قفزت أسعار عروض الكراء السكني في مدينة طنجة، إلى مستويات قياسية جديدة، بعدما ناهزت الإيجارات الشهرية للشقق في أحياء وسط المدينة ثمانية آلاف درهم، وتجاوزت ثلاثين ألف درهم بالنسبة للفيلات في مناطق مثل كاليفورنيا ومالاباطا. وتشير بيانات مجمعة من منصات سوقية ومؤشرات ميدانية حديثة، إلى زيادة سنوية تتراوح بين 23 و29 في المئة، مع عوائد إيجارية تقارب 8 في المئة، وهو ما يضع المدينة في طليعة المدن المغربية من حيث الربحية العقارية. وتؤكد تقديرات موقع ساندز أوف ويلث أن الإيجار الشهري للشقق في وسط طنجة يتراوح حاليا بين 4000 و8000 درهم، فيما تتجاوز إيجارات الفيلات الفاخرة 30 ألف درهم، مع تسجيل زيادات فاقت 25% مقارنة بشهر شتنبر 2024. وتجد العديد من الأسر، صعوبات متزايدة في الحصول على سكن للكراء، خاصة تلك المنتمية إلى الفئات المتوسطة، في ظل ارتفاع الأسعار حتى في الأحياء التي كانت تُصنف سابقا كمناطق ميسّرة، مثل طنجة الباليا وأشقار، حيث تجاوزت الإيجارات سقف خمسة آلاف درهم للشقق المتوسطة. وتشير خارطة الأسعار الصادرة عن بوابة "إيمو وورلد" في يونيو 2025، إلى أن متوسط الإيجار في هذه الأحياء ارتفع بما بين 900 و 1400 درهم مقارنة بسنة 2023. واللافت أن هذه الارتفاعات تتزامن مع حالة ركود في معاملات البيع والشراء منذ رمضان الماضي، إذ تراجعت مبيعات السكن بنسبة 19 في المئة، والأراضي بنسبة 22.5 في المئة خلال الربع الثاني من السنة، حسب بيانات بنك المغرب والوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والخرائطية. وتُظهر المؤشرات الرسمية أن حجم المعاملات العقارية في جهة طنجة–تطوان–الحسيمة سجل تراجعا عاما بنسبة 20.3% بين أبريل ويونيو 2025 مقارنة بالفترة نفسها من السنة الماضية. وتتزامن هذه الدينامية مع بداية الموسم الدراسي، ما ضاعف الضغط على الأسر الباحثة عن كراء قار، في وقت تراجعت فيه العروض الموجهة للموظفين والطلبة والعائلات متوسطة الدخل. وتؤكد تقارير سوقية أن ما يقرب من 78% من عروض الكراء المعلنة حاليا موجهة لفئة الشقق المفروشة الفاخرة، أو الشقق المخصصة للإيجار القصير المدة، في مقابل تراجع الإيجارات العائلية طويلة الأجل بنسبة تقارب 35% خلال السنتين الأخيرتين. ولا تزال فئات واسعة من السكان تعاني صعوبات متكررة في مواكبة وتيرة الأسعار، وسط غياب واضح لمشاريع كراء اجتماعي أو عروض مدعّمة تستهدف الحاجيات الحقيقية للسوق المحلية. كما تشير توقعات صادرة عن جهات فاعلة في وساطة العقار إلى احتمال استمرار منحى الارتفاع إلى غاية الربع الأول من سنة 2026، في ظل غياب تدخل تنظيمي مباشر أو عرض بديل منخفض التكلفة.