1. الرئيسية 2. المغرب الكبير المغرب وتونس ومصر في صدارة التصنيف البيئي الإفريقي لعام 2025.. والجزائر خارج التصنيف الصحيفة من الرباط السبت 31 ماي 2025 - 9:00 كشف تقرير حديث عن تصنيف بيئي إفريقي لسنة 2025، قائم على مؤشر الأداء البيئي (EPI)، وضع ثلاث دول فقط من شمال إفريقيا ضمن العشر الأوائل هي المغرب، تونس، ومصر، مقابل غياب تام ولافت للجزائر، رغم أنها من أكبر بلدان القارة مساحة، وأكثرها تنوعا من حيث النظم البيئية. يُظهر تقرير صادر عن صحيفة Vanguard النيجيرية، استند إلى بيانات ومؤشرات مؤسسة EPI (Environmental Performance Index)، تقدما واضحا لدول شمال إفريقيا الثلاث، من حيث الجهود المبذولة في الاستدامة البيئية، النظافة الحضرية، وسياسات التدبير الحضري، ما يعكس تحولات تدريجية في نماذج الحوكمة البيئية بهذه البلدان. وحلّ المغرب في المرتبة السابعة إفريقيا بمعدل أداء بيئي بلغ 39.7 نقطة، متقدما على دول بارزة مثل موريشيوس ومصر، وهو الأداء الذي إلى مشاريع مهيكلة في مجالات تدبير النفايات الصلبة، الطاقات المتجددة (الريحية والشمسية)، وتوسيع الغطاء الغابوي، إلى جانب اعتماد برامج وطنية للتنمية المستدامة، وتفعيل الجهوية البيئية في إطار الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة. أما تونس، التي جاءت في المرتبة التاسعة، فقد استفادت من نموذج التسيير المحلي للنفايات وتحديث منظومة المعالجة في البلديات الكبرى، كما أظهرت مرونة نسبية في التكيف مع التحديات المناخية، رغم القيود الاقتصادية والسياسية. بينما جاءت مصر في المرتبة العاشرة، وهو ترتيب يحيل على تحسن طفيف مقارنة بالسابق، مدفوع جزئيًا بإطلاق مشاريع بيئية في العاصمة الإدارية الجديدة، وبرامج التحول نحو النقل الأخضر، وخطة زيادة المساحات الخضراء. اللافت في هذا التصنيف هو الغياب الكامل للجزائر، التي لم تظهر ضمن قائمة العشر الأوائل رغم حجمها الجغرافي، وامتدادها البيئي من البحر الأبيض المتوسط إلى قلب الصحراء الكبرى. وهذا الغياب، طرح أكثر من علامة استفهام لدى القائمين على التصنيف، خاصة أن الجزائر تعلن في خطابها الرسمي عن التزامها بالمعاهدات الدولية للبيئة، وتتبنى خطابات "السيادة البيئية" و"الاستقلال الطاقي"،إلا أن الواقع يُظهر أن البلاد تُعاني من عجز بنيوي في سياسات الاستدامة، ومن ضعف ملموس في إدارة النفايات، وتدهور الغطاء الغابوي، وتصحر متسارع دون تدخل فعال. ويُعزى هذا الغياب، إلى ضعف البنيات المؤسساتية المكلفة بالبيئة، وغياب حكامة بيئية تشاركية، إضافة إلى قلة الشفافية في تقديم البيانات البيئية إلى المؤسسات الدولية، ما يعيق تصنيفها في مؤشرات عالمية مثل EPI التي تعتمد على بيانات رسمية دقيقة ومفتوحة. ويعتمد مؤشر الأداء البيئي (EPI)، الذي طورته جامعتي Yale وColumbia، على قياس 40 معيارا بيئيا مختلفا تشمل، جودة الهواء، المياه، التغير المناخي، التنوع البيولوجي، السياسات المناخية، إدارة النفايات، والتلوث الصناعي. وتكمن أهمية هذا المؤشر في كونه لا يقتصر على قياس الوضع البيئي الحالي فقط، بل يراقب السياسات العمومية وأثرها طويل الأمد، ويُقيّم مدى التزام الدول بتنفيذ أهداف التنمية المستدامة المرتبطة بالبيئة (SDGs) ورغم اختلاف السياقات السياسية والاقتصادية بين المغرب وتونس ومصر، إلا أن دخولها ضمن لائحة العشر الأوائل يُعد مؤشرا على تطور الوعي البيئي المؤسساتي، ونجاح نسبي في الربط بين الاستراتيجيات الوطنية والتحولات المناخية. فالمغرب، الذي يحضر بقوة في المحافل البيئية الدولية، مثل مؤتمر الأطراف (COP)، استثمر بشكل منهجي في الطاقات النظيفة (نور ورزازات كمثال)، ووضع البيئة ضمن أولويات التخطيط الترابي والجهوي، ما منحه حضورا متقدما في هذا التصنيف، أما تونس، رغم التحديات الاقتصادية الحادة، استفادت من شراكات تمويلية أوروبية لبرامج البيئة المحلية، مما منحها رصيدا إيجابيا في مؤشرات النجاعة البيئية، فيما مصر، بحكم حجمها الديمغرافي الهائل، تُواجه ضغوطا مضاعفة، لكنها بدأت في السنوات الأخيرة تُعلن عن سياسات بيئية طموحة، تشمل تحويل أنظمة النقل الحضري، وإنشاء مدن خضراء، وتحديث البنية التحتية للصرف الصحي. أما الجزائر، فتواجه خطرا حقيقيا يتمثل في تآكل قدرتها البيئية، وتزايد الفجوة بين الخطاب السياسي والممارسة البيئية على الأرض، مما يجعلها اليوم خارج التصنيف، وغدا ربما خارج السياق. وبهذا، يحمل هذا التصنيف البيئي الإفريقي لعام 2025، رسالة ليست رقمية فقط، بل سياسية واستراتيجية، تُذكر بأن البيئة لم تعد ترفا تنمويا أو رفاهية في الخطاب الرسمي، بل شرطا جوهريا لقياس حكامة الدولة، ومؤشرا صريحا على مدى استعدادها لمواجهة المستقبل. ووجود المغرب وتونس ومصر في القائمة يعكس جهودا حقيقية – وإن كانت متفاوتة – في إدماج البعد البيئي في السياسات العمومية، بينما الغياب الجزائري يُسلط الضوء على فجوة سياسية وإدارية يجب تداركها إن أرادت الجزائر استعادة موقعها الطبيعي في المشهد الإفريقي والدولي، في زمن الاحتباس الحراري ونُدرة المياه، حيث لا تنفع الشعارات، بل تَظهر الدول في مكانها الحقيقي على خارطة المؤشرات.