانس بالمؤسسات التعليمية    بإذن من أمير المؤمنين.. المجلس العلمي الأعلى يعقد دورته الربيعية العادية بالرباط    المغرب يمنح أول ترخيص لشركة خاصة بخدمات الطاقة    "سي.إن.إن": معلومات أمريكية تشير إلى أن إسرائيل تجهز لضرب منشآت نووية إيرانية    في مجاز الغيم: رحلة عبر مسجد طارق بن زياد    اجتماع الرباط يعزز الزخم الدولي بشأن حل الدولتين    الكونفدرالية الديمقراطية للشغل تجدد دعوتها لإحياء "سامير" وتحذر من خطر وطني بسبب تعطيل المصفاة    ألمانيا تفكك خلية إرهابية متطرفة    حكيمي ضمن تشكيلة الموسم في أوروبا    هذه تفاصيل إجتماع المجلس الاستشاري مع المكتب الحالي للرجاء بخصوص إنشاء شركة رياضية للنادي    واشنطن تُعيد رسم سياستها تجاه سوريا: دعم مشروط ولقاءات رفيعة المستوى تمهد لمرحلة جديدة    تعاون مغربي-أمريكي يجسد الجاهزية العسكرية خلال مناورات الأسد الإفريقي 2025    سطات.. "بزناسة" يطلقون الرصاص على الأمن    العثور على جثة امرأة في ثانوية والتحقيق يقود إلى اعتقال الزوج    إنذار رسمي لأرباب المقاهي بالناظور.. الأرصفة يجب أن تفرغ قبل الخميس    إيداع رئيس جماعة بني ملال السابق سجن "عكاشة" رفقة مقاول ومهندس    إصلاح الجامعة ضرورة ملحة    الدفع بالبطاقات البنكية يتفوق على الدفع النقدي في أوروبا    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الأربعاء    لقاء دبلوماسي بطابع ودي جمع ولي العهد المغربي آنذاك وسفير الصين سنة 1992    الإماراتية ترسل مساعدات لقطاع غزة    مرصد: النسيج المقاولاتي يستعيد ديناميته بإحداث نحو 24 ألف مقاولة سنويا    الاتحاد العام لمقاولات المغرب يطلق علامة "المقاولة الصغرى والمتوسطة المسؤولة"    لقجع لنجوم منتخب الشباب: الجماهير المغربية كانت تنتظر أداءً أكثر إقناعًا واستقرارًا    طقس الأربعاء: أجواء حارة نسبيا بعدد من المناطق    المغاربة... أخلاق تُروى وجذور تضرب في عمق التاريخ    وفد من مركز الذاكرة المشتركة يزور الشيخة الشاعرة والمفكرة سعاد الصباح    حديث الصمت    بعد مشاركتها في معرض للصناعة التقليدية بإسبانيا.. مغربية ترفض العودة إلى المغرب    تلك الرائحة    موريتانيا تقضي نهائيا على مرض الرمد الحبيبي    هذا المساء في برنامج "مدارات" : لمحات عن علماء وأدباء وصلحاء منطقة دكالة    نداء إلى القائمين على الشأن الثقافي: لنخصص يوماً وطنياً للمتاحف في المغرب    مسرح رياض السلطان يواصل مسيرة الامتاع الفني يستضيف عوزري وكسيكس والزيراري وكينطانا والسويسي ورفيدة    تفشي إنفلونزا الطيور .. اليابان تعلق استيراد الدواجن من البرازيل    مهرجان "ماطا" للفروسية يحتفي بربع قرن من الازدهار في دورة استثنائية تحت الرعاية الملكية    تشخيص إصابة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن بنوع "عدواني" من سرطان البروستاتا    من المغرب.. مغادرة أولى رحلات المستفيدين من مبادرة "طريق مكة"    رحيل الرجولة في زمنٍ قد يكون لها معنى    









سوريا بعد طوفان الأقصى الذي جرف نظامَها
نشر في الصحيفة يوم 17 - 11 - 2022

الآراء الواردة في مقالات الرأي تعبر عن مواقف كاتبيها وليس على الخط التحريري لمؤسسة الصحيفة
1. الرئيسية
2. آراء
سوريا بعد طوفان الأقصى الذي جرف نظامَها
سعيد الكحل
الثلاثاء 28 يناير 2025 - 1:28
كل الذين صفقوا لطوفان الأقصى وباركوا غباء حماس وتهورها، لم يتوقعوا حجم الدمار الذي سيحدثه، وكذا معالم الشرق الأوسط الجديد الذي تمت إعادة رسم حدوده ومكوناته في غيبة أن أهله. لقد عجّل الطوفان بالموعد بأن ألقى بصانعيه وداعميه إلى المحرقة. وكان في المقدمة الضحايا من المدنيين (47,107 قتيل و 111,147 جريح منذ السابع من اكتوبر للعام 2023م إلى 21 يناير 2025).
أما الضحايا اللبنانيين فقد بلغت أعدادهم، حسب وزارة الصحة اللبنانية، إلى حدود 24 نوفمبر (تشرين الثاني): 3768 قتيل و15699 جريح على الأقل منذ أكتوبر 2023. وتكبد قطاع الزراعة خسائر تجاوزت 1.1 مليار دولار. ووفقا لتقرير البنك الدولي الصادر في 14 نوفمبر بخصوص التقديرات الأولية للأضرار والخسائر التي لحقت بلبنان، فقد بلغت نحو 8.5 مليارات دولار. أما تكلفة الأضرار التي لحقت بالمساكن في لبنان (تدمير أكثر من 99 ألف وحدة سكنية جزئيا أو كليا) فتقدر بنحو 2.8 مليار دولار.
أما خسائر إيران، فرغم التكتم المطبق عليها من طرف سلطات طهران، فقد قال النائب الإيراني محمد منان رئيسي، في جلسة مغلقة للبرلمان الإيراني، يوم الاثنين 9 دجنبر 2024،"قدمنا نحو 6000 شهيد، وأنفقنا المليارات، وفي النهاية سلمنا سوريا للمتطرفين في أسبوع واحد". فطهران، على حد إقرار النائب رئيس، دفعت ثمنا باهظا على مدار سنوات الحرب لدعم الأسد في مواجهة المعارضة السورية، وبذلوا الكثير من الجهد والمال من أجلها، "انهارت في أسبوع واحد". إن الإسرائيليين فعلوا ذلك بالضبط في 26 أكتوبر عندما دمروا منشأة أبحاث الأسلحة النووية النشطة في بارشين بإيران. بتدمير شبكة دفاعها الجوي بسبب الضربات الإسرائيلية الجراحية، باتت إيران الآن مكشوفة وضعيفة.
انهيار تحالف المتاجرين بفلسطين.
على مدار حكم حزب البعث في سوريا ونظام الملالي في إيران، لم يتلق الفلسطينيون من هذين النظامين غير ما يشتت وحدتهم ويخرب بيوتهم. أما ما يعالج مرضاهم وينشر العلم والمعرفة بين أبنائهم فلم يثبت أن النظامين موّلا بناء مستشفى أو جامعة أو معهد عالي، أو جهزوا الطرقات والبنيات التحتية لتسهيل الحياة على الفلسطينيين. الأمر الذي يؤكد تحالف النظامين وإصرارهما على التصدي لكل جهود البحث عن حلول للقضية الفلسطينية، والتي كان آخرها اتفاق أوسلو الذي جاء نتيجة أطفال الحجارة وليس العمليات الفدائية. لأجل هذه الغاية التدميرية تم خلق حماس وحركة الجهاد الإسلامي لتكونا بديلا عن حركة فتح؛ كما تم خلق حزب الله لكي يظل الصراع مع إسرائيل مفتوحا على الساحة اللبنانية، ويكون أداة لضرب أي نزوع إلى السلم مع إسرائيل من طرف الدول العربية.
انهار نظام بشار بعدما انهارت قبله حماس، وفقد حزب الله قوته وقياداته؛ وهم جميعا أذرع وأدوات تخدم أهداف إيران ومشروعها التوسعي. لقد ترك مصير سوريا مجهولا تتحكم فيه قوى إقليمية ودولية بعدما أذاق شعبها كل صنوف التعذيب الذي يظل سجن صيدنايا شاهدا على وحشية النظام ودمويته.
بانهيار هذا التحالف ينهار معه المخطط العدواني التخريبي الذي يستهدف المغرب عبر تدريب عناصر البوليساريو على تنفيذ الأعمال الإرهابية والهجمات المسلحة ضد الجيش في المناطق الصحراوية المسترجعة.
إسرائيل الرابح الأكبر.
لقد تمكنت إسرائيل من ضمان أمنها على مدى عقدين أو ثلاثة على الأقل، خصوصا من جهة حدودها مع غزة ولبنان وسوريا. فحماس لن تعود حماس التي كانت قبل 7 أكتوبر، وكذلك حزب الله. أما سوريا فقد باتت دولة معزولة السلاح بعدما كانت تحتل المرتبة الثامنة عالمياً، بمجموع دباباتها التي دمرت إسرائيل غالبية، فيما نهبت الباقي؛ فضلا عن تدمير 500 طائرة مقاتلة سورية بجميع أنواعها. بالإضافة إلى تدمير منظومة صواريخ (إس 300) المتطورة التي حصلت عليها من روسيا مؤخراً، وكذا مخزون الأسلحة الكيماوية. لم تكتف إسرائيل بتدمير الترسانة العسكرية السورية ونهب الأجود فيها، بل استطاع نتانياهو أن يحقق لإسرائيل حلماً لم تكن تحلم به، منذ 50 عاماً والمتمثل في الاستيلاء على "جبل الشيخ" دون أدنى مقاومة.
فسوريا التي اتخذت منها إيران قواعد لميليشياتها المسلحة لمهاجمة إسرائيل، باتت مهددة بالتقسيم إذا لم تراع القوى المتدخلة فيها والتي ترسم مستقبلها، التنوع العرقي والطائفي والديني للمجتمع السوري، في تحديد معالم نظام سياسي يضمن الحقوق لكل مكونات سوريا. ولن يكون هذا النظام إلا مدنيا علمانيا.
وما يعطي بصيصا من الأمل، هو الدور الذي تلعبه الولايات المتحدة الأمريكية في حماية أكراد سوريا من التغول التركي، ثم الضغوط الإسرائيلية لضمان حق الدروز في المساهمة، إلى جانب بقية مكونات المجتمع السوري في تحديد معالم النظام السياسي المقبل، وكذا ضمان أمن إسرائيل على المدى البعيد. ولعل تصريح أحمد الشرع، الزعيم المفترض لسوريا الآن، قائلاً: "نحن منفتحون على الصداقة مع الجميع في المنطقة، بما في ذلك إسرائيل. ليس لدينا أعداء سوى نظام الأسد وحزب الله وإيران. ما فعلته إسرائيل ضد حزب الله في لبنان ساعدنا كثيراً"؛ من شأنه أن يطمئن إسرائيل وبقية دول الجوار بألا خطر يأتيهم من سوريا.
إن سوريا في مفترق الطرق، فإما مؤتمر وطني تشارك فيه كل مكونات المجتمع، يتولى تحديد معالم النظام السياسي، ويضبط معايير تشكيل لجنة صياغة الدستور، ثم ينتهي بإقرار المصالحة الوطنية وطي صفحة الماضي، لتوفير المناخ السياسي لإعادة إعمار سوريا وإطلاق دينامية التنمية؛ وإما "الصوملة" بما تعنيه من تطاحن بين الفصائل ينتهي حتما إلى تقسيم البلد لا قدر الله، خصوصا وأنه منذ إعلان "قسد" دحر داعش من آخر معاقله في عام 2019، تحتجز الإدارة الذاتية قرابة 56 ألف شخص بينهم12 ألف عنصر داعشي وثلاثين ألف طفل في 24 منشأة احتجاز ومخيّمين. الأمر الذي يشكل تهديدا خطيرا لأمن الشرق الأوسط برمته في حالة فر الإرهابيون من السجون. لهذا على الدول المتدخلة في سوريا ألا تترك المجال لأي جهة تنفرد برسم مستقبل سوريا. إذ لا بد من اعتماد المقاربة التشاركية تفاديا للتطاحن الداخلي الذي ينتهي بالتقسيم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.