إن كان علينا أن "نشن حربا على المغرب فيجب أن يتم ذلك اليوم قبل الغد". كان هذا تصريح مَسؤل كبير في الجيش الجزائري لصحيفة "لوبينيون" الفرنسية، الأسبوع الماضي. واعتبر ذات المسؤول أن "شنّ الحرب على المغرب يجب أن يتم اليوم، أما إن انتظرنا ثلاث سنوات أخرى، فسيكون الوضع قد تغير"، لأن المغرب في اعتقاده بدأ يتسلح بقوة، ويُنتظر أن يصبح أكثر تسلحا، وبشكل متطور بعد أن أبرم العديد من صفقات توريد الأسلحة المتطورة مع إسرائيل والولايت المتحدةالأمريكية، المصدر العسكري الكبير في الجيش الجزائري، حسب وصف الصحيفة الفرنسية، أكد أنه "واثق من التفوق العسكري المفترض للجيش الجزائري على حساب الجيش المغرب". وتأتي تصريحات المصدر العسكري متناغمة مع "التشنج" الكبير في النظام الجزائري بعد الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء على عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وهو القرار الذي اعتبر في الجزائر "نكسة سياسية" وفشل ديبلوماسي، لا يوازيه إلا الخطأ الاستراتيجي في "الكركرات" حينما تم تحريض عناصر جبهة البوليساريو بِمنع حركة العبور بهذا المعبر سنة 2020 قبل أن يتدخل الجيش المغربي ويعيد فتحه، ويلغي المنطقة الأمنية العازلة بين معبر "الكركارات" وموريتانيا، ويُقرّر القيام بمسح عسكري شامل لكامل المنطقة شرق الجدار الأمني، واستهداف أي حركة بهذه المنطقة بالطائرات المسيرة المغربية، مما جعل عناصر جبهة البوليساريو "تنكمش" داخل الأراضي الجزائري. وفي الوقت الذي لم تستبعد صحيفة "لوبينيون" الفرنسية أن تقوم الجزائر بالبحث عن مبررات لشن الحرب على المغرب لإعطاء "شرعية" لخيار الحرب، اعتقادا منها "أن الفرصة مواتية لهزم الجيش المغربي"، يبدو أن جميع محاولات النظام الجزائري للتصعيد من أجل الوصول إلى نقطة اللاعودة لشن حرب مفترضة على المغرب قد فشلت، بعد أن وجهت كل التهم الغير الممكنة إلى المغرب من دعم حركتي "الماك"و"رشاد" إلى تهمة "إشعال الحرائق" في منطقة القبائل، ثم إلى التجسس على مسؤولين كبار في الدولة بواسطة نظام "بيغاسوس" الإسرائيلي، وانتهاء بتهديدات الجيش والرئيس الجزائري بالانتقام من المملكة بعد وفاة مواطنين جزائريين في المنطقة العازلة داخل الصحراء المغربية. ويبدو أن جنرالات الجيش الجزائري بقيادة رئيس الأركان، سعيد شنقريحة، ضغطوا بشكل رهيب على الجناح السياسي والديبلوماسي الذي يقوده الرذيس عبد المجيد تبون، ورمطان لعمامرة من أجل الدخول في سياق التصعيد مع المغرب للوصول إلى نقطة اللا عودة لبدء حرب ضد المملكة المغربية، وهو ما كان لهم، حيث تم ترتيب العديد من اللقاءات الإعلامية للرئيس عبد المجيد تبون ولوزير خارجيته لتصريف مواقف عدائية ضد المغرب الذي لم يبادر للرد على أي منها. ويعتقد الجيش الجزائري أنه "جاهز" من ناحية التسليح لشن حرب ضد المغرب بعد سنوات من التسليح المكثف خلال العشر سنوات الماضية بعد البحبوحة المالية التي وفرتها ملايير الدولارت التي دخلت خزينة الدولة من عائدات البترول والغاز الطبيعي، مما يجعله متفوقا على الجيش المغربي في نوعية التسليح ووفرة العتاء العسكري. وكان النظام الجزائري قد خصص ميزانية للجيش طيلة عشرة سنوات الماضية تفوق 10 ملايير دولار سنويا، في حين لم تتجاوز ميزانية الجيش المغربي 4.2 مليار دولار طيلة سنوات، قبل أن ترتفع خلال السنتين الماضيتين بالضعف مما جعل القوات المسلحة الملكية تبرم العديد من الصفقات النوعية في التسليح مستفيدة من الحروب التي شنت خلال السنوات القليلة الماضية، خصوصا بين أرمينيا وأذربيدجان من أجل الاعتماد على الطائرات المسيرة والتكنولوجية المتطورة لتحديث تسرانته العسكرية. عقلية "الغطرسة" و"عقدة التفوق" كما وصفتها صحيفة "ليوبينيون" الفرنسية، جعلت من النظام العسكري الجزائري يوجه كل إعلامه لشحن الشعب الجزائري وتهييئه لأي حرب مفترضة مع المغرب من خلال توجيه جميع وسائل الإعلام الجزاذرية لإعداد تقاريري كلها تتحدث عن العداء المغربي المفترض للجزائري، وذلك لتحقيق الوصول إلى "الفرصة" للانتقام من عقد تاريخية بقيت راسخة عند نظام بنى كل حكمه على صُنع عدو خارجي.