حاولت الإدارة الأمريكية بشكل عام ما أمكن أن تستخلص الخلاصات الأساسية التي توصل إليها خبراؤها عقب اعتداءات 11 شتنبر 2001 ، والأكيد أنها أعادت طرح سؤال أساسي وحاول خبراؤها أن يجدوا إجابات له وهو «لماذا يكرهوننا؟» فإذا تذكرنا تلك اللحظات الأولى حيث شرعت الإدارة الأمريكية في البحث عن إجابة أساسية لسؤال لماذا يكرهوننا ولماذا تكره العديد من الشعوب أو بتعبير آخر ا لعديد من الشعوب السياسة الأمريكية؟ فأكيد أن هذا السؤال الذي أعتبره مركزي والذي طرحته الإدارة الأمريكية على نفسها فمحاولة إيجاد جواب عن هذا السؤال من شأنه اختصار أهم التحولات في السياسة الخارجية الأمريكية، بالخصوص في العلاقة مع العالم العربي و الإسلامي، فيجب استحضار أن الإدارة الأمريكية حاولت البحث عن مجموعة من الحلول لتصحيح سياستها عن العالم لإسلامي و العربي،أعتقد أن مسألتين اساسيتين يمكن اعتبارهما من تداعيات ما حدث يوم 11 شتنبر 2001 . المسألة الأولى تتعلق بتسليم الإدارة الأمريكية بدور التيار الإسلامي بالدول العربية يعني أن الإدارة الأمريكية كانت تتعامل مع التايارات العربية و الإسلامية دون أن تأخذ بعين الاعتبار أن هناك اختلافات ووجهات نظر بل يمكن أن نقول تناقضات بين مقومات التيار الإسلامي، فلا توجد صلات بأي حال من الأحوال للحركات الإسلامية أو الجماعات الإسلامية التي تدعو إلي المشاركة السياسية و التغيير السلمي و بين تيارا السلفية الجهادية مثلا الذي كان يدعو إلى العنف ولا يلتقي مع المسلمين الذين لهم وجهة نظر مخالفة لوجهة نظرهم، أكيد أن هذا الخلط بين تعبيرات التيار الإسلامي كانت تستفيد منه العديد من الأنظمة السياسية في العالم العربي، فقد استفادت منه إسرائيل و أحيانا هذا الخلط كان له كلفته الباهظة داخل الوطن العربي بل يمكن القول أن وبسبب هذا الخلط تمكنت فعليا تيارات دينية متطرفة إلى أن تبحث عن مشروعية لمواجهة هذا الموقف الأمريكي، لذلك كانت من تداعيات 11شتنبر أن الإدارة الأمريكية اضطرت إلى البحث أو بدل مجهود للإيمان بأن هناك تناقضات داخل التيار الإسلامي و لا يمكن أن توضع جميع التيارات في سلة واحدة، و لاحظنا أنه بعد مرور سنتين أو ثلاث سنوات على أحداث 11 شتنبر 2001 فالأمريكيين بدؤا يروجون لضرورة تشجيع إسلام ليبرالي وأنه الكفيل بمواجهة إديولوجية التطرفة التي تنتشر في الدول العربية الإسلامية. والمسألة الثانية التي يمكن أن نعتبرها كذلك من تداعيات أحداث 11 شتنبر2001، هو الموقف بشكل عام من الأنظمة الاستبدادية، نتذكر أن الإدارة الأمريكية لأسباب جد معقدة كانت تدعم هذه الأنظمة الاستبدادية القائمة في العالم العربي و كانت تصادر حق الشعوب في التعبير عن إرادتها، و كانت الشعوب العربية في مجملها تعتبر الإدراة الأمريكية مساندة للأنظمة الديكتاتورية. و بالتالي يمكن أن نقول بأن الموقف الأمريكي بشكل عام و لو أنه احتجنا إلى بعض الوقت لكي تتبلور الرؤيا الأمريكية و لتفصح عن نفسها بشكل جلي خلال ما عرف بالربيع الديمقراطي أو الربيع العربي سنة 2011 حيث كانت الإدارة الأمريكية واضحة في بعض المواقف حين دعت إلى ضرورة احترام إرادة الناخبين و إرادة صناديق الاقتراع ونحن نعرف الدور الذي لعبته الإدارة الأمريكية على الأقل في الضغط على الجيش أو المجلس العسكري في مصر حتى لا يتلاعب بنتائج الاقتراع والآن بشكل عام يمكن أن نقول بأن الإدارة الأمريكية بدأت تدرك بأن في مصلحتها أن تدفع بمسلسل الديمقراطية على الرغم منوجود انتقادات و مؤاخذات و لكن بشكل عام ظاهرا في خطاب الإدارة الأمريكية و يتجه نحو تشجيع مسلسل الإصلاحات داخل الدول العربية بشكل خاص و أعتقد بأن هاتين المسألتين تجسدان أهم تداعيات ما بعد 11 شتنبر وكيف تطور وحكم السياسة الأمريكية بشكل عام. أما السؤال حول الدول التي حدت حدوا أمريكا في موضوع الحرب على الإرهاب ومآل تلك السياسات والقوانين في زمن الشعب يريد، أعتقد وبشكل عام أن هناك موقفان : الأول كان ينظر أن قوانين مكافحة الإرهاب التي اعتمدت من قبل الأنظمة العربية كان بإشارة أو بتأثير من الإدارة الأمريكية على الخصوص والغرب عموما والتي ذهبت في اتجاه تشديد العقوبات و الذي وصل حد المس بالحقوق بدعوى مكافحة الإرهاب لكن في نفس الوقت هناك موقف آخر وهو موقف هذه الأنظمة العربية بما فيها المغرب والتي تعتقد بأن قانون مكافحة الإرهاب كان ضرورة لمواجهة تحدياث بدأت تفرض نفسها على هذه الدول بما في ذلك المغرب و نحن نعرف أن المغرب قبل أحداث2003 بالدار البيضاء اقترح مشروعا لقانون مكافحة الإرهاب وكيف وجوه برفض قوى سياسية وازنة بالبلاد لكن بعد اعتداءات 16 ماي وجدت السلطات مبررا لاعتماد هذا القانون وحتى تلك القوة الوازنة التي كانت ترفضه وجدت نفسها أمام أمر جديد وأمام اعتداءات بشكل ربما فاجأ المغرب وأعتقد أنه اليوم لم يعد هناك مبرر لاعتماد هذا القانون الإرهاب لأن أغلب ما تضمنته قوانين مكافحة الإرهاب هو موجود في القانون الجنائي بشكل عام و أعتقد بأنه اليوم اتضح بأن ورقت الإرهاب كانت قد وظفت بشكل مبالغ فيه وإذا كانت الولاياتالمتحدةالأمريكية نفسها ابتعدت إلى حد ما عن تلك السياسة المبالغ فيها لتوظيف ورقة الإرهاب والمساس بالحريات و الحقوق، فأكيد أن الديار العربية في ظل هذا الربيع الديمقراطي و ما دام أن كل الدساتير الآن خاصة الجديدة التي العالم سيعتمدها العربي كتونس و مصر أو التي اعتمدها بلد كالمغرب والتي تتضمن جزء ا كبيرا يتعلق بضمان ممارسة الحريات والحقوق الأساسية. إذن فالسياق الآن قد اختلف و الضرورة تدعو إلى التخلي عن هذا القانون الذي اعتمد في ظرفية خاصة و بالتالي أعتقد بأن أسباب نزوله لم تعد قائمة. * أستاذ العلوم السياسية